الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خامس عشر: أقل الطهر بين الحيضتين وأكثر النفاس
قال الشيعة بأن أقل الطهر بين الحيضتين عشرة أيام، وأكثر النفاس عشرة كذلك على المشهور، وقيل ثمانية عشر.
وأقل الطهر عند الحنابلة ثلاثة عشر يوماً، وبقية المذاهب يرون أنه خمسة عشر، وأكثر النفاس عند المالكية والشافعية ستون يوماً. وغالبه أربعون يوماً فيما استقرأه الإمام الشافعى. وأكثره عند الحنفية والحنابلة أربعون (1)(2)
وقد استدل الشيعة في أقل الطهر بروايات عن الأئمة تفيد ذلك (3) . وأرى ألا مانع من الأخذ بها، فلا تعارض بينها جميعاً، ولا علاقة لها بأصل المذهب حتى يخالجنا الشك بأنها موضوعة.
وممن روى عنهم الإمامان الباقر والصادق، ولهما مكانتهما عند الفقهاء، ولم يرو عن طريق أهل السنة ما يعارض ذلك، فإن الرواية الوحيدة التى رواها الإمام أحمد عن أمير المؤمنين على، واستدل بها الحنابلة على صحة رأيهم، ورفضها باقي المذاهب، هذه الرواية تتفق مع ما ذهب إليه الشيعة (4) .
ولم يرو غيرها عن الرسول صلى الله عليه وسلم أو صحابته الأكرمين.
(1) انظر حاشية ابن عابدين 1 / 209 ـ 293، وحاشية الدسوقى 1/168-173، حاشيتى الدسوقى وعميرة 1/97-107، المغنى 1/326-327. وص 362-363.
(2)
انظر الوسائل 2/33-34.
(3)
تفيد الرواية إمكان وقوع ثلاث حيض في شهر واحد، وهذا لا يجىء إلا على قول الحنابلة من المذاهب الأربعة، حيث يذهبون إلى أن أقل الحيض يوم وليلة، وأقل الطهر بين الحيضتين ثلاثة عشر يوما. وهذا ممكن أيضا بالنسبة للشيعة، فهم يذهبون إلى أن أقل الحيض ثلاثة أيام، وأقل الطهر بين الحيضتين عشرة.
(4)
وقد روى عن الإمام مالك ثلاث روايات: إحداهن: عشرة أيام. (1) فإن ثبتت ينتفي انفراد الشيعة بما ذهبوا إليه من التحديد بعشرة أيام.
وأما النفاس، فقد اضطربت فيه روايات الشيعة أيما اضطراب، (2) فإلى جانب الروايات التى تفيد أن أكثره عشرة، نجد روايات أخرى تفيد أنه سبع عشرة، وثمان عشرة، فحملوا ذلك على التقية، مع أن المذاهب الأربعة ترفض ذلك، والشيعة منهم من قال بأن أكثره ثمانية عشر يوماً، فكيف يحمل على
…
التقية؟!
ورووا عن الإمام على أنه قال: " النفساء تقعد أربعين يوماً فإن طهرت وإلا اغتسلت وصلت، ويأتيها زوجها، وكانت بمنزلة المستحاضة تصوم وتصلى ". ولا شك أن الإمام علياً لم يذق طعم التقية أبداً.
وعن الإمام الصادق: " تقعد النفساء إذا لم ينقطع عنها الدم ثلاثين أو أربعين يوماً إلى الخمسين ". وعنه أيضاً: " كما كانت تكون مع ما مضى من أولادها وما جربت " قيل له: فلم تلد فيما مضى، فقال " بين الأربعين إلى الخمسين ".
وعنه أيضاً: " أن نساءكم لسن كالنساء الأول، إن نساءكم أكثر لحماً وأكثر دماً، فلتقعد حتى تطهر ".
وروايات الأربعين تتفق مع الروايات التى وردت عن طريق أهل السنة (3) ، ويمكن أن يقوى بعضها بعضاً، وأن نجعل هذا هو الغالب، كما ذهب إليه الإمام الشافعى نتيجة استقرائه، ونأخذ بالرواية الأخيرة للإمام الصادق، فالنساء يختلفن، وما أكثر الاختلاف كذلك باختلاف العصور! ولهذا فإن الإمام مالكاً بعد أن حدد
(1) انظر: بداية المجتهد 1/51.
(2)
انظر الروايات في: الوسائل 2/115-122، والاستبصار جـ 1 ص 150-154.
(3)
انظر نيل الأوطار 1 / 357 ـ 359، سبل السلام 1 / 105.