المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌من القفص إلى العش - مجلة «الزهور» المصرية - جـ ١

[أنطون الجميل]

فهرس الكتاب

- ‌أَنْطُون الْجُمَيِّل

- ‌أمين تقي الدين

- ‌نشأته وحياته

- ‌صفاته ومميزاته الشعرية

- ‌بين الوجدان .. والوطن

- ‌الشاعر في أقلام الآخرين

- ‌مجلة الزهور

- ‌أمين تقي الدين

- ‌مصر الأدبية

- ‌أنطون الجميل

- ‌مصر وسوريا

- ‌المطارحات الشعرية

- ‌مطارحات نثرية

- ‌طرائف شتى

- ‌تراجم الراحلين

- ‌مقالات أخرى

- ‌بلاغة الحذف

- ‌العدد 1

- ‌ما هي هذه المجلة

- ‌السباق الشعري الكبير

- ‌السباق النثري الكبير

- ‌حج الخديوي عباس حلمي وقصائد المدح فيه

- ‌الصحافة والصحافيون

- ‌نكبة باريس

- ‌الغد

- ‌ساعة الوداع

- ‌أزهار وأشواك

- ‌حديقة الأخبار

- ‌أيها القارئ العزيز

- ‌العدد 2

- ‌نظرة إلى ما فوقنا

- ‌عجائب غرائب

- ‌عنترة وعلبة

- ‌بذور للزراعيين

- ‌في رياض الشعر

- ‌في حدائق العرب

- ‌أول ممثل شرقي

- ‌في جنائن الغرب

- ‌روزفلت في وادي النيل

- ‌النظرات والريحانيات

- ‌أشواك وأزهار

- ‌من الإدارة

- ‌العدد 3

- ‌نطاق العالم البحري

- ‌نبوكدنصر الشحاذ

- ‌حملة الأقلام في بر الشام

- ‌ملكة الجمال

- ‌في رياض الشعر

- ‌بين شعراء مصر والشام

- ‌في حدائق العرب

- ‌في جنائن الغرب

- ‌الأميران في سورية

- ‌ثمرات المطابع

- ‌جمالان في معرض

- ‌أزهار وأشواك

- ‌حديقة الأخبار

- ‌العدد 4

- ‌الكلمات الأجنبية

- ‌رجوع الحبيب

- ‌القطران الشقيقان

- ‌ما هو الشعر

- ‌في جنائن الغرب

- ‌بين عرش ونعش

- ‌في رياض الشعر

- ‌أفكار وآراء

- ‌في حدائق العرب

- ‌ثمرات المطابع

- ‌أزهار وأشواك

- ‌فكاهة

- ‌كيف نقضي العمر

- ‌حديقة الأخبار

- ‌من وإلى القراء

- ‌العدد 5

- ‌النهضة الأدبية في العراق

- ‌أيها الفن

- ‌في جنائن الغرب

- ‌في حدائق العرب

- ‌من القفص إلى العش

- ‌في رياض الشعر

- ‌الكلمات الأجنبية

- ‌ثمرات المطابع

- ‌مصر وسورية

- ‌أزهار وأشواك

- ‌حديقة الأخبار

- ‌من وإلى القراء

- ‌العدد 6

- ‌مصر وسوريا

- ‌1 - مصر

- ‌فرعون وقومه

- ‌آثار مصر

- ‌النيل

- ‌وفاء النيل

- ‌الأزبكية

- ‌وصف مصر

- ‌نابليون بونابرت في مصر

- ‌2 - سوريا

- ‌بيروت ولبنان

- ‌ذكرى لبنان

- ‌شمالي لبنان

- ‌صنين

- ‌طرابلس الشام

- ‌يافا

- ‌قلعة الشهباء

- ‌وصف دمشق

- ‌الجامع الأموي

- ‌ملكة الصحراء

- ‌نهر الصفا

- ‌قلعة بعلبك

- ‌3 - بين مصر وسورية

- ‌القطران الشقيقان

- ‌تحية الشعراء

- ‌الحركة الأدبية

- ‌العدد 7

- ‌غلاء المعيشة

- ‌في رياض الشعر

- ‌الحمل والذئب والليث

- ‌تمدن المرأة العصرية

- ‌المال والجمال

- ‌الخريف

- ‌الكلمات الأجنبية والعامية في اللغة العربية

- ‌حالة آداب العرب

- ‌في جنائن الغرب

- ‌الوصايا الصحية

- ‌في حدائق العرب

