الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
البحث الثانى
شيخنا الأستاذ على حسب رحمه الله انتهي إلى عدم جواز زواج المتعة، والبحث الثانى لعالم شيعي من علماء النجف وهو السيد حسين الموسوى. قال تحت عنوان:(1)
المتعة وما يتعلق بها
كنت أود أن أجعل عنوان هذا الفصل " المرأة عند الشيعة " لكنى عدلت عن ذلك لأني رأيت أن كل الروايات التي روتها كتبنا ُتنسب إلى النبي صلى الله عليه وآله، وإلى أمير المؤمنين، وأبى عبد الله عليه السلام وغيرهما من الأئمة.
فما أردت أن يصيب الأئمة عليهم السلام أي طعن، لأن في تلك الروايات من قبيح الكلام ما لا يرضاه أحدنا لنفسه، فكيف يرضاه لرسول الله صلى الله عليه وآله وللأئمة عليهم السلام.
لقد استُغلت المتعةُ أبشع استغلال، وأهينت المرأة شر إهانة، وصار الكثيرون يُشبعون رغباتهم الجنسية تحت ستار المتعة وباسم الدين، عملاً بقوله تعالى:"" فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً ""(النساء:24)
لقد أوردوا روايات في الترغيب بالمتعة، وحددوا أو رتّبوا عليها الثواب، وعلى تاركها العقاب، بل اعتبروا كل من لم يعمل بها ليس مسلماً، اقرأ معي هذه النصوص:
قال النبي صلى الله عليه وآله: " من تمتع بامرأة مؤمنة كأنما زار الكعبة سبعين مرة ".
فهل الذى يتمتع كمن زار الكعبة سبعين مرة؟ وبِمَنْ؟ بامرأة مؤمنة؟
وروى الصدوق عن الصادق عليه السلام قال:
"
(1) راجع كتابه كشف الأسرار وتبرئة الأئمة الأطهار ص 35 وما بعدها.
إن المتعة ديني ودين آبائي، فمن عمل بها عمل بديننا، ومن أنكرها أنكر ديننا واعتقد بغير ديننا " " من لا يحضره الفقيه " (3 / 366) ، وهذا تكفير لمن لم يقبل بالمتعة.
وقيل لأبى عبد الله عليه السلام: هل للتمتع ثواب؟ قال: " إن كان يريد بذلك وجه الله لم يُكلمها كلمةً إلا كتب الله له بها حسنة، فإذا دنا منها غفر الله له بذلك ذنباً، فإذا اغتسل غفر الله له بقدر ما مر من الماء على شعره "" من لا يحضره الفقيه "(3 / 366) .
وقال النبي صلى الله عليه وآله: " من تمتع مرة أَمِنَ سخط الجبار، ومن تمتع مرتين حُشر مع الأبرار، ومن تمتع ثلاث مرات زاحمني في الجنان "" من لا يحضره الفقيه "(3/366) .
قلت: ورغبة في نيل هذا الثواب فإن علماء الحوزة في النجف وجميع الحسينيات ومشاهد الأئمة يتمتعون بكثرة، وأخص بالذكر منهم السيد الصدر والبروجردى والشيرازي والقزوينى والطباطبائي، والسيد المدني إضافة إلى الشاب الصاعد أبو الحارث الياسري وغيرهم، فإنهم يتمتعون بكثرة وكل يوم رغبة فى نيل هذا الثواب ومزاحمة النبي صلوات الله عليه في الجنان.
وروى السيد فتح الله الكاشانى في " تفسير منهج الصادقين " عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: " من تمتع مرة كانت درجته كدرجة الحسين عليه السلام، ومن تمتع مرتين فدرجته كدرجة الحسن عليه السلام، ومن تمتع ثلاث مرات كانت درجته كدرجة على بن أبى طالب عليه السلام، ومن تمتع أربع فدرجته كدرجتي ".
لو فرضنا أن رجلاً قذراً تمتع مرة، أفتكون درجته كدرجة الحسين عليه السلام؟
وإذا تمتع مرتين أو ثلاثاً أو أربعاً كانت درجته كدرجة الحسن وعلى والنبي عليهم السلام؟
أَمنزلةُ النبي صلوات الله عليه ومنزلة الأئمة هينة إلى هذا الحد؟
وحتى لو كان المتمتع هذا قد بلغ فى الإيمان مرتبة عالية، أيكون كدرجة الحسين؟ أو أخيه؟ أو أبيه؟ أو جده؟
إن مقام الحسين أسمى وأعلى من أن يبلغه أحد، مهما كان قوى الإيمان، ودرجة الحسن وعلى والنبى عليهم السلام جميعا لايبلغها أحد، مهما سما وعلا إيمانه.
لقد أجازوا التمتع حتى بالهاشمية، كما روى ذلك الطوسى فى" التهذيب "(2/193) .
أقول: مكانة الهاشميات أرفع من أن يتمع بهن، فهن سليلات النبوة ومن أهل البيت، فحاشا لهن ذلك، وسيأتى السبب إن شاء الله، وقد بين الكليني أن المتعة تجوز ولو لضجعة واحدة بين الرجل والمرأة، وهذا منصوص عليه فى " فروع الكافى "(5/460) .
ولايشترط أن تكون الُمتَّمتعُ بها بالغةً راشدة، بل قالوا: يمكن التمتع بمن فى العاشرة من العمر ولهذا روى الكليني فى " الفروع "(5/463) ، والطوسى فى " التهذيب "(7/255)، أنه قيل لأبى عبد الله عليه السلام:" الجارية الصغيرة هل يتمتع بها الرجل؟ فقال: نعم، إلا أن تكون صبية تُخدع قيل: وما الحد الذى إذا بلغته لم تخدع؟ قال: عشر سنين ".
وهذه النصوص كلها سيأتى الرد عليها إن شاء الله، ولكنى أقول: إن ما نُسبَ إلى أبى عبد الله عليه السلام فى جواز التمتع بمن كانت فى العاشرة من عمرها.
أقول: قد ذهب بعضهم إلى جواز التمتع بمن هي دون هذا السن.
