الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل السادس: الجهاد
رأينا في الخمس أنهم يشترطون إذن أحد أئمتهم في القتال حتى يكون في الغنائم الخمس فقط، ومعنى هذا أنهم يرون أن القتال المشروع هو ما كان بإذن أئمتهم. لهذا قالوا بأن الجهاد واجب مع وجود الإمام العادل أو من نصبه لذلك ودعائه إليه، فلا يجوز مع الجائز إلا أن يدهم المسلمين من يخشى منه على بيضة الإسلام، أو يكون بين قوم ويغشاهم عدو فيقصد الدفع عن نفسه في الحالتين لا معاونة الجائر. وكل حاكم في زمن أئمتهم يعتبرونه جائراً مغتصباً للإمامة، بل في زمن الغيبة ما لم يكن جعفرياً رافضياً.
ويقولون: يجب قتال من خرج على إمام عادل إذا دعا إليه أو من نصبه، والتأخر عنه كبيرة. ويسقط بقيام من فيه غنى مالم يستنهضه الإمام على التعيين، والفرار منه فى حربهم كالفرار فى حرب المشركين.
وفى وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قالوا: لو افتقر إلى الجراح أو القتل لم يجز إلا بإذن الإمام أو من نصبه. وكذا الحدود لا ينفذها إلا الإمام أو من نصبه.
وإذا كان الجعفرية الاثنا عشرية اتفقوا على مشروعية الجهاد ووجوبه فى زمن حضور الأئمة مع الإذن فإنهم قد اختلفوا في زمن الغيبة: فرأي بعضهم مشروعيته ووجوبه بأمر المجتهد الجامع للشرائط، ورأي آخرون عدم الاكتفاء بالمجتهد وحرمة توليه لأمر الجهاد. (1)
وبالنسبة لإقامة الحدود في زمن الغيبة قالوا: يقيمها الفقهاء إذا أمنوا ويجب على الناس مساعدتهم.
(1) انظر النور الساطع فى الفقه النافع 1 / 562 ـ 563.
وبالجملة: الجهاد وما يتعلق به موكول إلى أئمة الجعفرية الرافضة وفقهائهم (1)
هذا بعض ما جاء في كتب فقههم، وننتقل بعده إلى كتاب وسائل الشيعة، فماذا نجد في هذا الكتاب تأثراً بعقيدتهم التي وضعها عبد الله بن سبأ؟
نجد الجهاد والأمر بالمعروف في الجزء الحادي عشر. ومما جاء فيه ما يأتى:
1 ـ باب حكم المرابطة في سبيل الله، ومن أخذ شيئاً ليرابط به، وتحريم القتال مع الجائر إلا أن يدهم المسلمين من يخشى منه على بيضة الإسلام فيقاتل عن نفسه أو عن الإسلام. (ص 19)
وفى الباب:
قلت لأبى عبد الله ـ أي الإمام الصادق: جعلت فداك، ما تقول في هؤلاء الذين يقتلون في هذه الثغور؟ فقال: الويل: يتعجلون قتلة في الدنيا وقتلة في الآخرة! والله ما الشهيد إلا شيعتنا ولو ماتوا على فرشهم. (ص 21)
2 ـ باب من يجوز له جمع العساكر والخروج به إلى الجهاد. (ص 23)
وفى الباب:
جميع ما بين السماء والأرض لله عز وجل، ولرسوله صلى الله عليه وسلم، ولأتباعهم من المؤمنين من أهل هذه الصفة، فما كان عن الدنيا في أيدى المشركين والكفار والظلمة والفجار من أهل الخلاف لرسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ والمولى عن طاعتهما مما كان في أيديهم ظلموا فيه المؤمنين من أجل هذه الصفات
…
.. إلخ (ص25)
وفيه: إن لم يكن مستكملاً لشرائط الإيمان فهو ظالم ممن ينبغى ويجب جهاده حتى يتوب، وليس مثله مأذونا له في الجهاد
…
(ص26)
3 ـ باب اشتراط وجوب الجهاد بأمر الإمام وإذنه، وتحريم الجهاد مع غير الإمام العادل. (ص32)
(1) راجع هذا بالتفصيل في المرجع السابق 1 / 563 ـ 566.
4 ـ باب حكم الخروج بالسيف قبل قيام القائم. (ص35)
وفيه: والله لا يخرج أحد منا قبل خروج القائم إلا كان مثله كمثل فرخ طار من وكره قبل أن يستوي جناحاه
…
(ص36)
وفيه: كل راية ترفع قبل قيام القائم فصاحبها طاغوت يعبد من دون الله عز وجل. (ص37)
قلت: ومادام الجهاد مرتبطاً بخرافة القائم الذى لن يقوم فقد أبطلوا الجهاد إلى يوم القيامة. ويكفى زيارة القبور والطواف بالأضرحة!
