الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأعجب ما قيل في هذه الرواية هو جواز حملها على التقية (1) .
فذلك الذى استعان بغيره في الوضوء بصب الماء خوفاً وتقية من جمهور المسلمين، الذين يجيزون ذلك مع القول بالكراهة عند كثير منهم، ولم يوجبه أحد على الإطلاق، أفلا خافهم فغسل رجليه بدلا من مسحهما مخالفاً بذلك ما أجمعوا عليه؟
علماً بأن الشيعة يجيزون غسل الرجلين تقية.
فلا دليل على التفرقة بين الاستعانة والتولية، وجعل الصب على الأعضاء تولية تحرم اختياراً.
حادي عشر: غسل مخرج البول
اتفق الشيعة مع المذاهب الأربعة في وجوب الماء لغسل موضع الغائط إذا تعدى المخرج، ونظر أصحاب المذاهب الأربعة أيضاً إلى تعدى المخرج في البول، فأوجبوا الماء حينئذ فقط كالغائط (2) .
أما الشيعة فقد فرقوا بين البول والغائط ورأوا وجوب الماء لغسل مخرج البول عموماً.
ولم يثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم ـ من طريقى السنة والشيعة ـ أنه أوجب الماء، ولكنهم استدلوا بروايات عن الأئمة مثل ما رووه عن الإمام الباقر:" لا صلاة إلا بطهور، ويجزيك من الاستنجاء ثلاثة أحجار. بذلك جرت السنة من رسول الله صلى الله عليه وسلم وأما البول فإنه لا بد من غسله "(3) .
فإذا كانت السنة جرت بإجزاء الأحجار، فمن أين استمدوا الحكم الآخر؟
(1) انظر: الوسائل 2/77.
(2)
انظر: حاشية ابن عابدين 1/350، وحاشيتى القليوبى وعميرة 1/43، وحاشية الدسوقى 1/112، والمغنى 1 / 153.
(3)
الاستبصار جـ 1 ص 55.
ورأي بعضهم أن التفرقة بين البول والغائط لأن الغائط قد لا يتعدى المخرج إذا كان يابساً، ويتعداه إذا كان بخلاف هذه الصفة، والبول مائع جار لابد من تعديه المخرج، وهو في تعديه أبلغ من دقيق الغائط، فوجب فيه ما وجب فيما تعدى المخرج من مائع الغائط، ولا خلاف في وجوب غسل ذلك (1) .
وهذا التفسير، إن صح لما كان هناك خلاف، فالمذاهب الأربعة توجب الغسل إذا تعدى البول المخرج، ولكن المعروف أن البول لا يتعدى المخرج في جميع الحالات، ومن الشيعة أنفسهم من صرح بإيجاب الماء سواء تعدى البول المخرج أو لم يتعد (2) وهذا يناقض التفسير السابق.
وقد رووا عن الإمام الصادق عن الرجل يبول ولا يكون عنده الماء، فيمسح ذكره بالحائط، قال:" كل شيىء يابس زكى ".
قال صاحب وسائل الشيعة (3) : " هذا محمول على التقية لأنه عادة المخالفين، أو على الجواز لمنع تعدى النجاسة، وإن لم تحصل الطهارة، بل لا دلالة له عليها أصلا ".
وأقول له: بل توجد الدلالة، فكلمة " زكى" توحى بهذه الطهارة، ولو كان المقصود غير ذلك لوضحه (4) ، أما التقية فإنها أسهل مركب للرفض وإن كان في البول! مع العلم بأنه لا خلاف في أفضلية الماء.
(1) انظر الحقائق 1/164.
(2)
انظر كنز العرفان ص 17.
(3)
جـ 1 ص 333.
(4)
وبهذا يرد على السيد محسن الحكيم حيث عقب على الرواية السابقة بقوله " لكن ظاهر الجواب عدم سراية نجاسة الذكر بعد المسح إلى ما يلاقيه لاطهارته بالمسح.
…
(مستمسك العروة 2/174) .