الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثاني: السنة المطهرة
لا شك أن السنة النبوية المشرفة هي المصدر الثاني من مصادر التشريع الإسلامي بعد القرآن الكريم.
وإذا كان الجزء الثاني جعلته للمصدر الأول، فإن الجزء الثالث جعلته للمصدر الثاني، وقسمته أيضاً قسمين:
القسم الأول: للحديث وعلومه عند جمهور المسلمين.
القسم الثاني: للحديث وعلومه وكتبه عند الشيعة الاثنى عشرية.
وتناول هذا القسم بياناً مفصلاً شافياً يتضح منه موقف الشيعة والرافضة من السنة المطهرة.
وظهر من هذا البيان أثر عقيدتهم الباطلة في موقفهم منها، ويبدو هذا الأثر فيما يلي:
أولاً: جعلوا الإمام كالنبى المرسل صلى الله عليه وسلم:
فالعصمة لهم جميعًا، والسنة قول المعصوم أو فعله أو تقريره، يستوي في هذا كله أن يكون المعصوم هو الرسول صلى الله عليه وسلم، وأن يكون أحد أئمة الرافضة، وبذلك أشركوا مع الرسول الكريم المصطفي هؤلاء الأئمة، وحتى يكون الإمام مصدراً للتشريع قائماً بذاته، جعلوا له الإلهام مقابلاً للوحى بالنسبة للرسول صلى الله عليه وسلم، وبعضهم ذهب إلى بقاء الوحي مع الأئمة وإن لم ينزل بقرآن جديد.
ثانيا: في مراتب الحديث:
الحديث عندهم لا يرقى لمرتبة الصحيح ما لم يكن الرواة من الجعفرية الاثنى عشرية في جميع الطبقات.
ويأتي بعد الصحيح الحسن: فيشترطون إمامية الراوى، ويقبلون رواية الإمامي غير ثابت العدالة، ويرفضون رواية غير الإمامي كائناً من كان، ويقبلون رواية الإمامي الممدوح المقدوح أحياناً بشرط ألا يكون القدح بفساد المذهب، وفساد المذهب يعنى الخروج عن الخط الجعفري الرافضي فهذا قدح لا يغتفر!!
ويأتي بعد الحسن الموثق لوجود غير الجعفرية في السند، والتوثيق لا يكون إلا من الجعفرية أنفسهم.
وإذا دخل في السند غير جعفري لم يوثقه الجعفرية، فالحديث ضعيف، وعلى هذا الأساس يرفضون الأحاديث الثابتة عن الخلفاء الراشدين الثلاثة، وغيرهم من أجلاء الصحابة والتابعين وأئمة المحدثين والفقهاء، ما داموا لا يؤمنون بعقيدة الإمامية الاثنى عشرية!
وذكرت بعض النماذج في الجرح والتعديل عندهم، وهي تبين مدى غلوهم وضلالهم، سيأتي شيىء منها في خاتمة الكتاب من هذا الجزء.
ثالثا: في الترجيح:
جعلوا المشهور عندهم مقدماً على غيره، حتى قدموه على ما وافق الكتاب والسنة.
وجعلوا من المرجحات مخالفة العامة، أي عامة المسلمين، فما خالف الأمة الإسلامية أولى بالقبول عندهم مما وافقها، ولعل هذا من أخطر المبادئ التي جعلت بين الجعفرية الرافضة وسائر الأمة الإسلامية هوة سحيقة عميقة، فابتعد الاثنا عشرية الرافضة كثيراً عن المنهج الإسلامي الصحيح.
رابعا: في كتب السنة المعتمدة عندهم:
بدراسة أصول الكافي وروضته، وجدنا أن الكليني اتخذ من السنة ـ بمفهومها عنده ـ وسيلة لإثبات عقيدته في الإمامة، ورأيه في الأئمة وما يتصفون به، ووسيلة كذلك لبيان بطلان ما ذهب إليه غير الرافضة الذين لم يأخذوا بعقيدته في الإمامة، وإنهم مهما تعبدوا فهم في النار، فعبادتهم غير مقبولة في زعم
الكليني، على حين أن الرافضة جميعاً بغير استثناء سيدخلون الجنة، ولا تمسهم النار مهما ارتكبوا من الموبقات والآثام، ومهما كان خطؤهم في حق الله تعالي أو في حق عباده، والكليني من أجل هذا كله رأيناه يفترى آلاف الروايات وينسبها للرسول صلى الله عليه وسلم ولآل بيته الأطهار.
والكليني اتخذ من السنة كذلك وسيلة لتحريف كتاب الله تعالي نصاً ومعنى، وقد نهج منهج شيخه على بن إبراهيم القمي ـ صاحب التفسير الضال المضل ـ في التحريف وفي الطعن في الصحابة الكرام: نقلة الشريعة وحملة رسالة الإسلام بعد الرسول صلى الله عليه وسلم وخص بمزيد من الطعن الذين تولوا الخلافة الراشدة قبل الخليفة الرابع الإمام على رضي الله عنهم جميعاً وأرضاهم.
والكليني أقدم على ما لا يقل خطورة وضلالاً عن القول بتحريف القرآن الكريم ونقصه، حيث افترى على الله الكذب فزعم أنه ـ جل شأنه ـ أنزل كتباً من السماء بخط إلهي تؤيد فرقته، والكليني يضمن كتابه بعض الأحداث التاريخية، ويذكرها بحسب هواه ويفسرها بما يشتهي، وبما يشبع غيه وضلاله.
ويبقى من الكافي الفروع، ومن كتب الحديث المعتمدة: الفقيه للصدوق، والتهذيب والاستبصار للطوسى، وهذه كلها تشتمل على الروايات المتصلة بالأحكام الفقهية، لذا لم نتوسع في بيان أثر الإمامة فيها؛ فالفقه خصصناه بهذا الجزء: والآراء التي تأثرت بالإمامة تعتمد بصفة عامة على ما جاء في هذه الكتب، إذن يمكن القول بأن أثر الإمامة في الفقه - يبين إلى حد كبير أثر الإمامة في فروع الكافي والكتب الثلاثة الأخرى، وعرضت مثلاً انتهيت منه إلى أن ما يقال عن أثر الإمامة في الفقه الجعفري أقل مما يقال عن أثرها في هذه الكتب الأربعة، ففي الكتب مزيد من التأثر بالغلو في عقيدة الإمامة، كما أننى نقلت كثيراً من الروايات التي افتراها أصحاب هذه الكتب في البابين التاليين.