الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حتى نيروز الفرس، الذى يدل على المجتمع المجوسى، وأن من شاركهم كان ممن يحن إلى المجوسية إن لم يكن مجوسياً، حتى هذا الغلو الواضح الفاضح ينسبونه كذباً للإمام الصادق المبرأ مما قالوا.
ففي الباب الرابع والعشرين (ص 960) تحت عنوان " استحباب غسل يوم النيروز "، ينسبون للإمام الصادق أنه قال:" إذا كان يوم النيروز فاغتسل، والبس أنظف ثيابك "!!
وفي الباب الثامن والعشرين (ص 961)" استحباب غسل يوم الغدير "، وتحت الباب يفترون على الإمام الصادق أنه قال:
" صيام يوم غدير خم يعدل صيام عمر الدنيا "!!
" ومن صلى فيه ركعتين يغتسل عند زوال الشمس عدلت عند الله تعالى مائة ألف حجة، ومائة الف عمرة "!!!
وفي الباب الذى يليه " استحباب غسل الزيارة " ينسبون له أيضاً أنه قال " إذا أتيت قبر الحسين عليه السلام فأت الفرات واغتسل ".
رابع عشر: قراءة القرآن الكريم ومس المصحف
للجنب والحائض والنفساء
يرى الشيعة تحريم قراءة العزائم الأربع للجنب والحائض والنفساء، وهذه العزائم هي السور التى بها السجدات الواجبة عندهم (1) . وهي: السجدة، وفصلت، والنجم، والعلق. ويكره عندهم كذلك قراءة ما زاد على سبع آيات من غير هذه السور. ويحرم مس كتابة القرآن الكريم. ويكره مس المصحف دون الكتابة، ويمنعون غير المتوضئ مس كتابة القرآن، ويجوز له مس المصحف دون الكتابة.
(1) وقع الخلاف بين المذاهب في حكم السجود، وفي عدد السجدات التى هي عزائم، انظر ذلك مثلا في: بداية المجتهد جـ 1 ص 226 وما بعدها، وفي كتب المذاهب المختلفة.
أما المذاهب الأربعة فقد منعوا الثلاثة من قراءة القرآن مطلقاً، دون تفرقة بين العزائم وغيرها، ومن أباح منهم ذلك فبشرط ألا يزيد عن الآية، أو بغير قصد للقراءة، كأن يكون للدعاء أو الثناء، أو التعليم، إلى غير ذلك، وأباح المالكية القراءة للحائض والنفساء حال استرسال الدم، واشترطوا لمن يمس المصحف عموماً أن يكون متطهراً من الحدثين الأصغر والأكبر.
وأباح المالكية المس للمعلمة والمتعلمة إذا كانت حائضاً أو نفساء (1) .
والتفرقة بين السور الأربع وباقى القرآن الكريم لابد لثبوتها من دليل قاطع، فالقرآن كله له قدسيته وحرمته.
وحكم السجود وعزائمه مختلف فيه، ولو صح كما ذهب الشيعة إليه من إيجاب السجود وتحديد عزائمه ـ لتعلقت الحرمة بمواضع السجود فقط، ولكنهم يحرمون السور الأربع كلها حتى البسملة إذا نواها منها، ثم إنهم لا يشترطون الطهارة لهذه السجدات.
فإذا كانت الطهارة ليست شرطاً لسجود القرآن، فكيف تكون شرطاً فيما يؤدى إلى هذا السجود؟
وإذا نظرنا إلى رواياتهم نجد أنهم يروون ثلاثة أحاديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم، وباقى الروايات عن الأئمة (2) .
فأما أحاديث الرسول ـ صلى الله عليه وسلم: فالأول هو أن النبى ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال للإمام على: " يا على، من كان جنباً في الفراش مع امرأته فلا يقرأ القرآن، فإنى أخشى أن تنزل عليهما نار من السماء فتحرقهما ".
(1) انظر حاشية ابن عابدين 1/278-279، والمبسوط 3/152، وحاشية الدسوقى 1/125-126، ص 138-139، وص 174-175، وحاشية البجيرمى 1/52-54، ص 102-103 والمغنى 1/135-136 وص 136-141 وانظر كذلك بداية المجتهد 1/42-43 وص 50 ونيل الأوطار 1/259-261 وسبل السلام 1/69-70.
