الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فكيف يخالف أمر رسول الله إذن ويبيح للسائل عدم الوضوء. مع أن الرسول قال: فيه الوضوء؟ فلعله ارتأي ما يراه الإمام مالك، ولا شك أن السائل لقى مشقة كبيرة، حيث سأل، ثم جاء بعد عام ليسأل مرة أخرى، وحيث قال: وإن لم أتوضأ بعد أن سمع حكم الرسول صلى الله عليه وسلم، فيلحق بأصحاب الأعذار الذين لا يوجب عليهم الوضوء في رأي الإمام مالك.
بهذا يمكن الجمع بين أحاديث أهل السنة وأحاديث الشيعة ورواياتهم عن الأئمة، وإذا لم يمكن الجمع، فإنا بلا ريب نسقط روايات الأئمة، وتبقى أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم وهي صريحة نصاً في إيجاب الوضوء.
ثالثاً: غسل الوجه
اتفق الجميع على وجوب غسل الوجه، وانفرد الشيعة الرافضة برأيهم في تحديد الوجه، وطريقة غسله.
ذهبت المذاهب الأربعة في تحديد الوجه بأنه من منابت شعر الرأس إلى الذقن إلى الأذنين (1) وروى عن مالك أن ما بين اللحية والأذن ليس من الوجه، وبذلك لا يجب غسله (2) .
أما الشيعة فقد اتفقوا معهم في الطول، واختلفوا في العرض. حيث حددوه بما اشتمل عليه الإبهام والوسطى (3) .
(1) انظر المبسوط 1/6 وحاشية الدسوقى 1/85، والأم: 1/21، والمغنى 1/66.
(2)
انظر المغنى 1/97: وإن كان الراجح في المذهب خلاف ذلك.
وانظر الهداية في تخريج أحاديث البداية 1/119.
(3)
انظر: كتاب الخلاف للطوسى 1 / 11.
وأقرب الآراء إليهم كما نرى رأي الإمام مالك. ولكن فى تحديدهم إخراج لجزء كبير من الوجه وهذا يفتقر إلى الدليل.
وإذا نظرنا إلى رواياتهم في الوضوء نجدها لا تسند إجماعهم، بل تعارضه، مثال ذلك:
عن زرارة قال: حكى لنا أبو جعفر عليه السلام وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم وآله، فدعا بقدح من ماء، فأخذ كفاً من ماء، فأسدله على وجهه. ثم مسح من الجانبين جميعاً.
وفي رواية أخرى: فأخذ كفاً من ماء، فصبه على وجهه، ثم مسح جانبيه حتى مسحه كله.
وفي رواية ثالثة: ثم غمس كفه اليمنى في التور، فغسل وجهه بها واستعان بيده اليسرى بكفه على غسل وجهه (1) .
وهذه الروايات كلها معتبرة عندهم في الاحتجاج بكيفية الوضوء فعلى أي أساس بنى إجماعهم إذاً؟ ثم إن هذا الإجماع يعارضه أيضاً إجماع جمهور المسلمين بإيجاب غسل بعض الأجزاء التى أجمعوا على عدم غسلها استناداً إلى الأمر بغسل الوجه.
فتحديد الوجه بهذه الصورة تحكم يحتاج إلى نظر من فقائهم بدلا من أن ينساقوا وراء قول يعارض كتاب الله تعالى، وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
والخلاف الثانى في طريقة الغسل، فقد أوجبوا الابتداء بغسل الوجه من الأعلى، وهذا هو المشهور من المذهب، ولكن هناك من لم يوجب ذلك ووجدنا
(1) انظر الوسائل جـ 1: باب كيفية الوضوء ص 369: الروايات: 6، 7، 11.
والتور: إناء يشرب فيه ـ انظر مادة " تور" في القاموس المحيط.