الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولاحظ أيضاً حضرته على كلمة (خريطة) أن معناها العربي لا يؤدي معنى (الخارطة).
أما الكلمتان (غدان) و (شجاب) اللتان وضعتهما اللجنة للتعليقة أو الشماعة كما ذكرنا ذلك في العدد الماضي (ص 140) فقد سبق إليهما حضرة المدقق رشيد أفندي عطية منذ 12 سنة في كتابه الدليل إلى مرادف العامي والدخيل المطبوع في بيروت سنة 1898 وذكر هذا المعنى بالتفصيل ص 67. ونحن نلفت أنظار اللجنة إلى هذا المؤلف النفيس فإنه يقع في 360 صفحة وهو مبوب على طريقة المعاجم، ولا نشك في أنها تجد فيه مساعداً على عملها.
ثمرات المطابع
تاريخ الأدب وحياة اللغة العربية: من اجل الخدم التي قامت بها الجامعة المصرية فتح درس جديد في أدب اللغة العربية. وهو من الدروس التي كنا لا نزال مفتقرين إليها. فقد تلاقي فينا الكاتب النحرير والشاعر المبرز، وتراه يكاد يعجز عن إيراد شيء من تاريخ مشاهير كتابنا الماضين، وذلك لعدم وجود مؤلف جامع يرجع إليه في مثل هذه الأحوال. فيضطر الأديب إلى اقتناء ومطالعة مجلدات عديدة ضخمة، وهذا ما لا يتسنى إلا للقليلين. بخلاف الإفرنج، فإن صغار طلبتهم في المدارس يعرفون أسماء
كتابهم وشعرائهم مع نبذة من حياتهم ومكانتهم في عالم الأدب وقيمة مصنفاتهم إلى غير ذلك. حتى أن تاريخ أدب اللغة أصبح من مواد دروسهم الأولية. ولذلك تستحق إدارة الجامعة كل ثناء على خدمتها هذه. وقد ساعدها في مهمتها وجود أديب نابغة في هذا الفن، يعد دائرة معارف حية لتاريخ آداب اللغة، وهو سعادة القانوني حنفي بك ناصف وكيل محكمة طنطا. وقد جمع إلى تضلعه في القوانين والشرائع مقدرة فائقة في فني النظم والنثر جعلته في طليعة حملة ألوية الأدب في وادي النيل. (راجع رسمه وأبياته في هذا العدد ص 212).
أسندت إليه إدارة الجامعة تدريس تاريخ أدب اللغة فأسندت هذه المهمة إلى خير مسند. وقد ظل كل هذه السنة يلقي تلك المحاضرات التي عرف قيمتها كل من سمعها، ثم جمعتها إدارة الجامعة في الكتاب الذي نحن بصدده الآن.
وهذا الجزء الأول من تلك المحاضرات يبحث في الحروف العربية ومخارجها وصفاتها وترتيبها وخواصها، كل ذلك في قالب منسجم لطيف. تم تناول البحث تاريخ الخط قبل الإسلام وبعده. وقد أحببنا أن نقتطف شيئاً من هذا الباب لفائدة القراء. قال:
كان العرب قبل الإسلام أمة بدوية، لا يهمهم إلا تربية الإبل والشاء، والتجاع الكلأ لرعايتها، وشيء يسير من التجارة لجلب الأقوات والثياب والسلاح اللازم لإقامتهم في البوادي معرضين لافتراس الوحوش الضارية، وإغارات السالبين والآخذين بالأثر، وحماية القوافل التجارية،
ومثل هذه المعيشة لا يقتضي انتشار الكتابة والقراءة. وإذا وجد فيهم من يكتب ويقرأ، فإنما هو نزيل هبط إليهم، أو آيب من سفر بعد طول إقامة في أرض متحضرة. . . وكان الأعرابي يقرع الأسماع برائع الشعر وفائق النثر، وهو لا يعرف حروف الهجاء ولا أسماء أوجه الإعراب. . .