لما كان الإمام الخمينى مقيماً فى العراق كنا نتردد إليه ونطلب منه العلم حتى صارت علاقتنا معه وثيقة جداً، وقد اتفق مرة أن وُجَّهَتْ إليه دعوة من مدينة تلعفر، وهي مدينة تقع غرب الموصل على مسيرة ساعة ونصف تقريباً بالسيارة، فطلبنى للسفر معه فسافرت معه، فاستقبلونا وأكرمونا غاية الكرم مدة بقائنا، عند
إحدى العوائل الشيعية المقيمة هناك، وقد قطعوا عهداً بنشر التشيع فى تلك الأرجاء، وما زالوا يحتفظون بصورة تذكارية لنا تَمَّ تصويرها فى دارهم.
ولما انتهت مدة السفر رجعنا، وفى طريق عودتنا ومرورنا فى بغداد أراد الإمام أن نرتاح من عناء السفر، فأمر بالتوجه إلى منطقة العطيفية حيث يسكن هناك رجل إيرانى الأصل يقال له سيد صاحب، كانت بينه وبين الإمام معرفة قوية.
فرح سيد صاحب بمجيئنا وكان وصولنا عند الظهر، فصنع لنا غداء فاخراً واتصل ببعض أقاربه فحضروا، وازدحم منزله احتفاء بنا، وطلب سيد صاحب إلينا المبيت عنده تلك الليلة فوافق الإمام، ثم لما كان العشاء أتونا بالعشاء وكان الحاضرون يقبلون يد الإمام ويسألونه ويجيب عن أسئلتهم، ولما حان وقت النوم وكان الحاضرون قد انصرفوا إلا أهل الدار، أبصر الإمام الخمينى صبية بعمر أربع سنوات أو خمس، ولكنها جميلة جداً، فطلب الإمام من أبيها سيد صاحب إحضارها للتمتع بها، فوافق أبوها بفرح بالغ، فبات الإمام الخمينى والصبية فى حضنه ونحن نسمع بكاءها وصريخها.
المهم أنه أمضى تلك الليلة، فلما أصبح الصباح وجلسنا لتناول الأفطار، نظر إلى فوجد علامات الإنكار واضحة فى وجهي؛ إذ كيف يتمتع بهذه الطفلة الصغيرة، وفى الدار شابات بالغات راشدات، كان بإمكانه التمتع بإحداهن، فلم يفعل؟
فقال لى: سيد حسين ما تقول فى التمتع بالطفلة؟
قلت له: سيد القول قولك، والصواب فعلك، وأنت إمام مجتهد ولا يمكن لمثلى أن يرى أو يقول إلا ما تراه أو تقوله، ومعلوم أنى لا يمكننى الاعتراض وقتذاك.
فقال: سيد حسين؛ إن التمتع بها جائز، ولكن بالمداعبة والتقبيل والتفخيذ.
أما الجماع فإنها لا تقوى عليه.
وكان الإمام الخمينى يرى جواز التمتع حتى بالرضيعة، فقال:
" لا بأس بالتمتع بالرضيعة، ضماً وتفخيذاً ـ أي يضع ذكره بين فخذيها ـ وتقبيلاً " انظر كتابه " تحرير الوسيلة "(2 / 241) مسألة رقم (12) .
جلست مرة عند الإمام الخوئى فى مكتبه فدخل عليه شابان يبدو أنهما اختلفا فى مسألة فاتفقا على سؤال االإمام الخوئى ليدلهما على الجواب.
فسأله أحدهما قائلاً: سيد ما تقول فى المتعة أحلال هي أم حرام؟
نظر إليه الإمام الخوئى وقد أوجس من سؤاله أمراً، ثم قال له: أين تسكن؟ قال الشاب السائل: أسكن الموصل، وأقيم هنا فى النجف منذ شهرين تقريباً.
قال له الإمام: أنت سنى إذن؟
قال الشاب: نعم.
قال الإمام: المتعة عندنا حلال وعندكم حرام.
فقال له الشاب: أنا هنا منذ شهرين تقريباً، غريب فى هذه الديار، فهلَاّ زوجتنى ابنتك لأتمتع بها ريثما أعود إلى أهلى؟
فحملق فيه الإمام هنيهة ثم قال له: أنا سيد، وهذا حرام على السادة وحلال عند عوام الشيعة.
ونظر الشاب إلى السيد الخوئى وهو مبتسم، ونظرته توحى أنه علم أن الخوئى قد عمل بالتقية.
ثم قاما فانصرفا، فاستأذنت الإمام الخوئى فى الخروج، فلحقت بالشابين، فعلمت أن السائل سني وصاحبه شيعى اختلفا فى المتعة أحلال أم حرام، فاتفقا على سؤال المرجع الدينى الإمام الخوئى، فلما حادثت الشابين انفجر الشاب الشيعى قائلاً: يا مجرمين تبيحون لأنفسكم التمتع ببناتنا وتخبروننا بأنه حلال وأنكم تتقربون بذلك إلى الله، وتحرمون علينا التمتع ببناتكم؟
وراح يسب ويشتم، وأقسم أنه سيتحول إلى مذهب أهل السنة، فأخذت أُهدِّئُ به ثم أقسمت له أن المتعة حرام وبينت له الأدلة على ذلك.
إن المتعة كانت مباحة فى العصر الجاهلى، ولما جاء الإسلام أبقى عليها مدة، ثم حرمت يوم خيبر، لكن المتعارف عليه عند الشيعة، عند جماهير فقهائنا، أن عمر بن الخطاب هو الذى حرمها، وهذا ما يرويه بعض فقهائنا. والصواب فى المسألة أنها حُرمت يوم خيبر.
قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه: " حرم رسول الله صلى اله عليه وآله يوم خيبر لحوم الحمر الأهلية ونكاح المتعة " انظر " التهذيب "(2/186) ، " الاستبصار "(3/142) ، " وسائل الشيعة "(14/441) .
وسئل أبو عبد الله عليه السلام: " كان المسلمون على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله يتزوجون بغير بينة؟ قال: لا " انظر " التهذيب "(2/189) .
