المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌رابعا: على وبيعة من سبقه - مع الاثنى عشرية في الأصول والفروع

[علي السالوس]

فهرس الكتاب

- ‌تمهيد

- ‌الجزء الأول في العقائد:

- ‌مقدمة

- ‌الفصل الأولالإمامة عند الجمهور والفرق المختلفة

- ‌أولا: الإمامة والخلافة

- ‌ثانيا: التفكير في الإمامة وبيعة الصديق

- ‌ثالثاً: الإمامة عند الجمهور

- ‌رابعاً: على وبيعة من سبقه

- ‌خامساً: الخوارج ورأيهم في الإمامة

- ‌سادساً: الإمامة عند الزيدية

- ‌سابعاً: الإمامة عند الإسماعيلية

- ‌ثامناً: عقيدة الإمامة عند الجعفرية

- ‌تعقيب

- ‌الفصل الثانيأدلة الإمامة من القرآن العظيم

- ‌ بين يدى الفصل

- ‌أولا: الولاية

- ‌ثانياً: المباهلة

- ‌ثالثاً: التطهير

- ‌رابعا: عصمة الأئمة

- ‌خامسا: الغدير

- ‌تعقيب

- ‌الفصل الثالثالإمامة في ضوء السنة

- ‌أولا: خطبة الغدير والوصية بالكتاب والسنة

- ‌ثانيا: روايات التمسك بالكتاب والعترة

- ‌مناقشة الروايات

- ‌الاختلاف حول الحديث

- ‌فقه الحديث

- ‌ثالثا: روايات أخرى متصلة بالغدير

- ‌مناقشة الروايات

- ‌رابعا: روايات أخرى يرى بعض الجعفرية أنها تؤيد مذهبهم

- ‌خامسا: روايات لها صلة بموضوع الإمامة

- ‌من يؤمّر بعدك

- ‌الاستخلاف

- ‌يأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر

- ‌المهدى

- ‌الفصل الرابعالاستدلال بالتحريف والوضع

- ‌تحريف القرآن الكريم

- ‌الاستدلال بالأحاديث الموضوعة

- ‌أولا: نهج البلاغة

- ‌ثانيا: الصواعق المحرقة

- ‌الطرق التي يعلم بها كذب المنقول

- ‌الفصل الخامسعقائد تابعة

- ‌أولا: عصمة الأئمة

- ‌ثانياً: البداء

- ‌ثالثاً: الرجعة

- ‌رابعاً: التقية

- ‌الجزء الثانى في التفسير وكتبه ورجاله

- ‌مقدمة

- ‌القسم الأول: التفسير وأصوله عند أهل السنة

- ‌الفصل الأول: علم التفسير

- ‌الفصل الثاني: تفسير الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌الفصل الثالث: تفسير الصحابة رضي الله عنهم

- ‌الفصل الرابع: تفسير التابعين

- ‌الفصل الخامس: أحسن طرق التفسير

- ‌الفصل السادس: التفسير في القرن الثاني

- ‌الفصل السابع: القرن الثالث وتفسير الطبري

- ‌الفصل الثامن: كتب التفسير بعد الطبري

- ‌القسم الثاني: التفسير وأصوله عند الشيعة

- ‌الفصل الأول: القرآن الصامت والقرآن الناطق

- ‌الفصل الثاني: الظاهر والباطن

- ‌الفصل الثالث: القرآن الكريم والتحريف

- ‌الفصل الرابع: كتب التفسير الشيعي في القرن الثالث

- ‌الكتاب الأولتفسير الحسن العسكرى

- ‌الكتاب الثانيتفسير القمي

- ‌الكتاب الثالثتفسير العياشى:

- ‌الفصل الخامسالتبيان للطوسي وتفاسير الطبرسي

- ‌الفصل السادسالتفسير بعد الطوسي والطبرسي

- ‌أولاً: تفسير الصافى:

- ‌ثانياً: البرهان في تفسير القرآن

- ‌ثالثاً: بحار الأنوار

- ‌رابعاً: تأويل الآيات الباهرة

- ‌خامساً: تفسير شبر:

