الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وكذلك يؤيد ما سبق ما رواه الشيخان وأحمد بأسانيد صحيحة أن الرسول صلى الله عليه وسلم مات ولم يوص، وقد روى هذا عن ابن عباس، وعبد الله بن أبى أوفى، والسيدة عائشة (1) .
يأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر
3-
روى البخاري بسنده عن السيدة عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلوات الله عليه قال: " لقد هممت أو أردت أن أرسل إلى أبى بكر وابنه فأعهد، أن يقول القائلون أو يتمنى المتمنون، ثم قلت: يأبى الله ويدفع المؤمنون أو يدفع الله ويأبى المؤمنون "(2) .
وروى مسلم عنها أيضاً أنها قالت: " قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه: ادعى لي أبا بكر أباك وأخاك حتى أكتب كتاباً، فإنى أخاف أن يتمنى متمن ويقول قائل أنا أولى، ويأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر "(3) .
وأخرج أحمد في مسنده هذا الحديث الشريف بسند صحيح كسند مسلم، وبسندين آخرين (4) .
(1) راجع صحيح البخاري - باب مرض النبي صلى الله عليه وسلم ووفاته، وكتاب التفسير: باب من قال لم يترك النبي صلى الله عليه وسلم إلا ما بين الدفتين، وباب الوصاة بكتاب الله عز وجل وراجع كذلك مسلم كتاب الوصية: باب ترك الوصية. والمسند حـ 5 روايات 3189، 3355، 3356.
(2)
البخاري - كتاب الأحكام - باب الاستخلاف.
(3)
مسلم كتاب الفضائل - باب من فضائل أبى بكر الصديق.
(4)
انظر المسند حـ 6 ص 47، 106، 144 وذكر استاذ الفلسفة الدكتور أحمد محمود صبحى الرواية الأخيرة لهذا الحديث الشريف، ولم يذكر مصادره بل اكتفى بنسبته لبعض أهل السنة، ثم قال " ولا شك أن الوضع ظاهر في هذا الحديث، وأنه أريد به معارضة حديث الشيعة في أمر كتاب النبي الذي ينسب إلى عمر* *أنه منعه، ولو صح كتاب النبي إلى أبى بكر لكان نصاً جلياً لأبى بكر، وهو ما لم يقل به جمهور المسلمين "
ورجل الفلسفة أقحم نفسه هنا فيما لا يعرف، فحديث يرويه الشيخان والإمام أحمد بسند صحيح كيف يقال أنه موضوع بلا شك؟ ! ومن المتهم بالوضع إذن؟
والشيخان والإمام أحمد رووا الحديث الذي ظنه حديث الشيعة في أمر كتاب النبي وقال: بأن هذا وضع لمعارضته! ورواية البخاري تدل أن الرسول صلى الله عليه وسلم هم ولكنه لم يرسل، فلا نصاً جلياً هنا لأبى بكر حتى يرفض الحديث لعدم صحة المتن.
والمؤلف كذلك اعتبر حديث التمسك بالكتاب والعترة من الأحاديث المتفق على صحتها عند أهل السنة، مع أن رواياته لم تصح منها واحدة كما بينا من قبل. (انظر كتابه نظرية الإمامة ص 235-236) .
وهذا الحديث الشريف يدل على أن الخلافة لو كانت بالنص لكانت لأبى بكر الصديق، فهو الأولى بها، وتم ما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم، فقد أبى الله سبحانه والمؤمنون إلا أبا بكر.
وأرى أن الرسول صلوات الله عليه قد مهد لخلافة الصديق بعدة أمور، منها: جعله أمير الحج في العام التاسع، ولما أرسل أبا الحسن بسورة براءة لم يرسله أميراً، بل جعله تحت إمرة الصديق.
