الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأحاديث الواردة في ذمّ (الغرور) والنهي عنه
1-
* (عن ابن عبّاس- رضي الله عنهما قال:
لمّا أصاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قريشا يوم بدر وقدم المدينة جمع اليهود في سوق بني قينقاع فقال: «يا معشر يهود أسلموا قبل أن يصيبكم مثل ما أصاب قريشا» . قالوا:
يا محمّد لا يغرّنّك من نفسك أنّك قتلت نفرا من قريش كانوا أغمارا «1» لا يعرفون القتال إنّك لو قاتلتنا لعرفت أنّا نحن النّاس وإنّك لم تلق مثلنا، فأنزل الله- عز وجل في ذلك قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ (آل عمران/ 12)) * «2» .
2-
* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يخرج في آخر الزّمان رجال يختلون «3» الدّنيا بالدّين يلبسون للنّاس جلود الضّأن من اللّين، ألسنتهم أحلى من السّكّر وقلوبهم قلوب الذّئاب. يقول الله- عز وجل أبي يغترّون. أم عليّ يجترئون؟ فبي حلفت لأبعثنّ على أولئك منهم فتنة تدع الحليم منهم حيران» ) * «4» .
3-
* (عن ابن أبان- رضي الله عنه قال:
أتيت عثمان بن عفّان بطهور وهو جالس على المقاعد فتوضّأ فأحسن الوضوء ثمّ قال: رأيت النّبيّ صلى الله عليه وسلم توضّأ وهو في هذا المجلس فأحسن الوضوء ثمّ قال: من توضّأ مثل هذا الوضوء ثمّ أتى المسجد فركع ركعتين، ثمّ جلس غفر له ما تقدّم من ذنبه قال: وقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم «لا تغترّوا» ) * «5» .
4-
* (عن ابن عبّاس- رضي الله عنهما يحدّث أنّه قال: «مكثت سنة أريد أن أسأل عمر بن الخطّاب عن آية فما أستطيع أن أسأله هيبة له، حتّى خرج حاجّا فخرجت معه، فلمّا رجعت وكنّا ببعض الطّريق. عدل إلى الأراك لحاجة له، قال فوقفت له حتّى فرغ، ثمّ سرت معه فقلت له: يا أمير المؤمنين من اللّتان تظاهرتا على النّبيّ صلى الله عليه وسلم من أزواجه، فقال: تلك حفصة وعائشة، قال فقلت: والله إن كنت لأريد أن أسألك عن هذا منذ سنة فما أستطيع هيبة لك، قال فلا تفعل؛ ما ظننت أنّ عندي من علم فاسألني، فإن كان لي علم خبّرتك به، قال ثمّ قال عمر: والله إن كنّا في الجاهليّة ما نعدّ للنّساء أمرا، حتّى أنزل الله فيهنّ ما أنزل وقسم لهنّ ما قسم، قال: فبينا أنا في أمر أتأمّره إذ قالت امرأتي: لو صنعت كذا وكذا، قال فقلت لها:
مالك ولما ها هنا، فيما تكلّفك في أمر أريده؟ فقالت لي
(1) أغمارا: الغمر: هو الجاهل الذي لم يجرب الأمور.
(2)
سنن أبي داود 3 (3001) ، والطبري (6666) ورجاله ثقات غير محمد بن أبي محمد ووثقه ابن حبان.
(3)
يختلون: يطلبون الدنيا بعمل الآخرة.
(4)
سنن الترمذي 4 (2402) ، ويشهد له حديث ابن عمر- رضي الله عنهما رقم (2405)، وقال الترمذي: حديث حسن غريب.
(5)
البخاري- الفتح 11 (4633) .
عجبا لك يا ابن الخطّاب، ما تريد أن تراجع أنت، وإنّ ابنتك لتراجع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتّى يظلّ يومه غضبان.
فقام عمر فأخذ رداءه مكانه حتّى دخل على حفصة، فقال لها: يا بنيّة إنّك لتراجعين رسول الله صلى الله عليه وسلم حتّى يظلّ يومه غضبان؟ فقالت حفصة: والله إنّا لنراجعه.
فقلت: تعلمين أنّي أحذّرك عقوبة الله وغضب رسوله صلى الله عليه وسلم يا بنيّة لا يغرّنّك هذه الّتي أعجبها حسنها حبّ رسول الله صلى الله عليه وسلم إيّاها- يريد عائشة- قال ثمّ خرجت حتّى دخلت على أمّ سلمة لقرابتي منها فكلّمتها، فقالت أمّ سلمة: عجبا لك يابن الخطّاب دخلت في كلّ شيء حتّى تبتغي أن تدخل بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وأزواجه فأخذتني والله أخذا كسرتني عن بعض ما كنت أجد فخرجت من عندها وكان لي صاحب من الأنصار إذا غبت أتاني بالخبر، وإذا غاب كنت أنا آتيه بالخبر، ونحن نتخوّف ملكا من ملوك غسّان ذكر لنا أنّه يريد أن يسير إلينا، فقد امتلأت صدورنا منه، فإذا صاحبي الأنصاريّ يدقّ الباب، فقال افتح افتح فقلت جاء الغسّانيّ فقال: بل أشدّ من ذلك، اعتزل رسول الله صلى الله عليه وسلم أزواجه. فقلت رغم أنف حفصة وعائشة. فأخذت ثوبي فأخرج حتّى جئت، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم في مشربة «1» له يرقى عليها بعجلة، وغلام لرسول الله صلى الله عليه وسلم أسود على رأس الدّرجة، فقلت له: قل هذا عمر بن الخطّاب. فأذن لي. قال عمر:
فقصصت على رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الحديث، فلمّا بلغت حديث أمّ سلمة تبسّم رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنّه لعلى حصير ما بينه وبينه شيء، وتحت رأسه وسادة من أدم حشوها ليف، وإنّ عند رجليه قرظا مصبورا «2» ، وعند رأسه أهب معلّقة، فرأيت أثر الحصير في جنبه فبكيت، فقال: ما يبكيك؟ فقلت: يا رسول الله، إنّ كسرى وقيصر. فيما هما فيه، وأنت رسول الله، فقال: أما ترضى أن تكون لهم الدّنيا ولنا الآخرة؟» ) * «3» .
