الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب الأول: أصول الفقه
الفصل الأول: القرآن الكريم
القرآن الكريم هو المصدر الأول من مصادر التشريع الإسلامي، وهذا بلا شك لا خلاف حوله، فهو كتاب ربنا عز وجل.
وفي الجزء الثاني تحدثت عن هذا المصدر بالتفصيل، حيث قسمت الجزء إلى قسمين:
الأول عن القرآن الكريم وعلومه عند جمهور المسلمين، حتى نتبين الفرق بين منهجهم ومنهج الشيعة الاثنى عشرية.
والقسم الثاني جعلته للحديث عن هذا المصدر عند الشيعة الجعفرية الاثنى عشرية، ومن الدراسة ظهر تأثرهم تأثراً كبيراً بعقيدتهم الباطلة في موقفهم من القرآن الكريم، ولا حاجة إلى أن نعيد الحديث مرة أخرى، ولكن أوجز هنا ما يبين منهجهم، وأثر عقيدتهم في تناولهم لهذا المصدر وأثر هذه العقيدة الباطلة ظهر فيما يأتي:
أولاً:
اعتبروا القرآن الكريم قرآناً صامتاً، والإمام قرآناً ناطقاً، ودوره بالنسبة للقرآن الصامت كدور النبي صلى الله عليه وسلم سواء بسواء، فله بيان القرآن الكريم، وتقييد مطلقه، وتخصيص عامه، بل نسخه عند فريق منهم، وما دام القرآن الكريم صامتاً فلابد من الرجوع إلى القرآن الناطق حتى يوضح مراد الله تعالي، ولهذا قال الإخباريون من الجعفرية ـ وهم قلة: لا يجوز العمل بظاهر القرآن الكريم، وقال جمهور الجعفرية ـ وهم الأصوليون ـ بحجية الظواهر، ولكنهم قالوا: لا يجوز الاستقلال في العمل بظاهر الكتاب بلا مراجعة الأخبار الواردة عن أئمتهم.
ثانيا:
لما لم يجدوا من ظاهر القرآن الكريم ما يؤيد عقيدتهم لجئوا إلى التأويل، وقالوا بباطن القرآن، وتوسعوا في القول بالباطن إلى غير ما حد حتى أن فريقاً منهم اعتبر ثلث القرآن فيهم، وثلثه في عدوهم، وبذلك أخضعوا كتاب الله العزيز لأهوائهم، وحرفوه ليصبح أقرب ما يكون إلى كتاب من كتب الفرق، ولم يفترقوا كثيراً عن الإسماعيلية الباطنية.
ثالثا:
غلاة الجعفرية عز عليهم أن يخلوا القرآن الكريم من نصوص ظاهرة صريحة تؤيد عقيدتهم في الإمامة، فلم يكتفوا بالتأويلات الفاسدة بل أقدموا على جريمة مدبرة، فطعنوا في الصحابة الأكرمين، وعلى الأخص الخلفاء الراشدون الذين سبقوا الإمام علياً، أرادوا من هذا الطعن الافتراء عليهم بأنهم غير أمناء على تنفيذ الشريعة ونقلها، وحفظ كتاب الله، ولذا انتهوا من هذا الطعن إلى أنهم اغتصبوا الخلافة، وحرفوا القرآن الكريم حتى لا يفتضح أمرهم، ولا يظهر حق على في الخلافة والأئمة من بعده، ووجدت المعتدلين نسبيا من الجعفرية ـ في القديم والحديث ـ قد تصدوا لهؤلاء الغلاة وكشفوا القناع عن هذا الباطل، وفندوا مزاعم القائلين بالتحريف.
رابعا:
الجعفرية درجات بين الاعتدال والغلو، فليسوا سواء، لذا كان لزاماً علينا الرجوع إلى كتبهم المختلفة لنرى إلى أي مدى أثرت عقيدة الإمامة عندهم في تناولهم كتاب الله تعالي.
وقد رجعت إلى الكثير من كتبهم، وقدمت دراسة لستة عشر كتاباً، مقتصراً على بيان أثر الإمامة في كل منها، ووجدت أن القرن الثالث ظهر فيه ثلاثة كتب هي:
التفسير المنسوب للإمام العسكرى _ إمامهم الحادى عشر، وتفسير العياشى والقمي، وهذه الثلاثة تمثل جانب التطرف والغلو في المذهب الجعفري، ثم يأتى شيخ طائفتهم الطوسى (المتوفي سنة 460 هـ) فيخرج كتابه " التبيان في تفسير القرآن " وهو يمثل جانب الاعتدال إلى حد ما، ثم يليه الطبرسى ـ شيخ مفسريهم ـ ورأيناه قريباً من الطوسى. والجعفرية بعد هذا إلى عصرنا- كما ظهر من دراستى لباقى كتبهم ـ منهم من سلك أحد المسلكين، ومنهم من جمع بينهما، أو اقترب من أحدهما، وإن بدا لنا أن الكتب الضالة المضلة التي رزئ بها القرن الثالث كانت أقوى أثراً من غيرها، فمنها كتاب ينسب إلى إمام، وآخر لعلى بن إبراهيم القمي الذى يوثقونه كل توثيق، وأحد تلاميذه هو الكليني صاحب كتاب الحديث الأول عندهم، وقد نقل عن شيخه القمي مئات الروايات في التحريف والتكفير وغير ذلك مما يكشف عن غلو صاحبه.