وعلق الطوسى على ذلك بقوله: إنه لم يُرد من ذلك النكاح الدائم، بل أراد منه المتعة، ولهذا أورد هذا النص فى باب المتعة. لاشك أن هذين النصين حجة قاطعة فى نسخ حكم المتعة وإبطاله.
وأمير المؤمنين صلوات الله عليه نقل تحريمها عن النبى صلى الله عليه وآله، وهذا يعنى أن أمير المؤمنين قد قال بحرمتها من يوم خيبر، ولاشك أن الأئمة من بعده قد عرفوا حكم المتعة بعد علمهم بتحريمها، وهنا نقفُ بين أخبارٍ منقولة وصريحة فى تحريم المتعة، وبين أخبار منسوبة إلى الأئمة فى الحث عليها وعلى العمل بها.
وهذه مشكله يحتار المسلم إزاءها أيتمتع أم لا؟
إن الصواب هو ترك المتعة، لأنها حرام كما ثبت نقله عن أمير المؤمنين عليه السلام، وأما الأخبار التى نسبت إلى الأئمة؛ فلا شك أن نسبتها إليهم غير صحيحة، بل هي أخبار مفتراة عليهم، إذ ما كان للأئمة عليهم السلام أن يخالفوا أمراً حرمه رسول الله
وسار عليه أمير المؤمنين من بعده، وهم ـ أي الأئمة ـ الذين تلقوا هذا العلم كابراً عن كابر، لأنهم ذرية بعضهم من بعض.
لما سئل أبو عبد الله عليه السلام: " كان المسلمون على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله يتزوجون بغير بينة؟ قال: لا "، فلولا علمه بتحريم المتعة لما قال: لا، خصوصاً وأن الخبر صحيح فى أن السؤال كان عن المتعة، وأن أبا جعفر الطوسي راوى الخبر أورده فى باب المتعة كما أسلفنا.
وما كان لأبى عبد الله والأئمة من قبله ومن بعده أن يخالفوا أمر رسول الله صلوات الله عليه، أو أن يُحلَّوا أمرا حرمه، أو أن يبتدعوا شيئاً ما كان معروفا فى عهده عليه السلام.
وبذلك يتبّين أن الأخبار التى تحث على التمتع، ما قال الأئمةُ منها حرفاً واحداً، بل افتراها وتَقولَّها عليهم أناسٌ زنادقة، أرادوا الطعن بأهل البيت الكرام والإساءة إليهم، وإلا بِم تُفسر إباحتهم التمتع بالهاشمية، وتكفيرهم لمن لا يتمتع؟
مع أن الأئمة عليهم السلام لم يُنقل عن واحد منهم نقلُ ثابت أنه تمتع مرة أو قال بحلّية المتعة، أيكونون قد دانوا بغير دين الإسلام؟
فإذا توضح لنا هذا ندرك أن الذين وضعوا تلك الأخبار هم قوم زنادقة أرادوا الطعن بأهل البيت والأئمة عليهم السلام، لأن العمل بتلك الأخبار فيه تكفير للأئمة
…
فتنبه.
روى الكليني عن أبى عبد الله عليه السلام أن امرأة جاءت إلى عمر بن الخطاب فقالت: " إنى زنيت، فأمر أن تُرجم، فأخبر أمير المؤمنين عليه السلام فقال: كيف زنيت؟
فقالت: مررت بالبادية فأصابنى عطش شديد، فاستسقيت أعرابياً فأبى إلا إنْ مَكَّنتةُ من نفسى، فلما أجهدنى العطش وخفت على نفسى سقانى فأمكنته من نفسى، فقال أمير المؤمنين عليه السلام تَزويجٌ ورب الكعبة ". (الفروع 2 / 198) .
إن المتعه كما هو معروف تكون عن تَراضٍ بين الطرفين وعن رغبة منهما.
أما فى هذه الرواية فإن المرأة المذكورة مضطرة ومجبورة، فساومها على نفسها مقابل شربة ماء، وليست هي فى حكم الزانية حتى تطلب من عمر أن يطهرها وفوق ذلك ـ وهذا مهم ـ أن أمير المؤمنين عليه السلام هو الذى روى تحريم المتعة فى نقله عن النبى صلى الله عليه وآله يوم خيبر، فكيف يفتى هنا بأن هذا نكاح متعة؟! وفتواه على سبيل الحِلَّ والإقرار والرضا منه بفعل الرجل والمرأة؟
إن هذه الفتوى لو قالها أحد طلاب العلم لَعُدَّت سقطة، بل غلطة يعاب عليه بسببها، فكيف تنسب لأمير المؤمنين عليه السلام، وهو مَنْ هو فى العلم والفتيا؟
إن الذى نسب هذه الفتوى لأمير المؤمنين، إما حاقد أراد الطعن به، وإما ذو غرض وهوى، اخترع هذه القصة فنسبها لأمير المؤمنين ليضفى الشرعية على المتعة، كى يسوغ لنفسه ولأمثاله استباحة الفروج باسم الدين، حتى وإن أدى ذلك إلى الكذب على الأئمة عليهم السلام، بل على النبى صلوات الله عليه.
إن المفاسد المترتبة على المتعة كبيرة ومتعددة الجوانب:
1 ـ فهي مخالفة للنصوص الشرعية لأنها تحليلُ لما حرم الله.
2 ـ لقد ترتب على هذا، اختلاق الروايات الكاذبة ونسبتها إلى الأئمة عليهم السلام، مع ما فى تلك الروايات من مطاعن قاسية لا يرضاها لهم من كان قلبه مثقال ذرة من إيمان.
3 ـ ومن مفاسدها؛ إباحة التمتع بالمرأة المحصنة - أي المتزوجة - رغم أنها فى عصمة رجل دون علم زوجها، وفى هذه الحالة لا يأمن الأزواج على زوجاتهم، فقد تتزوج المرأة متعة دون علم زوجها الشرعي ودون رضاه، وهذه مفسدة ما بعدها مفسدة، انظر " فروع الكافى "(5 / 463) ، " تهذيب الأحكام "(7 /554) ، " الاستبصار "
…
(3/145) ،
وليت شعرى ما رأي الرجل وما شعوره إذا اكتشف أن امرأته التى فى عصمته متزوجة من رجلٍ آخَر غيرهِ زواجَ متعة؟ !
