الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
دعائم الممالك فهدم بناءها، وقطع روابط الأمم فحل نظامها. هو الذي يغلق أبواب الخير في وجوه الطالبين. وبطمس معالم الهداية عن أنظار السائرين يسهل على النفوس احتمال المذلة ويخفف عليها المسكنة ويهون حمل نير العبودية.
فلابد لطالب الحرية من خلع رداء الجبن كما قال ابن قلاقس:
ظهر ذات الحجول إن طلب المج
…
د وإلا فبطن ذات الحجال
عز سفح به الأسود ودلت
…
قنة ما بها سوى الأوعال
فيجب أن يكون منا ذلك الأسد الرئبال الذي يزود عن حوضه، لا ذلك الوعل الذي يقع فريسة في يد أول صياد.
ولا نصبح أمام الأمم آساداً، إلا إذا كنا أحراراً.
اتبره (السودان)
عز الدين صالح
مصطلحات علم الحيوان
عني كثير من الكتاب والأدباء في هذا العصر بتعريف كتب الإفرنج، لما وصله إليه هؤلاء من العلوم والفنون والاختراعات والاكتشافات، حتى دانت لهم الطبيعة وعناصرها على اختلاف أنواعها، بينما بقينا نحن متأخرين عنهم بمراحل لا تقاس، لاهين بأمور ليست من العلم بشيء. فوجب علينا الآن أن ندركهم ونستدرك ما فات منا، سائرين سيراً حثيثاً بل طائرين طيراناً، وأن لا نبقى ناكصين على أعقابنا في الميدان الذي جرى فيه أجدادنا في سابق العهد لئلا يسبقنا الأقوام في كل يوم
ونحن نتأخر عنهم كل يوم. ومن ثم تحتم علينا أن نأخذ عنهم العلم إلى حيثما أوصلوه كما أخذوه عنا إلى حيثما كنا قد أوصلناه.
ومن جملة العلوم التي نأخذها اليوم عنهم علم الحيوان. فقد أوصلوه اليوم إلى درجة لا غنى لنا عنها. لكن لما أخذ كتابنا بتعريب كتبهم، تصرفوا بها كأن أجدادنا لم يعنوا بهذا العلم أبداً، ولهذا نقلوا عنهم ألفاظاً اصطلاحية بألفاظها الفرنجية كأن من سبقنا لم يضع لها ما يراد منها في العربية. ومن ثم وجب العمل على إعادتها بدون أن تقبل أبداً إدخال الغريب الأعجمي في لغتنا، كما انه يجب علينا أن نأخذ عن الأقدمين الألفاظ الاصطلاحية التي وضعوها في هذا المعنى، وان لا نصطلح شيئاً جديداً هو دونه في التأدية والمراد. ولهذا أحببنا أن نورد شيئاً في هذا الباب ليكون بمنزلة المثال يقاس عليه. من ذلك:
إن المحدثين سموا الطيور التي تتردد إلى المياه بالطيور المائية وهي من الإفرنجية وسماها الأقدمون من الناطقين بالضاد: بنات الماء والمفرد ابن الماء، قال في المرصع: ابن الماء. . . يطلق على كل ما يألف الماء من أجناس الطير
وسموا الطيور الطويلة الساق التي تخوض في الماء الضحضاح الطيور الشاطئية أو الخوائض أو الساحلية أو الطويلة الساق وهي بالفرنسوية وسماها الأقدمون الشاهمزك او الشاهمرج والجمع شاهمر كات أو شاهمر جات وقد وردت مراراً قي كتبهم من ذلك في المخصص لابن سيدة قال: وطير الماء أكثر من مائتي لون زعموا. والعرب لا تعرف
أكثرها. قال صاحب العين: وأسماؤها عندنا بالنبطية لأنها في البطائح في بلاد النبط. والشاهمرجات أيضاً ضروب ألوان. آه. والكلمة فارسية مركبة من شاه أي ملك أو كبير أو طويل ومرغ أي طائر ومعناه الطائر الطويل أو الملكي أي الطويل الساق. وقد وردت مراراً لا تحصى في كتاب الحيوان للجاحظ.
وسموا الطيور التي تشبه البط والوز والتم الكفية اليد معربين بذلك كلمة والعرب سموها السوابح.
وسموا الطيور التي تقتات الحبوب أي أكلة الحبوب وسماها العرب بهائم الطير قال الجاحظ: والبهيمة (من الطير) ما أكلت الحب خالصاً (كتاب الحيوان 1: 15).
وسموا الطيور التي تقتات الحب واللحم معاً آكلات الكل ويقابلها بالفرنسية وسمتها العرب المشترِك قال الجاحظ (1: 15): المشترك عندهم كالعصفور فإنه ليس بذي مخلب معقف ولا منسر وهو يلقط الحب وهو مع هذا يصيد النحل إذا طار ويصيد الجراد ويأكل اللحم ولا يزق فراخه كما تزق الحمام بل يلقهما كما تلقم السباع من الطير فراخها، وأشباه العصافير من المشترك كثيراً. اه
وسموا الطيور التي تقتات اللحم أكلة اللحم أي وسماها العرب سباع الطير قال الجاحظ (1: 15): والسبع من الطير ما أكل اللحم خالصاً. اه.
وسموا الطيور التي يصطاد بها طير الصيد وهي من الإفرنجية
وسماها العرب العتاق والأحرار والجوارح (عن الجاحظ 1: 14).
وسموا ما يطير من الحشرات حشرات طائرة ويريدون بذلك اللفظ الإفرنجي وسماها العرب الهمج قال الجاحظ (1: 14): الهمج ليس من الطير ولكنه مما يطير والهمج فيما يطير كالحشرات فيما يمشي. اه.
وسموا الحيوانات التي تقتات الروث والرجيع والأوساخ أكلة الرجيع وهم يعربون لفظة وسماها العرب الجلالات وقد ذكرها الجاحظ في عدة مواطن من كتابه.
هذا كله من قبيل الاصطلاحات العامة ونحن لم نذكر إلا برضاً من عد. وأما من جهة الألفاظ الخاصة بأسماء الحيوان والطير فإن المحدثين قد ذهبوا فيها مذاهب. فمنها ما أخطأوا في تعربيها كقولهم في بجع والأصح هو اللقلق. والبجع ونحن أول ما نبه العلماء على هذا الوهم الفظيع في مجلة الصفاء وكقولهم في عقاب وفي نسر والأصح أن يعكس الوضع، أي أن يقال في نسر وفي عقاب. وكذلك كنا نحن أول من نبه على هذا الغلط في مجلة بيروتية ومثل هذا الوهم كثير قد وقع لبعضهم وقد نبهنا عليه في المجلات ومنه ما هو باقٍ في كتبهم يحتاج إلى تنبيه.
ومن أسماء الطير والحيوان ما وضع له المحدثون ألفاظاً جديدة لا عهد للعرب بها، مع أن الغرب عرفوا تلك الطيور أو تلك الحيوانات بأسماء أخرى