الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثاني: الجرح والتعديل عند الشيعة والرافضة
رأينا من قبل الجرح والتعديل عن الجمهور، والموقف من الرواية عن أهل البدع، وما يتصل بالعدالة والضبط.
والصحابة الكرام، خير أمة أخرجت للناس، شهد لهم ربهم عز وجل وكفى بالله شهيدا، وشهد لهم الرسول صلى الله عليه وسلم، وما أعظمها من شهادة! ولذلك فهم ليسوا في حاجة إلى شهادة بعد الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، وعدالتهم أمر معلوم مسلم به عند جمهور المسلمين. ومن طعن فيهم ممن ينتسب إلى الإسلام كاد أن يخرج عن الملة إن لم يكن قد خرج بالفعل. وتبعاً للجرح والتعديل عند الفرق يحكم على الأحاديث، وتؤلف الكتب.
وقبل أن أبين الجرح والتعديل عند سلف عبد الحسين، وأثر هذا في كتبهم التي قال إنها مقدسة، وصحاح متواترة، أردت أن أوضح موقف الحاكم ـ كما جاء في كتابه معرفة علوم الحديث، وهو شيعى لكنه غير رافضى، حتى لا نخلط بين موقف الشيعة وموقف الرافضة.
تحدث الحاكم عن أصح الأسانيد فقال (ص 55) :
إن أصح أسانيد أهل البيت: جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عن على إذا كان الراوى عن جعفر ثقة.
وأصح أسانيد الصديق: إسماعيل بن أبى خالد عن قيس بن أبى حازم عن أبى بكر.
وأصح أسانيد عمر: الزهرى عن سالم عن أبيه عن جده.
وأصح أسانيد المكثرين من الصحابة لأبى هريرة: الزهرى عن سعيد بن المسيب عن أبى هريرة، ولعبد الله بن عمر مالك عن نافع عن ابن عمر، ولعائشة
عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب، عن القاسم بن محمد ابن أبى بكر، عن عائشة.
سمعت أبا بكر أحمد بن سلمان الفقية يقول: سمعت جعفر بن أبى عثمان الطيالسى يقول: سمعت يحيى بن معين يقول: عبيد الله بن عمر عن القاسم عن عائشة ترجمة مشبكة بالذهب.
ومن أصح الأسانيد أيضاً محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب بن زهرة القرشى عن عروة بن الزبير بن العوام بن خويلد القرشى عن عائشة.
وأصح أسانيد عبد الله بن مسعود: سفيان بن سعيد الثورى عن منصور بن المعتمر عن إبراهيم بن يزيد النخعى عن علقمة بن قيس النخعى عن عبد الله بن مسعود.
وأصح أسانيد أنس: مالك بن أنس عن الزهرى عن أنس.
وأصح أسانيد المكيين: سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن جابر.
وأصح أسانيد اليمانيين: معمر عن همام بن منبه عن أبى هريرة.
ومما ذكره الحاكم نرى أنه لا يختلف عن جمهور المسلمين في نظرته للصحابة الكرام، وفى التوثيق بصفة عامة على خلاف ما نراه عند الرافضة.
وفى ص 56 يقول: إن أوهى أسانيد أهل البيت: عمرو بن شمر، عن جابر الجعفى، عن الحارث الأعور، عن على.
وفى ص 63 تحدث عن معرفة فقه الحديث فقال: " فأما فقهاء الإسلام، أصحاب القياس والرأى والاستنباط والجدل والنظر، فمعروفون في كل عصر وأهل كل بلد. ونحن ذاكرون بمشيئة الله في هذا الموضع فقه الحديث عن أهله ليستدل بذلك على أن أهل هذه الصنعة من تبحر فيها لا يجهل فقه الحديث، إذ هو نوع من أنواع هذا العلم.
فمن أشرنا إليه من أهل الحديث محمد بن مسلم الزهرى " وذكر الحاكم بإسناده بعد هذا عن مكحول قال: " ما رأيت أحداً أعلم بسنة ماضية من
…
الزهرى ".
وفى ص 240 بدأ الحديث عن النوع التاسع والأربعين فقال: " هذا النوع من هذه العلوم معرفة الأئمة الثقات المشهورين من التابعين وأتباعهم ممن يجمع حديثهم للحفظ والمذاكرة، والتبرك بهم وبذكرهم من الشرق إلى الغرب ".