4 ـ والآباء أيضاً لا يأمنون على بناتهم الباكرات إذ قد يتزوجن متعة دون علم آبائهن، وقد يفاجأ الأب أن ابنته الباكر قد حملت،
…
. لم؟ كيف؟ لا يدرى.... ممن؟ لا يدرى أيضاً، فقد تزوجت من واحد فمن هو؟ لا أحد يدرى لأنه تركها وذهب.
5 ـ إن أغلب الذين يتمتعون، يبيحون لأنفسهم التمتع ببنات الناس، ولكن إذا تقدم أحد لخطبة بناتهم أو قريباتهم فأراد أن يتزوجها متعة، لَمَا وافق ولما رضي، لأنه يرى هذا الزواج أشبه بالزنى، وإن هذا عار عليه، وهو يشعر بهذا من خلال تمتعه ببنات الناس، فلا شك أنه يمتنع عن تزويج بناته للآخرين متعة، أي أنه يبيح لنفسه التمتع ببنات الناس وفى المقابل يحرم على الناس أن يتمتعوا ببناته.
إذا كانت المتعة مشروعة أو أمراً مباحاً، فلمَ هذا التحرج فى إباحة تمتع الغرباء ببناته وقريباته؟
6 ـ إن المتعة ليس فيها إشهادُ ولا إعلان ولا رضا ولى أمر المخطوبة، ولا يقع شيىء من ميراث المتمتع للمُتمتَّع بها، إنما هي مستأجرة (1)
، كما نسب ذلك القول إلى أبى عبد الله عليه السلام، فكيف يمكن إباحتها وإشاعتها بين الناس؟
7 ـ
(1) انظر فى ذلك " الاستبصار " لشيخ الطائفة الطوسى ح 3 /147 حيث أورد تحت باب " يجوز الجمع بين أكثر من أربع فى المتعة " ما يلى:
" عنه عن الحسين بن محمد عن أحمد بن إسحاق عن سعدان بن مسلم عن عبيد بن زرارة عن أبيه عن أبى عبد الله عليه السلام قال: ذكر له المتعة أهي من الأربع؟ قال: تزوجْ منهن ألفاً فإنهن مستأجرات "!؟ وفى حديث آخر أنها لا تطلق، ولا ترث، ولا تورث وإنما هي مستأجرة!؟ وانظر أيضاً التهذيب ح 2 /188، والكافى للكلينى ح 2 /43.
إن المتعة فتحت المجال أمام الساقطين والساقطات من الشباب والشابات فى لصق ما عندهم من فجور بالدين، وأدى ذلك إلى تشويه صورة الدين والمتدينين.
وبذلك يتبين لنا أضرار المتعة دينياً واجتماعياً وخلقياً، ولهذا حُرّمت المتعة، ولو كان فيها مصالح لما حُرّمت، ولكن لما كانت كثيرة المفاسد، حرّمها رسول الله صلى الله عليه وآله، وحرّمها أمير المؤمنين عليه السلام.
تنبيه
سألت الإمام الخوئى عن قول أمير المؤمنين فى تحريم المتعة يوم خيبر، وعن قول أبى عبد الله فى إجابة السائل عن الزواج بغير بينة أكان معروفاً على عهد النبى عليه السلام؟
فقال: إن قول أمير المؤمنين عليه السلام فى تحريم المتعة يوم خيبر إنما يشمل تحريمها فى ذلك اليوم فقط لا يتعدى إلى ما بعده.
وأما قول أبى عبد الله للسائل، فقال الإمام الخوئى: إنما قال أبو عبد الله ذلك تقية وهذا متفق عليه بين فقهائنا.
قلت:
والحق أن قول فقهائنا لم يكن صائباً، ذلك أن تحريم المتعة يوم خيبر صاحبه تحريمُ لحوم الحمر الأهلية، وتحريم لحوم الحمر الأهلية جرى العمل عليه من يوم خيبر وإلى يومنا هذا وسيبقى إلى قيام الساعة.
دعوى تخصيص تحريم المتعة بيوم خيبر فقط دعوى مجردة لم يقم عليها دليل، خصوصاً وأن حرمة لحوم الحمر الأهلية والتى هي قرينة المتعة فى التحريم بقىَ العملُ عليها إلى يومنا هذا.
وفوق ذلك لو كان تحريم المتعة خاصاً بيوم خيبر فقط لورد التصريح من النبى صلى الله عليه وآله بنسخ تلك الحرمة، على أنه يجب أن لا يغيب عن بالنا
أن علة إباحة المتعة هي السفر والحرب، فكيف تحرم فى تلك الحرب والمقاتل أحوج ما يكون إليها، خصوصاً وأنه فى غربة من أهله وما ملكت يمينيه، ثم تباح فى السلم؟
إن معنى قوله عليه السلام إنها حُرّمت يوم خيبر، أي: إن بداية تحريمها كان يوم خيبر، وأما أقوال فقهائنا إنما هي تلاعب بالنصوص لا أكثر.
فالحق أن تحريم المتعة ولحوم الحمر الأهلية متلازمان، نزل الحكم بحرمتهما يوم خيبر وهو باق إلى قيام الساعة، وليس هناك من داع لتأويل كلام أمير المؤمنين عليه السلام من أجل إشباع رغبات النفس وشهواتها فى البحث الدائم عن الجميلات والفاتنات من النساء للتمتع بهن والتلذذ باسم الدين وعلى حسابه.
وأما أن قول أبى عبد الله عليه السلام فى جوابه للسائل كان تقية، أقول: إن السائل كان من شيعة أبى عبد الله، فليس هناك ما يبرر القول بالتقية، خصوصاً وأنه يوافق الخبر المنقول عن أمير المؤمنين عليه السلام فى تحريم المتعة يوم خيبر.
