الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويسيئون الفعل. يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الدّين كما يمرق السّهم من الرّميّة، ثمّ لا يرجعون حتّى يرتدّ على فوقه. هم شرّ الخلق والخليقة.
طوبى لمن قتلهم وقتلوه. يدعون إلى كتاب الله وليسوا منه في شيء. من قاتلهم كان أولى بالله منهم. قالوا يا رسول الله ما سيماهم قال التّحليق» ) * «1» .
77-
* (عن ثوبان- رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها» فقال قائل من قلّة نحن يومئذ؟ قال: «بل أنتم يومئذ كثيرون ولكنّكم غثاء كغثاء السّيل ولينزعنّ الله من صدور عدوّكم المهابة منكم وليقذفنّ في قلوبكم الوهن» قيل: وما الوهن يا رسول الله؟ قال: «حبّ الدّنيا وكراهية الموت» ) * «2» .
من الآثار وأقوال العلماء والمفسرين الواردة في ذمّ (الفتنة)
1-
* (عن عليّ- رضي الله عنه قال يصف الدّنيا: أوّلها عناء، وآخرها فناء، حلالها حساب، وحرامها عقاب، من صحّ فيها أمن، ومن حرص ندم، ومن استغنى فيها فتن، ومن افتقر فيها حزن، ومن ساعاها «3» فتته، ومن قعد عنها أتته، ومن نظر إليها أعمته، ومن نظر بها «4» بصّرته) * «5» .
2-
* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه قال:
خرج الرّجّال «6» مع مسيلمة وشهد له بالنّبوة، فكانت فتنة الرّجّال أعظم من فتنة مسيلمة) * «7» .
3-
* (عن عبد الله بن عمر- رضي الله عنهما قال: دخلت على حفصة ونوساتها تنطف «8» - قلت: قد كان من أمر النّاس ما ترين. فلم يجعل لي من الأمر شيء. فقالت: الحق. فإنّهم ينتظرونك، وأخشى أن يكون في احتباسك عنهم فرقة. فلم تدعه
(1) أبو داود (4765) ، وأصل الحديث في البخاري- الفتح 10 (7562)، وقال محقق «جامع الأصول (10/ 89) : وهو حديث صحيح.
(2)
أبو داود 4 (4297) ، وأحمد في «المسند» (5/ 278) من طريق آخر وإسناده قوي، وقال الألباني في صحيح أبي داود (3610) : صحيح، وانظر الصحيحة (958) .
(3)
ساعاها أي سعى إليها وسابقها وجاراها.
(4)
نظر بها: أي اعتبر بها.
(5)
أدب الدنيا والدين للماوردي (115) .
(6)
الرّجّال: هو أحد المرتدين الذين تابعوا مسيلمة الكذاب وهو الرّجّال بن عنفوة. (الطبري 3/ 282) .
(7)
البداية والنهاية (6/ 365) .
(8)
نوساتها تنطف: أي قرون رأسها تقطر الماء.
حتّى ذهب. فلمّا تفرّق النّاس خطب معاوية. وقال:
من كان يريد أن يتكلّم في هذا الأمر فليطلع لنا قرنه فلنحن أحقّ به منه ومن أبيه. قال حبيب بن مسلمة:
فهلّا أجبته قال عبد الله: فحللت حبوتي، وهممت أن أقول: أحقّ بهذا الأمر منك من قاتلك وأباك على الإسلام. فخشيت أن أقول كلمة تفرّق بين الجمع وتسفك الدّم ويحمل عنّي غير ذلك فذكرت ما أعدّ الله تعالى في الجنان قال حبيب: حفظت وعصمت) * «1» .
4-
* (عن حذيفة بن اليمان- رضي الله عنهما قال: والله ما أدري أنسي أصحابي أم تناسوا؟
والله ما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم من قائد فتنة إلى أن تنقضي الدّنيا يبلغ من معه ثلاثمائة فصاعدا إلّا قد سمّاه لنا باسمه واسم أبيه واسم قبيلته) * «2» .
5-
* (عن عبد الله بن مسعود- رضي الله عنه قال رجل عنده: ما أحبّ أن أكون من أصحاب اليمين، أحبّ أن أكون من المقرّبين فقال عبد الله لكن ههنا رجل ودّ أنّه إذا مات لم يبعث يعني نفسه. وخرج ذات يوم فأتبعه ناس فقال لهم ألكم حاجة؟ قالوا لا ولكن أردنا أن نمشي معك قال: ارجعوا فإنّه ذلّة للتّابع وفتنة للمتبوع) * «3» .
