الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الأول
الإمامة عند الجمهور والفرق المختلفة
أولا: الإمامة والخلافة
الإمامة لغة التقدم، نقول: أمّ القوم وبهم: تقدمهم. والإمام: ما ائتم به الناس من رئيس أو غيره: هادياً كان أو ضالاً، ويطلق لفظ الإمام على الخليفة، وهو السلطان الأعظم وإمام الرعية ورئيسهم.
وأممت القوم في الصلاة إمامة، وائتم به أي اقتدى.
ويطلق لفظ الإمام كذلك على القرآن الكريم، فهو إمام المسلمين، وعلى الرسول صلى الله عليه وسلم، فهو إمام الأئمة بأئمتها، وعليهم جميعاً الائتمام بسنته التي نص عليها.
ويطلق على قيم الأمر المصلح له، وعلى قائد الجند، وقد يذكر ويراد به غير هذه المعاني (1) .
ولم يرد لفظ الإمامة في القرآن الكريم، وإنما ورد لفظ إمام وأئمة، قال تعالى: -
" قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ "(2) أي جاعلك قدوة يؤتم به، وقال سبحانه:" وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا "(3)
(1) من بينها مثلا: أمة يؤمه إذا قصده كما جاء في الآية الكريمة الثانية من سورة المائدة
{ولا آمين البيت الحرام} انظر مادة " أمم " في لسان العرب والقاموس المحيط.
(2)
البقرة: 124.
(3)
الأنبياء: 73.
وقال عز وجل "فَقَاتِلُواْ أَئِمَّةَ الْكُفْرِ "(1) أي قاتلوا رؤساء الكفر وقادتهم الذين صار ضعفاؤهم تبعاً لهم. وقال تعالى: "وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ "(2) ، أي من تبعهم فهو في النار يوم
…
القيامة.
ومن المفهوم اللغوى لكلمة إمام نستطيع أن ندرك سبب إطلاق هذا الاسم على حاكم المسلمين، كما وجدنا ترادفاً بين الإمامة والخلافة. ويفسر هذا أستاذنا الشيخ أبو زهرة رحمه الله فيقول:" سميت خلافة لأن الذي يتولاها ويكون الحاكم الأعظم للمسلمين يخلف النبي صلى الله عليه وسلم في إدارة شئون المسلمين، وتسمى الإمامة لأن الخليفة كان يسمى إماماً، ولأن طاعته واجبة، ولأن الناس يسيرون وراءه كما يصلون وراء من يؤمهم للصلاة "(3) .
وأعظم خلاف بين الأمة - كما يقول الشهر ستانى - خلاف الإمامة، إذ ما سل سيف في الإسلام على قاعدة دينية مثل ما سل على الإمامة في كل زمان (4)
وبالطبع ما كان الخلاف ليجد مكانا بين المسلمين وفيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم يحسم الخلاف، ويصلح النفوس ويهدى إلى صراط مستقيم
"فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا"(5)
(1) التوبة 12
(2)
القصص:41
(3)
تاريخ المذاهب الإسلامية 1/21. والمعروف أن الخليفة الأول رضي الله عنه خلف النبي صلى الله عليه وسلم، وبعده كل خليفة يخلف من سبقه.
(4)
الملل والنحل 1/24.
(5)
- سورة النساء: الآية 65.