إن المتعة التى أباحها فقهاؤنا تعطى الحق للرجل فى أن يتمتع بعدد لا حصرله من النسوة، ولو بألف امرأة وفى وقت واحد.
وكم من متمتع جمع بين المرأة وأمها، وبين المرأة وأختها، وبين المرأة وعمتها أو خالتها وهو لايدرى.
جاءتنى امرأة تستفسر منى عن حادثة حصلت معها، إذ أخبرتنى أن أحد السادة وهو السيد حسين الصدر كان قد تمتع بها قبل أكثر من عشرين سنة فحملت منه، فلما أشبع رغبته منها فارقها، وبعد مدة رزقت ببنت، وأقسمت أنها حملت منه هو، إذ لم يتمتع بها وقتذاك أحد غيره.
وبعد أن كبرت البنت وصارت شابة جميلة متأهلة للزواج، اكتشفت الأم أن ابنتها حبلى، فلما سألتها عن سبب حملها، أخبرتها البنت أن السيد المذكور استمتع بها فحملت منه، فدهشت الأم وفقدت صوابها، إذ أخبرت ابنتها أن هذا
السيد هو أبوها، وأخبرتها القصة، فكيف يتمتع بالأم واليوم يأتى ليتمتع بابنتها التى هي ابنته هو؟ ثم جاءتنى مستفسرة عن موقف السيد المذكور منها ومن ابنتها التى ولدتها منه.
إن الحوادث من هذا النوع كثيرة جداً. فقد تمتع أحدهم بفتاة تبين لهم فيما بعد أنها أخته من المتعة، ومنهم من تمتع بامرأة أبيه.
وفى إيران الحوادث من هذا القبيل لا يستطيع أحد حصرها. وقد رأينا ذلك بقوله تعالى: "" وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمْ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ ""(النور: 23) ، فمن لم يتمكن من الزواج الشرعي بسبب قلة ذات اليد، فعليه بالاستعفاف ريثما يرزقه الله من فضله كى يستطيع الزواج.
فلو كانت المتعة حلالاً لما أمره بالاستعفاف والانتظار ريثما تتيسر أمور الزواج بل لأرشده إلى المتعة كى يقضى وطره بدلاً من المكوث والتحرق بنار الشهوة.
وقال الله تعالى: "" وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلاً أَن يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِن مِّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِّن فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ "" إلى قوله تعالى: "" ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ وَأَن تَصْبِرُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ""(النساء 25) .
فأرشد الذين لا يستطيعون الزواج لقلة ذات اليد أن يتزوجوا ما ملكت أيمانهم، ومن عجز حتى عن ملك اليمين؛ أمره بالصبر، ولو كانت المتعة حلالاً لأرشده إليها. ولابد لنا أن ننقل نصوصاً أخرى عن الأئمة عليهم السلام فى إثبات تحريم المتعة:
عن عبد الله بن سنان قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن المتعة فقال: " لا تُدَنسْ نفسك بها "" بحار الأنوار "(110 / 318) .
وهذا صريح في قول أبى عبد الله عليه السلام: إن المتعة تدنس النفس، ولو كانت حلالاً لما صارت في هذا الحكم، ولم يكتف الصادق عليه السلام بذلك بل صرح بتحريمها:
عن عمار قال: قال أبو عبد الله عليه السلام لي ولسليمان بن خالد: " قد حرمت عليكما المتعة "" فروع الكافى "(2 / 48) ، " وسائل الشيعة "(14 / 450) .
وكان عليه السلام يوبخ أصحابه ويحذرهم من المتعة فقال: " أما يستحى أحدكم أن يرى فى موضع، فيحمل ذلك على صالحى إخوانه وأصحابه؟ "" الفروع "(2 / 44) ، " وسائل الشيعة "(14 / 450) .
ولما سأل على بن يقطين أبا الحسن عليه السلام عن المتعه أجابه: " ما أنت وذلك؟ قد أغناك الله عنها "" الفروع "(2 / 43) ، " الوسائل "(14 / 449) . نعم، إن الله تعالى أغنى الناس عن المتعة بالزواج الشرعي الدائم.
ولهذا لم ينقل أن أحداً تمتع بامرأة من أهل البيت عليهم السلام، فلو كان حلالاً لفعلن، ويؤيد ذلك أن عبد الله بن عمير قال لأبى جعفر عليه السلام:" يسرك أن نساءك وبناتك وأخواتك وبنات عمك يفعلن؟ ـ أي يتمتعن ـ فأعرض عنه أبو جعفر عليه السلام حين ذكر نساءه وبنات عمه "" الفروع "(2 / 42) ، " التهذيب "(2 / 186) .
وبهذا يتأكد لكل مسلم عاقل أن المتعة حرام، لمخالفتها لنصوص القرآن الكريم وللسنة ولأقوال الأئمة عليهم السلام.
والناظر للآيات القرآنية الكريمة والنصوص المتقدمة فى تحريم المتعة ـ إن كان طالباً للحق محباً له ـ لا يملك إلا أن يحكم ببطلان تلك الروايات التى تحث
على المتعة لمعارضتها لصريح القرآن وصريح السنة المنقولة عن أهل البيت عليهم السلام، ولما يترتب عليها من مفاسد لا حصر لها، بينا شيئاً منها فيما مضى.
إن من المعلوم أن دين الإسلام جاء ليحث على الفضائل وينهي عن الرذائل، وجاء ليحقق للعباد المصالح التى تستقيم بها حياتهم، ولا شك أن المتعة مما لا تستقيم بها الحياة؛ إن حققت للفرد مصلحة واحدة ـ افتراضاً ـ فإنها تسبب له مفاسد جمة، أجملناها فى النقاط الماضية.
إن انتشار العمل بالمتعة جر إلى إعارة الفرج، وإعارة الفرج معناها أن يعطى الرجل امرأته أو أمته إلى رجل آخر، فيحل له أن يتمتع بها أو أن يصنع بها ما يريد، فإذا ما أراد رجل ما أن يسافر أودع امرأته عند جاره أو صديقه أو أي شخص كان يختاره، فيبيح له أن يصنع بها ما يشاء طيلة مدة سفره. والسبب معلوم حتى يطمئن الزوج على امرأته لئلا تزنى فى غيابه (!!) .