6-
* (عن نافع مولى ابن عمر- رضي الله عنهما أنّ ابن عمر أتاه رجلان في فتنة ابن الزّبير فقالا: إنّ النّاس صنعوا ما ترى وأنت ابن عمر صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم. فما يمنعك أن تخرج فقال:
يمنعني أنّ الله حرّم عليّ دم أخي المسلم فقالا: ألم يقل الله تعالى وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ (البقرة/ 193) قال: قد قاتلنا حتّى لم تكن فتنة وكان الدّين لله وأنتم تريدون أن تقاتلوا حتّى تكون فتنة ويكون الدّين لغير الله) * «4» .
7-
* (عن نافع مولى ابن عمر- رضي الله عنهما أنّ رجلا أتى ابن عمر فقال «يا أبا عبد الرّحمن ما حملك على أن تحجّ عاما وتعتمر عاما وتترك الجهاد في سبيل الله وقد علمت ما رغّب الله فيه؟ قال: يا ابن أخي بني الإسلام على خمس: إيمان بالله ورسوله والصّلاة الخمس وصيام رمضان وأداء الزّكاة وحجّ البيت فقال يا أبا عبد الرّحمن ألا تسمع ما ذكر الله في كتابه وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا- إلى قوله- إِلى أَمْرِ اللَّهِ (الحجرات/ 9) وقال: وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ (البقرة 193) قال فعلنا على عهد
(1) البخاري رقم (4108) وجامع الأصول (10/ 93) .
(2)
أبو داود 4 (4243) .
(3)
الفوائد لابن القيم (199) .
(4)
البخاري رقم (4514) وجامع الأصول (10/ 95) .
رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان الإسلام قليلا. فكان الرّجل يفتن في دينه إمّا قتلوه وإمّا عذّبوه حتّى كثر الإسلام. فلم تكن فتنة قال. فما قولك في عليّ وعثمان قال أمّا عثمان:
فكان الله عفا عنه وأمّا أنتم فكرهتم أن تعفوا عنه وأمّا عليّ: فابن عمّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وختنه «1» ) * «2» .
8-
* (عن عبد الله بن زياد- رضي الله عنه قال «لمّا سار طلحة والزّبير وعائشة- رضي الله عنهم إلى البصرة بعث عليّ عمّار بن ياسر وحسنا. فقدما علينا الكوفة. فصعدا المنبر وكان حسن بن عليّ في أعلاه وعمّار أسفل منه فاجتمعنا إليهما فسمعت عمّارا يقول:
إنّ عائشة قد صارت إلى البصرة والله إنّها لزوجة نبيّكم في الدّنيا والآخرة ولكنّ الله ابتلاكم ليعلم إيّاه تطيعون أم هي) * «3» .
9-
* (عن حذيفة- رضي الله عنه قال:
أوّل الفتن قتل عثمان وآخر الفتن الدّجّال) * «4» .
10-
* (عن ابن أبي حاتم عن أبي العالية في قوله تعالى: وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ (البقرة/ 191) يقول: الشّرك أشدّ. وقال أيضا: الفتنة الّتي أنتم مقيمون عليها أكبر من القتل) * «5» .
11-
* (وعن مجاهد في الآية السّابقة قال:
ارتداد المؤمن إلى الوثن أشدّ عليه من أن يقتل محقا «6» ) * «7» .
12-
* (عن مجاهد في قوله تعالى ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ (آل عمران/ 7) قال: الشّبهات) * «8» .
13-
* (قال القرطبيّ في قوله تعالى وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ (المائدة/ 41) قال أي ضلالته في الدّنيا وعقوبته في الآخرة) * «9» .
14-
* (عن مجاهد في قوله تعالى: وَحَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ (المائدة/ 71) قال: يهود، وعن جرير والحسن فيها قالوا: بلاء.
وعن قتادة في نفس الآية قال: حسب القوم ألّا يكون بلاء فَعَمُوا وَصَمُّوا قال: كلّما عرض لهم بلاء ابتلوا به هلكوا فيه. وأخرج ابن جرير عن السّدّيّ في الآية قال: حسبوا ألّا يبتلوا فعموا عن الحقّ) * «10» .
(1) الختن: زوج البنت ويطلق عليه الصهر أيضا.
(2)
البخاري رقم (4650) وجامع الأصول (10/ 73) .
(3)
البخاري رقم (7100) وجامع الأصول (10/ 74) .
(4)
البداية والنهاية لابن كثير (7/ 211) .
(5)
الدر المنثور (1/ 371) .
(6)
محقا: المحق هو النقص والمحو والابطال (النهاية لابن الأثير (4/ 303) .
