الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والكتاب لا يجمع الآيات تحت أبواب - كما فعل المجلسى، وإنما يسير بترتيب السور الكريمة.
وفى ذكره لبعض آيات سورة البقرة يجمع أكثر ما جاء به من التفسير المنسوب للإمام الحسن العسكرى. والتحريف في النص يكثر نقله عن القمي، وتلميذه الكلينى.
ولسنا في حاجة لذكر أمثلة، فالكتاب كله صورة واضحة لهذا الضلال والإضلال (1) .
وسيأتى ذكر لكثير من كتبهم مثل هذا الكتاب.
خامساً: تفسير شبر:
ويبدو أن حركة التضليل والتشكيك كانت أقوى من الحركة المضادة، ذلك أن الكتب الضالة التي ظهرت في القرن الثالث منها كتاب ينتسب إلى إمام، وآخر لمفسر يوثقونه كل توثيق، أحد تلاميذه هو الكلينى، صاحب كتاب الحديث الأول عند الجعفرية، وقد نقل عن شيخه القمي مئات الروايات في التحريف والتكفير وغير ذلك، والثالث للعياشى وهو في مكانة القمي عندهم، ولهذا ما وجدت أو قرأت من كتاب من كتب التفسير الجعفرى يصل إلى كتاب التبيان للطوسى في اعتداله النسبى أو قلة غلوه (2) . ولكن ظهر بعض التفاسير التي لم ترتفع إلى هذا المستوى، ولم تنزل إلى ذلك الدرك الأسفل. ومن هذه الكتب تفسير القرآن الكريم للسيد عبد الله شبر (3) .
ولنتبين أهم آثار الإمامة في هذا التفسير ومدى غلوه نعرض ما يأتى:
(1) الكتاب مخطوط بدار الكتب المصرية تحت رقم 38 مواعظ شيعة، ومصور بمكتبة جامعة الدول العربية تحت رقم 97 تاريخ.
(2)
ربما ظهر شئ في السنوات الأخيرة لا علم لي به، وسيأتى الحديث عن التفسير الكاشف لمغنيه، وتفسير البيان لمرجعهم الحالى بالعراق.
(3)
توفى سنة 1242 هـ.
أولا ً:
بالنسبة للقول بتحريف القرآن الكريم أو عدم تحريفه لم أجد لشبر نصاً صريحاً، ولكن يبدو أنه يميل إلى القول بالتحريف، ويظهر هذا الترجيح مما يكثر منه على أنه من القراءات، ومن هذه القراءات.
في سورة آل عمران الآيات 102، 104، 110، فالآية الأولى
…
هي: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَاّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ} ولكن شبراً يذكر أنها قرئت " تقية " و" مسلّمون " وواضح أن تحريف التقوى بالتقية لتأييد مبدأ من مبادئ الجعفرية، وأما الكلمة الأخرى فيقول عنها شبر " وقرئ بالتشديد أي منقادون للرسول ثم للإمام من بعده "(1) .
والآية الثانية {وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} يبدل كلمة " أمة " بأئمة (2) أي أئمة الجعفرية.
وكذلك فعل في الآية الثالثة {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللهِ} فيقول: " هم آل محمد عليهم السلام، وقرئ كنتم خير أئمة "(3) .
(1) تفسير شبر ص 96.
(2)
انظر تفسيره ص 96.
(3)
ص 97.
وفى سورة الحجر " الآية 41 ": {قَالَ هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتقِيمٌ} يبدل الجار والمجرور باسم الإمام على فيقول " صراط عَلِىٍّ بالإضافة (1) .
وفى سورة الحج " الآية 52 ": {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ} يقول شبر: " وعنهم أي أئمته أو محدث بفتح الدال، هو الإمام يسمع الصوت ولا يرى الملك (2) . وغير هذا كثير (3) .
ومما يرجح كذلك انضمام شبر إلى القائلين بالتحريف، موقفه من الآية التاسعة من سورة الحجر {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} حيث أولها بقوله: " وإنا له لحافظون عند أهل الذكر واحداً بعد واحد إلى القائم أو في
…
اللوح
…
وقيل الضمير للنبى " (4) .
ثانياً: نجد شبراً ممن يطعن في الصحابة الأبرار، وأمهات المؤمنين الطاهرات: فمثلاً آيات سورة النور التي تحدثت عن الإفك لتبرئة أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها، نرى شبراً يجعل فيها اتهاماً لمن برأها الله تعالى فيقول:{وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ} تحمل معظمه {مِنْهُمْ} من الآفكين {
(1) تفسيره ص 264.