وهناك طريقه ثانية لإعارة الفرج، إذا نزل أحد ضيفاً عند قوم وأرادوا إكرامه فإن صاحب الدار يعير امرأته للضيف طيلة مدة إقامته عندهم، فيحل له منها كل شئ، وللأسف يروون فى ذلك روايات ينسبونها إلى الإمام الصادق عليه السلام وإلى أبيه أبى جعفر سلام الله عليه.
روى الطوسى عن محمد بن أبى جعفر عليه السلام قال: قلت:
الرجلُ يُحُل لأخيه فرج جاريته؟ قال: نعم لا بأس به له ما أَحلَّ له منها " الاستبصار "(3/ 136) .
وروى الكليني والطوسى عن محمد بن مضارب قال: قال لى أبو عبد الله عليه السلام: " يا محمد! خذ هذه الجارية تخدمك وتصيب منها، فإذا خرجت فارددها إلينا "" الكافى، الفروع "(2 / 200) ، الاستبصار " (3 /136) .
قلت: لو اجتمعت البشرية بأسرها، فأقسمت أن الإمامين الصادق والباقر عليهما السلام قالا هذا الكلام ما أنا بمصدَّق.
إن الإمامين سلام الله عليهما أجلُّ وأعظم من أن يقولا مثل هذا الكلام الباطل، أو يبيحا هذا العمل المقزز الذى يتنافى مع الخلق الإسلامي الرفيع، بل هذه هي الدياثة. ولا شك أن الأئمة سلامُ الله عليهم ورثوا هذا العلم كابرا عن كابر، فنسبة هذا القول وهذا العمل إليهما! إنما هو نسبة إلى رسول الله صلى الله عليه وآله، فهو إذن تشريع إلهي.
فى زيارتنا للهند ولقائنا بأئمة الشيعة هناك كالسيد النقوى وغيره، مررنا بجماعة من الهندوس وعبدة البقر والسيخ وغيرهم من أتباع الديانات الوثنية، وقرأنا كثيراً، فما وجدنا ديناً من تلك الأديان الباطلة يبيح هذا العمل ويحله لأتباعه.
فكيف يمكن لدين الإسلام أن يبيح مثل هذا العمل الخسيس الذى يتنافى مع أبسط مقومات الأخلاق؟
زرنا الحوزة القائمية فى إيران فوجدنا السادة هناك يبيحون إعارة الفروج، وممن أفتى بإباحة ذلك السيد لطف الله الصافى وغيره، ولذا فإن موضوع إعارة الفروج منتشر فى عموم إيران، واستمر العمل به حتى بعد الإطاحة بالشاه محمد رضا بهلوى ومجىء آية الله العظمى الإمام الخمينى الموسوى، وبعد رحيل الإمام الخمينى أيضاً استمر العمل عليه، وكان هذا أحد الأسباب (1) التى أدت إلى فشل أول دولة شيعية فى العصر الحديث، كان الشيعة فى عموم بلاد العالم يتطلعون إليها، مما حدا بمعظم السادة إلى التبرؤ منها، بل ومهاجمتها أيضاً، فهذا
(1) لقد خاب ظنى وظن كثير من السادة بحكومة الإمام الخمينى، فكنا نتوقع أن تكون إيران معقل الإسلام، ولكن للأسف فقد بدأت تصفية المعارضين وإراقة دمائهم مع عوائلهم، وصارت أنهار الدماء تجرى بلا رحمة، وكان يفترض أن يتم القضاء على ما أحدثه آل بهلوى من فساد، ولكن الفساد استمر حتى بعد مجىء الإمام الخمينى، فالحمامات مختلطة رجالاً ونساء، والزنى كان علناً أصبح سراً ولكن بصورة أوسع، والتبرج بقى كما هو بحيث تخرج المرأة بالبنطال وبكامل زينتها وقد وضعت فقط غطاء الرأس، عدا الرشوة والسرقة وغيرها.
صديقنا العلامة السيد موسى الموسوى سماها (الثورة البائسة) وألف كتباً وبحوثاً، ونشر مقالات فى مهاجمتها وبيان أخطائها.
وقال السيد جواد الموسوى: إن الثورة الإسلامية فى إيران ليس لها من الإسلام إلا الاسم.
وكان آية الله العظمى السيد محمد كاظم شريعتمدارى من أشد المعارضين لها، لما رآه من انحراف واضح عن جادة الإسلام.
وهناك كثير من السادة ممن أعرفهم معرفة شخصية انتقدوا حكومة الإمام الخمينى ونفروا منها.
ومما يؤسف له أن السادة هنا أفتوا بجواز إعارة الفرج، وهناك كثير من العوائل فى جنوب العراق وفى بغداد فى منطقة الثورة ممن يمارس هذا الفعل بناء على فتاوى كثير من السادة، منهم: السيستانى والصدر والشيرازى والطباطبائى والبروجردى وغيرهم، وكثير منهم إذا حل ضيفاً عند أحد منهم استعار امرأته إذا رآها جميلة، وتبقى مستعارة عنده حتى مغادرته.
إن الواجب أن نحذر العوام من هذا الفعل الشنيع، وأن لا يقبلوا فتاوى السادة بإباحة هذا العمل المقزز، الذى كان للأصابع الخفية التى تعمل من وراء الكواليس الدور الكبير فى دسه فى الدين ونشره بين الناس.
ولم يقتصر الأمر على هذا، بل أباحوا اللواطة بالنساء، ورووا أيضاً روايات نسبوها إلى الأئمة سلام الله عليهم، فقد روى الطوسى عن عبد الله بن أبى اليعفور قال:" سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يأتى المرأة من دبرها، قال: لا بأس إذا رضيت، قلت: فأين قول الله تعالى ""فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللهُ""؟ فقال: هذا فى طلب الولد، فاطلبوا الولد من حيث أمركم الله، إن الله تعالى يقول: "" نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ "" " الاستبصار " (3 / 234) .
