الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نظرة في الكتب التي ينقل منها الرافضيان
أشار شيخ الإسلام الى بعض الكتب التي نقل منها الرافضي ابن المطهر الحلى، وبين خطأ منهجه في النقل. وعبد الحسين كسلفه الرافضي نقل من تلك الكتب بالمنهج الخاطئ هو نفسه، غير أنه في مراجعاته نقل نقولا كثيرة من كتابين هما: نهج البلاغة، والصواعق المحرقة، مما يستدعى أن نقف وقفة أمام كل منهما لنرى القيمة العلمية لما ينقل من نهج البلاغة، ومنهج التضليل والتلبيس في النقل من الصواعق: وتكفينا وقفة قصيرة بالنسبة للكتاب الأول، أما الثانى فيحتاج إلى وقفة طويلة تفضح هذا الرافضي وأمثاله.
أولا: نهج البلاغة
كتاب نهج البلاغة كتاب بغير إسناد، فسواء أكان من تأليف وجمع الشريف الرضى المتوفى سنة 406 هـ، أم أخيه الشريف المرتضى المتوفى سنة 436 هـ، فليس متصل الإسناد إلى الإمام على رضي الله عنه بل كان التأليف والجمع بعد ما يقرب من أربعة قرون، وكما قال عبد الله بن المبارك وابن سيرين وغيرهما:" لولا الإسناد لقال من شاء ما شاء ".
وروى الإمام الحاكم بسنده عند عبد الله بن المبارك قال: " الإسناد من الدين، ولولا الإسناد لقال من شاء ما شاء "، ثم قال بعد هذا ـ وهو شيعي لكنه غير رافضى: " فلولا الإسناد وطلب هذه الطائفة له، وكثرة مواظبتهم على حفظه،
لدرس منار الإسلام، ولتمكن أهل الإلحاد والبدع فيه بوضع الأحاديث، وقلب الأسانيد، فإن الأخبار إذا تعرت عن وجود الأسانيد فيها كانت بترا ".
وروى أن ابن أبى فروة ذكر أحاديث بغير إسناد فقال له الزهرى: " قاتلك الله يا بن أبى فروة، ما أجرأك على الله! لا تسند حديثك؟ تحدثنا بأحاديث ليس لها خطم ولا أزمة "! .
(انظر كتابه معرفة علوم الحديث ص 6) .
فكتاب نهج البلاغة إذا بغير خطم ولا أزمة، ولا وزن له من الناحية العلمية. وفى ضوء المنهج العلمى لا يعتبر حجة في أي فرع من فروع الشريعة فضلا عن أصول العقيدة.
وإذا ثبت أن هذا الكتاب للشريف الرضى ـ كما سيأتي ـ فإن هذا الشاعر رافضى جلد لا يحتج بروايته كما هو معلوم من ترجمته، وهذا يعنى أن نهج البلاغة لو كان مسندا عن طريقه فلا يجوز الإحتجاج بما جاء فيه. فلو كان مسندا فليس بحجة، فما بالك إذا خلا تماما عن الإسناد؟ !
وفى عام 1406 هـ (1986 م) ظهرت طبعة جديدة للكتاب، وجاء تحت العنوان ما يأتي:
نسخة جديدة محققة وموثقة، تحوى ما ثبت نسبته للإمام على رضي الله عنه وكرم الله وجهه من خطب ورسائل وحكم. تحقيق وتوثيق دكتور صبرى إبراهيم السيد، تقديم العلامة المحقق الأستاذ عبد السلام محمد هارون.
فلننظر في هذه النسخة لنرى ماذا قال أستاذنا رحمه الله في تقديمه، ولنرى نتيجة التحقيق والتوثيق. قال أستاذنا في التقديم:
إنها قضية ذات كتاب: أو كتاب ذو قضية. فكتابنا هذا " نهج البلاغة "يعد في طليعة أمهات كتب الأدب العربى. ولا تكاد مكتبة أديب حفى بالتراث العربى تخلو من الظفر به أو اقتنائه.
وكنا إلى الأمس القريب في ريبتين اثنتين منه: أولاهما: من هو صانع هذا الكتاب؟ أهو الشريف الرضى، أم هو أخوه المرتضى؟ والأخرى: مدى صحة هذا الحشد الهائل من الخطب والرسائل والحكم، أو بعبارة أدق: ما مدى توثيق هذا الكم الضخم ونسبته إلى الإمام على كرم الله وجهه؟ من ذا الذي يقضى في هذه المسائل؟ فإن كثيرين من علماء القرن السادس الهجرى يزعمون أن معظم هذه النصوص لا يصح إسناده إلى الخليفة الإمام، وإنما هو من صناعة قوم من فصحاء الشيعة، صنعوه ليزيدوا الناس يقينا بما عرفوه من فصاحة الإمام واقتداره، مع أن فصاحة وبلاغة وسمو بيانه لا تحتاج إلى دليل، أو تفتقر إلى برهان، وزعموا أيضا أن الشريف الرضى أو غيره من الشيعة نظموا أنفسهم في سلك هؤلاء الأقوام.
وقالوا: إنه مما يحير هذا الشك ويقويه، ما اشتمل عليه هذا الكتاب من تعريض بالصحابة في غير ما موضع: وإن السجع والصناعة اللفظية تظهر في كثير من جوانبه على خلاف المعهود في نتاج هذا العصر النبوي.