(7)
الدر المنثور للسيوطي (1/ 371) .
(8)
الدر المنثور للسيوطي (2/ 7) .
(9)
القرطبي (6/ 118) .
(10)
الدر المنثور للسيوطي (2/ 531) .
15-
* (عن مجاهد- رضي الله عنه في قوله تعالى رَبَّنا لا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (يونس/ 85) قال: المعنى لا تهلكنا بأيدي أعدائنا ولا تعذّبنا بعذاب من عندك فيقول أعداؤنا: لو كانوا على حقّ لم نسلّط عليهم فيفتنوا) * «1» .
16-
* (عن عكرمة في قوله تعالى: وَجَعَلْنا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً (الفرقان/ 20) قال: هو التّفاضل في الدّنيا، والقدرة، والقهر.
وقال جريج: يمسك على هذا أو يوسّع على هذا فيقول: لم يعطني ربّي ما أعطى فلانا، ويبتلى بالوجع فيقول: لم يجعلني ربّي صحيحا مثل فلان. في أشباه ذلك من البلاء ليعلم من يصبر ممّن يجزع وَكانَ رَبُّكَ بَصِيراً بمن يصبر ومن يجزع) * «2» .
17-
* (قال القرطبيّ في قوله تعالى: ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ (الذاريات/ 14) : أي عذابكم، وقال مجاهد:
حريقكم. وقال ابن عبّاس: أي تكذيبكم يعني جزاءكم. وقال الفرّاء: أي عذابكم) * «3» .
18-
* (قال القرطبيّ في قوله تعالى: رَبَّنا لا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا (الممتحنة/ 9) : أي لا تظهر عدوّنا علينا فيظنّوا أنّهم على حقّ فيفتنوا بذلك، وقيل لا تسلّطهم علينا فيفتنونا ويعذّبونا) * «4» .
19-
* (وأخرج ابن جرير عن ابن عبّاس في قوله تعالى: رَبَّنا لا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا قال: لا تسلّطهم علينا فيفتنونا) * «5» .
20-
* (قال النّوويّ: في قوله: صلى الله عليه وسلم «لا تقوم السّاعة حتّى تقتتل فئتان عظيمتان» : واعلم أنّ الدّماء الّتي جرت بين الصحابة- رضي الله عنهم ليست بداخلة في هذا الوعيد، ومذهب أهل السّنّة والحقّ:
إحسان الظّنّ بهم، والإمساك عمّا شجر بينهم، وتأويل قتالهم، وأنّهم مجتهدون متأوّلون لم يقصدوا معصية ولا محض الدّنيا، بل اعتقد كلّ منهم أنّه المحقّ، ومخالفه باغ فوجب عليه قتاله، ليرجع إلى أمر الله، وكان بعضهم مصيبا، وبعضهم مخطئا معذورا في الخطأ، لأنّه الاجتهاد والمجتهد إذا أخطأ لا إثم عليه، وكان عليّ- رضي الله عنه هو المحقّ المصيب في تلك الحروب، هذا مذهب أهل السّنّة، وكانت القضايا مشتبهة حتّى إنّ جماعة من الصحابة تحيّروا فيها، فاعتزلوا الطّائفتين، ولم يقاتلوا، ولم يتيقّنوا الصّواب، ثمّ تأخّروا عن مساعدة أيّ منهم) * «6» .
21-
* (قال النّوويّ: في قوله صلى الله عليه وسلم: «إذا
(1) تفسير القرطبي (8/ 237) .
(2)
الدر المنثور للسيوطي (5/ 120) .
(3)
تفسير القرطبي (17/ 24) .
(4)
القرطبي (18/ 39) .
(5)
الدر المنثور للسيوطي (6/ 305) .
(6)
شرح النووي على صحيح مسلم (9/ 239) .
تواجه المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النّار» ، وفي غيره من الأحاديث الّتي في معناه. وقد اختلف العلماء في قتال الفتنة، فقالت طائفة: لا يقاتل الرّجل في فتن المسلمين، وإن دخلوا عليه بيته، وطلبوا قتله فلا يجوز له المدافعة عن نفسه لأنّ الطّالب متأوّل، وهذا مذهب أبي بكرة الصّحابيّ- رضي الله عنه وغيره، وقال ابن عمر وعمران بن الحصين- رضي الله عنهم وغيرهما:
لا يدخل فيها، لكن إن قصد دفع عن نفسه فهذان المذهبان متّفقان على ترك الدّخول في جميع فتن علماء الإسلام وقال معظم الصّحابة والتّابعين وعامّة علماء الإسلام: يجب نصر المحقّ في الفتن، والقيام معه بمقاتلة الباغين، كما قال تعالى: فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي (الحجرات/ 9) وهذا هو الصّحيح، وتتأوّل الأحاديث على من لم يظهر له المحقّ، أو على طائفتين ظالمتين لا تأويل لواحدة منهما، ولو كان كما قال الأوّلون لظهر الفساد، واستطال أهل البغي والمبطلون) * «1» .