وروى الطوسى أيضاً عن موسى بن عبد الملك عن رجل قال: " سألت أبا الحسن الرضا عليه السلام عن إتيان الرجل المرأة من خلفها فى دبرها فقال:
أحلتها آية من كتاب الله؛ قول لوط عليه السلام: "" هَؤُلاء بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ ""، فقد علم أنهم لا يريدون الفرج " " الاستبصار " (3 / 243) .
وروى الطوسى عن على بن الحكم قال: سمعت صفوان يقول: قلت للرضا عليه السلام: " إن رجلاً من مواليك أمرنى أن أسألك عن مسألة فهابك واستحيا منك أن يسألك، قال: ما هي؟ قال: للرجل أن يأتى امرأته فى دبرها؟ قال: نعم ذلك له " المصدر السابق ".
لا شك أن هذه الأخبار معارضة لنص القرآن إذ يقول الله تعالى "" وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُواْ النِّسَاء فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىَ يَطْهُرْنَ ""(البقرة: 222)، فلو كان إتيان الدبر مباحاً لأمر اعتزال الفرج فقط ولقال:(فاعتزلوا فروج النساء فى المحيض) ، ولكن لما كان الدبر محرماً إتيانه أمر باعتزال الفروج والأدبار فى محيض النساء، بقوله:"" وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ ""
…
ثم بين الله تعالى بعد ذلك من أن يأتى الرجل امرأته فقال تعالى: "" فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللهُ ""(البقرة: 222) .
والله تعالى أمر بإتيان الفروج فقال: "" نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ ""(البقرة: 223) ، والحرث هو موضع طلب الولد.
إن رواية أبى اليعفور عن أبى عبد الله مفهومها أن طلب الولد يكون فى الفروج لقوله فى قوله تعالى: "" نسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ ""، هذا فى طلب الولد،
كمفهوم الرواية تخصيص الفروج لطلب الولد، وأما قضاء الوطر والشهوة فهو فى الأدبار، وسياق الرواية واضح فى إعطاء هذا المفهوم.
وهذا غلط لأن الفروج ليست مخصصة لطلب الولد فقط، بل لقضاء الوطر والشهوة أيضاً، وهذا واقع العشرة بين الأزواج من لدن آدم عليه السلام وحتى يرث الله الأرض ومن عليها، وأبو عبد الله أجل وأرفع من أن يقول هذا القول الباطل.
ولو افترضنا جواز إتيان الدبر لما كان هناك معنى للآية الكريمة: ""فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللهُ ""، لأنه قد علم ـ على الافتراض المذكور ـ أن الإتيان يكون فى القبل والدبر، وليس هناك موضع ثالث يمكن إتيانه. فلم يبق أي معنى للآية ولا للأمر الوارد فيها.
ولكن لما كان أحد الموضعين محرما لا يجوز إتيانه، والآخر حلالاً احتيج إلى بيان الموضع الذى يجب أن يؤتى، فكان أمر الله تعالى بإتيان الحرث، والحرث هو موضع طلب الولد، وهذا الموضع يؤتى لطلب الولد ولقضاء الوطر أيضاً.
أما الرواية المنسوبة إلى الرضا عليه السلام فى إباحة اللواطة بالنساء واستدلاله بقول لوط عليه السلام:
أقول: إن تفسير الآية؛ قول الله تعالى: "" هَؤُلاءبَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ ""(هود: 78)، قد ورد فى آية أخرى فى قوله تعالى:"" وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّنَ الْعَالَمِينَ. أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ ""(العنكبوت: 28) ، وقطع السبيل لا يعنى ما يفعله قُطاعُ الطرق وحدهم. لا، وإنما معناه أيضاً قطع النسل فى الإتيان فى غير موضع طلب الولد،
أي فى الأدبار، فلو استمر الناس فى إتيان الأدبار ـ أدبار الرجال والنساء ـ وتركوا أيضاً طلب الولد لانقرضت البشرية وانقطع النسل.
فالآية الكريمة تعطى هذا المعنى أيضاً وبخاصة إذا لاحظنا سياق الآية مما قبلها. ولا مرية أن هذا لا يخفى على الإمام الرضا عليه السلام، فثبت بذلك كذب نسبة تلك الرواية إليه.
إن إتيان النساء فى أدبارهن لم يقل به إلا الشيعة، وبالذات الإمامية الاثنا عشرية.
اعلم أن جميع السادة فى حوزة النجف والحوزات الأخرى، بل وفى كل مكان، يمارسون هذا الفعل.
وكان صديقنا الحجة السيد أحمد الوائلى يقول بأنه منذ أن اطلع على هذه الروايات بدأ ممارسة هذا الفعل وقليلاً ما يأتى امرأة فى قبلها.
وكلما التقيت واحداً من السادة وفى كل مكان فإنى أسأله فى حرمة إتيان النساء فى الأدبار أو حله، فيقول لى بأنه حلال، ويذكر الروايات فى حليتها، منها الروايات التى تقدمت الإشارة إليها.
ولم يكتفوا بإباحية اللواطة بالنساء بل أباح كثير منهم حتى اللواطة بالذكور وبالذات المردان.
كنا فى أحد الأيام فى الحوزة فوردت الأخبار بأن سماحة السيد عبد الحسين شرف الدين الموسوى قد وصل بغداد، وسيصل إلى الحوزة ليلتقى سماحة الإمام آل كاشف الغطاء، وكان السيد شرف الدين قد سطع نجمه عند عوام الشيعة وخواصهم، خاصة بعد أن صدر بعض مؤلفاته كالمراجعات، والنص والاجتهاد.
