الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
موقفه من القدرية:
- جاء في أصول الاعتقاد بالسند إلى بقية قال: سألت الأوزاعي والزبيدي عن الجبر، فقال الزبيدي: أمر الله أعظم، وقدرته أعظم من أن يجبر أو يقهر، ولكن يقضي ويقدر ويخلق ويجبل عبده على ما أحب.
وقال الأوزاعي: ما أعرف للجبر أصلا من القرآن والسنة، فأهاب أن أقول ذلك، ولكن القضاء والقدر والخلق والجبل، فهذا يعرف في القرآن والحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، إنما وصفت هذا مخافة أن يرتاب رجل من أهل الجماعة والتصديق. (1)
- وفيه بالسند إلى الوليد بن هشام عن أبيه قال: بلغ هشام بن عبد الملك أن رجلا قد ظهر يقول بالقدر، وقد أغوى خلقا كثيرا فبعث إليه هشام فأحضره فقال: ما هذا الذي بلغني عنك؟ قال: وما هو؟ قال: تقول إن الله لم يقدر على خلق الشر؟ قال: بذلك أقول، فأحضر من شئت يحاجني فيه؛ فإن غلبته بالحجة والبيان علمت أني على الحق، وإن هو غلبني بالحجة فاضرب عنقي؟ قال: فبعث هشام إلى الأوزاعي فأحضره لمناظرته، فقال له الأوزاعي: إن شئت سألتك عن واحدة وإن شئت عن ثلاث وإن شئت عن أربع؟ فقال: سل عما بدا لك، قال الأوزاعي: أخبرني عن الله عز وجل، هل تعلم أنه قضى على ما نهى؟ قال: ليس عندي في هذا شيء، فقلت: يا أمير المؤمنين هذه واحدة، ثم قلت له: أخبرني هل تعلم أن الله حال دون ما أمر؟ قال: هذه أشد من الأولى، فقلت: يا أمير المؤمنين هذه اثنتان، ثم قلت له:
(1) أصول الاعتقاد (4/ 775/1300).
هل تعلم أن الله أعان على ما حرم؟ قال: هذه أشد من الأولى والثانية، قلت: يا أمير المؤمنين هذه ثلاث، قد حل بها ضرب عنقه فأمر به هشام فضربت عنقه. ثم قال للأوزاعي: يا أبا عمرو، فسر لنا هذه المسائل؟ فقال: نعم يا أمير المؤمنين، سألته هل يعلم أن الله قضى على ما نهى، نهى آدم عن أكل الشجرة ثم قضى عليه بأكلها، وسألته هل يعلم أن الله حال دون ما أمر؟ أمر إبليس بالسجود لآدم ثم حال بينه وبين السجود، وسألته هل يعلم أن الله أعان على ما حرم؟ حرم الميتة والدم ثم أعاننا على أكله في وقت الاضطرار إليه. قال هشام: والرابعة ما هي يا أبا عمرو؟ قال: كنت أقول: مشيئتك مع الله أم دون الله؟ فإن قال مع الله فقد اتخذ مع الله شريكا، أو قال دون الله فقد انفرد بالربوبية، فأيهما أجابني فقد حل ضرب عنقه بها، قال هشام: حياة الخلق وقوام الدين بالعلماء. (1)
" التعليق:
لله درك يا أبا عمرو! يا إمام أهل الشام خصوصا والمسلمين عموما، ورثت فقه الكتاب والسنة، فجعل لك نورا تستضيء به، حجتك على لسانك، وعلمك في صدرك، صواعقك تحرق أوهام المبتدعة، فيقفون أمامك حيارى!! لا يجدون جوابا لأسئلتك. ورحمك الله يا هشام! حيث كنت تهتدي بمثل هؤلاء النجوم، وتأخذ الحكم منهم في رؤوس الضلال، حتى يهلك من هلك عن بينة، ولا يكون مظلوما.
(1) أصول الاعتقاد (4/ 794 - 795/ 1330).
- جاء في السير: قال أبو توبة الحلبي: حدثنا أصحابنا: أن ثورا لقي الأوزاعي فمد يده إليه، فأبى الأوزاعي أن يمد يده إليه وقال: يا ثور لو كانت الدنيا لكانت المقاربة، ولكنه الدين. (1)
- وجاء في الإبانة عنه: أنه سئل عن القدرية قال: لا تجالسوهم. (2)
- وجاء في ذم الكلام عن إسحاق بن إبراهيم القاضي قال: بلغني أن الأوزاعي اجتمع وثور بن يزيد على الجسر فقال: يا ثور لولا أن الهجر من الدين لسلمنا عليك، قال: وكان قدريا. (3)
- وجاء في الإبانة عن أبي إسحاق قال: قلت للأوزاعي: أرأيت من قال: قدر الله علي وكتب علي وقضى علي، وعلم الله أني عامل كذا، قال: هذا كله سواء واحد، قلت: فمن؟ قال: علم الله أني عامل كذا ولم يقل قدره علي، قال: هذا من باب يجر إلى الهمل وهو الكفر؛ لأنهم يقولون قد علم الله أن العبد عامل كذا وكذا، وقد جعل الله له الاستطاعة إلى أن لا يعمل ذلك الشيء الذي قد علم الله عز وجل أن العبد عامله؛ فما منزلة ما قد علم الله أن العبد عامله إذا لم يعمله، ويقولون: إنما علمه، إنما هو بمنزلة الحائط، قلت: فمن؟ قال: قد علم الله أني عامل كذا وكذا، وقد جعل الاستطاعة إلي أن لا أعمله ولا بد لي من أن أعمله، قال: هذا قول من قول أهل القدر، وهو الهمل ويخرجهم إلى الكفر. (4)
(1) السير (6/ 344 - 345).
