الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
في جنائن الغرب
سويفت كاتب إنكليزي اشتهر بكتابة رحلات جلفر وبينها وبين أسفار السندباد البحري بعض المشابهة. وقد أودعها حكماً وأبحاثاً عمرانية في قالب فكاهي لذيذ. ويتضمن هذا الكتاب خبر رحلته ليليبت وهي بلاد لا يزيد طول الواحد من سكانها - على ما يزعم - عن إصبعين، وخبر رحلة إلى بلاد بربدنجناج التي يسكنها المردة العظام. وقد نشر هذه الرحلات باللغة العربية حضرة البارع عبد الفتاح صبري بك وكيل المدرسة السعيدية. ونحن نقتطف اليوم شيئاً عن الرحلة الأولىة وما شاهد فيها من صغر السكان:
رحلة جلفر إلى ليليبت
(بعد نزولي إلى الشاطئ وانتشار خبري في المملكة) حضر سفير عظيم الشأن من بلاط جلالة ملكهم، فتسلق على أكتاف حجابه حتى وصل إلى أخمصي، وأقبل يمشي نحو رأسي فقطع المسافة أكثر من ربع ساعة. . . وألقى خطبة لبث فيها أكثر من عشر دقائق كان في أثنائها يشير إلى جهة بعيدة علمت بعد ذلك أنها عاصمة هاتيك البلاد، وأن الأمر قد قر على نقلي إليها.
ويظهر أنهم حالما علموا بوجودي وأنا نائم أوفدوا بريداً إلى جلالة الملك ليبلغه ذلك الحادث الجلل فأصدر أمراً بشد وثاقي وصنع مركبة تحملني إلى العاصمة.
(فاشتغل مئات من النجارين بصنع مركبة عظيمة حمل عليها وجرها إلى
العاصمة ألف وخمسمئة جواد ولما وصل إليها طلب منه الملك أن يسمح للمفتشين بتفتيشه).
فأطعت أمره وأدخلت رجلين في جيوبي واحداً بعد الآخر فكتبا محضراً بكل الموجودات وهذا نصه.
1 -
قطعة قماش كبيرة للغاية تصل لأن تكون بساطاً جميلاً في حجرة الاستقبال الكبرى بالقصر الملكي.
2 -
صندوق عظيم من اللجين مغطى بغطاء من نفس هذا المعدن النفيس لم نقدر على حمله فطلبنا من الرجل - الجمل فتحه ونزلنا فيه فوجدناه مملوءاً بأكوام من التراب، هب هباؤها في الهواء عند دخولنا فجعلتنا نعطس عطساً شديداً مؤلماً.
3 -
إضبارة هائلة مطوية على بعضها وفي طول ثلاثة رجال كانت مربوطة بجنزير
طويل
4 -
آلة عظيمة مركب في ظهرها عشرون عموداً بطول الأعمدة القائمة في فناء القصر الملكي يحتمل أن يستعملها في ترجيل شعره. . .
5 -
جنزير عظيم من الفضة معلق بإحدى جيوبه وفي نهايته آلة عظيمة، نصفها من الفضة، والنصف الآخر من مادة شفافة ظهر لنا من ورائها رموز غربية، فمددنا يدنا لجسها فحالت دون ذلك تلك المادة. ثم أدنى هذه الآلة من آذاننا فسمعنا دوياً كدوي الساقية أو الطاحون. ولا ندري إذا كانت حيواناً أو آلهاً يعبد، لأنه قال لنا أنه لا يعمل عملاً دون أن ينظر إليها فإنها هي التي تحدد أوقات جميع أعماله.
وقد نشبت حرب أثناء وجوده هناك بين ملك هذه الجزيرة وملك الجزيرة المجاورة فلعب صاحبنا دوراً خطيراً وإليك تفصيل الخبر كما رواه):
أخذت منظاري وصوبته نحو الجزيرة فوجدت على شاطئها أسطولاً عظيماً مركباً من خمسين سفينة حربية مدرعة تنتهز هبوب الريح الموافقة حتى ترفع مراسيها وتقلع نحو بلادنا. فاستدعيت مهرة الملاحين وعلمت منهم أن البحر ير يزيد عن ثمانية أقدام في أعمق جهاته فطلبت أن يصنع لي خمسون سلسلة وعدد كبير من قضبان الحديد كي أثنيها وأجعلها صنانير. ولما جاؤوني بما طلبت غصت في البحر وسبحت حتى بلغت الشاطئ الثاني، وشبكت الصنانير في المدرعات بعد أن ربطتها بالسلاسل وقطعت المراسي، وعدت والأسطول خلفي يمخر في العباب سائراً على شكل نصف دائرة كأنه عرض بحري عظيم.