وأول من ذكرهم من هؤلاء الأئمة الإمام الزهرى. وفى عصرنا وجدنا الرافضة والمستشرقين – لهدف واحد خبيث – يطعنان في هذا الإمام الجليل. ومن الأئمة الأعلام الذين ذكرهم: الإمام سفيان الثورى (ص 245) ، وسيأتى في نماذج من الجرح والتعديل ما قاله الرافضة في هذا الإمام.
ومستدرك الحاكم معروف مشهور، وسبق الإشارة إليه، غير أنه جمع الصحيح والحسن والضعيف والموضوع.
وممن عرف بالتشيع كذلك النسائى، صاحب السنن، أحد الكتب الستة المعتمدة عند جمهور المسلمين، وعبد الرزاق صاحب المصنف، وابن عبد البر، صاحب الكتب الكثيرة النافعة. (انظر منهاج السنة لابن تيمية ج 7 ص 13، 373) ، ومنهج هؤلاء في الجرح والتعديل يعتبر من منهج الجمهور.
أما أسلاف عبد الحسين فإن منهجهم تأثر بعقيدتهم في الإمامة، فكما رفضوا الخلافة الراشدة للشيخين وذى النورين، رفضوا ما ثبت عنهم من أخبار، وطعنوا فيهم وفيمن لم يقل بقول عبد الله بن سبأ في الوصى بعد النبى، ولذلك طعنوا وجرحوا من شهد لهم ربهم عز وجل والرسول المصطفى صلى الله عليه وسلم. وفى ظلمات هذه الجهالة ألفت كتبهم.
نماذج من الجرح والتعديل
الجرح والتعديل عند هؤلاء القوم – كما رأينا – يرتبط بعقيدتهم الباطلة في الإمامة، ووضعت كتبهم – كما سنرى – لتأييد هذه العقيدة. وكتب الرجال عندهم طعنت في خير جيل عرفته البشرية وجرحت صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم، ورضى عن الصحابة الكرام البررة. ولم يسلم من الطعن إلا من اشتهر في التاريخ بولائه لعلى ابن أبى طالب. وقولهم بعصمة الأئمة جعلهم لا ينظرون إليهم على أنهم رواة ثقات بل جعلوهم مصدرا للتشريع، فأقوالهم سنة واجبة الاتباع كسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، دون أدنى فرق، وأشرت إلى هذا من قبل. وسأكتفى هنا ببيان بعض النماذج مما جاء في كتب الرجال عندهم. وأصول هذه الكتب الرجالية خمسة هي: رجال البرقى، ورجال الكشى، ورجال الشيخ الطوسى، وفهرسته، ورجال النجاشى. وقد رجع إلى هذه الأصول وغيرها عبد الله الماماقانى في كتابه " تنقيح المقال في علم الرجال ". والمؤلف يلقبونه بالعلامة الثانى آية الله، أما علامتهم الأول فهو ابن المطهر الحلى الذى رد عليه شيخ الإسلام ابن تيمية. كما أشرت من قبل، وكتاب تنقيح المقال من أكبر الكتب حجماً ومكانة عندهم.
وإليك بعض النماذج مما جاء في هذا الكتاب.
1 ـ على بن ابى طالب:
أمير المؤمنين عليه أفضل الصلاة والسلام، مناقبه وفضائله لا يسع البشر عدها وإحصاءها، قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربى لنفذ البحر قبل أن تنفذ كلمات ربى. وقد ورد أنه لو كان البحر مداداً، والأشجار أقلاماً وأوراق الأشجار قرطاساً، والجن والإنس كتاباً، لما أحصوا مناقبه!! (جـ 2 ص 264) .
2 ـ محمد بن أبى بكر بن أبى قحافة:
جليل القدر عظيم المنزلة من خواص على رضي الله عنه وحوارييه. أتته النجابة من قبل أمه أسماء بنت عميس لا من قبل أبيه. من أنجب النجباء، من أهل بيت
سوء. بايع أمير المؤمنين على البراءة من أبيه، ومن الخليفة الثانى، وقال له: أشهد أنك إمام مفترض الطاعة، وأن أبى في النار
…
إلخ.
(انظر ترجمته في ملحق الجزء الثانى ص 57، 58 وينسب الرافضة هذه الأقوال للإمامين الباقر والصادق، وحاشاهما - رضى الله تعالى عنهما - أن ينطقا بمثل هذا الكفر الذى لا يقوله إلا عبد الله بن سبأ وأمثاله وأتباعه)
3 ـ عبد الله بن عمر بن الخطاب العدوى خليفة العامة:
بالغت العامة في مدحه، ومن لاحظ ترجمته المتفرقة وأمعن النظر فيها لم يعتمد على خبره
…
إلخ (2/ 201)
4 ـ عبد الله بن عمرو بن العاص:
كان كأبيه في الرأى والنفاق، والكذب على الله ورسوله، والخروج مع معاوية بصفين، وكفى بذلك جرحا
…
إلخ (2 / 200، وفى ترجمته أخذ الرافضى يلعنه ويلعن أباه!) .