(2)
الإبانة (2/ 11/319/ 2004).
(3)
ذم الكلام (218).
(4)
الإبانة (2/ 10/253 - 254/ 1854).
- وفيها أيضا: عن عبد الله بن صالح: كتب الأوزاعي إلى صالح بن بكر: أما بعد: فقد بلغني كتابك تذكر فيه أن الكتب قد كثرت في الناس، ورد الأقاويل في القدر بعضهم على بعض، حتى يخيل إليكم أنكم قد شككت فيه، وتسألني أن أكتب إليك بالذي استقر عليه رأيي وأقتصر في المنطق، ونعوذ بالله من التحير من ديننا، واشتباه الحق والباطل علينا، وأنا أوصيك بواحدة؛ فإنها تجلو الشك عنك وتصيب بالاعتصام بها سبيل الرشد إن شاء الله تعالى:
تنظر إلى ما كان عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من هذا الأمر، فإن كانوا اختلفوا فيه؛ فخذ بما وافقك من أقاويلهم، فإنك حينئذ منه في سعة، وإن كانوا اجتمعوا منه على أمر واحد لم يشذذ عنه منهم أحد؛ فأين المذهب عنهم، فإن الهلكة في خلافهم، وإنهم لم يجتمعوا على شيء قط؛ فكان الهدى في غيره وقد أثنى الله عز وجل على أهل القدوة بهم؛ فقال:{وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ} (1).
واحذر كل متأول للقرآن على خلاف ما كانوا عليه منه ومن غيره، فإن من الحجة البالغة أنهم لا يقتدون برجل واحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، أدرك هذا الجدل فجاء معهم عليه وقد أدركه منهم رجال كثير؛ فتفرقوا عنه، واشتدت ألسنتهم عليه فيه، وأنت تعلم أن فريقا منهم قد خرجوا على أئمتهم، فلو كان هدى؛ لم يخرجوا ولم يجتمع من بقي منهم، ألفه فيه واحدة
(1) التوبة الآية (100).
دون جماعة أمتهم فإن الولاية في الإسلام دون الجماعة فرقة؛ فأقر بالقدر، فإن علم الله عز وجل الذي لا يجاوزه شيء، ثم لا تنقضه بالاستطاعة؛ فتهمل فإنه لن يخرج رجل في الإسلام إلى فرط أعظم من الهمل، وذلك أن المؤمن لا يضيف إلى نفسه شيئا من قدر الله عز وجل في خير يسوقه إليها ولا شر يصرفه عنها، وإنما ذلك بيد الله ولا يملكه أحد غير الله، فمن أراد الله به خيرا؛ وفقه لما يحب وشرح صدره، ومن أراد به شرا؛ وكله إلى نفسه، واتخذ الحجة عليه ثم عذبه غير ظالم له، أسأل الله لنا ولكم العصمة من كل هلكة ومزلة، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. (1)
- وفيها: عن بقية بن الوليد: سمعت الأوزاعي يقول: القدرية خصماء الله عز وجل في الأرض. (2)
- وفيها: عن محمد بن شعيب قال: سمعت الأوزاعي يقول: أول من نطق في القدر رجل من أهل العراق يقال له سوسن، كان نصرانيا فأسلم ثم تنصر، فأخذ عنه معبد الجهني وأخذ غيلان عن معبد. (3)
أمير المؤمنين أبو جعفر المنصور (4)(158 هـ)
عبد الله بن محمد بن علي الخليفة أبو جعفر المنصور الهاشمي العباسي
(1) الإبانة (2/ 10/254 - 255/ 1855).
(2)
الإبانة (2/ 10/255/ 1856).
(3)
الإبانة (2/ 11/298/ 1954) والشريعة (1/ 459/596).
(4)
تاريخ بغداد (10/ 53 - 61) والبداية والنهاية (10/ 124 - 131) والسير (7/ 83 - 89) وفوات الوفيات (2/ 216 - 217) والكامل في التاريخ (5/ 461 - 462) والعقد الثمين (5/ 248 - 260).