- ‌سادساً: كنز العرفان

- ‌ثامناً: الميزان

- ‌تاسعاً: التفسير الكاشف

- ‌عاشراً: البيان

- ‌الفصل السابعنظرة عامة لباقي كتب التفسير

- ‌خاتمة الجزء الثاني

- ‌الجزء الثالث في الحديث وعلومه وكتبه ورجاله

- ‌مقدمة

- ‌القسم الأولالحديث وعلومه عند الجمهور

- ‌الفصل الأول: بيان الكتاب والسنة

- ‌الفصل الثاني: السنة وحي

- ‌الفصل الثالث: اعتصام السلف بالسنة

- ‌الفصل الرابع: تدوين السنة

- ‌الفصل الخامس: الجرح والتعديل

- ‌الفصل السادس: حوار الإمام الشافعي لفرقة ضلت

- ‌الفصل السابع: بعد الإمام الشافعى

- ‌الفصل الثامن: في عصر السيوطي

- ‌الفصل التاسع: الطاعنون في العصر الحديث

- ‌الفصل العاشر: أبو هريرة رضى الله تعالي عنه

- ‌القسم الثاني:الحديث وعلومه وكتبه عند الشيعة

- ‌الفصل الأول: التدوين عند الشيعة

- ‌الفصل الثاني: الجرح والتعديل عند الشيعة والرافضة

- ‌الفصل الثالث: مفهوم السنة عندهم

- ‌الفصل الرابع: مراتب الحديث

- ‌الفصل الخامس: التعارض والترجيح

- ‌الفصل السادس: الكتب الأربعة

- ‌أولا: الجزء الأول من أصول الكافى

- ‌ثانياً: الجزء الثانى من أصول الكافى

- ‌ثالثاً: روضة الكافى

- ‌رابعاً ـ فروع الكافى وبقية الكتب

- ‌ملحق الجزء الثالث: السنة بيان الله تعالى على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم

- ‌تقديم

- ‌بيان الكتاب والسنة

- ‌القرآن الكريم يأمر بطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم ويحذر من معصيته

- ‌السنة وحى

- ‌اعتصام السلف بالسنة

- ‌حوار الإمام الشافعى لفرقة ضلت

- ‌بعد الإمام الشافعى

- ‌فى عصر السيوطى

- ‌الطاعنون فى العصر الحديث

- ‌أهذا مفكر إسلامى

- ‌أولاً: زعمه أن الشريعة قاصرة وأن الرسول غير معصوم

- ‌ثانياً: التشكيك فى كتاب الله المجيد

- ‌ثالثاً: موقفه من السنة المطهرة

- ‌رابعاً: موقفه من عقائد المسلمين

- ‌خامساً: قوله الكذب بوثنية المسلمين

- ‌أبو هريرة رضي الله تعالي عنه

- ‌هذا الصوت نعرفه

- ‌الجزء الرابع في أصول الفقه والفقه

- ‌مقدمة

- ‌الباب الأول: أصول الفقه

- ‌الفصل الأول: القرآن الكريم

- ‌الفصل الثاني: السنة المطهرة

- ‌الفصل الثالث: الإجماع

- ‌الفصل الرابع: العقل

- ‌الباب الثاني: العبادات

- ‌الفصل الأول: الطهارة

- ‌أولاً: حكم سؤر الآدمى

- ‌ثانياً: اعتبار المذى والودى من موجبات الوضوء

- ‌ثالثاً: غسل الوجه

- ‌رابعا: غسل اليدين

- ‌خامساً: مسح الرأس

- ‌سادساً: حكم الأذنين

- ‌سابعاً: نوع طهارة الرجلين

- ‌ثامنا: المسح على الخفين

- ‌تاسعا: التوقيت في الغسل

- ‌عاشراً: التولية اختياراً

- ‌حادي عشر: غسل مخرج البول

- ‌ثاني عشر: الوطء في الدبر

- ‌ثالث عشر: الأغسال المندوبة

- ‌رابع عشر: قراءة القرآن الكريم ومس المصحفللجنب والحائض والنفساء

- ‌خامس عشر: أقل الطهر بين الحيضتين وأكثر النفاس

- ‌سادس عشر: ما يتعلق بالميت من الأحكام

- ‌سابع عشر: التيمم

- ‌ثامن عشر: النجاسات

- ‌الفصل الثاني: الصلاة

- ‌أولاً: الجمع بين الصلاتين

- ‌ثانيا: الأذان

- ‌ثالثا: المساجد

- ‌رابعا: السجود على ما ليس بأرض

- ‌خامسا: التكلم في الصلاة

- ‌سادسا: صلاة الجمعة

- ‌سابعا: صلاة الجنازة

- ‌ثامناً: النوافل

- ‌الفصل الثالث: الصيام والاعتكاف

- ‌الفصل الرابع: الزكاة والخمس

- ‌الفصل الخامس: الحج

- ‌الفصل السادس: الجهاد

- ‌الباب الثالث: المعاملات

- ‌الفصل الأول: العقود والإيقاعات

- ‌أولا: في التجارة:

