الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من رسول الله صلى الله عليه وسلم، لم يبق أحد سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم غيره وغير عقبة، فلما قدم أتى منزل مسلمة بن مخلد الأنصارى، وهو أمير مصر، فأخبر به، فجعل فخرج إليه فعانقه، ثم قال: ما جاء بك يا أبا أيوب؟
فقال: حديث سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، لم يبق أحد سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم غيرى وغير عقبة، فابعث من يدلنى على منزله. قال: فبعث معه من يدله على منزل عقبة، فأخبر عقبة به فعجل فخرج إليه فعانقه، وقال: ما جاء بك يا أبا أيوب؟ فقال: حديث سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، لم يبق أحد سمعه غيرى وغيرك فى ستر المؤمن. قال عقبة: نعم، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:" من ستر مؤمناً فى الدنيا على خزية ستره الله يوم القيامة ".
فقال له أبو أيوب: صدقت. ثم انصرف أبو أيوب إلى راحلته فركبها راجعاً إلى المدينة، فما أدركته جايزة مسلمة بن مخلد إلا بعريش مصر.
هذان مثلان، فيهما من الدلالة ما يكفى ويغنى، والرحلة فى طلب الحديث معلومة مشهورة.
حوار الإمام الشافعى لفرقة ضلت
إذن كان السلف الصالح متمسكاً بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، تمسكهم بكتاب الله العزيز، غير أن فرقة شذت فى عصر الإمام الشافعى، فردت سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورأت أنها لا تقدم مع الكتاب الذى أنزله الله تبياناً لكل شىء. وأشار الإمام الشافعى إلى هذه الفرقة، وذكر حواره مع واحد منها فى كتاب جماع العلم، فى الجزء السابع من كتابه الأم (ص 250) .
وقد بدأ الإمام كتاب جماع العلم بقوله:
لم أسمع أحداً نسبه الناس، أونسب نفسه إلى علم، يخالف فى أن فرض الله عز وجل اتباع أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، والتسليم لحكمه، بأن الله عز وجل لم يجعل لمن
بعده إلا اتباعه. وأنه لا يلزم قول بكل حال إلا كتاب الله أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وأن ما سواهما تبع لهما، وأن فرض الله تعالى علينا، وعلى من بعدنا وقبلنا، فى قبول الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم واحد لا يختلف فى أن الفرض والواجب قبول الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلا فرقة سأصف قولها إن شاء الله تعالى. ثم قال رحمه الله وجزاه خيراً:
باب حكاية قول الطائفة التى ردت الأخبار كلها
قال الشافعى رحمه الله تعالى: قال لى قائل ينسب إلى العلم بمذهب أصحابه: أنت عربى، والقرآن نزل بلسان من أنت منه، وأنت أدرى بحفظه، وفيه لله فرائض أنزلها، لو شك شاك ـ قد تلبس عليه القرآن بحرف منها ـ استتبته، فإن تاب وإلا قتلته. وقد قال الله عز وجل فى القرآن:{تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ} . فكيف جاز عند نفسك، أو لأحد فى شىء فرض الله ـ أن يقول مرة: الفرض فيه عام، ومرة: الفرض فيه خاص، ومرة: الأمر فيه فرض، ومرة: الأمر فيه دلالة، وإن شاء: ذو إباحة؟
وأكثر ما فرقت بينه من هذا عندك حديث ترويه عن رجل عن آخر عن آخر، أو حديثان أو ثلاثة، حتى تبلغ به رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقد وجدتك ومن ذهب مذهبك لا تبرءون أحداً لقيتموه وقدمتموه فى الصدق والحفظ، ولا أحداً لقيت ممن لقيتم ـ: من أن يغلط وينسى ويخطئ فى حديثه. بل وجدتكم تقولون بغير واحد منهم: أخطأ فلان فى حديث كذا، وفلان فى حديث كذا. ووجدتكم تقولون، لو قال رجل لحديث أحللتم به وحرمتم من علم الخاصة: لم يقل هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم، إنما أخطأتم أو من حدثكم، وكذبتم أو من حدثكم ـ: لم تستتيبوه، ولم تزيدوا: على أن تقولوا: بئس ما قلت.
