الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وعن القمي والكافى في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ} ، رويا أنها نزلت في ولاية الإمام على (1) .
ومن هذا كله يتضح أثر الإمامة في هذا التفسير، وهو بلا شك أكثر غلواً من تفسير الطوسى، بل من الطبرسي، وأبحاثه الروائية نقلها من القمي والعياشى والكلينى وغيرهم، فهو في هذا لا يكاد يفترق عن باقى الضالين.
تاسعاً: التفسير الكاشف
إذا كان التبيان للطوسى - كما رأينا - هو أكثر الكتب اعتدالاً أو أقلها غلواً، فإن عصرنا شهد بعض الكتب في التفسير الشيعى لا تقل عنه اعتدالا، ولا تزيد عنه غلوا. من هذه التفاسير كتابان: أحدهما " التفسير الكاشف " للعالم الجعفرى اللبنانى المشهور: محمد جواد مغنية، ومظاهر الاعتدال نراها فيما يأتى:
أولاً: في بيانه لمنهجه في التفسير، حيث يقول:
اعتمدت - قبل كل شىء - في تفسير الآية وبيان المراد منها على حديث ثبت في سنة الرسول صلى الله عليه وسلم لأنها ترجمان القرآن، والسبيل إلى معرفة معانيه:
…
{وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا} (2) .
فإذا لم يكن حديث من السنة اعتمدت ظاهر الآية، وسياقها، لأن المتكلم الحكيم يعتمد في بيان مراده على ما يفهمه المخاطب من دلالة الظاهر، كما أن المخاطب بدوره يأخذ بهذا الظاهر، حتى يثبت العكس.
وإذا أوردت آية ثانية في معنى الأولى، وكانت أبين وأوضح، ذكرتهما معاً، لغاية التوضيح، لأن مصدر القرآن واحد، ينطق بعضه ببعض، ويشهد بعضه على بعض.
(1) انظر 9 / 59 - 60، والآية الكريمة في سورة الأنفال: الآية 24.
(2)
سورة الحشر: الآية 7.
وإذا تعارض ظاهر اللفظ مع حكم العقل وبداهته، أولت اللفظ بما يتفق مع العقل باعتباره الدليل والحجة على وجوب العمل بالنقل.
وإذا تعارض ظاهر اللفظ مع إجماع المسلمين في كل عصر ومصر على مسألة فقهية حملت الظاهر على الإجماع، كقوله تعالى (إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ ((1) ، حيث دلت " فاكتبوه " على الوجوب، والإجماع قائم على استحباب كتابة الدين، فأحمل الظاهر على الاستحباب دون الوجوب.
أما أقوال المفسرين فلم أتخذ منها حجة قاطعة، ودليلاً مستقلاً، بل مؤيداً ومرجحاً لأحد الوجوه إذا احتمل اللفظ لأكثر من معنى، فلقد بذل المفسرون جهوداً كبرى للكشف عن معاني القرآن وأسراره وإبراز خصائصه وشوارده، وأولوا كتاب الله من العناية ما لم يظفر بمثلها كتاب في أمة من الأمم قديمها أو حديثها.
وإن في المفسرين أئمة كباراً في شتى علوم القرآن التي كانت الشغل الشاغل للمسلمين في تاريخهم الطويل، فإذا لم تكن أقوال هؤلاء الأقطاب حجة، كقول المعصوم، فإنها تلقى ضوءاً على المعنى المراد، وتمهد السبيل إلى
…
تفهمه (2) .
ثانياً: في التزامه بهذا المنهج إلى حد كبير:
مثال هذا ما ذكره في تفسير الفاتحة عند قوله تعالى: {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ} قال: " جاء في بعض الروايات أن المغضوب عليهم هم اليهود،
(1) 282: سورة البقرة، والآية كتبت في التفسير الكاشف خطأ حيث سقط منها " إلى أجل مسمى ".
(2)
1 / 16.
والضالين هم النصارى، ولكن لفظ الآية عام لا تخصيص فيه، ولا استثناء، فكل مطيع تشمله نعمة الله ورحمته، وكل عاص ضال ومغضوب عليه " (1) .
