الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خامسا: روايات لها صلة بموضوع الإمامة
مما سبق نرى أن السنة النبوية - كما روتها الكتب الثمانية وغيرها أيضاً مما رجعنا إليه - ليس فيها ما يؤيد عقيدة الشيعة الجعفرية في الإمامة، وفى هذه الكتب وردت روايات أخرى لها صلة بموضوع الإمامة نعرضها ونناقشها فيمتا يأتي: -
من يؤمّر بعدك
؟
1-
روى الإمام أحمد بسند صحيح (1) عن الإمام على رضي الله عنه أنه قال: " قيل: يا رسول الله: من يؤمر بعدك؟ قال: إن تؤمروا أبا بكر تجدوه أميناً زاهداً في الدنيا راغباً في الآخرة، وإن تؤمروا عمر تجدوه قوياً أميناً لا يخاف في الله لومة لائم، وإن تؤمروا عليّاً، ولا أراكم فاعلين تجدوه هادياً مهدياً يأخذ بكم الطريق المستقيم ".
وهذا الحديث الشريف يدل على أن الإمامة بالاختيار لا بالتعيين، فالرسول صلى الله عليه وسلم لم يعين أحداً، وإنما جعل هذا للمسلمين، وذكر ثلاثة يصلحون لخلافته (2) .
الاستخلاف
2-
روى الشيخان بسندهما عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: " قيل لعمر: ألا تستخلف؟ قال: إن أستخلف فقد استخلف من هو خير منى؛ أبو بكر، وإن أترك فقد ترك من هو خير منى، رسول الله صلى الله عليه وسلم. فأثنوا عليه فقال: راغب راهب، وددت أنى نجوت منها كفافاً لا لي ولا على، لا أتحملها حياً وميتاً "(3) .
(1) انظر ج 2 - رواية رقم " 859" - وراجع بيان الشيخ شاكر لصحة الإسناد.
(2)
ذكر صاحب كتاب الغدير (1/12) الجزء الأخير فقط " وإن تؤمروا علياً " ولم يشر إلى الصاحبين، وبذلك يتغير مدلول الحديث ليتفق مع عقيدته!
(3)
راجع البخاري - كتاب الأحكام: باب الاستخلاف، ومسلم: كتاب الإمارة باب الاستخلاف وتركه، واللفظ للبخاري.
وفى رواية أخرى لمسلم بسند آخر عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، قال: " دخلت على حفصة فقالت: أعلمت أن أباك غير مستخلف؟ قال: فقلت: ما كان ليفعل. قالت: إنه فاعل. قال: فحلفت أنى أكلمه في ذلك، فسكت حتى غدوت ولم أكلمه، قال: فكنت كأنما أحمل بيمينى جبلاً حتى رجعت، فدخلت عليه، فسألنى عن حال الناس وأنا أخبره، قال: ثم قلت: إنى سمعت الناس
…
يقولون فآليت أن أقولها لك، زعموا أنك غير مستخلف، وإنه لو كان لك راعى إبل أو راعى غنم ثم جاءك وتركها رأيت أن قد ضيع، فرعاية الناس أشد. قال: فوافقه قولى فوضع رأسه ساعة ثم رفعه إلىّ فقال: إن الله عز وجل يحفظ دينه، وإنى لئن لا أستخلف فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يستخلف، وإن أستخلف فإن أبا بكر قد استخلف. قال: فوالله ما هو إلا أن ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر فعلمت أنه لم يكن ليعدل برسول الله صلى الله عليه وسلم أحداً، وأنه غير مستخلف" (1) .
وروى أحمد بسند صحيح عن الإمام على رضي الله عنه أنه قال: " لتخضبن هذه من هذا، فما ينتظر بى الأشقى؟ قالوا: ياأمير المؤمنين، فأخبرنا به نبير عترته! قال: إذن تالله تقتلون بى غير قاتلى، قالوا: فاستخلف علينا، قال: لا ولكن أترككم إلى ما ترككم إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم. قالوا: فما تقول لربك إذا أتيته؟ قال: اللهم تركتنى فيهم ما بدا لك، ثم قبضتنى إليك وأنت فيهم، فإن شئت أصلحتهم، وإن شئت أفسدتهم ".
(1) انظر الموضع السابق من صحيح مسلم، وروى أبو داود عن ابن عمر أيضاً قال: قال عمر: إنى إن لا أستخلف، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يستخلف، وإن استخلف فإن أبا بكر قد استخلف، قال: فوالله إلا أن ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر فعلمت أنه لا يعدل برسول الله صلى الله عليه وسلم أحداً، وأنه غير مستخلف. (انظر سنن أبى داود - كتاب الخراج والفىء والإمارة - باب في الخليفة يستخلف) .
وفى رواية بسند آخر أن الإمام قال: " والذى فلق الحبة وبرأ النسمة لتخضبن هذه من هذه، قال الناس: فأعلمنا من هو؟ والله لنبيرن عترته! قال: أنشدكم بالله أن يقتل غير قاتلى، قالوا: إن كنت قد علمت ذلك استخلف إذن. قال لا، ولكن أكلكم إلى ما وكلكم إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم (1) .
فهذه الروايات تدل على أن عمر وعلياً رضي الله عنهما لم يستخلفا أحداً تأسياً برسول الله صلى الله عليه وسلم، فهى تشترك مع الرواية الأولى في الدلالة على أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يعين أحد لخلافته.
ويؤيد هذا أيضاً ما أخرجه أحمد بسند صحيح عن قيس بن عباد قال: " كنا مع على فكان إذا شهد مشهداً أو أشرف على أكمة أو هبط وادياً قال: سبحان الله! صدق الله ورسوله، فقلت لرجل من بنى يشكر: انطلق بنا إلى أمير المؤمنين حتى نسأله عن قوله صدق الله ورسوله، قال: فانطلقنا إليه: فقلنا: يأأمير المؤمنين، رأيناك إذا شهدت مشهداً، أو هبطت وادياً، أو أشرفت على أكمة، قلت: صدق الله ورسوله، فهل عهد رسول الله إليك شيئاً في ذلك؟ قال: فأعرض عنا، وألححنا عليه، فلما رأي ذلك قال: والله ما عهد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عهداً إلا شيئاً عهده إلى الناس، ولكن الناس وقعوا على عثمان فقتلوه، فكان غيرى فيه أسوأ حالاً وفعلاً منى، ثم إنى رأيت أنى أحقهم بهذا الأمر فوثبت عليه، فالله أعلم أصبنا أم أخطأنا (2) .
(1) انظر المسند ج 2 الروايتين 1078، 1339، وبالحاشية بيان الشيخ شاكر لصحة الإسناد.
(2)
انظر الرواية وصحة إسنادها بالمسند ج 2 رقم 1206.