أفيجوز أن يفرق بين شىء من أحكام القرآن، وظاهره واحد عند من سمعه ـ: يخبر من هو كما وصفتم فيه؟ وتقيمون أخبارهم مقام كتاب الله، وإنكم تعطون بها وتمنعون بها؟
قال: فقلت: إنما نعطى من وجه الإحاطه، أو من جهة الخبر الصادق، وجهة القياس. وأسبابها عندنا مختلفة، وإن أعطينا بها كلها فبعضها أثبت من بعض.
قال: ومثل ماذا؟
قلت: إعطائى من الرجل بإقراره، وبالبينه، وإبائه اليمين وحلف صاحبه. والإقرار أقوى من البينة، والبينة أقوى من إباء اليمين ويمين صاحبه. ونحن وإن أعطينا عطاء بها واحداً فأسبابها مختلفة.
قال: وإذا قمتم على أن تقبلوا أخبارهم، وفيهم ما ذكرت من أمركم بقبول أخبارهم، وما حجتكم فيه على من ردها؟
فقال: لا أقبل منها شيئاً إذا كان يمكن فيه الوهم، ولا أقبل إلا ما أشهد به على الله، كما أشهد بكتابه، الذى لا يسع أحداً الشك فى حرف منه. أو يجوز أن يقوم شئ مقام الإحاطة وليس بها؟
فقلت له: من علم اللسان الذى به كتاب الله وأحكام الله، دله علمه بهما على قبول أخبار الصادقين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، والفرق بين ما دل رسول الله صلى الله عليه وسلم على الفرق بينه من أحكام الله. وعلم بذلك مكان رسول الله صلى الله عليه وسلم. إذ كنت لم تشاهده خبر الخاصة وخبر العامة.
قال: نعم.
قلت: فقد رددتها إذ كنت تدين بما تقول!
قال: أفتوجدنى مثل هذا، مما تقوم بذلك الحجة فى قبول الخبر؟ فإن أوجدته كانت أزيد فى إيضاح حجتك، وأثبت للحجة على من خالفك، وأطيب لنفس من رجع من قوله لقولك.
ـ
فقلت: إن سلكت سبيل النصفة، كان فى بعض ما قلت دليل على أنك مقيم من قولك على ما يجب عليك الانتقال عنه. وأنت تعلم أن قد طالت غفلتك فيه عما لا ينبغى أن تغفل من أمر دينك.
قال: فاذكر شيئاً إن حضرك؟
قلت: قال الله عزوجل: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ} .
قال: فقد علمنا أن الكتاب كتاب الله، فما الحكمة؟
قلت: سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال: أفيحتمل أن يكون يعلمهم الكتاب جملة، والحكمة خاصة، وهى أحكامه؟
قلت: تعنى بأن يبين لهم عن الله عزوعلا مثل ما بين لهم فى جملة الفرائض، من الصلاة والزكاة والحج وغيرها، فيكون قد أحكم فرائض من فرائضه بكتابه، وبين كيف هى لسان نبيه صلى الله عليه وسلم.
قال: إنه ليحتمل ذلك.
قلت: فإن ذهبت هذا المذهب فهى فى معنى الأول قبله، الذى لا تصل إليه إلا بخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال: فإن ذهبت مذهب تكرير الكلام؟
قلت: وأيهم أولى به إذا ذكر الكتاب والحكمة: أن يكونا شيئين أو شيئاً واحداً؟
قال: يحتمل أن يكونا كما وصفت، كتاباً وسنة، فيكونا شيئين، ويحتمل أن يكونا شيئاً واحداً.
قلت: فأظهرهما أولاهما فى القرآن دلالة على ما قلنا، وخلاف ما ذهبت إليه.
قال: وأين هى؟
قلت: قول الله عزوجل: {وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا} فأخبر أنه يتلى فى بيوتهن شيئان.
قال: فهذا القرآن يتلى، فكيف تتلى الحكمة؟
قلت: إنما معنى التلاوة أن ينطق بالقرآن والسنة، كما ينطق بها.