وعند تفسير الآيات من " 111 إلى 113 " من سورة البقرة، أشار إلى أن اليهود والنصارى يكفر بعضهم بعضاً، ثم وضع عنواناً نصه:" أيضاً المسلمون يكفر بعضهم بعضاً "، وتحت هذا العنوان قال:
وإذا كان اليهود بحكم الطائفة الواحدة، لأن التوراة تعترف بعيسى، والإنجيل يعترف بموسى، فبالأولى أن تكون السنة والشيعة طائفة واحدة، حقيقة وواقعة: لأن كتابهم واحد، وهو القرآن، لا قرءانان، ونبيهم واحد، وهو محمد، لا محمدان، فكيف إذن يكفر بعض من الفريقين إخوانهم في الدين؟
ولو نظرنا إلى هذه الآية: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَىَ شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ} (2) ، ولو نظرنا إليها بالمعنى الذي بيناه، واتفق عليه جميع المفسرين، ثم قسنا من يرمى بالكفر أخاه المسلم ـ لو نظرنا إلى الآية، وقسنا هذا بمقياسها لكان أسوأ حالاً ألف مرة من اليهود والنصارى.. (لقد كفر اليهود النصارى وكفر النصارى اليهود، {وَهُمْ يتْلُونَ الْكِتَابَ} أي التوراة والإنجيل، فكيف بالمسلم يكفر أخاه المسلم، وهو يتلو القرآن؟ فليتق الله الذين يلوون ألسنتهم بالكتاب، وقلوبهم عمى عن معانيه
…
ومراميه (3) .
(1) 1 / 35.
(2)
سورة البقرة: الآية 113.
(3)
1 / 180.
وفى تفسير سورة الأنفال " الآيات 72: 75 " تحدث عن المهاجرين والأنصار فقال: ما قرأت شيئاً أبلغ من وصف الإمام زين العابدين " ع " للمهاجرين والأنصار وهو يناجى ربه، ويطلب لهم الرحمة والرضوان بقوله:
" اللهم أصحاب محمد خاصة الذين أحسنوا، وأبلوا البلاء الحسن في نصره، وكاتفوا وأسرعوا إلى وفادته، وسابقوا إلى دعوته، واستجابوا له، حيث أسمعهم حجة رسالاته، وفارقوا الأزواج والأولاد في إظهار كلمته، وقاتلوا الآباء والأبناء في تثبيت نبوته، وانتصروا به، ومن كانوا منطوين على محبته، يرجون تجارة لن تبور في مودته
…
فلا تنس لهم اللهم ما تركوا لك وفيك
…
وكانوا مع رسولك لك إليك ".
وبعد أن ذكر الشيخ مغنية قول الإمام قال:
ملحوظة: هذه المناجاة جاءت في الصحيفة السجادية التي تعظمها الشيعة، وتقدس كل حرف منها، وهى رد مفحم لمن قال: إن الشيعة ينالون من مقام الصحابة (1) .
وفى تفسير سورة الرعد " الآيات 35: 38 " قال تحت عنوان " الشيعة الإمامية والصحابة ": دأب بعض المأجورين والجاهلين على إثارة الفتن والنعرات بين المسلمين لتشتيت وحدتهم وتفريق كلمتهم، دأبوا على ذلك عن طريق الدس والافتراء على الشيعة الإمامية، وذلك بأن نسبوا إليهم النيل من مقام الصحابة، وتأليه على، والقول بتحريف القرآن الذي يهتز له العرش
…
وما إلى ذلك من الكذب والبهتان
…
(وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَفْرَحُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ ((2) قال الطبرسي: " يريد الله سبحانه أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم الذين آمنوا به، وصدقوه
(1) 3 / 515.
(2)
سورة الرعد: الآية 36.
وأعطوا القرآن، وفرحوا بإنزاله "
…
ولو كانوا ينالون من مقام الصحابة لاتجه شيخهم الطبرسي في تفسير هذه الآية إلى غير هذا الوجه (1) .