- ‌من كل حديقة زهرة

- ‌بين هنا وهناك

- ‌من وإلى القراء

- ‌العدد 8

- ‌العمال والحكومات

- ‌كيف ترتقي

- ‌الحرية

- ‌مصطلحات علم الحيوان

- ‌في رياض الشعر

- ‌سقوط عرش

- ‌في حدائق العرب

- ‌أملي

- ‌في جنائن الغرب

- ‌ثمرات المطابع

- ‌أزهار وأشواك

- ‌سلوقية غير اللاذقية

- ‌العدد 9

- ‌هنري دونان

- ‌نفثة مصدور

- ‌العمال في الهيئة الاجتماعية

- ‌في رياض الشعر

- ‌في جنائن الغرب

- ‌المرأة العصرية

- ‌في حدائق العرب

- ‌تاريخ المهاجرة وأسبابها

- ‌بين جدران السجون

- ‌أزهار وأشواك

- ‌من كل حديقة زهرة

- ‌حديقة الأخبار

- ‌العدد 10

- ‌بين الأعياد

- ‌الانتخابات الإنكليزية

- ‌هواجس النفس بين العامين

- ‌تمدن المرأة العصرية

- ‌في رياض الشعر

- ‌إحياء الآداب العربية

- ‌في جنان الغرب

- ‌الكلمات الأجنبية والعامية

- ‌ثمرات المطابع

- ‌أزهار وأشواك

- ‌بين هنا وهناك

- ‌من كل حديقة زهرة

- ‌العدد 11

- ‌المتاجرة بالرقيق الأبيض

- ‌الشيخ صالح التميمي

- ‌المرأة العصرية

- ‌إحياء الآداب العربية

- ‌مصر الأدبية

- ‌المراسلات السامية

- ‌أزهار وأشواك

- ‌ثمرات المطابع

- ‌من كل حديقة زهرة

- ‌ختام السنة الأولى

- ‌أحسن قصيدة وأحسن مقالة

الفصل: ‌من القفص إلى العش

البسوس. وبقي الحرث بن عباد على الحيادة قائلاً: لا ناقة لي في هذا ولا جمل. فذهبت مثلاً. وكان مقتل كليب سنة 494 للمسيح.

‌من القفص إلى العش

في قفصها الجميل، كانت الحمامة الأسيرة تنوح وتحن إلى الحرية. . .

ترى أمامها الفضاء فسيحاً، فتحاول الطيران، فتهشم جناحيها اللطيفين على الحواجز الصلبة، فيضيق بها رحب الفضاء. . .

تسمع أخواتها صادحات على الأفنان ضحىً وأصيلاً، وهي قضي عليها أن تئن وتنوح بين قضبان الحديد. . .

ترى الحدائق الغناء والرياض الخضراء والمياه المتسلسلة والجبال الشاهقة والأودية الظليلة، فتتزايد أشجانها وتتضاعف أحزانها لدى جمال الطبيعة كأنه خلق ليتمتع به سواها.

هذه هي حالة المرأة الشرقية في أمسها.

* * *

يد شفيقة حركها عامل الرحمة، ففتحت باب القفص وأفرجت عن السجينة المسكينة. . . طارت الحمامة إلى الشجرة، فنفضت ريشها وعادت إليها الحياة: غنت لمرأى الزهرة في الوادي، وهدلت مع هدير النهر المتدفق من الجبل. وقد زقزقت لخلاصها العصافير وغردت لنجاتها الطيور.

تنشقت الحمامة من هواء الحرية ما شاءت، ثم صفقت بجناحيها

ص: 206

ومخرت في الهواء وحلقت في الفضاء.

خاف عليها منقذها من توغلها في العلى، وخشي أن يأخذها الدوار من التحليق في الطيران، فيرمي بها من شاهق مهشمة الجناحين على الحضيض. فتعود عليها هذه الحرية بشر بلية.

سبحت الحمامة في الأثير حتى استطلعت خفايا العالمين الأدنى والأعلى، ثم أخذت تنحدر حتى هبطت عشها، فانتعشت بحرارته المنعشة واستكنت به حاضنة فراخها المطلقة.

هذه هي حالة المرأة الشرقية في يومها.

