الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والكلينى من أجل هذا كله نراه يفترى آلاف الروايات وينسبها للرسول صلى الله عليه وسلم ولآل بيته الأطهار.
وفى بحثنا للإمامة فى الجزء الأول عندما وصلنا إلى دلالة السنة اعتمدنا على ثمانية كتب لم نضم إليها كتاب الكافى، وأظننى الآن لست فى حاجة لتأييد وجهة نظرى.
2 ـ والكلينى اتخذ من السنة كذلك وسيلة لتحريف كتاب الله تعالى نصاً ومعنى، وقد نهج هنا منهج شيخه على بن إبراهيم القمى، صاحب التفسير الضال المضل الذى تحدثنا عنه فى الجزء السابق، ونهج منهجه كذلك فى الطعن فى الصحابة الكرام: نقلة الشريعة وحملة رسالة الإسلام بعد الرسول صلى الله عليه وسلم. وخص بمزيد من الطعن الذين تولوا الخلافة الراشدة قبل الخليفة الرابع الإمام على رضى الله تعالى عنهم أجمعين وأرضاهم.
3 ـ والكلينى أقدم على ما لا يقل خطورة وضلالاً عن القول بتحريف القرآن الكريم ونقصه حيث افترى على الله الكذب فزعم أنه جل شأنه أنزل كتباً من السماء بخط إلهى تؤيد فرقته الجعفرية.
4 ـ والكلينى يضمن كتابه بعض الأحداث التاريخية، ويذكرها بحسب هواه، ويفسرها بما يشتهى، وبما يشبع غيه وضلاله.
رابعاً ـ فروع الكافى وبقية الكتب
قلنا إن الفروع من الكافى تشتمل على الروايات المتصلة بالأحكام الفقهية وهى بهذا تلتقى مع كتاب الصدوق " فقيه من لا يحضره الفقيه " وكتابى الطوسى " التهذيب والاستبصار ".
وبعد أن انتهينا من الحديث عن أثر عقيدة الإمامة فى أصول الكافى وروضته لسنا فى حاجة إلى التوسع فى بيان أثر الإمامة فى الفروع والكتب الثلاثة ما دامت هذه كلها متعلقة بالفقه، فالفقه خصصناه بالجزء الرابع، والآراء التى تأثرت
بالإمامة تعتمد بصفة عامة على ما جاء فى هذه الكتب. إذن يمكن القول بأن أثر الإمامة فى الفقه يبين إلى حد كبير أثر الإمامة فى فروع الكافى والكتب الثلاثة الأخرى.
ولنأخذ مثلاً أثر الإمامة فى " كتاب الحج " كما نراه فى الفقه وفى كتب الحديث الأربعة عند الجعفرية.
فأما الفقه فنجد أنهم يرون أن غير الجعفرى الإمامى إذا حج ثم صار جعفرياً فيستحب أن يعيد الحج. ولا يصح للجعفرى أن ينوب فى الحج عن غير الجعفرى إلا إذا كان أباه، وفى الزيارة يستحب استحباباً مؤكداً زيارة الأئمة، وفى الدعاء يستحب أن يكون بالأدعية المأثورة، إلى غير ذلك مما سيظهر من دراستنا للحج فى الجزء اللاحق.
وننظر إلى ما كتبه المحمدون الثلاثة ـ أصحاب الكتب الأربعة فى كتاب الحج من كتبهم فنراهم يذكرون ما يدل على هذه الأحكام:
فيروى الثلاثة عن الإمام الصادق: عن رجل حج ولا يدرى، ولا يعرف هذا الأمر ثم من الله عليه بمعرفته والدينونة به أعليه حجة الإسلام؟ فقال: قد قضى فريضة الله عزوجل والحج أحب إلي (1) .
وفى " باب الحج عن المخالف "(2) يروى الكلينى عن وهب قال: قلت لأبى عبد الله: " أيحج الرجل عن الناصب؟ فقال: لا، فقلت: فإن كان أبى؟ قال: فإن كان أباك فنعم ".
ويروى أن الإمام الهادى كتب " لا يحج عن الناصب ولا يحج به ".
(1) انظر فقيه من لا يحضره الفقيه 2 / 263 والاستبصار 2 / 145.
(2)
راجع الكافى 4 / 209.
وفى فضل الزيارة وثوابها يروى الكلينى والقمى أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال للحسن: يا بنى من زارنى حياً أو ميتاً، أو زار أباك أو زار أخاك أو زارك كان حقاً علي أن أزوره يوم القيامة فأخلصه من ذنوبه (1) .