وفى تفسير سورة التحريم يقول عن الآية الرابعة: {إِن تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} : أي مالت إلى الحق، ثم يقول مشيراً إلى حفصة وعائشة من أمهات المؤمنين: فإن تابتا وأصلحتا فقد مال قلباهما إلى أمر الله والإخلاص لرسوله، وإن أصرتا على التعاون ضد الرسول فإن الله وليه وناصره، وأيضاً يعينه ويؤازره جبريل، وجميع الملائكة والمؤمنين الصالحين (2) .
(1) 4 / 412.
نلاحظ على إخواننا الشيعة الذين يتجهون نحو الاعتدال والابتعاد عن الغلو، أنهم يتجاهلون الواقع ويقعون في التناقض، والصحابة الكرام، رضي الله عنهم ورضوا عنه، لهم مقام معلوم عند الله تعالى، وعند جمهور المسلمين. وما نقله الشيخ مغنية مدحاً في الصحابة هو عين الحق بلا أدنى ريب، ولكننا نلاحظ أن ما ذكره في تفسير سورتى الأنفال والرعد كأنما جاء للدفاع عن الشيعة لا الصحابة! فالشيخ مغنية نفسه أثنى على كتاب بحار الأنوار للمجلسى أيما ثناء، ورأينا من قبل في دراستنا لهذا الكتاب أن صاحبه يرى تحريف القرآن الكريم، ويكفر الصحابة وعلى الأخص الخلفاء الراشدون الثلاثة. وأشرت من قبل بعد دراسة
…
تفسير القمي الضال المضل إلى التناقض الذي وقع فيه السيد أبو القاسم الخوئى - مرجع الشيعة السابق بالعراق - حيث ذهب إلى صحة جميع روايات هذا التفسير، والخوئى يقطع بعدم تحريف القرآن الكريم، والقمى يجزم بتحريفه، ويكفر الصحابة ويلعنهم، والكلينى صاحب كتاب الكافى أعظم كتاب عندهم - ذهب مذهب شيخه القمي في التكفير والتحريف.
فكان على الشيخ مغنية - وأمثاله ممن ينشدون الاعتدال - ألا يتجاهلوا الواقع، وألا يقعوا في التناقض، كان عليهم إذن أن يهاجموا القمي والكلينى والعياشى والمجلسى وأمثالهم، ويبينوا أن هؤلاء ليسوا من شيعة الإمام زين العابدين، وغيره من الأئمة الأطهار، فضلاً عن أن يكونوا من أعلام الشيعة الثقات، كان عليهم هذا بدلاً من أن يهاجموا من يذكر الواقع والحقيقة!!
(2)
7 / 364.
وبعد تفسير سورة الليل يقول: قال الشيخ محمد عبده: روى المفسرون هنا أسبابأ للنزول، وأن الآيات نزلت في أبى بكر، ومتى وجد شىء من ذلك في الصحيح لم يمنعا من التصديق به مانع، ولكن معنى الآيات لا يزال عاماً (1) .
من هذا نرى أن الشيخ مغنية في تفسيره يمثل جانب الاعتدال النسبى عند الجعفرية في المنهج والتطبيق، وبالطبع لا يخلو تفسيره من التأثر بعقيدته في الإمامة، فعلى سبيل المثال:
نراه ينسب لأمير المؤمنين على بن أبى طالب رضي الله عنه أنه قال: " ذاك القرآن الصامت وأنا القرآن الناطق "(2) ، وناقشنا هذا من قبل (3) .
كما نراه يتحدث عن عصمة أهل البيت (4) ، وعن الإمامة وفكرة العصمة (5) . ويتحدث عن المهدى المنتظر في أكثر من موضع (6) ، غير أنه كان يذكر بعض الأحاديث التي صحت عن طريق أهل السنة (7) .
(1) 7 / 576.
(2)
1 / 10، 1 /39.
(3)
راجع ص 135 وما بعدها.
(4)
انظر 1 /88.
(5)
1 / 196 - 199.
