الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثاني
أدلة الإمامة من القرآن العظيم
"
بين يدى الفصل
"
من المعلوم أن القرآن الكريم ليس فيه نص ظاهر يؤيد المذهب الجعفرى، فلجأ معتنقوه إلى التأويل، والاستدلال بروايات ذكرت في أسباب النزول لآيات كريمة. وأهم ما استدل به الجعفرية هو:
قال تعالى:
" إِنمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ "(1)
هذه الآية الكريمة يسمونها آية الولاية، ويقولون: إنها تدل على أن إمام المسلمين بعد النبي صلى الله عليه وسلم بلا فصل هو على بن أبى طالب، لأن لفظة " إنما " تفيد الحصر و" وليكم " تفيد من هو أولى بتدبير الأمور ووجوب طاعته، والآية الكريمة نزلت في على بلا خلاف - كما يقولون - عندما تصدق بخاتمه وهو راكع.
في آية المباهلة
" فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَةُ اللهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ "(2)
(1) سورة المائدة - الآية 55.
(2)
سورة آل عمران - الآية 61.
3 -
قال تعالي:
" وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا"(1)
قالوا: إن المراد بأهل البيت هنا على وفاطمة والحسن والحسين، وهذه الآية الكريمة تدل على عصمتهم، والإمامة تدور مع العصمة.
4-
قال سبحانه وتعالى: "وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ"(2)
قالوا: إن هذه الآية الكريمة قد أبطلت إمامة كل ظالم، فصارت في الصفوة من ذرية إبراهيم الخليل. ومن عبد غير الله ولو لحظة فهو ظالم، وعلى هو الذي لم يعبد صنماً قط. أما غيره من الخلفاء فهم ظالمون لا يستحقون هذه الخلافة.
ومعنى هذا أن القرآن الكريم - على قولهم - قد أشار في أكثر من موضع أن عليا هو المستحق للإمامة دون غيره، ولذلك فهم يعتقدون أن الله سبحانه أمر نبيه بأن ينص على علىِّ وينصبه علماً للناس من بعده، وكان النبي يعلم أن ذلك سوف يثقل على الناس، وقد يحملونه على المحاباة والمحبة لابن عمه وصهره، ومن المعلوم أن الناس ذلك اليوم، وإلى اليوم ليسوا في مستوى واحد من الإيمان واليقين بنزاهة النبي وعصمته عن الهوى والغرض، ولكن الله سبحانه لم يعذره في ذلك، فأوحى إليه:
"
(1) سورة الأحزاب - الآية 33.
(2)
سورة البقرة - الآية 124.
يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ" (1)
فلم يجد بداً من الامتثال بعد هذا الإنذار الشديد، فخطب الناس عند منصرفه من حجة الوداع في غدير خم، فنادى وجلهم يسمعون:
" ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: اللهم بلى. فقال: من كنت مولاه فهذا على مولاه، إلى آخر ما قال، ثم أكد ذلك في مواطن آخرى تلويحاً وتصريحاً، وإشارة ونصاً حتى أدى الوظيفة (2) .
وقبل أن ينصرف الرسول صلى الله عليه وسلم من غدير خم وقبل أن يتفرق الجمع نزل قوله تعالى: "الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلَامَ دِينًا "(3)
فقال رسول صلى الله عليه وسلم: الله أكبر على إكمال الدين، وإتمام النعمة، ورضا الرب برسالتى، والولاية لعلى من بعدى، ثم طفق القوم يهنئون أمير المؤمنين وفى مقدمتهم الشيخان (4) . فشاع ذلك وطار في البلاد، فبلغ ذلك الحرث بن النعمان الفهري. فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم على ناقة له حتى أتى الأبطح فنزل عن ناقته فأناخها، فقال: يا محمد، أمرتنا عن الله أن نشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله فقبلنا، وأمرتنا أن نصلى خمساً فقبلناه منك، وأمرتنا بالزكاة فقبلنا، وأمرتنا أن نصوم
(1) سورة المائدة - الآية 67.
(2)
أصل الشيعة وأصولها ص 134، وفيه " يا أيها النبي " و" اللهم نعم ".
(3)
الآية الثالثة من سورة المائدة.
(4)
انظر الغدير 1/11.