الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
في جنائن الغرب
بمناسبة الثورة البرتغالية حصصنا باب حدائق العرب بشيء عن عهد الدولة العربية في تلك البلاد، وأحببنا الآن أن نطلع القراء في هذا الباب عن شيء من آداب البرتغاليين:
أشهر أدباء البرتغال على الإطلاق هو لويس ده كاموانس عاش في القرن السادس عشر. وقد وضعه كتابه لوزيادة في مصاف كبار شعراء العالم. وهو نشيد من نوع الياذة هوميروس، موضوعه رحلات البرتغاليين واكتشافاتهم في العالم الجديد، وبطل هذه المنظومة البديعة فاسكو ده غاما الذي اكتشف طريقاً جديدة إلى الهند وهي طريق رأس العواصف الذي أطلق عليه فيما بعد اسم رأس الرجاء الصالح
أما فيلسوفهم الكبير فو باروخ سبينوزا.
ولد سنة 1632 في أمستردام (هولندا) من عائلة برتغالية إسرائيلية. وله في الفلسفة تآليف عديدة. لا يمكن التسليم بكل ما فيها من الآراء. وقد اقتطفنا لقراء الزهور فصلاً كتب فيه عن العواصف والأهواء وهذا ملخصه:
العواصف والأهواء
كل التقلبات التي تطرأ على النفس ترجع إلى اثنين: الانتقال إلى كمال اكبر أو الانتقال إلى كمال أنقص. وعواطف النفس ترجع أيضاً إلى نوعين: عواطف لذيذة وعواطف غير لذيذة. أي الفرح والحزن. وعليه فالفرح هو الشعور بالانتقال إلى كمال اكبر والحزن هو الشعور بالانتقال إلى كمال أنقص. لأنه يستحيل أن تقبل النفس بلا مقاومة فكرة انحطاطها ويستحيل أن لا تحب كيانها وأن لا تفرح بتحسن وجودها. ولما كنا نفهم
أن الفرخ والحزن لا ينتجان عن إرادتنا بل عن تغييرات الجسد وعن تصور هذه التغييرات، وجب أن يكون الفرح علامة الكمال، والحزن علامة النقص، بل أن الفرح هو نفس الانتقال إلى كمال أكبر، والحزن هو نفس الانتقال إلى النقص، لأن العاطفة لا تفصل عن النفس بل هي النفس مكيفة بإحدى الكيفيات.
وترى النفس أحياناً تفهم، أو تظن أنها تفهم، سبب فرحها أو حزنها، وأحياناً تكتفي بالتأثر من الفرح والحزن تأثرها من شيء واقعي مع بعض الشعور بأن مصدرهما الجسد. وفي هذه الحالة يسمى الفرح سروراً إذا تناول كل مجموع الجسم، وملذة إذا تناول عضواً معيناً
في الجسم. ويسمى الحزن كآبة إذا تناول المجموع وألماً إذا تناول أحد الأعضاء.
وعندما نقرن الفرح بصورة كائن خارجي، نحاول أن نملك ونحفظ هذا الشيء المقرون بفرحنا، ونقول حينذاك إننا نحب هذا الشيء. . . فالحب إذن هو الفرح المقرون بصورة سبب خارجي، والبغض هو الحزن المقرون بصورة سبب آخر.
هذا وإن أفراحنا - كأحزاننا - مرتبطة بعضها ببعض بطرق متنوعة فإذا شعرت النفس بعاطفتين في آن واحد فلا يمكنها فيما بعد أن تشعر بواحدة دون الأخرى، وقد تكون الأشياء الأقل أهمية في نظرنا سبب فرحٍ أو حزنٍ وبالتالي موضوع رغبة. ويكفي لذلك أن تقرن هذه الأشياء في مخيلتنا بشيء كان لنا سبب فرح أو سبب حزن فمجرد تفكرنا في شيء في حالة فرحنا أو حزننا يكفي لحملنا على حب هذا الشيء