5 ـ عبد الرحمن بن عوف:
في ترجمته اتهام له ولذى النورين عثمان بن عفان - رضى الله تعالى عنهما، وفى نهاية الترجمة قال: لا أعتمد على روايته، لأن من خان في الأصول لا يوثق به في الفروع (2/146: 147)
6 ـ خالد بن الوليد:
تعاقد مع أبى بكر على قتل على رضي الله عنه، ثم ندم أبو بكر خوفاً من الفتنة، سماه العامة سيف الله، والأحق بتسميته سيف الشيطان
…
زنديق، أشهر من كفر إبليس في العداوة لأهل البيت.. إلخ. (اقرأ ترجمته 1 / 394 تجد هذا الكفر والضلال والمفتريات وغيرها) .
7 ـ
أنس بن مالك:
جاء في ترجمته أنه كان من المنحرفين عن على رضي الله عنه، الكاتمين لمناقبه حباً للدنيا، فدعا عليه بالعمى فكف بصره، وأنه كان يكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم! . (انظر أكاذيب وأباطيل هؤلاء الرافضة في ترجمته 1 /154: 155) .
8 ـ النعمان بن بشير:
كان منحرفا عن على رضي الله عنه، وعدواً له، فزندقته لا شك فيها.. إلخ (3 / 272، وفى الترجمة غير هذا من التكفير واللعن لهذا الصحابى الجليل ولغيره من الكرام البررة) .
9 ـ معاذ بن جبل:
في ترجمته أنه مالأعدو الله أبا بكر وعمر، على ولى الله على بن أبى طالب، والبشرى بالنار له ولأبى بكر وعمر وأبى عبيدة وسالم، وأن الصحابة هلكوا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أربعة.. إلى غير ذلك مما لا يصدر إلا عن الكفار والضالين. (انظر هذا الضلال في ترجمته 3 / 220: 221) .
10 ـ سفيان الثورى:
إذا كان هؤلاء القوم قد طعنوا وكفروا خير الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهم الصحابة الكرام، وخيرهم جميعا الشيخان الصديق والفاروق، رضى الله تعالى عنهم جميعاً، إذا كان الأمر قد انحط إلى هذا الدرك الأسفل، فلا نعجب بعد هذا إذا طعنوا في أئمة المسلمين بعد الصحابة.
ففى ترجمة الإمام سفيان الثورى يذكرون أكاذيب ينسبونها إلى الإمام الصادق افتراء على الله تعالى وعلى الصادق رضى الله عنه، ثم يعقبون عليها بما يأتى:
يتبين أمران: -
أحدهما: أن سفيان الثورى كذاب خبيث مدلس معاند يهودى، قد آثر دنياه على آخرته على علم منه بذلك بنص الصادق.
والآخر: أن مذهب العامة ـ أى جمهور المسلمين ـ مبنى على الأكاذيب!! من بدايته إلى نهايته، أعاذنا الله تعالى من ذلك، ولا جمع الله بيننا وبينهم في الدنيا ولا الآخرة. (انظر 2/37: 38) .
وبعد....
فلعل هذه التراجم ـ مع قلتها ـ كافية لبيان منهج الرافضة في الجرح والتعديل، واجترائهم على الله عز وجل، وعلى رسوله صلى الله عليه وسلم، وعلى الصحابة الكرام، وعلى أئمة المسلمين سواء أكانوا من أهل البيت الأطهار أم من غيرهم. وإذا جئنا إلى التطبيق العملى فإنا نرى هذا المنهج مطبقا في كتبهم التي قال عنها الرافضى عبد الحسين إنها مقدسة، متواترة صحيحة، وما هي إلا هدم للإسلام أصوله وفروعه، وامتداد لمآرب عبد الله بن سبأ.
وفى الجزء الرابع في خاتمة الكتاب سنجد مثل هذه التراجم عندما نتحدث عن أبى القاسم الخوئى المرجع الأعلى للشيعة في العراق، وعن كتابه معجم رجال الحديث، مما يبين استمرار غلو الرافضة وزندقتهم حتى عصرنا إلا من عصم ربى من معتدلى الشيعة غير الرافضة.