الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الله صلى الله عليه وسلم وآله متعمدين لخلافه، ولوحملت الناس على تركها لتفرق عنى جندى، أرأيتم لو أمرت بمقام إبراهيم فرددته إلى الموضع الذي كان فيه (إلى أن قال) : وحرمت المسح على الخفين، وحددت على النبيذ، وأمرت بإحلال المتعتين، وأمرت بالتكبير على الجنائز خمس تكبيرات، وألزمت الناس الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم، (إلى أن قال) : إذا لتفرقوا عنى " (1) .
ونحن نعلم جزاء من يخالف أمر الرسول صلى الله عليه وسلم:
قال عز وجل: (2)
"" فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ "".
والخلفاء الراشدون الثلاثة قد خالفوا الرسول متعمدين هذا الخلاف، والخليفة الرابع لا يخشى الله فيقيم حدوده، وإنما يخشى أن يتفرق عنه جنده لو أقام هذه الحدود!
يدل الخبر على هذا المعنى الضال فكيف يقبله مسلم؟! أو لم يدرك هذا من سولت له نفسه أن يضع مثل هذه الأخبار؟ ومن تلقاها بالقبول؟!
تاسعا: التوقيت في الغسل
لم يوقت الإمام مالك في الوضوء مرة ولا ثلاثاً، وإنما قال بإسباغه، والمشهور في المذهب استحباب الثلاث، وباقى المذاهب الأربعة على إجزاء المرة، واستحباب الثلاث (3) .
أما الشيعة فيرون إجزاء المرة، واستحباب المرتين، وأن الثالثة بدعة.
(1) الوسائل 2 / 56.
(2)
سورة النور: الآية (63) .
(3)
انظر: المبسوط 1/9، والمدونة 1/ 2 وحاشية الدسوقى 1/101، والأم 1/27، والمغنى 1/130.
والخلاف هنا يمكن أن يكون هيناً لو اكتفوا بالقول باستحباب المرتين فقد يكون الإسباغ بهما، بل بالمرة الواحدة، وهنا يتفقون مع الإمام مالك، ولكن القول بأن الثالثة بدعة يجعل الخلاف واضحاً، فغسل أعضاء الوضوء ثلاثاً روى عن الرسول صلى الله عليه وسلم، كرواية عثمان الصحيحة، وقد روى عن على نفسه أنه حكى وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال بالثلاث (1) .
وقد استدل الشيعة بروايات عن أئمتهم بالغسل مرة ومرتين وحملوا ما عداها على التقية (2) .
مثال ذلك ما روى عن داود الرقى قال: " دخلت على أبى عبد الله عليه السلام، فقلت له: جعلت فداك كم عدة الطهارة؟ فقال: ما أوجبه الله فواحدة، وأضاف إليها الرسول صلى الله عليه وسلم واحدة لضعف الناس، ومن توضأ ثلاثاً ثلاثاً فلا صلاة له. أنا معه في ذا حتى جاءه داود بن زربى، فسأله عن عدة الطهارة، فقال له: ثلاثاً ثلاثاً. من نقص عنه لا صلاة له "(3) .
فقوله لابن زربى إذن للتقية، ولكن لا أحد من المسلمين يقول ببطلان الصلاة لمن ينقص عن الثلاث، فمن الذى يتقيهم بقوله هذا؟ وبطلان الصلاة لمن يتوضأ ثلاثاً ثلاثاً ينافي ما ثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم.
وقيل: إن خبر الثلاث مدنى، وقد اطرحه مالك ولم يصححه، وهو أمارة الضعف. ثم هو معارض بما روى (4) .
ونلاحظ أنه لا تعارض بين روايات أهل السنة. فمجموعها يدل على جواز المرة والمرتين والثلاث. وتعارضها مع بعض روايات الشيعة يسقط هذا البعض،
(1) ارجع إلى هذه الروايات في نيل الأوطار 1/213-216، وانظر الوضوء في الكتب والسنة.
(2)
انظر: الاستبصار 1/69-72، والوسائل 3/38-46.
(3)
المرجع الأخير ص 44.
(4)
انظر المعتبر ص 42.