(2)
انظر جميع الروايات في الوسائل 2/296-298.
والحديث الثانى عن الإمام كرم الله وجهه: " كان رسول صلى الله عليه وسلم لا يحجزه عن قراءة القرآن إلا الجنابة ".
والحديث الثالث كالثانى وفيه: " لا يحجبه أو لا يحجزه ".
وهذه الأحاديث الثلاثة تؤيد ما ذهب إليه أصحاب المذاهب الأربعة، وتخريج القراءة على أنها قراءة العزائم، أو احتمال النسخ (1) كل ذلك ينقصه الدليل. وما يتعارض مع أحاديث الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ من أقوال للأئمة أو غيرهم ـ فإنا بلا ريب لا يمكن أن نأخذ بها.
على أن الشيعة أنفسهم منهم من ذهب إلى تحريم القراءة مطلقاً كالمذاهب الأربعة، ومنهم من حرم ما زاد على سبع آيات (2) .
وبالنسبة لمس المصحف فقد فرق الشيعة بين مسه ومس الكتابة، ورأوا أن المقصود من الضمير في قوله تعالى:"" لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ "" وهو القرآن الكريم، وهو غير المصحف، فالقرآن عبارة عن المقروء وهو نفس الكتابة، والمصحف إنما هو الكتاب الذى جعلت فيه الصحف (3) .
ونلاحظ أن المصحف ما استمد قدسيته إلا بما فيه من الكتابة، وإذا كان بعض الشيعة الرافضة يرون حرمة مس أسماء الأئمة، فهل يرى هؤلاء أن المصحف لا يصل إلى هذه المرتبة؟ "" أَفَلَا يَعْقِلُونَ ""؟
وقد ورد عن طريقهم: " لا يجوز لك أن تمس المصحف وأنت جنب، ولا بأس أن يقلب لك الورق غيرك "(4) .
(1) انظر ذلك في الصفحة الأولى من الموضع السابق.
(2)
انظر مفتاح الكرامة - كتاب الطهارة ص 327.
(3)
انظر الحقائق 2/12.
(4)
الوسائل - المستدرك 2/295.
وقد استدل أحمد بحديث ابن عمر: " لا يمس المصحف إلا على طهارة "(1) .
ففي هاتين الروايتين ذكر صريح للمصحف، والله أعلم بالصواب.
وبعد هذا النقاش نأتى إلى رأي لا يحتاج إلى مناقشة، فهو يتصل بغلوهم في عقيدة الإمامة، حيث يجعلون بيوت أئمتهم تقترب من المساجد في الحكم فيمنع الجنب من دخولها، كما يجعلونها بيوت أنبياء: ونذكر هنا ما جاء في وسائل الشيعة (1/489-490) تحت باب " كراهة دخول الجنب بيوت النبى صلى الله عليه وآله وسلم والأئمة عليهم السلام ".
نجد هنا خمس روايات:
أربعة منها تذكر أن أبا بصير دخل ـ وهو جنب ـ على أبى عبد الله، أي الإمام الصادق، فقال له:" أما تعلم أنه لا ينبغى لجنب أن يدخل بيوت الأنبياء؟ "
وفي رواية: " أما علمت أن بيوت الأنبياء وأولاد الأنبياء لا يدخلها الجنب ".
وفي رواية أنه فعل ذلك عمداً ليعطيه من دلالة الإمامة مثل ما أعطاه أبوجعفر، أي الإمام الباقر. والكذاب يقصد هنا نسبة علم الغيب للأئمة، حيث عرف أنه جنب بمجرد أن رآه.
وفي الرواية الأخيرة: " هكذا تدخل بيوت الأنبياء وأنت جنب "؟
وغير الأربعة رواية عن الحسين عليه السلام، أن أعرابياً دخل عليه فقال له:" أما تستحي يا أعرابي تدخل على إمامك وأنت جنب "؟!
(1) انظر نيل الأوطار 1/259.