قالوا: إن فيه من دقة الوصف، وغرابة التصوير ما لم يكن معروفا في آثار الصدر الأول الإسلامي، كما أنه يطوى في جنباته كثيرا من المصطلحات التي لم يتداولها الناس بعد أن شاعت علوم الحكمة، كالأين والكيف، إلى ما فيه من لغات علم الكلام وأبحاث الرؤية الإلهية، والعد، وكلام الخالق، وما لم يكن معهودا كذلك من التقسيمات الرياضية ذات النظام.
وقالوا: إن الكتاب مشتمل على ادعاء المعرفة بالغيبيات، وهو الأمر الذي يجل قدر الإمام على بن أبى طالب وإيمانه الصريح الخالص عن التلبس له أو اصطناعه.
وأن في الكتاب تكرارا للمقاطع بالتطويل تارة، وبالإيجاز أخرى، وأن كثيرا من نصوصه لم يظهر فيما أثر من كتب الأدب والتاريخ التي صنعت قبل الشريف الرضى أو أخيه، وأن فيه تطويلا يتجاوز حد الغلو في بعض نصوصه، كعهده
إلى الأشتر النخعى. دع عنك ما يسرى فيه من مظاهر التشيع المذهبى، والتعصب الشيعي التي يعلو قدر الإمام عنها.
وأمر آخر يريب: وهو أن جامع هذه النصوص لم يسجل في صدر كتابه أو أثنائه شيئا من مصادر التوثيق والرواية، كما هو المألوف في أمثال هذه الكتب التي ينظر إليها بعين خاصة، وهذه كلها شبهات تعلو، ومسائل تطفو، تحمل الباحث على كثير من التأمل، وطويل من الدرس. شبهات ومسائل كانت تحيك في صدر كل دارس لهذا الكتاب الخالد، ويود لو أن قد تفرغ لدراستها من يزيل عنها تلك الأوضار، ليظهر من بينها يقين التحقيق.
لهذا كله كانت غبطتى بهذا البحث الذي تولاه باحث أعرف فيه الدقة والصبر، وأعرف فيه خلة التأنى، فقد استطاع الدكتور صبرى أن يحقق نسبة الكتاب إلى الشريف الرضى بما لا يدع مجالا للشك.
ويمكن من تحقيق نسبة النصوص في هذا الكتاب بمختلف ضروبها من خطب ورسائل وحكم إلى أصحابها، ومن بينها ما صحت نسبته إلى الإمام على في جملتها وتفصيلها، أو في تفصيلها فقط دور جملتها. وهذا أمر يحدث للمرة الأولى بين الباحثين في هذا الكتاب بهذا الأسلوب المنهجي الفريد " ا. هـ
وبعد هذا التقديم نأتى إلى نتائج التوثيق التي انتهى إليها الدكتور صبرى، حيث قال:
وهكذا أجد نفسى ـ بعد هذه الجولة التوثيقية ـ أمام مستويات خمسة من النصوص:
1-
نصوص ثبتت نسبتها إلى الإمام علي.
2-
نصوص رواها الشيعة وحدهم.
3-
نصوص لم يروها أحد.
4-
نصوص مشكوك في صحة نسبتها لأسباب خاصة.
5-
نصوص ثبتت نسبتها لآخرين.
(انظر ص 81: 97)
والذى يعنينا هو المستوى الأول فقط. وكيف استطاع المحقق إثبات نسبتها إلى الإمام على؟
بين المحقق منهجه في التوثيق حيث قال: (ص 65)
" وهأنذا أحاول استكشاف ما في بطون الكتب الأدبية والتاريخية من نصوص أوردها صاحب النهج، ملتزما في ذلك باعتماد أقوال من سبقوا الشريف الرضى، أو عاصروه، واستبعاد من جاءوا بعده أو لم يعاصروه ".
وقبل أن ننظر في مراجع المحقق نراه هنا يذكر أنها كتب أدبية وتاريخية، وهذه الكتب كما نعلم ليست حجة في أي فرع من فروع الشريعة، فما بالك بأصول العقيدة؟ !
بعد نتائج التوثيق انتقل المحقق إلى تحقيق النصوص وتوثيقها، وبدأها بتوثيق الخطب:
أثبت الخطبة الأولى من أولها إلى قوله: " ولا وقت معدود "، ومرجعه العقد الفريد لابن عبد ربه. (انظر ص 101) وهى هنا خمسة أسطر فقط، وفى الأصل أكثر من خمسين ومائة سطر. والثانية نصف سطر، وقال المحقق (ص 101) : الكلمة موجودة في تاريخ اليعقوبى. والثالثة في الإمامة والسياسة لابن قتيبة (ص 102) ـ قلت: الكتاب غير صحيح النسبة لابن قتيبة. وهكذا نجد مراجع المحقق من هذا النوع من الكتب التي لا تعتبر إطلاقا مراجع معتمدة في مجال الشريعة. وفى ص 297: 309 ذكر مراجع البحث والتوثيق. وبالنظر فيها نراها كما ذكر المحقق من كتب الأدب والتاريخ ما عدا مسند الإمام أحمد، وقد سبق جمع ما في المسند ودراسته، إذن لا يجوز ذكر شىء مما جاء في نهج البلاغة ليحتج به في أي مجال من مجالات الشريعة، ولسنا بعد هذا في حاجة إلى مناقشة ما يذكره هذا الرافضي، وبيان أن ما جاء به من طعن في الصحابة الكرام