(6)
انظر 1 / 206، 5 / 57، 5/ 302.
(7)
ومن هذه الأحاديث ما رواه أبو داود في سننه، واعترف الشيخ مغنية بصحته، وهو:" قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو لم يبق من الدنيا إلَاّ يوم واحد، لطول الله ذلك اليوم حتى يبعث رجلاً من أهل بيتى، يواطئ اسمه اسمى، واسم أبيه اسم أبى، يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً "" 5/302 "، والشيخ مغنية هنا وقع في التناقض الذي أشرنا إليه من قبل، لأن هذا الحديث الشريف يخالف عقيدته في المهدى، حيث يعتقد أنه محمد بن الحسن العسكرى، وليس محمد بن عبد الله الذي سيبعث قبيل الساعة.
ويتحدث عن التقية ويقول: " من خص التقية بالشيعة فقط، وشنع بها عليهم، فهو إما جاهل، وإما متحامل "(1) .
ويفصل القول في الحديث عن الخمس، ويهاجم أبا سفيان وحفيده يزيد، ذاكرا قول الشاعر:
فابن حرب للمصطفى وابن هند
…
لعلى وللحسين يزيد (2)
وفى تفسير سورة آل عمران " الآيات 33: 37 " يضع هذا العنوان: " فاطمة ومريم "، ويذكر تحته حقاً وباطلاً، ويشير إلى أن فاطمة كمريم، وعلى كزكريا، كان كلما دخل عليها وجد عندها رزقاً من عند الله تعالى (3) .
وفى تفسير سورة النساء " الآيتين 95، 96 " يتحدث عن تفسير الآيتين، وتحت عنوان:" على وأبو بكر "، يجادل ليصل إلى أفضلية على بحهاده وعلمه، وفى آخر جدله العقيم يقول: منزلة على من العلم لا تدانيها منزلة واحد من الصحابة على الإطلاق، وكفى شاهداً على ذلك ما تواتر عن الرسول الأعظم " أنا مدينة العلم وعلى بابها ". وقد حفظ التراث الإسلامى من علم على ما لم يحفظه لأبى بكر، ولا لغيره من الصحابة (4) .
(1) وانظر بحث التقية والأسباب التي جعلتها مبدأ خاصاً بالشيعة في الفصل الخامس من الجزء السابق.
(2)
انظر 3 / 482-484.
(3)
انظر 2 / 50-51.
(4)
انظر 2 / 414 - 416.
والحديث الذي ذكر أنه متواتر، قال عنه الدار قطنى في العلل: هذا حديث مضطرب غير ثابت، وقال الترمذى: منكر، وقال البخاري: ليس له وجه صحيح، وقال يحيى بن معين: كذب لاأصل له، وذكره ابن الجوزى في الموضوعات " انظر كشف الخلفاء 1 /203 - 205 وراجع فيه الآراء المختلفة حول هذا الحديث، وانظر أيضاً: فيض القدير 3/47046، والمقاصد الحسنة 97، وذكرت تخرج الحديث من قبل. *
*وروى الإمام البخاري بسنده عن محمد بن الحنفية قال: " قلت لأبى: أي الناس خير بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أبو بكر. قلت: ثم من؟ قال " ثم عمر " قال ابن تيمية: قد روى هذا عن على من نحو ثمانين طريقا، وهو متواتر عنه. " انظر جامع الرسائل1 / 261 " واذكر هذا هنا من باب التذكير، فليس هنا مجال لمناقشة مثل هذه الآراء.
وفى سورة المائدة: وعند تفسير الآية الثالثة من السورة، تحت عنوان " إكمال الدين وإتمام النعمة "، نراه يتظاهر بأنه يعرض رأى كل من الشيعة والسنة فقط، لينتهى من هذا إلى خلافة على (ويشير إلى كتاب الغدير ككتاب قيم، وأن هذا الكتاب ذكر رواة حديث الغدير، وهم 120 صحابياً، 840 تابعاً، 360 إماماً وحافظاً للحديث، وفيهم الحنفى والشافعى وغيرهما، كل ذلك نقله عن كتب
…
السنة (1) .