22-
* (قال النّوويّ في شرح قوله صلى الله عليه وسلم «ما تركت بعدي فتنة أضرّ
…
فاتّقوا الدّنيا واتّقوا النّساء» ، ومعناه: تجنّبوا الافتتان بها وبالنّساء، وتدخل في النّساء الزّوجات، لدوام فتنتهنّ، وابتلاء أكثر النّاس بهنّ) * «2» .
23-
* (قال النّوويّ في حديث: «بادروا بالأعمال فتنا..» : معنى الحديث: الحثّ على المبادرة إلى الأعمال الصّالحة قبل تعذّرها، والاشتغال عنها بما يحدث من الفتن الشّاغلة المتكاثرة المتراكمة كتراكم ظلام اللّيل المظلم لا المقمر ووصف صلى الله عليه وسلم نوعا من شدائد تلك الفتن، وهو أنّه يمسي مؤمنا ثمّ يصبح كافرا أو عكسه، وهذا لعظم الفتن ينقلب الإنسان في اليوم الواحد هذا الانقلاب) * «3» .
24-
* (قال ابن حجر في حديث: «ما تركت بعدي فتنة أضرّ على الرّجال من النّساء» : الفتنة بالنّساء أشدّ من الفتنة بغيرهنّ، ويشهد له قوله تعالى:
زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَواتِ مِنَ النِّساءِ (آل عمران/ 14) فجعلهنّ من حبّ الشّهوات، وبدأ بهنّ قبل بقيّة الأنواع إشارة إلى أنّهنّ الأضلّ في ذلك، ويقع في المشاهدة حبّ الرّجل ولده من امرأته الّتي هي عنده أكثر من حبّه ولده من غيرها، ومن أمثلة ذلك قصّة النّعمان بن بشير في الهبة، وقد قال بعض الحكماء:
النّساء شرّ كلّهنّ، وأشرّ ما فيهنّ عدم الاستغناء عنهنّ لأنّها ناقصة العقل والدّين تحمل الرّجل على تعاطي ما
(1) شرح النووي على صحيح مسلم (9/ 237) .
(2)
شرح النووي على صحيح مسلم (9/ 65) .
(3)
شرح النووي على صحيح مسلم (1/ 410) .
فيه نقص العقل والدّين كشغله عن طلب أمور الدّين وحمله على التّهالك على طلب الدّنيا، وذلك أشدّ الفساد) * «1» .
25-
* (قال ابن حجر: فإن وقعت الفتنة ترجّحت العزلة لما ينشأ فيها غالبا من الوقوع في المحذور وقد تقع العقوبة بأصحاب الفتنة، فتعمّ من ليس من أهلها كما قال الله تعالى وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً) * «2» .
26-
* (قال ابن حجر: في المرد من يفوق النساء بحسنه فالفتنة به أعظم، ولأنّه يمكن في حقّه من الشّرّ ما لا يمكن في حقّ النّساء ويسهل في حقّه من طرق الرّيبة والشّرّ، ما لا يسهل في حقّ المرأة فهو بالتّحريم أولى) * «3» .
27-
* (قال ابن حجر في حديث: «كان المؤمنون يفرّ أحدهم بدينه..» : أشارت عائشة إلى بيان مشروعيّة الهجرة، وأنّ سببها خوف الفتنة، والحكم يدور مع علّته، فمقتضاه أنّ من قدر على عبادة الله في أيّ موضع اتّفق لم تجب عليه الهجرة منه وإلّا وجبت، ومن ثمّ قال الماورديّ: إذا قدر على إظهار الدّين في بلد من بلاد الكفر، فقد صارت البلد به دار إسلام، فالإقامة فيها أفضل من الرّحلة منها لما يترجّى من دخول غيره في الإسلام) * «4» .
28-
* (وقال ابن حجر- رحمه الله تعالى- في قوله صلى الله عليه وسلم: «ستكون فتن، القائم فيها خير من القاعد..