ويرويان عن أبى جعفر أنه قال: " من تمام الحج لقاء الإمام "(2) .
ويروى الكلينى والطوسى عن يونس بن أبى وهب قال: " دخلت المدينة فأتيت أبا عبد الله فقلت: جعلت فداك، أتيتك ولم أزر أمير المؤمنين؟ قال: بئس ما صنعت، لولا أنك من شيعتنا ما نظرت إليك، ألا تزور من يزوره الله مع الملائكة، ويزوره الأنبياء ويزوره المؤمنون "(3) .
ويروى القمى والطوسى عن الإمام الصادق قال: " إن الله تبارك وتعالى يبدأ إلى زوار قبر الحسين بن على بن أبى طالب عشية عرفة، قيل له: قبل نظره إلى أهل الموقف؟ قال نعم، قيل وكيف ذلك؟ قال: لأن فى أولئك أولاد زنى وليس فى هؤلاء أولاد زنى "(4) .
ويروى القمى عن البيزنطى قال: قرأت كتاب أبى الحسن الرضا: أبلغ شيعتى أن زيارتى تعدل عند الله تعالى ألف حجة. قال: قلت لأبى جعفر ـ يعنى ابنه ـ ألف حجة؟ قال: إى والله وألف ألف حجة لمن زاره عارفاً بحقه (5) .
ويروى الثلاثة عن الإمام الصادق: يا سدير تزور قبر الحسين فى كل يوم؟ قلت: جعلت فداك لا. قال: فما أجفاكم! قال: فتزورونه فى كل جمعة؟ قلت: لا قال: فتزورونه فى كل شهر؟ قلت لا: قال فتزورونه فى كل سنة: قلت قد يكون ذلك. قال: يا سدير ما أجفاكم للحسين! أما علمت أن لله عزوجل ألفى ألف
(1) انظر الفقيه 2 / 354.
(2)
انظر الكافى 4 / 580.
(3)
الفقيه 2 / 347.
(4)
المرجع السابق 2 / 349.
(5)
انظر الكافى 4 / 589 والفقيه 2 / 361 ـ 362.
ملك شعث غبر يبكون ويزورونه لا يفترون؟ وما عليك يا سدير أن تزور قبر الحسين فى كل جمعة خمس مرات وفى كل يوم مرة؟
قلت: جعلت فداك إن بيننا وبينه فراسخ كثيرة. فقال لى: اصعد فوق سطحك ثم تلتفت يمنة ويسرة ثم ترفع رأسك إلى السماء ثم تنحو نحو القبر وتقول: السلام عليك يا أبا عبد الله السلام عليك ورحمة الله وبركاته. تكتب لك زورة، والزورة حجة وعمرة (1) .
وروى الكلينى عن بشير الدهان قال: قلت لأبى عبد الله: " ربما فاتنى الحج فأعرف (2) عند قبر الحسين فقال: أحسنت يا بشير، أيما مؤمن أتى قبر الحسين عارفاً بحقه فى غير يوم عيد كتب الله له عشرين حجة وعشرين عمرة مبرورات مقبولات، وعشرين حجة وعمرة مع نبى مرسل أو إمام عدل، ومن أتاه فى يوم عيد كتب الله مائة حجة ومائة عمرة ومائة غزوة مع نبى مرسل أو إمام عدل. (3) قال: قلت له: كيف لى بمثل الموقف؟ قال: فنظر إلى شبه المغضب ثم قال لى: يا بشير إن المؤمن إذا أتى قبر الحسين يوم عرفة واغتسل من الفرات ثم توجه إليه كتب الله له بكل خطوة حجة بمناسكها، ولا أعلمه إلا قال: وغزوة (4) .
وذكر الكلينى بعد هذا عشر روايات لم يقل فضل زيارة قبر الحسين فى إحداها عن عشرين حجة، وفى أكثر من رواية قال: من أتى قبر أبى عبد الله عارفاً بحقه، غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر (5) .
(1) انظر الكافى 4 / 589 والفقيه 2 / 361 ـ 362.
(2)
عرف: أى وقف بعرفات ولكنه هنا جعله عند قبر الحسين.
(3)
فى هذا حث على ترك الحج وزيارة قبر الحسين، وسيأتى أنه يمكن أن تسقط فريضة الحج بزيارة قبر الحسين.
(4)
الكافى 4 / 580.
(5)
انظر الكافى 4 / 580: 583.