ولم يصل الخط إلى ما هو عليه الآن، إلا بعد أن قطع أربعة أدوار. الدور الصوري المادي، الدور الصوري المعنوي، الدور الصوري الحرفي، الدور الحرفي الصرف. . . وذلك أن الناس في أول الأمر كانوا يرسمون صور الماديات للدلالة عليها، فإذا أرادوا أن يدلوا على معنى الأسد رسموا صورة أسد. وإذا قصدوا الدلالة على معنى النخل رسموا صورة نخلة. إلخ. وإذا أرادوا أن يذكروا أن ملك مصر حارب الآشوريين وغلبهم وأخذ منهم أسرة، رسموا صورة ملك مصر بالعلامة المصطلح عليها ومعه جنود مدججون بالسلاح، ورسموا صورة ملك آشور بعلامته المصطلح عليها ومعه جنده، بعضهم واقعاً على الأرض مضرجاً بالدم وبعضهم تحت سنابك الخيل وبعضهم مولون الأدبار، ورسموا جملة من الجند مربوطين بالسلاسل يقودهم جندي مصري. . . ولكن الكتابة بهذه الطريقة ناقصة، لأن من المدلولات ما لا صورة له مادية، كالخوف والحزن والفرح والنسب الإضافية والتوصيفية والنسب الكلامية التي تتصور بين الموضوع والمحمول. فكان الخط شيئاً خيراً من لا شيء. ثم بدا لهم بعد زمن أن يدلوا على المعاني التي لا صور لها بصور لوازمها فيرسموا الدواة والقلم للدلالة على معنى الكتابة، والشعر المسدول للدلالة
على الحزن، فكانت الكتابة في هذا الدور تتألف من صور ماديات للدلالة عليها، وماديات أخرى للدلالة على ملزوماتها من المعاني، وذلك مشاهد كثيراً في الرسوم المصرية القديمة، بل هو مشاهد الآن في القرى بين الأميين، فإذا حج واحد منهم إلى مكة، رسموا على باب داره صورة محمل فوق جمل زمامه بيد أعرابي، ورسموا جملاً آخر عليه هودج، وربما رسموا سفينة بجانب الجمل للدلالة على أن صاحب المنزل حج وسافر في البر والبحر. . . ثم ترقوا إلى الدور الحرفي بواسطة الصور، فاصطلحوا على استعمال صور للدلالة على الحروف التي في صور أسمائها. فإذا قصدوا أن يكتبوا لفظ غلبت الروم صوروا غراباً وليمونة وباباً وتفاحة وإبريقاً وليمونة ورحى ووردة ومبرداً (فإذا أخذت الحروف الأول من كل كلمة كان عندك الجملة غلبة الروم) وكان قوم قد اصطلحوا على صور مخصومة بقدر عدد حروف لغتهم، ثم اختصروا تلك الصور مع مرور الأيام حتى صارت علامات لا تدل إلا على أصوات الحروف كما هو الشأن الآن. . . .
وفي الكتاب رسوم عديدة تشرح للناظر تدرج الخط من هذه الرسوم المادية حتى بلغ دوره
الحرفي المعروف الآن. . . هذا هو الجزء الأول ن تاريخ الأدب أو حياة اللغة العربية. الذي نثر دوره حنفي ناصف بك على سامعي محاضراته والتي نظمتها إدارة الجامعة في كتاب مطبوع لتعمم الفائدة. وإننا ننتظر بفارغ الصبر الأجزاء التالية. لأننا كما تقدم في أشد الافتقار إلى مثل هذا الكتاب النفيس. وكلنا يقدر هذه الخدمة حق قدرها ويعرف أن ناصفاً هو كفؤ لها. . .
* * *
ومن الدروس المفيدة التي تلقى في دار الجامعة دروس علم الطبيعة، يلقيها حضرة الرياضي البارع إسماعيل حسنين بك ناظر مدرسة المعلمين الخديوية. وقد جمعت إدارة الجامعة أيضاً محاضرات الأستاذ العلامة في كتاب على حدة لتعميم الفائدة. وهذا الجزء الأول يبحث في خواص المادة وأولها التحرك وهو يتناول الحركة المنتظمة والحركة المتغيرة وتحليل الحركات ثم القوة وقياسها وتحليلها إلخ. . . ولاشك في أن المحاضرات التالية ستتناول البحث في التمدد والانضغاط والمسامية والتجزؤ وعدم التدخل وكلها من خواص المادة العمومية. ونحن في الشرق في أشد الحاجة إلى نشر العلوم الرياضية والوقوف على أسرار الطبيعة المحدقة بنا. ويرجى من إدارة الجامعة أن توسع نطاق هذه الدروس الوضعية. فضلاً عن أن إلقاءها باللغة العربية لمما يزيد لغتنا مرونة ويساعدنا على استعمالها في تدريس العلوم. وقد اظهر حضرة إسماعيل حسنين بك من هذا القبيل براعة فائقة يستحق عليها ثناء كل أديب.
* * *
وطنيات أحمد نسيم: هذا هو الجزء الثاني من ديوان أحمد أفندي نسيم. وأحمد أفندي نسيم من الشعراء العصريين المعدودين في وادي
النيل قال فيه إسماعيل باشا صبري:
لك في الشعر يا نسيم معان
…
باهرات تحار فيها العقول
كل بيت يطل منه على أفهام أهل النهى محيا جميل
وقال محمد بك هلال: لا تعجبوا أن رق فهو نسيم
وقال عبد الرحيم بك احمد: للوطنية روح تظهر في هذا الشعر وهو خير ما يلقنه الشباب
وقال إسكندر بك عمون: لا سحر غير هذا
وقال الأستاذ عبد العزيز جاويش:
لك شعر مثل النسيم إذا اعتل
…
ولكنه شفاء القلوب
وقال عبد العليم أفندي صالح المحامي: شعر نسيم، نسيم الشعر
وقال حافظ أفندي إبراهيم: أصبح البحتري غلام نسيم. . وهو يشير إلى نسيم الغلام الذي كان البحتري يتغزل به.