5 ـ باب حكم قتال البغاة. (ص59)
وفى الباب:
مال الناصب وكل شيء يملكه حلال إلا امرأته، فإن نكاح أهل الشرك غير جائز. (ص60)
قلت: هذه الفرية الكبرى ينسبها غلاة الرافضة الزنادقة إلى الإمام المجتهد العلامة أبى عبد الله جعفر الصادق، برأه الله تعالى مما قالوا، وقد أشرت من قبل أنهم جعلوه كزعيم عصابة تغير وتسرق وتنهب ثم تعطيه الخمس! فأين دعاة التقريب؟ وأين معتدلو الشيعة؟ وأين المحبون لأهل البيت الأطهار؟ وكيف تلصق بهم هذه الأدناس المضلة؟ وسيأتي استحلال الدم أيضاً وليس المال فقط.
وفى الباب أيضاً:
لا يحل قتل أحد من النصاب والكفار في دار التقية إلا قاتل أو ساع فى فساد، وإذا لم تخف على نفسك وعلى أصحابك. (ص62)
ومع هذه المضلات المهلكات جاء في رواية أن علياً رضي الله عنه وكرم وجهه، لم يكن ينسب أحداً من أهل حربه إلى الشرك ولا إلى النفاق، ولكنه كان يقول: هم إخواننا بغوا علينا. (ص62)
هذا هو ما يتفق مع الواقع، فكيف ينسب الشرك أو النفاق إلى أم المؤمنين، زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ في الدنيا والآخرة، وإلى من شهد لهم الوحي
بأنهم من أهل الجنة، أفنكذب الله عز وجل، ورسوله ـ صلى الله عليه وسلم؟ وقوله يتفق مع ما جاء في كتاب الله العزيز في سورة الحجرات:
"" وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِن فَاءتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ. إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ ""
وصاحب كتاب وسائل الشيعة لم يطعن فى صحة الخبر ولا فى ثبوت ذلك عن الإمام على، وإنما قال:
" هذا محمول على التقية " انتهي!
قلت: وهذا طعن في الإمام نفسه، الشجاع الذى لا يخشى فى الله تعالى لومة لائم، والذى يضرب بشجاعته المثل، فكيف يصور بهذه الدرجة من الجبن والخوف وهو لم يذق طعم الجبن أبداً؟!
إن محاولة هدم الإسلام من الداخل لم تترك أحدا من نقلة الوحي وحملة الشريعة، ولذلك كان موقف الإمام من ابن سبأ مؤسس حزب الرافضة.
6 ـ باب وجوب التقية مع الخوف إلى خروج صاحب الزمان. (ص459) ويضم الباب خمسة وثلاثين خبراً، كلها في التقية!
منها ما هو تحريف لكتاب الله تعالى، مثل:
""أُوْلَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُم مَّرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا "" قال الإمام الصادق: بما صبروا على التقية "" وَيَدْرَؤُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ "" قال: الحسنة التقية، والسيئة الإذاعة "" ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ "" قال: التي هي أحسن التقية. (ص459، 460)، وفى أكثر من رواية أخرى:
""
إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللهِ أَتْقَاكُمْ "" قال: أشدكم تقية. (ص 466) وكثير منها ينسب للأئمة قولهم: التقية من ديني ودين آبائي، ولا دين لمن لا تقية له، ولا إيمان لمن لا تقية له.
ومنها: عليكم بالتقية، فإنه ليس منا من لم يجعلها شعاره ودثاره مع من يأمنه لتكون سجية مع من يحذره. (ص 466)
ومنها: تارك التقية كتارك الصلاة. (ص 466)
والأشد غرابة ونكراً أن يفتري هذا على الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ هو نفسه! حيث نسبوا إليه أنه صلى الله عليه وسلم كان يقول:
" لا إيمان لمن لا تقية له "! (ص 467)
7 ـ باب وجوب عشرة العامة بالتقية. (ص 470)
والمقصود بالعامة هنا عامة المسلمين من غير الرافضة.
8 ـ باب وجوب طاعة السلطان للتقية. (ص 471)
9 ـ باب وجوب التقية في الفتوى مع الضرورة. (ص 482)
10 ـ باب وجوب كتم الدين عن غير أهله مع التقية. (ص 483)
11 ـ باب وجوب كف اللسان على المخالفين وعن أئمتهم مع التقية. (ص 498)
قلت: من هذه الأبواب نستطيع تفسير معاملة الرافضة لجمهور المسلمين في عصرنا. ولذلك لم نعرف حقيقتهم إلا من قراءة كتبهم، أما مخالطتهم فلا تظهر شيئا من واقعهم، فقد يبدون لك المحبة والمودة والموافقة بغير خلاف يذكر، وهم يستحلون دمك ومالك!