ومنها خطبته صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي مات فيه، فقد أخرج البخاري بسنده عن أبى سعيد الخدري قال: خطب النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن الله خير عبداً بين الدنيا وبين ما عنده فاختار ماعند الله. فبكى أبو بكر رضي الله عنه، فقلت في نفسى: ما يُبكى هذا الشيخ، إن يكن الله خير عبداً بين الدنيا وبين ماعنده فاختار ما عند الله، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم هو العبد، وكان أبو بكر أعلمنا.
قال: يا أبا بكر لا تبك، إن أمنّ الناس على في صحبته وماله أبو بكر، ولو كنت متخذاً خليلاً من أمتى لاتخذت أبا بكر ولكن أخوة الإسلام ومودته، لا يبقين في المسجد باب إلا سد إلا باب أبى بكر ".
وأخرج البخاري أيضاً بسنده عن ابن عباس قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي مات فيه عاصباً رأسه بخرقة، فقعد على المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: إنه ليس من الناس أحد أمن على في نفسه وماله من أبى بكر بن أبى قحافة، ولو كنت متخذاً من الناس خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلاً ولكن خلة الإسلام أفضل، سدوا عنى كل خوخة في هذا المسجد غير خوخة أبى
…
بكر " (1) .
وروى الخطبة كلُُّ من أحمد والترمذى بسند صحيح (2) .
ومما مهد كذلك لخلافة الصديق أمر الرسول صلى الله عليه وسلم أن يؤم المسلمين في الصلاة عندما اشتد المرض ولم يستطع صلى الله عليه وسلم أن يؤمهم، واستمر المسلمون مأمومين خلف أبى بكر إلى أن انتقل الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى.
وروى أحمد في مسنده بسند صحيح عن عبد الله بن مسعود، وروى النسائي عنه أيضاً (3) قال:" لما ُقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت الأنصار: منا أمير ومنكم أمير، فأتاهم عمر فقال: يا معشر الأنصار، ألستهم تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أمر أبا بكر أن يؤم الناس؟ فأيكم تطيب نفسه أن يتقدم أبا بكر؟ فقالت الأنصار: نعوذ بالله أن نتقدم أبا بكر ". فإمامة الصلاة إذن مما مهد للإمامة الكبرى (4)
(1) راجع صحيح البخاري - كتاب الصلاة: باب الخوخة والممر في المسجد.
(2)
راجع المسند جـ 4 رواية رقم 2432. والترمذى: كتاب المناقب: باب مناقب أبى بكر الصديق.
(3)
انظر المسند ج 1 رواية رقم 133، وانظر كذلك ج 5 الروايتين 3765، 3842 وانظر سنن النسائي - كتاب الإمامة، واللفظ لأحمد.
(4)
ذكر سيدى عبد القادر الجيلانى -الذي ينتهى نسبه إلى الحسن بن على بن أبى طالب رضي الله عنهم أن خلافة أبى بكر رضي الله عنه كانت باتفاق المهاجرين والأنصار وفيهم* *الإمام على، وذكر قول عمر في إمامة الصلاة التي رواها الإمام أحمد، ثم قال:" قيل في النقل الصحيح: لما بويع أبو بكر الصديق قام ثلاثاً يقبل على الناس يقول: ياأيها الناس أقلتكم بيعتى، هل من كاره؟ فيقوم على في أوائل الناس فيقول: لا نقيلك ولا نستقيلك أبداً، قدمك رسول الله صلى الله عليه وسلم فمن يؤخرك؟ وبلغنا عن الثقات أن علياً رضي الله عنه كان أشد الصحابة قولاً في إمامة أبى بكر رضي الله عنه. وروى أن عبد الله بن الكواء دخل على على بعد قتال الجمل وسأله: هل عهد إليك رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الأمر شيئاً؟ فقال: نظرنا في أمرنا فإذا الصلاة عضد الإسلام، فرضينا لدنيانا بما رضي الله ورسوله لديننا، فولينا الأمر أبا بكر ".
انظر الغنية 1/68، وراجع كذلك القول في عدم تأخر الإمام على عن المبايعة فيما نقلناه عن فتح البارى في حاشية ص 18 من فصل الإمامة عند الجمهور والفرق المختلفة.