الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من فقهاء الشيعة اليوم من يقول: " يلاحظ بأن الأمر بغسل الوجه مطلق، ولا نص على وجوب الابتداء بالأعلى، فيحصل الامتثال بالغسل كيف اتفق.
أما ابتداء الإمام بالأعلى فغاية ما يدل عليه الجواز والمشروعية، لا الحصر والتعيين " (1) .
وهذا يتفق مع المذاهب الأربعة، وبذا ينتفي الخلاف.
رابعا: غسل اليدين
الخلاف هنا في نقطتين: الأولى: إيجابهم الابتداء بالمرفقين. الثانية: إيجابهم كذلك الابتداء باليد اليمنى.
فأما إيجاب الابتداء بالمرفق فهو خلاف الظاهر "" فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ "" فظاهر الآية الانتهاء إلى المرفق، فإذا لم ننظر إلي غسل اليدين على أنه مجرد الغسل الذي يعم اليد إلى المرفق، سواء ابتدأ به المتوضئ أو انتهي إليه وجب الانتهاء إلى المرفق لا الابتداء به.
والذي دفع الشيعة إلى هذا القول ورود روايات عن الأئمة في الوضوء مبتدئين بالمرفقين. (2) ولكن هذه الروايات لا تتعارض مع ما ذهب إليه أصحاب المذاهب الأربعة، لأنه جائز، أما إيجاب الابتداء بهما فهو التحكم الذي لا دليل عليه. ويخالف ظاهر القرآن الكريم. وإجماع سائر المسلمين.
وأما الابتداء باليمنى فلا شك أنه الأولى، فعن أبى هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا توضأتم فابدءوا بميامنكم " أخرجه الأربعة،
(1) فقه الإمام جعفر الصادق ص 64.
(2)
انظر وسائل الشيعة جـ 1: باب كيفية الوضوء ص 369، وانظر كذلك: المعتبر ص 37، والانتصار ص 11، والحقائق 1/168 وفقه الإمام جعفر الصادق ص 64.
وصححه ابن خزيمة، وأخرجه أحمد وابن حبان والبيهقى وزاد فيه " وإذا لبستم " وقال ابن دقيق العيد: هو حقيق بأن يصحح (1) .
وما روى عن وضوء الرسول صلى الله عليه وسلم عن طريقى السنة والشيعة فيه أنه صلوات الله عليه كان يبدأ بالميامن، وعن عائشة رضي الله عنها قالت:" كان النبى صلى الله عليه وسلم يعجبه التيمن في تنعله وترجله وطهوره. وفي شأنه كله " متفق (2) .
فلو جعلنا ذلك على الوجوب، لوجب في اليدين والرجلين، ولكنهم جميعا لا يقولون بذلك. فالشيعة يوجبونه في اليدين دون الرجلين، والمذاهب الأربعة لا توجبه، ولوجب كذلك في اللبس، ولا خلاف في عدم وجوبه، فيمكن حمله إذن على الاستحباب لا الإيجاب، وقول السيدة عائشة " يعجبه التيمن " تدل على هذا وكذلك التنعل والترجل وفي شأنه كله. فلا خلاف في عدم وجوب البدء بالميامن في ذلك.
(1) انظر سبل 1/50، ونيل الأوطار 1/213.
(2)
المرجعين السابقين: الأول ص 49 والثانى ص 212. وصحيح البخارى كتاب الوضوء: باب التيمن في الوضوء والغسل، وفتح البارى 1/289، وصحيح مسلم بشرح النووى كتاب الطهارة 1/554، وانظر صحيح ابن خزيمة 1/91 باب الأمر بالتيامن في الوضوء، أمر استحباب لا أمر إيجاب، وباب ذكر الدليل على أن الأمر بالبدء بالتيامن في الوضوء أمر استحباب واختيار لا أمر فرض وإيجاب.