- ‌ثانياً: في الإجارة:

- ‌ثالثاً: في الوكالة:

- ‌رابعاً: في النكاح:

- ‌خامساً: في العتق والإيمان:

- ‌سادساً: أخبارهم في العقود والإيقاعات

- ‌خاتمة الفصل (بحثان)

- ‌البحث الأول في زواج المتعة

- ‌البحث الثانى

- ‌الفصل الثاني: الأحكام

- ‌أولا: فى الذبائح:

- ‌ثانيا: فى الأطعمة:

- ‌ثالثا: فى إحياء الموات من الأرض

- ‌رابعا: فى اللقطة

- ‌خامسا: فى الميراث

- ‌سادسا: فى القضاء

- ‌سابعا: فى الشهادات

- ‌ثامنا: في الحدود والتعزيرات

- ‌تاسعا: فى القصاص:

- ‌عاشراً: فى الديات:

- ‌خاتمة الكتاب

- ‌الحكيم والخوئي والخميني:

- ‌مراجع الكتاب

الفصل: ‌رابعا: على وبيعة من سبقه

بيت النبوة وللإمام على بصفة خاصة. وهؤلاء قلة يذكر لنا التاريخ منهم بعض الصحابة من غير بنى هاشم كالمقداد بن الأسود، وسلمان الفارسى، وأبى ذر الغفارى رضي الله تعالى عنهم أجمعين، ولكنهم جميعاً لم يتعرضوا للخليفة بتكفير أو تجريح. وعرض أبوسفيان البيعة على الإمام على ولكنه أبى لقوة دينه وفرط ذكائه.

*****

‌رابعاً: على وبيعة من سبقه

إذا كان المشهور يدل غالباً على واقع الأمر. فإن من الأمور ما يشتهر مخالفاً للحقيقة. فمما اشتهر أن الإمام علياً لم يبايع لأنه كان يرى أحقيته بالإمامة من غيره. ولكن الثابت من أقواله يدل على أنه كان يرى ألا يقضى مثل هذا الأمر دون أن يكون له فيه رأي، مع اعترافه بأفضلية الصديق، وعدم إنكار

أحقيته لإمامة المسلمين: روى البخاري أن الإمام علياً عندما أراد مبايعة

الصديق رضي الله عنهما أرسل إليه فجاءه، فتشهد على فقال: " إنّا قد

عرفنا فضلك وما أعطاك الله، ولم ننفس عليك خيراً ساقه الله إليك، ولكنك استبددت علينا بالأمر، وكنا نرى لقرابتنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم نصيباً، حتى فاضت عينا أبى بكر. فلما تكلم أبو بكر قال: والذى نفسى بيده لقرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب إلى أن أصل من قرابتى، وأما الذي شجر بينى وبينكم من هذه الأموال فلم آل فيها عن الخير، ولم أترك أمراً رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنعه فيها إلا صنعته. فقال على لأبى بكر: موعدك العشية للبيعة. فلما صلى أبو بكر

الظهر رقى على المنبر فتشهد، وذكر شأن على وتخلفه عن البيعة، وعذره بالذى اعتذر إليه، ثم استغفر وتشهد على فعظم حق أبى بكر، وحدث أنه لم يحمله على الذي صنع نفاسة على أبى بكر ولا إنكارا للذى فضله الله به، ولكنا نرى لنا في هذا الأمر نصيباً، فاستبد علينا، فوجدنا في أنفسنا، فسر بذلك المسلمون

ص: 30

وقالوا: أصبت. وكان المسلمون إلى على قريباً حين راجع الأمر بالمعروف

" (كتاب المغازي باب غزوة خيبر) . وروى مسلم أكثر من رواية تفيد

ما سبق، وفى إحدى رواياته " ثم قام على فعظم من حق

أبى بكر، وذكر فضيلته وسابقته، ثم مضى إلى أبى بكر فبايعه، فأقبل الناس إلى على فقالوا: أصبت وأحسنت " (كتاب الجهاد - باب قول النبي صلى الله عليه وسلم لا نورث ماتركنا فهو صداقة) .