وبالنسبة للأدعية المأثورة روى الثلاثة فيما يقال عند زيارة قبر أمير المؤمنين:
السلام عليك يا ولى الله، أنت أول مظلوم، وأول من غصب حقه.. جئتك عارفاً بحقك، مستبصراً بشأنك معادياً لأعدائك ومن ظلمك.. لعن الله من خالفك، ولعن الله من افترى عليك وظلمك، ولعن الله من غصبك، ولعن الله من بلغه بذلك فرضى به، أنا إلى الله منهم برىء. لعن الله أمة خالفتك وأمة جحدتك وجحدت ولايتك، وأمة تظاهرت عليك، وأمة قتلتك، وأمة حادت عنك وخذلتك. الحمد لله الذى جعل النار مثواهم وبئس الورد المورود، وبئس ورد الواردين، وبئس الدرك المدرك. اللهم ألعن قتلة أنبيائك، وقتلة أوصياء أنبيائك بجميع لعناتك، وأصلهم حر نارك، اللهم العن الجوابيت والطواغيت والفراعنة واللات والعزى والجبت وكل ند يدعى من دون الله، وكل مفتر. اللهم العنهم وأشياعهم وأتباعهم وأولياءهم وأعوانهم ومحبيهم لعناً كثيراً.
أشهد أنك جنب الله، وأنك باب الله، وأنك وجه الله الذى يؤتى منه، وأنك سبيل الله.
أشهد أن من قاتلكم وحاربكم مشركون، ومن رد عليكم فى أسفل درك من الجحيم (1) .
ومما رواه القمى عند زيارة قبر الحسين:
" بكم تنبت الأرض أشجارها وبكم تخرج الأشجار أثمارها، وبكم تنزل السماء قطرها، وبكم يكشف الله الكرب، وبكم ينزل الله الغيث، وبكم تسبح الأرض التى تحمل أبدانكم. لعنت أمة قتلتكم، وأمة خالفتكم، وأمة جحدت ولايتكم، وأمة ظاهرت عليكم، وأمة شهدت ولم تنصركم، الحمد لله الذى جعل النار مأواهم وبئس الورد المورود "(2) .
(1) انظر الكافى 4 / 569 والفقيه 2 / 252.
(2)
الفقيه 2 / 359.
هذه بعض روايات كتاب الحج التى بدا فيها أثر الغلو فى عقيدة الإمامة. وكان لهذه الروايات صداها فى الفقه الجعفرى، ولكن نجد روايات أخرى يبدو فيها هذا الأثر، أثر الغلو فى العقيدة، ولا أثر لها فى الفقه. مثال هذا ما رواه الكلينى عن الحارث عن أبى جعفر قال:
" كنت دخلت مع أبى الكعبة، فصلى على الرخامة الحمراء بين العمودين فقال: بهذا الموضع تعاقد القوم إن مات رسول الله صلى الله عليه وسلم أو قتل ألا يردوا هذا الأمر فى أحد من أهل بيته أبدا.
قال: قلت: ومن كان؟ قال: كان الأول والثانى وأبو عبيدة بن الجراح وسالم بن الحبيبة (1) .
وما رواه أيضاً عن حسان الجمال قال: حملت أبا عبد الله من المدينة إلى مكة، فلما انتهينا إلى مسجد الغدير نظر إلى ميسرة المسجد فقال: ذلك موضع قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال: من كنت مولاه فعلى مولاه. ثم نظر إلى الجانب الآخر فقال: ذلك موضع فسطاط أبى فلان وفلان وسالم مولى أبى حذيفة وأبى عبيدة الجراح.
فلما رأوه رافعاً يديه قال بعضهم: انظروا إلى عينيه تدور كأنهما عينا مجنون، فنزل جبرئيل بهذه الآية:{وَإِن يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ وَمَا هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ} (2) .
وبعد: فهذه الأمثلة القليلة توضح الاتجاه العام لتأليف هذه الكتب تأثراً بعقيدة الإمامة؛ وما يقال عن أثر الإمامة فى الفقه الجعفرى أقل مما يقال عن
(1) الكافى 4 / 454. والمراد بالأول والثانى الخليفتان الصديق والفاروق.
(2)
الكافى 4 / 566 ـ 567 والآيتان آخر سورة القلم.
أثرها فى هذه الكتب الأربعة، ففى الكتب مزيد من التأثر بالغلو فى عقيدة الإمامة، ومزيد من الكفر والضلال والزندقة.