قال: فهذه أبين فى أن الحكمة غير القرآن من الأولى.
وقلت: افترض الله علينا اتباع نبيه صلى الله عليه وسلم.
قال: وأين؟
قلت: قال الله عزوجل: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا} .
وقال عزوجل: {مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللهَ} .
قال: ما من شئ أولى بنا أن نقوله فى الحكمة: من أنها سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولو كان بعض ما قال أصحابنا: أن الله أمر بالتسليم بحكم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحكمته إنما هو مما أنزله ـ لكان من لم يسلم، له أن ينسب إلى التسليم لحكم رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قلت: لقد فرض الله عزوجل علينا اتباع أمره فقال: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا} .
قال: إنه لبين فى التنزيل أن علينا فرضاً أن نأخذ الذى أمرنا به، وننتهى عما نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال: قلت: والفرض علينا وعلى من هو من قبلنا ومن بعدنا واحد؟
قال: نعم.
قلت: فإن كان ذلك علينا فرضاً فى اتباع أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنحيط أنه إذا فرض علينا شيئاً فقد دلنا على الأمر الذى يؤخذ به فرضه؟
قال: نعم.
قلت: فهل تجد السبيل إلى تأدية فرض الله عزوجل فى اتباع أوامر رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو أحد قبلك أو بعدك، ممن لم يشاهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بالخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
وإن فى أن لا آخذ ذلك إلا بالخبر لما دلنى على أن الله أوجب على أن أقبل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
*****
قال: وقلت له أيضاً: يلزمك هذا فى ناسخ القرآن ومنسوخه.
قال: فاذكر منه شيئاً؟
قلت ـ قال تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأقْرَبِينَ} .
فزعمنا بالخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن آية الفرائض نسخت الوصية للوالدين والأقربين. فلو كنا ممن لا يقبل الخبر فقال قائل: الوصية نسخت الفرائض، هل نجد الحجة عليه إلا بخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ !
قال: هذا شبيه بالكتاب والحكمة، والحجة لك ثابتة بأن علينا قبول الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقد صرت إلى: قبول الخبر لزم للمسلمين، لما ذكرت وما فى مثل معانيه من كتاب الله. وليست تدخلنى أنفة من إظهار الانتقال عما كنت أرى إلى غيره، إذا بانت الحجة فيه، بل أتدين بأن على الرجوع عما كنت أرى إلى ما رأيت الحق.
ولكن أرأيت العام فى القرآن، كيف جعلته عاماً مرة، وخاصاً أخرى؟
قلت له: لسان العرب واسع. وقد تنطق بالشىء عاماً تريد به الخاص فيبين فى لفظها. ولست أصير فى ذلك بخبر إلا بخبر لازم. وكذلك أنزل فى القرآن، فبين فى القرآن مرة، وفى السنة أخرى.
قال: فاذكر منها شيئاً؟
قلت: قال الله عزوجل: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} . فكان مخرجاً بالقول عاماً يراد به العام.
وقال: {إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} . فكل نفس مخلوقه من ذكر وأنثى فهذا عام يراد به العام.
وفيه الخصوص: وقال: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} . فالتقوى وخلافها لا تكون إلا للبالغين غير المغلوبين على عقولهم.
وقال: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَن يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ} . وقد أحاط العلم أن كل الناس فى زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكونوا يدعون من دونه شيئاً، لأن فيهم المؤمن. ومخرج الكلام عاماً فإنما أريد من كان هكذا.
وقال: {واَسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعدُونَ فِي السَّبْتِ} دل على أن العادين فيه أهلها دونها.
وذكرت له أشياء مما كتبت فى (كتابى)(1) .
فقال: هو كما قلت كله. ولكن بين لى العام الذى لا يوجد فى كتاب الله أنه أريد به خاص؟
قلت فرض الله الصلاة. ألست تجدها على الناس عاماً؟
قال: بلى.
قلت: وتجد الحيض مخرجات منه؟
قال: نعم.
وقلت: وتجد الزكاة على الأموال عامة، وتجد بعض الأموال مخرجاً منها؟
قال: بلى.
