الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فالإيمان بقضاء الله تعالي وقدره لا يراها هذا (المصلح الديني!) عقيدة إسلامية مردها دخول الإيمان في القلوب، وإنما هي أثر من آثار سوء طبيعة البادية، وسوء الحكم في غيرها.
ومعني هذا أنه لا يري الإيمان بقضاء الله ولا قدره متي عاش الإنسان في بيئه غير بدوية، وفي ظل حكم غير مستبد.
ولعله هنا ينظر إلي سادته الغربيين فيقرهم علي عدم إيمانهم بالقضاء والقدر. ولذلك يقول بعد قليل في صفحة 139:
" قد يكون بوسع الألماني أو السويسري أن يخطط من الآن لإجازة سنوية يقضيها في جزيرة مايوركا بعد خمس سنوات خلال النصف الثانى من شهر حزيران. أما عن عباد الله في أقطارنا، فلا تقولن لشئ إنى فاعل ذلك غداً إلا أن يشاء الله ".
ولا أدري ممن يسخر وهو يذكر آيات كريمة يرددها عباد الله، وهي قوله تعالى في سورة الكهف (23: 24) : {وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا إِلَّا أَن يَشَاء اللَّهُ} .
وهل الإيمان بالمشيئة الإلهية يمنع التخطيط؟ وهل التخطيط يمنع المشيئة الإلهية؟ ويبقي أن نسأل: أيعتبر مسلماً من يستهزئ بقول الله تعالي، ولا يؤمن بمشيئته ولا بقضائه وقدره؟
خامساً: قوله الكذب بوثنية المسلمين
!!
الإسلام دين التوحيد الخالص، تلك حقيقة يعرفها كل مسلم، وكل من يدرس الإسلام دراسة صحيحة.
ولكن كاتبنا المسلم يرى غير هذا!
اقرأ معى قوله في صفحة 84:
" وقد كان أشق ما فرضته عليهم الأديان السماوية تجريد مفهوم الرب:
فالعبادة في العالم القديم لم تكن بالتى يمكن تحليلها دون وثن أو صورة، وكانت آلهة الأقدمين دوماً محسوسة مجسدة، صنماً كانت أو كوكباً أو ملكاً أو ظاهرة طبيعية. فكان لابد إذن من مرور قرون طويلة حتى يرسخ هذا المفهوم الجديد للإله في الأذهان.
غير أن الإحساس ظل قائماً لدى عامة البشر بالفجوة الهائلة التي باتت تفصل بينهم وبين إلههم، حتى إن صور لهم هذا الإله على أنه أب لهم، أو أقرب إليهم من حبل الوريد. وكان أن نشأت لديهم حاجة (وثنية) ملحة إلى ملء هذه الفجوة بأية وسيلة، أو اجتيازها بأية حيلة، وهى حاجة نفسية رأى بعض رجال الدين من الحكمة أن يستجيبوا لها بقدر محدود خشية أن تنصرف العامة عن الدين بأسره، أو حرصاً على بقاء سلطانهم، وسرعان ما حلت التماثيل الدينية والأيقونات مكان الوثن، وتقديس الأولياء محل عبادة الآلهة والملوك والأسلاف ".
هذا ما قاله بالنص! وفكر في قوله: " فكان لابد إذن من مرور قرون طويلة حتى يرسخ هذا المفهوم الجديد للإله في الأذهان "، وما دام الأمر يحتاج إلى مرور قرون طويلة فعلى أقل تقدير يكون الصحابة رضى الله عنهم وأرضاهم، والتابعون لهم بإحسان، يكون خير الناس هؤلاء وثنيين!
فإذا شهد الله سبحانه وتعالى وهو يخاطب هؤلاء المسلمين {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللهِ} .
قال الكاتب: لا، بل كانت عندهم حاجة وثنية ملحة، وهى حاجة نفسية! التخلص منها يحتاج إلى مرور قرون طويلة حتى يؤمنوا بإله واحد أحد فرد صمد لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار.
وطعنه في سلفنا الصالح لا يعنى أنه يريد أن يبرئ الخلف، وأن الوثنية انتهت بعد هذه القرون الطويلة، وإنما ينتقل من فرية إلى فرية، ليصل إلى ما رسمه
لنفسه إرضاء لسادته، أو ما رسمه له سادته من أعداء الإسلام فيتحدث عن الذين دخلوا فى دين الله أفواجاً فى البلاد التى فتحها المسلمون، ويصور الجزيه كما صورها الأعداء، ويرى أن الذين دخلوا فى الإسلام دخلوا بمعتقداتهم القديمة، وخدعوا المسلمين الفاتحين، بل أثروا في الدين نفسه، وأقرهم عدد من الفقهاء على وثنيتهم، وعلى هدم أركان إسلامية.
وهذا الكاتب عنده جرأة عجيبة على الكذب والافتراء على الأموات وعلى الأحياء على السواء، اقرأ مثلاً قوله في صفحة 98:" فإن نحن قلنا بعد كل هذا إن شطراً من العامة في صعيد مصر يرى أن الطواف سبع مرات بقبر الشيخ القناوى بقنا (وهو طواف يبادر إليه الكثيرون فور وصولهم إلى تلك المدينة) ، فيه غناء عن أداء فريضة الحج إلى بيت الله الحرام، وإن قلنا إن عدداً من الفقهاء قد أيد هذا الرأى استنكاراً منه لفكرة أن يفقر البعض نفسه بتحميل ما لايطيق من نفقات الحج إلى مكة، ثم إن نحن افترضنا بعد ذلك أن هذا الشيخ أسطورة، وأن القبر إنما أقيم على طلل معبد إله من آلهة القدماء المصريين، لوصلنا إذن إلى نتيجة غربيه وهى أن العامة قد أحلت محل ركن من أركان الإسلام الخمسة طقساً وثنياً خالصاً يرجع إلى زمن الفراعنة. وبهذا تكون شعوب الأقطار المفتوحة قد أفلحت في خداع الفاتحين "
هذا كلامه عن أمر لا يزال موجوداً! ونسأل هنا: أين الكثيرون الذين يطوفون بالقبر سبعاً؟
ومَنْ مِنْ المسلمين رأي أن هذا يغني عن الحج؟ وما أسماء هؤلاء الفقهاء الذين أيدوا هذا الرأي وأحلوا الطقس الوثني محل ركن من أركان الإسلام؟ بل ما اسم فقيه واحد من هذا العدد؟
أي قارئ يستطيع أن يدرك مدى صفاقة هذا الكاتب في اختلاقه للأكاذيب ووضعه للإفك، ولكن انظر إلي ما يكشف عن خبيئة نفسه عندما يقول " استنكاراً منه لفكرة أن يفقر البعض نفسه بتحمل ما لا يطيق من نفقات الحج إلي مكة ".