* * *

لو أتيح لهذه الحمامة أن تعبر لنا عن خالج قلبها الخفوق من العواطف بعد إطلاقها من أسرها، لفاق تعبيرها وصف أبلغ الشعراء العالمين بخفايا الصدور الواقفين على نبضات القلوب. أما وقد تم لك ذلك أيها القارئ على لسان فريدة هانم تلك لحمامة الناطقة فاسمع

تغريدها وأصغ إلى شجي غنائها بعد أن كسر الدستور قيودها وحل وثاقها:

ما ألطف الطيران!. . . وما ألطف التحليق في الفضاء!. . . طيري أيتها الحمامة وحلقي صاعدة في سماء اللانهاية.

طيري إلى الأعالي. ففي الأعالي لا يخشى على جناحيك من التهشيم. وفي الأعالي تميزين الأشياء أحسن تمييز.

هذه الأبراج العزيزة، الأبراج الرفيعة، الأبراج البيضاء. هذه هي في بلادي.

ص: 207

هذه المنازل والأكواخ، هذه السهول والجبال، هذه البحريات المتموجة الصافية، هذه الألوان الناصعة الزاهية، هذا الضياء الساطع، هذا النور اللامع، هذه أنت يا بلادي. فما أجملك وما أبهاك!. . .

ولكن، حذراً أيتها الحمامة من الهلاك أفلت من قفصك. فانزلي على مهل في عشك.

أنا وجدت عشي هو العائلة. فما سوف أكون فيه؟ سأكون ملكه فأنظم مملكتي الصغيرة، وأجملها بألطف الزينات وتحت إدارتي سيكون شعب صغير، فأدبر شؤونه وأقوده إلى غايته بكل سكينة.

أجل إن رحلتي في الهواء قد ولدت ف صدري مثل هذه الأوهام.

عندما حلقت في الفضاء رأيت كل منزل جزاء من البلاد. رأيت كل دار مملكة صغيرة تابعة لها الكل العظيم الذي نسميه الوطن، ورأيت كل عائلة قسماً من هذا المجموع الكبير الذي ندعوه الشعب أو الأمة

أقامتني النواميس الطبيعية والتقاليد الاجتماعية على إدارة المنزل الداخلية، فأصبح المنزل مملكة لي فيها مصالح أدبرها، وعقل أقوده، وصحة أحفظها، وأهواء أقاومها، ومعارف أنشرها.

هذا هو الدور الكبير الذي يجب علي أن أمثله في العائلة، فسأخرج من النطاق الضيق الذي حوصرت فيه لأقوم بمهمتي حق القيام، لا لأقلق خواطر أناس يغادرون على طهارة العادات ومقام المرأة في الإسلام

ص: 208

أريد أن أمتزج امتزاجاً عقلياً بالعالم الخارجي لأقتبس من معارفه وأكتسب من مناظره.

فأطلقوا إذن سراحي وفكوا عقالي وعلموني. . .

من العائلة يتخذ الوطن رجاله، ففي العائلة إذن مكانه العشب ومستقبل البلاد، وعلى تأثير المرأة في الود يتوقف مستقبل العائلة العثمانية الكبرى التي تتألف الآن.

فلننتبه إلى أنفسنا أيتها النساء أخواتي الساهرات على تلك الرؤوس الصغيرة.

فلننتبه إلى تفتيح هذه العواطف كالأزهار في تلك القلوب الصغيرة التي تخفق بالقرب من قلوبنا.

بالأمس كنا لا ندرك ما يدور في رأس الأخ أو الابن أو الزوج لأن حياتهم العقلية والأدبية كانت تدور في منطقة غير منطقتنا،

فعلينا نحن معشر النساء، أن نوجد العائلة: نور واحد ونار واحدة؟

والعواطف تترقى بترقي العصور: بالأمس كنا زوجات، ووالدات، واليوم صرنا صديقات وأمهات حنونات. . .

إن إدارة عقل الولد وتكييف قلبه وتهذيب طباعه لمما يؤول إلى تكوين حياته وحياة البلاد؛ وإذا دفأنا قلبه بحرارة العواطف العائلية كما تدفئ الدجاجة فراخها نكون ق أعددناه لمقاومة عواصف هذه الحياة.

فهيا إلى الأمام أيتها العائلة الصغيرة: إن الاتفاق قريب؛ كنت حتى الآن تحت سلطة الوالد؛ ونعم ما كنت عليه لأن الأب هو الرأس؛

ص: 209