الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تعقيب
بعد بيان عقيدة الإمامة عند الشيعة الاثنى عشرية كما جاءت في كتبهم هم أنفسهم أذكر بما يأتي: -
جعلهم الإمامة أصلا من أصول الدين فيه طعن في الصحابة رضي الله تعالى عنهم، فما منهم من أحد يقول بالإمامة التي تقصدها هذه الفرقة، حتى أن الإمام علياً رضى عنه هو نفسه لم يقل بهذا كما بينت وأثبت فيما جاء تحت عنوان " رابعاً: على وبيعة من سبقه "، وأول من قال بالوصى بعد النبي صلى الله عليه وسلم هو عبد الله بن سبأ كما نقلت من المراجع الشيعية نفسها في التمهيد.
إجماعهم على تكفير من حارب أمير المؤمنين على بن طالب رضي الله عنه يعنى تكفير آلاف الصحابة الكرام البررة، وتكذيب الرسول صلى الله عليه وسلم الذي شهد لهم بالخيرية، وبشر بعضهم بالجنة، بل يصطدم مع كتاب ربنا عز وجل، فمنهم من شهد الله سبحانه وتعالى بأنه رضى عنهم، ولم يثبت أنه عاد فسخط عليهم فمن أين إذن جاءوا بهذه الفرية الكبرى؟!
ما سبق من قول المفيد ـ شيخ طائفتهم الطوسي، وابن بابويه القمي الملقب عندهم بالصدوق، وصاحب أحد كتب الحديث الأربعة المعتمدة عندهم، وابن المطهر الحلى الملقب عندهم بالعلامة، وغيرهم يدل على أنهم يرون تكفير الأمة كلها ما عدا الرافضة وأتباع عبد الله بن سبأ، وعلى الأخص خير أمة أخرجت للناس وهم الصحابة الكرام رضي الله تعالى عنهم ورضوا عنه. وهذا ما سنراه عند تناولنا لكتاب الكافى للكلينى، وهو أول وأعلى كتب الحديث المعتمدة عندهم، وكتاب شيخه على بن إبراهيم القمي في التفسير.
وفى كتابى " المراجعات المفتراة على شيخ الأزهر البشرى " أثبت أن عبد الله الحسين شرف الدين يرى هذا الرأي الفاجر الكافر الضال، وهذا يقطع بأن مسألة تكفير الأمة والصحابة الكرام ليس مسألة تاريخية جاءت في كتب التراث عندهم كما يحلو لدعاة التقريب عن جهل أو تضليل أن يبرروا هذا الضلال. بل إن عبد الحسين الذي يرى هذا الرأي ذكر أنه من دعاة التقريب!! وقد جاء هذا في أحد مؤتمرات التقريب في طهران، وعبد الحسين في كتابيه المراجعات والفصول المهمة في تأليف الأمة يعتبر فعلاً من دعاة التقريب ولكن بمفهوم خاص!! فهو يدعو إلى تأليف الأمة كلها وجمعها تحت راية عبد الله بن سبأ، وجعلها جميعها من الرافضة التي رفضت تبرئة الشيخيين خير البشر بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم واجتمعت على تكفيرهما وتكفير من بايعهما!!
ويحضرنى هنا ما اشتهر عن أبى زرعة الرازى أنه قال:
" إذا رأيت الرجل ينتقص أحداً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعلم أنه زنديق: وذلك أن القرآن حق، والرسول صلى الله عليه وسلم حق، وما جاء به حق، وما أدى إلينا ذلك كله إلا الصحابة. فمن جرحهم إنما أراد إبطال الكتاب والسنة، فيكون الجرح به أليق، والحكم عليه بالزندقة والضلال أقوم وأحق ".
قولهم بوجوب استمرار الإمامة أبداً دون انقطاع أو توقف إلى يوم القيامة بعد الإمام الحسين رضي الله عنه في أحد من نسله، بحيث يكون الابن خلفا للأب، هذا القول جعلهم يضطرون إلى تنصيب طفل صغير في السابعة من عمره، وهو إمامهم محمد الجواد الإمام التاسع، ولذلك وجدنا فرقتين من شيعة أبيه على الرضا لم يعترفوا بإمامته لأنهم استصبوه واستصغروه. وفى كتاب فرق الشيعة (ص 92) للنوبختى والقمى الشيعيين جاء بيان هذا حيث قالا:
" إن أبا الحسن الرضا عليه السلام توفى وابنه محمد ابن سبع سنين، فاستصبوه واستصغروه، وقالوا: لا يجوز أن يكون الإمام إلا بالغا، ولو جاز أن يأمر الله عز وجل بطاعة غير بالغ لجاز أن يكلف الله غير بالغ، فإنه كما لا يعقل أن يحتمل التكليف غير بالغ، فكذلك لا يفهم القضاء بين الناس، دقيقه وجليله، وغامض الأحكام وشرائع الدين، وجميع ما أتى به النبي صلى الله عليه وسلم، وما تحتاج إليه الأمة إلى يوم القيامة من أمر دينها ودنياها، طفل غير بالغ، ولو جاز أن يفهم ذلك من قد نزل عن حد البلوغ درجة، لجاز أن يفهم ذلك من قد نزل عن حد البلوغ درجتين وثلاثا وأربعا راجعا إلى الطفولة، حتى يجوز أن يفهم ذلك طفل في المهد والخرق، وذلك غير معقول ولا مفهوم ولا متعارف " ا. هـ
وكذلك اعتبروا ابنه عليا الهادى إماما وهو في السادسة من عمره، وعلى قول آخر في الثامنة، أي أنه كسابقه في سن الطفولة!
وأعجب من هذا كله قولهم بعد إمامهم الحادي عشر الحسن العسكري: فقد توفى ولم ير له خلف، ولم يعرف له ولد ظاهر، فاقتسم ما ظهر من ميراثه أخوه جعفر وأمه، فافترق أصحابه من بعده أكثر من عشر فرق، فاخترع الاثنا عشرية له ابنا طفلا إماما حيا لا يموت إلى يوم القيامة!! وهو غائب يحج كل عام يرانا ولانراه!!
والإمامية الذين ساروا مع ضلال الاثنى عشرية في أحد عشر إماما، جميعهم ـ ما عدا فرقة واحدة ـ قالوا وأكدوا أن الحسن العسكري ليس له ولد.
من يراجع كتب الفرق يجد ظاهرة عامة وهى افتراق الشيعة إلى فرق مختلفة عند موت كل إمام، وكل فرقة من هذه الفرق يمكن أن تفترق هي الأخرى إلى عدة فرق. وسيأتي ـ إن شاء الله تعالى ـ بيان لشىء من هذا في موضوع تدوين السنة عند الشيعة في الجزء الثالث، ونجد من هذه الفرق من بلغت درجة تأليه بعض البشر، والشرك بالله عز وجل، ومن ادعت نبوة
فرد من أفرادها، ومن استباحت اللواط ونكاح المحارم، وقالت: من عرف الإمام فليصنع ما شاء فلا إثم عليه!
والمهم أن كل فرقة من هذه الفرق الضالة تزعم أنها هي الفرقة الناجية، وأنها تمثل مذهب أهل البيت! وأهل البيت الأطهار الأبرار برءاء منهم جميعاً.
وإن تعجب فعجب قول كل فرقة أنها مؤيدة بالكتاب العزيز، والسنة
…
المطهرة!!
ويأتى لهذا مزيد بيان في الفصل التالي، وفى التدوين وكتب الحديث عند الاثنى عشرية في الجزء الثالث من هذا الكتاب.