الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النّاس عن الحقّ ويفتنونهم، وفتّان من صيغ المبالغة «1» ، وقال ابن الأثير: المراد بالفتّان شياطين الإنس والجنّ الّذين يظلمون النّاس ويفتنونهم ويضلّونهم عن الحقّ، أمّا التّعاون على الشيطان فالمراد به ترك أتباعه والافتتان بخدعه «2» ، وقال ابن منظور: والفتنة تأتي بمعنى الإثم، وعلى ذلك قول الله تعالى: وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلا تَفْتِنِّي (التوبة 49) أي لا تؤثمني بأمرك إيّاي بالخروج، وذلك غير متيسّر لي فآثم، وقال الزّجّاج: إنّ المنافقين هزئوا بالمسلمين في غزوة تبوك، فقالوا: يريدون بنات بني الأصفر، فقال (قائلهم) ، لا تفتنّي ببنات الأصفر (أي الرّوميّات) فأعلم الله سبحانه أنّهم سقطوا في الفتنة أي الإثم، ويقال: فتن الرّجل الرّجل: أي أزالة عمّا كان عليه، ومن ذلك قوله سبحانه: وَإِنْ كادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ (الإسراء/ 73) أي يميلونك ويزيلونك، أمّا قولهم: فتنت فلانة فلانا فالمعنى أمالته عن القصد، والفتنة (أيضا) الفضيحة، ومن ذلك قوله تعالى وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ (المائدة/ 41) قيل معناه:
فضيحته وقيل: كفره، وقال بعضهم: يجوز أن يكون المراد اختباره بما يظهر به أمره، والفتنة ما يقع بين النّاس من القتال، وأمّا قوله صلى الله عليه وسلم «إنّي أرى الفتن خلال بيوتكم» «3» ، فإنّ المراد القتل والحروب والاختلاف الّذي يكون بين فرق المسلمين إذا تحزّبوا، ويكون ما يبلون به من زينة الدّنيا وشهواتها فيفتنون بذلك عن الآخرة والعمل لها. وإذا أضيف لفظ الفتنة فإنّ معناه يختلف باختلاف ما يضمّ إليه، ففتنة الصّدر: الوسواس، وفتنة المحيا: العدول عن الطّريق، وفتنة الممات: سؤال القبر وفتّانا القبر منكر ونكير «4» .
وقول الرّسول صلى الله عليه وسلم «المؤمن خلق مفتّنا» المعنى ممتحنا يمتحنه الله بالذّنب، ثمّ يتوب، ثمّ يعود، ثمّ يتوب، وقال ابن الأثير: كثر استعمال الفتنة فيما أخرجه الاختبار للمكروه، ثمّ كثر (هذا الاستعمال) حتّى استعمل بمعنى الإثم، والكفر، والقتال والإحراق، والإزالة، والصّرف عن الشّيء، وفي حديث عمر رضي الله عنه أنّه سمع رجلا يتعوّذ من الفتن، فقال: أتسأل ربّك أن لا يرزقك أهلا ولا مالا» تأوّل قول الله تعالى نَّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ
(التغابن/ 15) ولم يرد فتن القتال والاختلاف «5» .
الفتنة اصطلاحا:
قال الجرجانيّ: الفتنة: هي ما يبيّن به حال الإنسان من الخير والشّرّ «6» .
وقال المناويّ: الفتنة: البليّة وهي معاملة تظهر الأمور الباطنة «7» .
وقال ابن حجر: الفتنة: ما ينشأ عن الاختلاف في طلب الملك حيث لا يعلم المحقّ من المبطل «8» .
(1) لسان العرب «فتن» (3344) ط. دار المعارف.
(2)
منال الطالب، شرح طوال الغرائب (99) .
(3)
انظر الحديث في مسلم 4 (2885) .
(4)
لسان العرب «فتن» (3346) .
(5)
النهاية لابن الأثير (3/ 411) .
(6)
التعريفات (171) ، وانظر أيضا المفردات للراغب ص (371) .
(7)
التوقيف على مهمات التعريف (257) .
(8)
فتح الباري (13/ 34) .