الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فهذه الآيات الكريمة فرضت طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم مقرونة بطاعة الله عزوجل، ومذكورة وحدها، وحذرت من يعصى أمر رسول الله، وحكمت عليه بالضلال المبين، وبعدم الإيمان، فطاعة الرسول الكريم طاعة الله تبارك وتعالى. إذن بيان لسنة من بيان كتاب الله العزيز.
السنة وحى
ولا يكون مثل هذا للرسول صلى الله عليه وسلم إلا إذا كان معصوماً لا ينطق عن الهوى، وهو ما بينه القرآن الكريم حيث قال:{وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} (3، 4: النجم) .
وقال: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ صِرَاطِ اللَّهِ} (52، 53: الشورى) .
وفى آيتين كريمتين: إحداهما تخاطب الرسول صلى الله عليه وسلم، والأخرى تخاطب المؤمنين، جاء البيان بأن الله سبحانه وتعالى أنزل الكتاب والحكمة، وسيأتى فى كلام للإمام الشافعى إثبات أن الحكمة هى السنة.
والآيتان هما قوله تعالى:] وَأَنزَلَ اللهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ} (113: النساء) .
وقوله عزوجل: {وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنزَلَ عَلَيْكُمْ مِّنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ
…
} (231: البقرة) .
وإذا كان القرآن الكريم وحياً منزلاً أمرنا باتباعه، والتعبد به وتلاوته، فإن السنة المطهرة من الوحى المنزل الذى أمرنا باتباعه دون التعبد والتلاوة. وروى عن الرسول صلى الله عليه وسلم ما يبين وجوب طاعته، ويحذر من معصيته.
فقد روى أحمد وأبو داود والترمذى وابن ماجه والحاكم أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: " لا ألفين أحدكم متكئاً على أريكته يأتيه الأمر من أمرى، مما أمرت به أو نهيت عنه، فيقول: لا أدرى، ما وجدنا فى كتاب الله اتبعناه ".
وفى رواية لهم أيضاً: " يوشك أن يقعد الرجل منكم على أريكته، يحدث بحديثى، فيقول: بينى وبينكم كتاب الله، فما وجدنا فيه حلالاً استحللناه، وما وجدنا فيه حراماً حرمناه، وإن ما حرم رسول الله كما حرم الله "(1) .
وفى خطبته الشريفة فى حجة الوداع حث على التمسك بالكتاب والسنة حيث قال: " وقد تركت فيكم ما إن اعتصمتم به فلن تضلوا أبداً، أمراً بيناً، كتاب الله وسنة نبيه "(2) .
(1) انظر الروايتين، وبيان الشيخ أحمد شاكر لصحة الإسناد، فى الرسالة ص 89:91.
(2)
راجع الخطبة فى السيرة النبوية لابن إسحاق التى جمعها ابن هشام 4 / 603 ـ 604، والحديث رواه الإمام مالك فى الموطأ مرسلاً، ووصله ابن عبد البر ـ (انظر تنوير الحوالك 2 / 208) . ورواه الحاكم عن ابن عباس، وعن أبى هريرة، وبين صحة الحديث ووافقه الذهبى.
…
(انظر المستدرك وتلخيصه 1 / 93) .