الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ما ندعوه اليوم الأوقيانوس الباسيفيكي. ولما بدت له أرض عن بعيد، ظن أنه وصل إلى الهند، وهكذا اكتشف أمريكا. قال أحد المؤرخين: أمريكا جزيرة عظيمة معلقة بالقطب تشطر الأوقيانوس إلى شطرين، فكان إذن كولمب قد أخطأ بظنه ولكن يا حبذا الخطأ وما أعظم ما ناله بخطأه وقد اكتشف بالوقت نفسه طريقاً جديدة إلى آسيا على غير علم منه وذلك بنقض البرزخ الجامع بين أمريكا الجنوبية وأمريكا الشمالية
وهذا ما سنراه عن قريب فتتصل مياه الأتلنتيكي بمياه الباسيفيكي وتزداد المتاجرة بين أوروبا وشعوب الشرق الأقصى.
وعليه فإن السويس وبناما قد جمعا بين البحار وجعلا للكرة الأرضية نطاقاً بحرياً يحيط
بها. وهل يخفى على أحد ما في ذلك من الأهمية والفوائد الخطيرة. . .؟
نبوكدنصر الشحاذ
ولم تنبح الكلاب،
من ذا الذي في الباب؟
إن في الباب مليكاً دوخه الزمان،
إن في الباب شبحاً محنياً نحن وفاضه متكئاً على هراوته، يمد يده باكياً، ويهينم شاكياً،
شبح مخيف يرتعد كالمحموم، لا يعرف أمن البشر هو أم مما فوق أو تحت طبقات البشر
طيف من أطياف العياء والمذلة، نهب داء وفاقة، يطوف البلاد كفارة عما اقترفه من الآثام
سواه،
تصرخ فيه معدة ظالمة، فتذل فيه صورة الصمد المتعال،
تصفر في رأسه الرياح فتصرعه، فيردد صداها شبح الوساوس والأيام،
يهذي فيتساقط اللعاب من فيه، أسير أسقام وأوهام،
يدق صدره مستعطفاً فيرتجف هيكله الهشيم ارتجاف قصبة في الرياح،
إن في الباب شحاذاً يستنبح الكلاب،
إن في الباب مليكاً دوخه الزمان،
* * *
وإليك بخبره من فيه -
أنا نبوكدنصر من بين النهرين - نبوكدنصر الشحاذ. الملك. ملك بابل وآشور - الله
سبحانه يطوف بي في العالم مثقلاً بما ترونه من ذلة وفقر ومرض وصرع وجوع وأوجاع. . . اعطوني الله يعطيكم
ولله من ملك تخرق عيناه اللقمة قبل أن تدخل اللقمة فمه،
لله من ملك طي هذه الأطمار في هذا الهيكل الهشيم المخيف،
على كتفيه وفاضه، وعلى ذراعيه مواعينه، وفي يده هراوة يستعين بها على الدهر
والكلاب،
لله من ملك على رجليه من آثار المفاوز أشواكها، وفي ساقيه جروحها، وقد ركمت عليها
الأسفار غبارها،
لله من ملك يتساقط الدم من أنفه، والدمع من عينيه، فيتجمد هذا على
لحيته، وذاك على
صدره،
يورد الصرع خديه، فتلتهب الأحلام في محجريه،
هنالك شيء من الهول ألبسه الدهر قميصاً حاكتها شياطينه،
بل هناك غور غدور من ظلمات الزمان، ونبأ من عصور عقم فيها الهيكل والصولجان،
وفي ناظريه ساعة الصرع غيظ يحتدم - ولا غيط من علو العروش مجداً،
في ناظريه يتجسم الويل وقد ذاب عظماً وعزاً ووجداً،
* * *
ها هو أمامك مغمي عليه
قد ذبل الورد في وجهه، واضطرم الوهم في ناظريه،
قد ذهب التلجلج من فيه والرجف من يديه، فهو لا يهينم الآن شاكياً ولا يمد يده باكياً،
هو يرغي ويزبد لا كالصريع، بل كالمليك المنيع، وقد شخص إلى الفضاء يصب عليه
لظى تغيظه،
كأن في الفضاء ملكه، وكأن هنالك نصب عرشه،
- أنا نبوكدنصر ملك بابل وآشور - تاجي. صولجاني. وزرائي. موعدكم غداً - إلي بآلة
الصيد - لا - لا - أشعلوا الأنوار. أين الإماء الحسان - حركوا الأوتار - تعالي. . . تعالي إلي - ليس الآن وقت العبيد - سوقوهم إلى السجن - إلى النار - الخائنة - الفاسقة - إلى النار - آه علي آه عليك. آه علي أو آه على ملكي. .
وهذا مليك دوخه الزمان، وعضه الويل في الكبد والوهم في الجنان،
* * *
إن في الخيال الثائب إلى رشده الواقف أمامك الآن، الناطق بخليط من لغات العرب
والكلدان، نبأ من غور ظلمات الزمان،
إن فيه تجسم ظلم الدهور وعدل الزمان،
بل فيه تتجسد أرواح من جاروا على الإنسان،
بلى. إن في مثل هذا المتسول الصريع المجنون، ليتقنص الظالمون،
* * *
ولم تنبح الكلاب؟
إنما نحيب الكلاب هذا لا نباحهم،
نحيبهم على من في الباب. على مليك صرعه الزمان، على شحاذ عضه الوهم في الكبد
والويل في الجنان،
حتى الكلاب ينحبون ويتساءلون -
وأين الروح التي نفخها الله في هذا الذي خلقه على شكله ومثاله؟
وأين الكرامة التي تميز البشر عن الحيوان.
وأين الإباءة التي ترفعه على أسياده إلى خالقه؟
أين من الرجال عزة النفس والحمية والعزم والحزم والنشاط؟
* * *
إن في الباب شحاذاً من بؤساء الكلدان ممن أرهقهم سيف ابن عثمان،
طوّاف يطوف البلاد متسولاً - كفارة عن ذنوبه وآثامه؟