واستبد بالأمر: إذا انفرد به غير مشارك له فيه، وقول الإمام: ولكنك استبددت علينا بالأمر: أي لم تشاورنا في أمر الخلافة.

ومن المشهور كذلك أن الإمام علياً لم يبايع إلا بعد وفاة السيدة فاطمة

رضي الله عنهما، ولكن يوجد ما يدل على أنه لم يتآخر هذه الفترة.

وقبل انتهاء فترة الخلافة الأولى القصيرة - التي بارك الله تعالى فيها أيما بركة - كان الصديق قد استقر رأيه على استخلاف عمر بعد تعرفه على آراء كثير من الصحابة الكرام. على أن بعض هؤلاء قد تخوف من خلافة الفاروق لما

ص: 31

اشتهر به من الشدة، وقالوا لأبى بكر: قد وليت علينا فظاً غليظاً،

فقال: لو سألنى ربى يوم القيامة لقلت: وليت عليهم خيرهم (1) .

وعندما أخذ رأي المسلمين في البيعة لمن ذكر في كتاب الخليفة الأول قالوا: نسمع ونطيع، غير أن على بن أبى طالب انفرد بقوله:" لا نرضى إلا أن يكون عمر "(2) .

ولم يتأخر أحد عن بيعة عمر بن الخطاب إلا سعد بن عبادة. ومرت الخلافة العمرية الراشدة، وانتهى الأمر إلى الستة (3) ليختاروا واحدا منهم، ثم انحصرت الخلافة في ثلاثة، فاثنين هما عثمان بن عفان وعلى بن أبى طالب، ثم كانت البيعة الجماعية لذى النورين، فلماذا انتهت إليه؟

روى البخاري بسنده عن المسور بن مخرمة " أن الرهط الذين ولاهم عمر اجتمعوا فتشاوروا، قال لهم عبد الرحمن: لست بالذى أنافسكم على هذا الأمر، ولكنكم إن شئتم اخترت لكم منكم، فجعلوا ذلك إلى عبد الرحمن، فلما ولوا عبد الرحمن أمرهم، فمال الناس على عبد الرحمن حتى ما أرى أحداً من الناس يتبع أولئك الرهط ولا يطأ عقبه، ومال الناس على عبد الرحمن يشاورونه تلك الليالى، حتى إذا كانت الليلة التي أصبحنا منها فبايعنا عثمان قال المسور: طرقنى عبد الرحمن بعد هجع من الليل فضرب الباب حتى استيقظت، فقال: أراك نائماً،

(1) انظر الملل والنحل 1/25، وجاء في كتاب الاستخلاف " إني استعملت عليكم عمر بن الخطاب، فإن بر وعدل فذلك علمى به ورأيى فيه، وإن جار وبدل فلا علم لي بالغيب، والخير أردت. ولكل امرئ ما اكتسب. وسيعلم الذي ظلموا أي منقلب ينقلبون "(الكامل للمبرد 1/8) .

(2)

عبقرية الصديق ص 164.

(3)

الستة هم: على وعثمان والزبير وطلحة وسعد بن أبى وقاص وعبد الرحمن بن عوف. قال عبد الرحمن: اجعلوا أمركم إلى ثلاثة منكم. فقال الزبير: قد جعلت أمرى إلى على. فقال طلحة: قد جعلت أمرى إلى عثمان. وقال سعد: قد جعلت أمرى إلى عبد الرحمن بن عوف.

ص: 32

فوالله ما اكتحلت هذه الليلة بكبير نوم، انطلق فادع الزبير وسعداً، فدعوتهما له فشاورهما، ثم دعانى فقال: ادع لي علياً فدعوته، فناجاه حتى ابهار الليل، ثم قام على من عنده وهو على طمع، وقد كان عبد الرحمن يخشى من على شيئاً، ثم

قال: ادع لي عثمان فدعوته، فناجاه حتى فرق بينهما المؤذن بالصبح. فلما صلى للناس الصبح واجتمع أولئك الرهط عند المنبر، فأرسل إلى من كان حاضراً من المهاجرين والأنصار، وأرسل إلى أمراء الأجناد، وكانوا وافوا تلك الحجة مع عمر، فلما اجتمعوا تشهد عبد الرحمن، ثم قال: أما بعد يا على إنى قد نظرت في أمر الناس، فلم أرهم يعدلون بعثمان، فلا تجعلن على نفسك سبيلاً، فقال: أبايعك على سنة الله ورسوله والخليفتين من بعده، فبايعه عبد الرحمن، وبايعه الناس المهاجرون والأنصار وأمراء الأجناد والمسلمون (1) .