(2)
ص 328، ومعنى هذا التحريف أن الإمام مرسل يوحى إليه!
(3)
راجع مثلاً ص 146، 212، 353، 425.
(4)
قال الأستاذ محمد حسين الذهبى رحمه الله: " نجد شبراً يعتقد بأن القرآن بدل وحرف، ولما اصطدم بقوله تعالى في الآية التاسعة من سورة الحجر {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} نجده يتفادى هذا الاصطدام بالتأويل " ثم نقل تأويله للآية الكريمة. " انظر التفسير والمفسرون
…
2 / 191 ".
لَهُ عذَابٌ عَظِيمٌ} في الآخرة. أو في الدنيا بجلدهم، نزلت في مارية القبطية وما رمتها به عائشة من أنها حملت بإبراهيم من جريج القبطى، وقيل في عائشة" (1) .
وفى سورة التوية " الآية 40 ": {إِلَاّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنَا
…
} يعز على شبر أن ينزل من السماء تكريم لأبى بكر الصديق -رضي الله تعالى عنه ولا يكتفى بنفى هذا التكريم، بل يفترى على الله تعالىمرة أخرى، ويجعل من الآية الكريمة اتهاماً لأفضل المسلمين بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولذلك يقول:{إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ} ولا مدح فيه إذ قد يصحب المؤمن الكافر كما: {قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ} (2){لَا تَحْزَنْ} : فإنه خاف على نفسه، وقبض واضطرب حتى كاد أن يدل عليهما، فنهاه عن ذلك {
…
إِنَّ اللهَ مَعَنَا} عالم بنا ( {فَأَنزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ} طمأنينة {عَلَيْه} ِ على الرسول، وفى إفراده صلى الله عليه وسلم بها ههنا مع اشتراك المؤمنين معه حيث ذكرت ما لايخفى (3) .
(1) ص 238، وراجع ما ذكرناه عن الإفك الذي جاء به القمي ص 190.
(2)
37: الكهف.
(3)
ص 204 ومن الواضح البين أن صحبة الكافر غير صحبة الصاحب المختار، فالاتهام هنا اتهام لمن اختاره صاحباً. ومن الواضح البين كذلك أن أي مؤمن يقل إيمانه عن الصديق بدرجات ودرجات يدرك أن موته يعنى موت رجل، وأن موت الرسول الكريم يعنى موت رسالة، وما أكثر الذين ضحوا في سبيل الرسالة والرسول! فكيف يخاف الصديق على نفسه ولا يخاف على من أرسل رحمة للعالمين! وخوف أبى بكر رضي الله عنه _ على الرسول* *الأكرم كان ظاهراً عندما سبقه إلى الغار ليستبرئه، وعندما كان يتقدمه ويتأخر عنه
…
إلخ - أما ذكر إنزال السكينة عليه وليس عليهما فيكفى أن نذكر ما قاله أحد علمائهم عند قوله تعالى
…
{فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ} " 37: البقرة
قال الطبرسي: إنما قال " فتاب عليه " ولم يقل عليهما لأنه اختصر وحذف للإيجاز والتغليب، كقوله سبحانه وتعالى:" 62 التوبة: {وَاللهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَن يُرْضوهُ} ، ومعناه أن يرضوهما، وقوله " آخر الجمعة ": {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انفَضُّوا إِلَيْهَ
…
} وكقول الشاعر:
رمانى بأمر كنت منه ووالدى بريا ومن حول الطوى رمانى
وقول الآخر:
نحن بما عندنا وأنت بما
…
عندك راض والرأى مختلف
فكذلك معنى الآية: فتاب عليهما. " مجمع البيان 1 / 89، وراجع نقض ابن تيمية لما ذهب إليه أمثال شبر في ص 557 من المنتقى ".
ثالثاً: نجد شبراً يغالى في أئمته، ويخضع القرآن الكريم لهذا الغلو، فيضيف إلى التحريف في النص تحريفاً في المعنى. انظر مثلاً تأويله لسورة القدر حيث يقول:{تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا} : جبرائيل أو خلق أعظم من الملائكة {بِإِذْنِ رَبِّهِم} يأمره كل سنة إلى النبي وبعده إلى أوصيائه، {مِّن كُلِّ أَمْرٍ} : بكل أمر قدر في تلك السنة أو من أجله، {سَلَامٌ هِيَ} : قدم الخبر للحصر أي ما هي إلَاّ سلامة أو سلام؛ لكثرة سلام الملائكة فيها على ولى الأمر (1) .
وفى سورة المعارج، بعد أن ذكر أنها مكية، يقول:
(1) ص 562.