ولما وصل النجف زار الحوزة، فكان الاحتفاء به عظيماً من قبل الكادر الحوزى علماء وطلاباً، وفى جلسة له فى مكتب السيد آل كاشف الغطاء ضمت عدداً من السادة وبعض طلاب الحوزة، وكنت أحد الحاضرين، وفى أثناء هذه
الجلسة دخل شاب فى عنفوان شبابه فسلم فرد الحاضرون السلام، فقال للسيد آل كاشف الغطاء:
سيد عندى سؤال: فقال له السيد: وجه سؤالك إلى السيد شرف الدين ـ فأحاله إلى ضيفه السيد شرف الدين تقديراً وإكراماً له ـ.
قال السائل: سيد أنا أدرس فى لندن للحصول على الدكتوراه، وأنا ما زلت أعزب غير متزوج، وأريد امرأة تعيننى هناك ـ لم يفصح عن قصده أول
…
الأمر ـ.
فقال له السيد شرف الدين: تزوج ثم خذ زوجتك معك.
فقال الرجل: صعب على أن تسكن امرأة من بلادى معى هناك.
فعرف السيد شرف الدين قصده، فقال له: تريد أن تتزوج امرأة بريطانية إذن؟
قال الرجل: نعم، قال له شرف الدين: هذا لا يجوز، فالزواج باليهودية أو النصرانية حرام.
فقال الرجل: كيف أصنع إذن؟
فقال له السيد شرف الدين: ابحث عن مسلمة مقيمة هناك عربية أو هندية أو أي جنسية أخرى بشرط أن تكون مسلمة.
فقال الرجل: بحثت كثيراً فلم أجد مسلمات مقيمات هناك تصلح إحداهن زوجة لى.
وحتى أردت أن أتمتع فلم أجد، وليس أمامى خيار، إما الزنى وإما الزواج وكلاهما متعذر على.
أما الزنى فإني مبتعد عنه لأنه حرام، وأما الزواج فمتعذر على كما ترى، وأنا أبقى هناك سنة كاملة أو أكثر، ثم أعود إجازة لمدة شهر، وهذا كما تعلم سفر طويل، فماذا أفعل؟
سكت (1) السيد شرف الدين قليلاً ثم قال:
إن وضعك هذا محرج فعلاً
…
على أية حال أذكر أنى قرأت رواية للإمام جعفر الصادق عليه السلام، إذ جاء رجل يسافر كثيراً ويتعذر عليه اصطحاب امرأته أو التمتع في البلد الذى يسافر إليه، بحيث أنه يعانى مثلما تعانى أنت، فقال له أبو عبد الله عليه السلام:" إذا طال بك السفر فعليك بنكح الذكر "(2) . هذا جواب سؤالك.
خرج الرجل وعليه علامات الارتياب من هذا الجواب، وأما الحاضرون ومنهم السيد زعيم الحوزة فلم ينبس أحد منهم ببنت شفة.
ضبط أحد السادة في الحوزة وهو يلوط بصبي أمرد من الدارسين في الحوزة. وصل الخبر إلى أسماع الكثيرين، وفى اليوم التالي، بينما كان السيد المشار إليه يتمشى في الرواق، اقترب منه سيد آخر من علماء الحوزة أيضاً ـ وكان قد بلغه الخبر ـ فخاطبه بالفصحى مازحاً: سيد ما تقول في ضرب الحلق (3) ؟
فأجابه السيد الأول بمزاح أشد قائلاً له وبالفصحى أيضاً: يستحسن إدخال الحشفة فقط، وقهقه الاثنان بقوة!!؟؟
وهناك سيد من علماء الحوزة مشهور باللواطة، رأي صبياً يمشى مع سيد آخر من علماء الحوزة أيضاً، فسأله: من هذا الصبى الذى معك؟
(1) يبدو أنه احتار فى جواب السائل، فلما سنحت لى فرصة الانفراد بالسيد آل كاشف الغطاء سألته عن هذه الرواية التى ذكرها السيد شرف الدين فقال لى: لم أقف عليها فيما قرأت، ومنذ ذلك الوقت وأنا أحاول أن أجد مصدر تلك الرواية فى كل ما قرأت وما وقع بيدى من كتب الأخبار فلم أعثر على مصدر لها، وأظن أنه ارتجلها لئلا يحرج بالجواب أمام الحاضرين.
(2)
أخبرنى بعض تلاميذ السيد شرف الدين أنه فى زيارته بأوربا كان يتمتع بالأوربيات كثيراً، وبخاصة الجميلات منهن فكان يستأجر كل يوم واحدة، وكان متزوجاً من شابة مسيحية مارونيه اسمها نهار كتابيات أيضاً، فلماذا يحل لنفسه ما يحرمه على غيره؟
(3)
يريد بذلك حلقة الدبر.
فاجابه: هذا ابنى فلان.
فقال له: لم لا ترسله إلينا لنقوم بتدريسه وتعليمه كى يصبح عالماً مثلك؟
فأجابه ساخراً: أيها السافل الحقير أتريد ان آتيك به لتفعل به (كذا وكذا) !؟
وهذه الحادثة حدثني بها أحد الثقات من أساتذة الحوزة (1) .
لقد رأينا الكثير من هذه الحوادث، وما سمعناه أكثر بكثير حتى أن صديقنا المفضال السيد عباس جمع حوادث كثيرة جداً ودونها بتفاصيلها وتواريخها وأسماء أصحابها، وهو ينوى إصدارها في كتاب أراد أن يسميه " فضائح الحوزة العلمية فى النجف "، لأن الواجب كشف الحقائق للعوام من الشيعة أولئك المساكين الذين لا يعلمون ما يجرى وراء الكواليس، ولا يعلمون ما يفعله السادة، فيرسل أحدهم امرأته أو بنته أو أخته لغرض الزيارة أو لطلب الولد أو لتقديم (مراد الحسين) ، فيستلمها السادة وخاصة إذا كانت جميلة ليفجروا بها ويفعلوا بها كل منكر!! ولا حول ولا قوة إلا بالله. انتهي بحث السيد حسين الموسوى من علماء الشيعة بالنجف.
(1) وليس بغريب ولا عجيب، فإن بعض المنظومات التى كنا نقرؤها تنص على ذلك نصاً لا شبهة له، ألم يقل الناظم: " وجائز نكاح الغلام الأمرد
…
".