وكانت السنوات الأولى في عهد عثمان خيراً وبركة، ثم بدأت الفتنة التي أدت إلى مقتله. وقد بذل الإمام على كل ما استطاع في سبيل إخمادها ولكن هيهات! وفى هذه الفترة بدأت الأنظار تتعلق بعلى، وتذكر ما له من فضل ومكانة. إذا ما انتقل الخليفة الشهيد إلى حيث بشره الرسول صلى الله عليه وسلم تجمع المسلمون حول أبى الحسن علهم يجدون على يديه مخرجاً. وتمت البيعة ولكن لم تنته الفتنة، بل زاد أوراها، وسالت دماء طاهرة على أرض الإسلام بسيوف المسلمين! وعلى قتله عثمان الوزر

(1) البخاري - كتاب الأحكام - باب كيف يبايع الإمام الناس، وراجع فتح الباري - كتاب المناقب - باب قصة البيعة والاتفاق على عثمان بن عفان رضي الله عنه.

ص: 33

الأكبر لكل ما نتج عن هذه الفتنة، ولكن " وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لَاّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً"(1) .

وكان من نتيجة حادثة " التحكيم " الشهيرة أن انسل جماعة من أتباع الإمام وخرجوا على المتحاربين معاً، على ومعاوية! وهؤلاء هم الذين سموا " الخوارج " أما الذين ظلوا مع الإمام فهم الذين أطلق عليهم لقب " الشيعة ". (2) }

(1) سورة الأنفال: الآية رقم 25.

(2)

الشيعة معناها الأتباع والأنصار والفرقة، ولكن غلب هذا الاسم على كل من يتولى علياً وأهل بيته حتى صار اسماً لهم خاصاً، وجمعه أشياع وشيع. (انظر مادة شيع في القاموس المحيط) .

وقد ورد هذا اللفظ في القرآن الكريم بمعناه في عدد من آياته كقوله تعالى: - {وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلةٍ مِّنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ هَذَا مِن شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِن شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ} (القصص آية "15") . وقوله عز وجل في سورة الأنعام (الآية 159) : {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعًا لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ} . وقيل: إن ظهور هذا اللقب كان عام سبع وثلاثين من الهجرة، وقيل بل بعد أن قبض معاوية على زمام السلطة (انظر مختصر التحفة ص 5 وروح الإسلام ص 313) . وقال الدكتور طه حسين: الشيء الذي ليس فيه شك فيما أعتقد هو أن الشيعة بالمعنى الدقيق لهذه الكلمة عند الفقهاء والمتكلمين ومؤرخى الفرق لم توجد في حياة على وإنما وجدت بعد موته بزمن غير طويل. وإنما كان معنى كلمة الشيعة أيام على هو نفس معناها اللغوى القديم الذي جاء في القرآن (على وبنوه ص 173) . وتحدث بعد ذلك (ص 187 - 189) عن عودة الحسن من الكوفة إلى المدينة بعد الصلح مع معاوية، وعن مجىء وفد من أشراف الكوفة ومعاتبتهم له، وطلبهم إليه أن يعيد الحرب، وموقفه منهم. وقال الدكتور طه حسين بعد ذلك:"وأعتقد أن اليوم الذي لقى الحسن فيه هؤلاء الوفد من أهل الكوفه، فسمع منهم ما سمع وقال لهم ما قال ورسم لهم خطتهم، هو اليوم الذي أنشئ فيه الحزب السياسى المنظم لشيعة على وبنيه، نظم الحزب في* *المدينة في ذلك المجلس وأصبح الحسن له رئيساً، وعاد أشراف أهل الكوفة إلى من وراءهم ينبئونهم بالنظام الجديد والخطة المرسومة "(ص 189-190) .

ص: 34