وقال محمد أبو شادي بك المحامي: الروح شعر للجسد، وشعرك روح للوجود.
وقال خليل أفندي مطران: في هذا الشعر ما في اسم صاحبه: من عرف أبي الطيب ونفحات النسيم
وقال الشيخ محمود العطار:
قد هدت قالة القريض نجوم
…
طلعت في سماء شعرك زهرا
هذا ما قاله فريق من كبار أدباء مصر في زميلهم. وإذا كانوا - على ما رأيت - لم يبخسوه حقه من الثناء، فهم أيضاً لم يكيلوا له هذا الثناء جزافاً. فإن نسيماً بات من شعرائنا الأعلام، إذ جمع إلى متانة النظم وإحكام التركيب شعوراً رقيقاً وخيالاً عالياً. وهذه الصفات جعلت له مقاماً معدوداً بين شعراء العصر. وهو - خصوصاً في هذا الجزء الثاني من ديوانه - شاعر سياسة وجدال، والسياسة والجدال، كما يفهمها الشعراء، مدعاة إلى تحريك ساكن الشعور وإثارة كامن الخيال. خذ القصيدة الواحدة من الوطنيات تجدها قضية يعرضها صاحب الديوان، ثم يؤيدها بالأدلة الدامغة مفنداً حجج الخصم أيما تفنيد. ولقد جاءت هذه الوطنيات تاريخاً لأهم الحوادث التي جرت هذين العامين في مصر والأستانة: نظر إلى تلك الحوادث تارة نظرة حزن وأسف، وتارة نظرة
ابتهاج وفرح - وفي كلا الحالين نظرة شاعر - فدونها بمداد يسيل من قلبه المتأثر. وأنا أرى النظم بما يحيط بنا من الوقائع أجدر بشعرائنا من التيه في مفاوز مبتذلات الماضي، ولذلك قلنا أن نسيماً شاعر عصري.
* * *
دروس التاريخ الإسلام - عرفنا الشيخ محيي الدين الخياط كاتباً بليغاً وشاعراً كبيراً، وها قد نزل إلى ميدان التاريخ فكان مؤرخاً مدققاً. ظهر القسم الأول من كتابه في تاريخ الإسلام وهو يشتمل على مجمل تاريخ صاحب الشرعية الإسلامية. كتبه لطلبة المدارس بأسلوب
سهل التعبير، حسن التبويب والتنسيق، وختم هذا الجزء الأول ببعض الأحاديث النبوية في الأخلاق والعلم والسياسة نقتطف منها: لا فقر أشد من الجهل. ولا مال أعز من العقل، ولا وحشة أشد من العجب.
اعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً، واعمل لآخرتك كأنك تموت غداً.
التمسوا الرزق في خبايا الأرض، إن الله يحب معالي الأمور وأشرافها ويكره دنيئها وسفسافها.
الاقتصاد في النفقة نصف المعيشة، والتودد إلى الناس نصف العقل، وحسن السؤال نصف العلم.
آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا أؤتمن خان.
المسلم من سلم الناس من يده ولسانه.
من عامل الناس فلم يظلمهم، وحدثهم فلم يكذبهم، ووعدهم فلم يخلفهم، فهو ممن كملت مروءته، وظهرت عدالته، ووجبت أخوته.
سوء الخلق شؤم، وشراركم أسوأكم خلقاً.
* * *
وأهدى إلينا حضرة الفاضل الشيخ عبد الله أفندي الرفاعي الكتبي المعروف بطرابلس الشام نسخة من الطبعة الثانية من كتاب سمير الليالي تأليف حضرة البارع محمد أفندي أمين صوفي السكري وهو جزء من أجزاء تالية تبحث في تقويم البلدان وتاريخ الأمم، بأسلوب لا يمل معه القارئ. وقد أفاض المؤلف خصوصاً في بلاد الدولة العثمانية فاستوفى تاريخها وجغرافيتها. وإعادة طبع الكتاب دليل على رواجه.
وجاءتنا أيضاً روايتنا للأديب مارون أفندي عبود محرر جريدة الحكمة: اللبنانية: الأولى وهي معربة من نوع الرومان رواية رنه واتالا الشهيرة للكاتب الفرنسوي شاتوبريان وقد عربها أيضاً فرح أفندي أنطون. والثانية - وهي تمثيلية مؤلفة - رواية كريستوف كولمب واكتشاف العالم الجديد على يده. عبارة الروايتين طلية منسجمة وتدل على مقدرة كاتبهما وكنا نود الإفاضة في مرمى الكتابين لو لم يمنعنا عن ذلك ضيق المقام وكثرة ما لدينا من المطبوعات.