وإذا كان هؤلاء أعداء الإسلام الذين أرادوا هدمه من الداخل كما يتضح بجلاء من كتبهم وآرائهم ومعتقداتهم فمن الواضح البين أنهم اتخذوا شعار حب آل البيت الأطهار ستاراً لهدفهم وعدائهم، ومن اللازم الذى لا ينفك أبداً أن عداءهم للإسلام وأهله يستتبع عداءهم لآل البيت الأطهار، وهذا العداء يظهر من وقت لآخر من حيث أرادوا كتمانه:
انظر مثلاً إلى زواج عمر بن الخطاب ابنة على بن أبى طالب رضى الله تعالى عنهم، وما سبق من قولهم " ذاك فرج غصبناه "، وقولهم بأن علياً وافق خوفاً من تهديد عمر!
إن أمة الإسلام تعرف علياً الشجاع المقدام الذى لا يخشى أحداً إلا الله عزوجل، والرافضة يصورونه هنا جباناً ذليلاً مهاناً!! وانظر إلى عثمان بن عفان ذى النورين، وهو من آل البيت، وزواجه من ابنتى الرسول صلى الله عليه وسلم، فلم يراع الرافضة مكانتهما من أبيهما صلى الله عليه وسلم، وأخذوا يتحدثون عنهما بعبارات ساقطة، بل شكوا فى نسبهما كما بينا فى الجزء الأول.
ثم انظر إلى حب آل البيت الأطهار للخلفاء الراشدين الثلاثة رضى الله تعالى عنهم:
فهذا على بن أبى طالب يختار أسماء الثلاثة لثلاثة من أبنائه، وهم أبو بكر الذى قتل بين يدى أخيه الحسين، وعمر، وعثمان الذى قتل أيضاً مع أخيه الحسين.
ومن أحفاد على بن أبى طالب:
أبو بكر بن الحسن الذى قتل بين يدى عمه الحسين، وعمر بن الحسن الذى قتل كذلك مع أخيه وعمه الحسين.
وعمر بن الحسين الذى قتل بين يدى أبيه.
(انظر معجم رجال الحديث للخوئى، ففيه ترجمة هؤلاء جميعاً) .
أفترى رافضة الأمس أو اليوم يسمون أحد أسماء هؤلاء الثلاثة؟ أم أنهم ـ لعنهم الله تعالى ـ لا يذكرون أى اسم من الأسماء الثلاثة إلا مع اللعن والتكفير؟!
كسر الصنم
أو
تحطيم الصنم
العالم الشيعى المعروف آية الله العظمى البرقعى هاله موقف إخوانه الشيعة من كتاب الكافى، على الرغم مما فيه.
وقد بينت أنه قائم على هدم الإسلام كله، بكتابه الكريم، وسنته المشرفة المطهرة، وحماته الصحابة الكرام البررة، متخذاً منهج ابن سبأ اللعين.
فآية الله العظمى البرقعى هاله تقديس إخوانه الشيعة لهذا الكتاب، فألف كتاباً كبيراً أسماه:
كسر الصنم، أو تحطيم الصنم
والمقصود بالصنم هنا كتاب الكافى، ولقد أحسن كثيراً فى اختيار العنوان؛ فالرافضة بالنسبة لهذا الكتاب كعبدة الأصنام بالنسبة للصنم، فكما حطمت الأصنام يجب أن يحطم هذا الكتاب الصنم! (1)
(1) أكبر لقب عند الشيعة هو " آية الله العظمى "، والذين يحملون هذا اللقب خمسة فقط، فمن مات منهم يختارون بدلا منه أحدا ممن يلقب بلقب " آية الله "، وعددهم أربعون. وعندما سجن الخمينى في أيام الشاه، ومات أحد الخمسة، رأى الأربعة ـ ومنهم البرقعى ـ اختيار* *الخمينى حتى يخرج من سجنه؛ لأن القانون لا يسمح بسجن من يحمل لقب " آية الله العظمى "، ولكن يمكن أن تحدد إقامته.
البرقعى رأى أن يقرأ ما كتبه ابن تيمية ومحمد بن عبد الوهاب وغيرهما ممن يهاجمهم الشيعة، فشرح الله ـ عزوجل ـ صدره، وبدأ يصرح بهذا لإخوانه. ويظهر ما اقتنع بأنه الحق، ويبطل الباطل الذى نشأ عليه، ومن هنا جاء تأليف كتابه كسر الصنم، وترجم بعض ما كتبه ابن تيمية إلى الفارسية. ولأنه آية الله العظمى فلا يسجن حددت إقامته حتى مات. وقد حدثنى بهذا أحد الإخوة الكرام الذين عاشوا فى إيران.
فلعل الشيعة يثوبون إلى رشدهم، ويتنبهون إلى هذا الخطر بعد أن نبههم عالم من أكبر علمائهم، نسأل الله جلت قدرته أن يتوب عليهم ليتوبوا.