الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال: بلى، قال: لا تدع أخلاقك حتى تموت، خذوه. فضربوه بأسيافهم، ثم وثب المهدي فضربه نصفين. (1)
" التعليق:
عرف المهدي بهذه المنقبة العظيمة وجعلها سنة لمن بعده، وذكرى خالدة لمن ذكر وقرأ سيرته. لقد أدرك خليفة المسلمين خطر الزندقة فأعطاها همته، ووضع لها ديوانا وأوصى لابنه عند وفاته بهذه المهمة فنصب موسى ابنه الهادي أعوادا وجذوعا خاصة لصلب الزنادقة فجزى الله الجميع خيرا عن الإسلام والمسلمين.
موقفه من الرافضة:
قال المهدي: ما فتشت رافضيا إلا وجدته زنديقا. (2)
موقفه من القدرية:
جاء في أصول الاعتقاد قال: سمعت الحسين الأخباري يقول: قرأت في أخبار إبراهيم بن المهدي أنه حدث عن ذبية المدني وكان استصحبه لما ولي دمشق أنه كان سبب وروده العراق: أن المهدي أشخص من المدينة ثلاثين شيخا ممن تكلم في القدر واشتهر به. قال: فكنت فيهم فلما مثلنا بين يديه ضربهم بالسياط أجمعين وأخرني. فلما قدمت قال: أراك صبيا، ألم يكن بالمدينة من هو أسن منك تتم به العدة؟ قلت: جماعة يا أمير المؤمنين. فقال: إذن إنما قربت إليهم لأنك تدين بدينهم، ثم دعا بالسياط فلما ضربت سوطا
(1) تاريخ الإسلام (حوادث 161 - 170 ص 269 - 270) وتاريخ بغداد (9/ 303).
(2)
أصول الاعتقاد (7/ 1343/2395).
فقلت: يا أمير المؤمنين نشدتك الله إلا أدنيتني إليك، أكلمك ولك رأيك. فقدمني فقلت: أنا رجل من أهل المدينة قطن أبي فيها وهو من وادي القرى، وكان تاجرا ذا مال فعلمني القرآن ثم أمرني أن أغدو إلى حلقة ابن أبي ذئب وأروح إلى ربيعة الرأي، فعن لي شيخ لم أكن رأيته قط. فقال لي يا بني: قد بلغت من العلم وما أراك استبصرت في دينك فقلت: وما ذاك يا عم؟ فقال: هل رأيت مقعدا قط؟ قلت: نعم، قال: فلو رأيت رجلا كلفه صعود نخلة ما كنت تقول؟ قلت: جاهل. قال: فلو ضربه على قصوره عن صعودها؟ قلت: ظالم. فقال يا بني هذا حكمك على إنسان فكيف بالله سبحانه في عدله، أتقول إنه يكلف عباده ما ليس في وسعهم ثم يعاقبهم عليه مع قوله تعالى:{لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} (1)؟ فتعدني يا أمير المؤمنين بالمقعد؟ قال ذبية: فضحك المهدي أمير المؤمنين ثم أمر فطرح ثيابي علي، فلما لبست أدناني ثم قال: أجبني وأنت آمن.
لو أنك في سفر فرأيت عليلا في برية فاستطعم رجلا فلم يطعمه وتركه ومضى ما كنت قائلا؟ قلت: ظالم، قال: فهل علمت أن أحدا من خلق الله كان في برية عليلا عادما للطعام والشراب؟ قلت: كثيرا، قال: فإن دعا ربه أن ينجيه هل كان الله سبحانه قادرا على أن يطعمه ويسقيه؟ قلت: اللهم نعم، قال: فهل تقول إن دعا ربه أن يطعمه ويرويه فلم يجب دعاءه ومات إن الله ظلمه؟ قلت: لا. قال: فكيف تقول لمن أقعدك مثل هذا؟ قال: لأن الأشياء كلها لله تعالى لا عليه
(1) البقرة الآية (286).
والتجوير يجب على من الأشياء عليه لا له، يا ذبية إن الإيمان إذا سكن القلب قبل الاحتجاج لم يخرجه الاحتجاج، وإذا سكن الحجاج قبل الإيمان كان متنقلا متى حاجه من هو أحج منه. فقلت يا أمير المؤمنين: قد والله ثلج بحجاجك صدري وأنا تائب. فأمر لي بجائزة وكسوة وخلى سبيلي. (1)
" التعليق:
هذا الذي فعله أمير المؤمنين المهدي مع هذا الصبي في بيانه لحقيقة القدر، ينفي مزاعم كثير من الكتاب الذين يتبجحون بأن هؤلاء الأمراء كانوا يقتلون على أمور سياسية لا صلة لها بالأمور العقائدية، وقد نبهنا على هذا فيما مضى، والحمد لله رب العالمين.
- وجاء في أصول الاعتقاد بالسند إلى أحمد بن علي الأبار قال: سألت مصعبا الزبيري عن ابن أبي ذئب وقلت له: حدثونا عن أبي عاصم أنه قال: كان ابن أبي ذئب قدريا. قال: معاذ الله إنما كان زمن المهدي أخذوا القدرية وضربوهم ونفوهم فجاء قوم من أهل القدر فجلسوا إليه واعتصموا به من الضرب. فقال قوم: إنما جلسوا إليه لأنه كان يرى القدر، فقد حدثني من أثق به أنه ما تكلم فيه قط. (2)
(1) أصول الاعتقاد (4/ 796 - 799/ 1332).
(2)
أصول الاعتقاد (4/ 800 - 801/ 1336).