(1) مراد الإمام الشافعى بكتابه: الرسالة. قال فى ص 62: " فابتدأ جل ثناؤه ذكر الأمر بمسألتهم عن القرية الحاضرة البحر، فلما قال: {إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ} الآية ـ: دل ذلك على أنه إنما أراد أهل القرية، لأن القرية لا تكون عادية ولا فاسقة بالعدوان فى السبت ولا غيره، وأنه إنما أراد بالعدوان أهل القرية الذين بلاهم بما كانوا يفسقون ".
قلت: وتجد الوصية للوالدين منسوخة بالفرائض؟
قال: نعم.
قلت: وفرض المواريث للآباء وللأمهات والولد عاماً، ولم يورث المسلمون كافراً من مسلم، ولا عبداً من حر، ولا قاتلاً ممن قتل: بالسنة؟
قال: نعم. ونحن نقول ببعض هذا.
قلت: فما دلك على هذا؟
قال: السنة. لأنه ليس فيه نص قرآن.
قلت: فقد بان لك فى أحكام الله تعالى فى كتابه فرض الله طاعة رسوله، والموضع الذى وضعه الله عز وجل به، من الإبانة عنه: ما أنزل خاصاً وناسخاً ومنسوخاً؟
قال: نعم. وما زلت أقول بخلاف هذا، حتى بان لى خطأ من ذهب هذا المذهب. ولقد ذهب فيه أناس مذهبين: أحد الفريقين لا يقبل خبراً، وفى كتاب الله البيان.
قلت: فما لزمه؟
قال: أفضى به ذلك إلى عظيم من الأمر، فقال: من جاء بما يقع عليه اسم " صلاة " وأقل ما يقع عليه اسم " زكاة " فقد أدى ما عليه، لا وقت فى ذلك، ولو صلى ركعتين فى كل يوم، أو قال: فى كل أيام! وقال: ما لم يكن فيه كتاب الله فليس على أحد فيه فرض!
وقال غيره: ما كان فيه قرآن يقبل فيه الخبر! فقال بقريب من قوله فيما ليس فيه قرآن. فدخل عليه ما دخل على أو قريب منه. ودخل عليه أن صار إلى قبول الخبر بعد رده. وصار إلى أن لا يعرف ناسخاً ولا منسوخاً، ولا خاصاً ولا عاماً.
والخطأ ومذهب الضلال فى هذين المذهبين واضح، لست أقول بواحد منهما.
ولكن هل من حجة فى أن تبيح المحرم بإحاطة بغير إحاطة؟
قلت: نعم.
قال: ما هو؟
قلت: ما تقول فى هذا، لرجل إلى جنبى، أمحرم الدم والمال؟
قال: نعم.
قلت: فإن شهد عليه شاهدان بأنه قتل رجلاً وأخذ ماله، فهو هذا الذى فى يديه؟
قال: أقتله قوداً، وأدفع ماله الذى فى يديه إلى ورثة المشهود له.
قال: قلت: أو يمكن فى الشاهدين أن يشهدا بالكذب والغلط؟
قال: نعم.
قلت: فكيف أبحت الدم والمال، المحرمين بإحاطة ـ: بشاهدين، وليسا بإحاطة؟
قال: أمرت بقبول الشهادة.
قلت: أفتجد فى كتاب الله تعالى نصاً أن تقبل الشهادة على القتل؟
قال: لا. ولكن استدلالاً أنى لا أؤمر بها إلا بمعنى.
قلت: أفيحتمل ذلك المعنى أن يكون لحكم غير القتل، ما كان القتل يحتمل القود والدية؟
قال: فإن الحجة فى هذا: أن المسلمين إذا اجتمعوا أن القتل بشاهدين فقلنا: الكتاب محتمل لمعنى ما أجمعوا عليه، وأن لا تخطئ عامتهم معنى كتاب الله، وإن أخطأ بعضهم.
فقلت له: أراك قد رجعت إلى قبول الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، والإجماع دونه؟ !
قال: ذلك الواجب على.
وقلت له: أتجدك إذا أبحت الدم والمال المحرمين بإحاطة ـ: بشهادة، وهى غير إحاطة؟
قال: كذلك أمرت.