إلى قوله فمن وجد ملجأ أو معاذا فليعذ به» «5» في الحديث التّحذير من الفتنة والحثّ على اجتناب الدّخول فيها وأنّ شرّها يكون بحسب التّعلّق بها، وقد اختلف السّلف في ذلك فحمله بعضهم على العموم وهم من قعد عن الدّخول في القتال بين المسلمين كابن عمر- رضي الله عنهما ومن كان على شاكلته وقد لزمت منهم طائفة البيوت وارتحلت طائفة عن بلد الفتنة «6» ، ورأي جمهور الفقهاء أنّه إذا بغت طائفة على الإمام وجب قتالها، وكذلك لو تحاربت طائفتان من المؤمنين وجب على كلّ قادر الأخذ على يد المخطىء ونصر المصيب ذلك أنّ إنكار المنكر «7» واجب على كلّ من قدر عليه، فمن أعان المحقّ أصاب، ومن أعان المخطىء أخطأ، وإن أشكل الأمر (بحيث لا يتبيّن المخطىء من المصيب) فهي الحالة الّتي ورد النّهي عن
(1) فتح الباري (9/ 41) .
(2)
فتح الباري (13/ 46، 47) .
(3)
الزواجر عن اقتراف الكبائر (2/ 7) .
(4)
فتح الباري (7/ 270) وانظر الحديث في البخاري- الفتح 7 (3900) .
(5)
انظر الحديث في البخاري- الفتح 13 (7082) .
(6)
المراد بالفتنة هنا ما ينشأ عن الخلاف في طلب الحكم.
(7)
نقل ابن حجر هذا الرأي عن الطبري.
القتال فيها) * «1» .
29-
* (قال الحسن بن ذكوان: لا تجالسوا أولاد الأغنياء فإنّ لهم صورا كصور العذارى، وهم أشدّ فتنة من النّساء) * «2» .
30-
* (قال ابن القيّم لا يقلّدنّ أحدكم دينه رجلا، فإن آمن آمن وإن كفر كفر، وإن كنتم لابدّ مقتدين فاقتدوا بالميّت، وإنّ الحيّ لا تؤمن عليه الفتنة) * «3» .
31-
* (عن ابن شبرمة قال: قال طلحة لأهل الكوفة: في النّبيذ فتنة يربو فيها الصّغير ويهرم فيها الكبير قال: وكان إذا كان فيهم عرس كان طلحة وزبير يسقيان اللّبن والعسل فقيل لطلحة: ألا نسقيهم النّبيذ قال: إنّي أكره أن يسكر مسلم في سببي) * «4» .
32-
* (قال الماورديّ: قال بعض البلغاء:
الدّنيا لا تصفوا لشارب ولا تبقى لصاحب، ولا تخلو من فتنة، ولا تخلي من محنة، فأعرض عنها قبل أن تعرض عنك) * «5» .
33-
* (عن عطاء بن أبي رباح قال زرت عائشة مع عبيد بن عمير اللّيثيّ، فسألناها عن الهجرة فقالت: لا هجرة اليوم، كان المؤمنون يفرّ أحدهم بدينه إلى الله تعالى وإلى رسوله مخافة أن يفتن عليه، فأمّا اليوم فقد أظهر الله الإسلام، واليوم يعبد ربّه حيث شاء ولكن جهاد ونيّة) * «6» .
34-
* (عن وبرة قال: سأل رجل ابن عمر رضي الله عنهما: أطوف بالبيت وقد أحرمت بالحجّ؟ فقال: وما يمنعك؟ قال: إنّي رأيت ابن فلان نكرهه وأنت أحبّ إلينا منه. رأيناه قد فتنته الدّنيا.
فقال: وأيّنا أو أيّكم، لم تفتنه الدّنيا؟ ثمّ قال: رأينا رسول الله صلى الله عليه وسلم أحرم بالحجّ وطاف بالبيت وسعى بين الصّفا والمروة، فسنّة الله وسنّة رسوله صلى الله عليه وسلم أحقّ أن تتّبع من سنّة فلان إن كنت صادقا) * «7» .
35-
* (عن أبي سنان قال: إنّ راهبا لقي سعيد بن جبير فقال: يا سعيد في الفتنة يتبيّن من يعبد الله ممّن يعبد الطّاغوت) * «8» .
36-
* (قال أبو موسى- رضي الله عنه لمّا قتل عثمان- رضي الله عنه: إنّما هذه حيصة من
(1) فتح الباري (13/ 34- 35) بتصرف واختصار.
(2)
الزواجر عن اقتراف الكبائر (2/ 7) .
(3)
الفوائد (204) .
(4)
النسائى 8 (5757) .
(5)
أدب الدنيا والدين (115) .
(6)
البخاري- الفتح 7 (3900) .
(7)
مسلم (1233) .
(8)
السنن الواردة في الفتن وغوائلها (1/ 235) .