وعند تفسير الآية الخامسة والخمسين من السورة {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ} يذكر كغيره أنها نزلت في على بن أبى طالب (2) .
ثم يعود إلى الغدير عند تفسير الآية السابعة والستين من سورة المائدة أيضاً {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ
…
} ويذكر أن الشيعة استدلوا بأحاديث رواها أهل السنة (3) .
(1) انظر 3 /13-15، وراجع ما كتبته فيما سبق عن الغدير في الفصل الثالث من الجزء الأول، وفيه إشارة لكتاب الغدير المذكور، وبعض أكاذيبه وافتراءاته، وإثبات أن حديث الغدير في التمسك بالكتاب والعترة كوفى المنشأ ، ليس له طريق إلَاّ عن المجروحين من شيعة الكوفة!
(2)
انظر 3 / 81 وانظر مناقشة ما ذهبوا إليه في الجزء السابق.
(3)
انظر 3 / 96 - 99.
وعند تفسير الآية الثالثة والثلاثين من سورة الأحزاب: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} يذكر ما ذهب إليه الشيعة، وبين أدلتهم، محاولاإثبات صحة ما ذهبوا إليه (1) .
وفى سورة الشورى، عند تفسير الآية الثالثة والعشرين:{قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} ، يقول عن البحر المحيط: هم على وفاطمة والحسن والحسين، ويقول أيضاً: ونقل بعض المفسرين رواية، في سندها معاوية، ومؤدى هذه الرواية أن معنى الآية: قل يا محمد لقريش: ناشدتكم الرحم أن لا تؤذونى. ثم أخذ يناقش ليثبت أنها في الأربعة (2) .
(1) انظر 6 / 216 - 218.
(2)
انظر 6 /522 -523.
وما ذكره عن البحر المحيط لا يمثل رأى أبى حيان، ولا يبين أنه يرى صحة هذا الخبر، فأبو حيان جمع أخباراً - صحيحة أو غير صحيحة - وأثبتها في تفسيره، ومنها هذا الخبر الذي لا يقبل، فالسورة مكية، أي أنها نزلت قبل أن يولد الحسن والحسين بسنوات، أما إذا أردنا أن نبحث عن الصحيح فإنا نرى الإمام البخاري يروى في صحيحه بسنده عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه سئل عن قوله {إلا المودة في القربى} فقال سعيد بن جبير: قربى آل محمد صلى الله عليه وسلم، فقال ابن عباس: عجلت، إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن بطن من قريش إلَاّ كان له فيهم قرابة، فقال: إلَاّ أن تصلوا ما بينى وبينكم من القرابة، " كتاب التفسير سورة حم عسق باب {إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى}
وقال ابن حجر في فتح البارى في شرحه لهذا الخبر: قال ابن عباس: عجلت: أي أسرعت في التفسير، وهذا الذي جزم به سعيد بن جبير قد جاء عنه من روايته عن ابن عباس مرفوعاً، فأخرج الطبري وابن أبى حاتم، من طريق قيس بن الربيع، عن الأعمش عن سعيد بن جبير، * * عن ابن عباس قال: لما نزلت قالوا: يا رسول الله، من قرابتك الذين وجبت علينا مودتهم؟ الحديث، وإسناده ضعيف، وهو ساقط لمخالفته هذا الحديث الصحيح.
أما ذكر الشيخ مغنية لمعاوية، يريد أن يلمزه، ففيه بعد عن الحق، فعلى الرغم مما حدث بينه وبين سيدنا على لم يرد عن طريقه حديث واحد فيه طعن للإمام على، وكل الأحاديث التي صحت عن طريق معاوية ليس فيها أي مطعن، وقد جمع ابن الوزير- وهو من علماء الشيعة الزيدية - ما روى عن طريق معاوية في الصحاح الستة، وأثبت صحته من طرق ليس فيها معاوية. رضي الله عنه. " انظر الروض الباسم في الذب عن سنة أبى القاسم 2/114 - 119".