وعند عودتي إلى البر وجدت الملك والوزراء وجميع أرباب المقامات في انتظاري على أحر من الجمر وهم يحسبون ألف حساب لدعاء أعدائهم واقتدارهم. ولكن نجم سعدهم وصل إلى السماك عندما برزت من الماء قابضاً على السلاسل. فوثبوا فرحاً وسروراً وقلدني الملك في الحال أكبر وسام.
ولكن الملك لم يكفه هذا الفوز المبين الذي لم ترق فيه قطرة دم، ولم تحرك من أجله رجل، ولم ينفق في سبيله درهم، بل طلب مني أن انتهز فرصة أخرى وآتيه ببقية السفن حتى لا يبقى للأعداء حول ولا طول. غير أن مرؤتي أبت أن أؤاتيه على هذا البغي والجور وأن أكون
العامل على استعباده أمة حرة عاشت السنين الطوال تأبى الضيم. فراجعت الملك في
الأمر، وأقمت عليه الحجج الدامغة عن ضروب الساسة وعبر التاريخ، حتى إنجاز أغلب الوزراء إلى رأيي عندما طرحت المسألة على المجلس. ولكن الملوك لا يقف في سبيل أطماعهم حق ولا إنصاف، فتراهم يستعملون كلا لوسائط السافلة الدنيئة لبلوغ غاياتهم الجائرة. وينقمون على من يمحض لهم النصح لغير مأرب شخصي أو منفعة ذاتية. ولم يخالف هذا الملك تلك السنة الشنعاء بل أضمر لي الشر والوقيعة وشاركه في ذلك عدد من الوزراء لغير ذنب اقترفته سوى خدماتي الصادقة.
وبعد أن انقضت هذه الحوادث بثلاثة أسابيع حضر ستة سفراء من قبل حكومة الأعداء ليقرروا عقد الصلح وشروطه. فساعدتهم بكل ما استطعت من قوة الحجة حتى وفقوا إلى عقد معاهدة غير شائنة ولا جائرة. فخضروا إلى بيتي يوماً في زيارة رسمية ليشكروا حسن صنيعي وأكدوا لي أن ملكهم يمتلئ سروراً وفرحاً إذا زرت بلاده. فوعدتهم أنني سأنتهز أول فرصة للتشرف بالمثول بين يدي مليكهم. على أن ملكنا بات من ذاك الحين يرمقني بعين ملؤها الإغضاء والجفاء، ولم أعرف لهذه المعاملة سبباً إلا أخيراً حيث تبين لي أن بعض الوزراء وشى بي ونقل حديثي مع سفراء الأعداد. فكان أن حنق علي الملك. وصمم على تعذيبي إن لم يقدر على الفتك بي. فشعرت لأول مرة بمبلغ الوشايات والمكايد التي تنجم عن الاحتكاك ببلاط الملوك.
تعريب عبد الفتاح صبري
سويفت
جرنالوفوبيا وجرنالوفاجيا
كتبها الدكتور شميل لما كان صحافياً يصدر الشفاء منذ 25 سنة
الأول معناه الخوف من الجرائد والثاني التهامها - وقد نحت لهما بعضهم اسمين عربيين، فسمى الأول الجنفرة من الجرنال والنفور والثاني الجبلعة من البلع أو الجأكلة أيضاً من الأكل. وهما مرضان لم يسبق لأحد وصفهما ومن أعراض الأول أن الواحد إذا ورد له جريدة ملفوفة بادر على الفور إلى ردها وكتب على غلافها مرفوض أو مرضوض لم مرتب وهو مرض حميد. ومن أعراض الثاني أن الواحد يقبل الجريدة إذا لم يردها في آخر سنتها ولكنه يلتهم ثمنها، وهو مرض أشد ضرراً من الأول، وقال بعض المحققين بل
المرضان طوران مختلفان لمرض واحد كالخنازيري والسل ولو كره البرفسور بتر. والحق يقال إن الذنب ليس على هؤلاء وحدهم بل على أصحاب الجرائد أيضاً فإنهم هنا خلافاً لأوروبا يطرحون جرائدهم على الناس خوفاً من أنهم لو