5-
* (عن ابن عبّاس- رضي الله عنهما قال:
لم أزل حريصا أن أسأل عمر عن المرأتين من أزواج النّبيّ صلى الله عليه وسلم اللّتين قال الله تعالى: إِنْ تَتُوبا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما (التحريم/ 4) . حتّى حجّ عمر وحججت معه. فلمّا كنّا ببعض الطّريق عدل عمر وعدلت معه بالإداوة «4» . فتبرّز، ثمّ أتاني فسكبت على يديه. فتوضّأ. فقلت: يا أمير المؤمنين! من المرأتان من أزواج النّبيّ صلى الله عليه وسلم اللّتان قال الله عز وجل لهما: إِنْ تَتُوبا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما؟ قال عمر: واعجبا لك يا ابن عبّاس! (قال الزّهريّ: كره، والله! ما سأله عنه ولم يكتمه) قال: هي حفصة وعائشة. ثمّ أخذ
(1) مشربة: غرفة.
(2)
قرظا مصبورا: مجموعا مثل الصبرة.
(3)
البخاري- الفتح 8 (4913) .
(4)
الإداوة: إناء صغير من جلد يتّخذ للماء كالسطيحة ونحوها، وجمعها أدواى.
يسوق الحديث. قال: كنّا، معشر قريش، قوما نغلب النّساء. فلمّا قدمنا المدينة وجدنا قوما تغلبهم نساؤهم.
فطفق نساؤنا يتعلّمن من نسائهم. قال: وكان منزلي في بني أميّة بن زيد، بالعوالي. فتغضّبت يوما على امرأتي، فإذا هي تراجعني، فأنكرت أن تراجعني، فقالت: ما تنكر أن أراجعك؟ فو الله! إن أزواج النّبيّ صلى الله عليه وسلم ليراجعنه. وتهجره إحداهنّ اليوم إلى اللّيل، فانطلقت فدخلت على حفصة، فقلت: أتراجعين رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: نعم، فقلت: أتهجره إحداكنّ اليوم إلى اللّيل؟
قالت: نعم، قلت: قد خاب من فعل ذلك منكنّ وخسر، أفتأمن إحداكنّ أن يغضب الله عليها لغضب رسوله صلى الله عليه وسلم، فإذا هي قد هلكت، لا تراجعي رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا تسأليه شيئا، وسليني ما بدا لك، ولا يغرّنّك أن كانت جارتك «1» هي أوسم «2» وأحبّ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منك (يريد عائشة) . قال: وكان لي جار من الأنصار. فكنّا نتناوب النّزول إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فينزل يوما وأنزل يوما. فيأتيني بخبر الوحي وغيره.
وآتيه بمثل ذلك. وكنّا نتحدّث؛ أنّ غسّان تنعل «3» الخيل لتغزونا، فنزل صاحبي، ثمّ أتاني عشاء فضرب بابي. ثمّ ناداني، فخرجت إليه، فقال: حدث أمر عظيم، قلت: ماذا؟ أجاءت غسّان؟ قال: لا، بل أعظم من ذلك وأطول. طلّق النّبيّ صلى الله عليه وسلم نساءه.
فقلت: قد خابت حفصة وخسرت. قد كنت أظنّ هذا كائنا. حتّى إذا صلّيت الصّبح شددت عليّ ثيابي. ثمّ نزلت فدخلت على حفصة وهي تبكي. فقلت:
أطلّقكنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقالت: لا أدري. هاهو ذا معتزل في هذه المشربة «4» . فأتيت غلاما له أسود.
فقلت: استأذن لعمر. فدخل ثمّ خرج إليّ. فقال: قد ذكرتك له فصمت. فانطلقت حتّى انتهيت إلى المنبر فجلست. فإذا عنده رهط جلوس يبكي بعضهم.
فجلست قليلا. ثمّ غلبني ما أجد. ثمّ أتيت الغلام فقلت: استأذن لعمر. فدخل ثمّ خرج إليّ. فقال: قد ذكرتك له فصمت. فولّيت مدبرا. فإذا الغلام يدعوني.
فقال: ادخل. فقد أذن لك. فدخلت فسلّمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم. فإذا هو متّكيء على رمل حصير «5» .
قد أثّر في جنبه. فقلت: أطلّقت- يا رسول الله- نساءك؟ فرفع رأسه إليّ وقال: «لا» فقلت: الله أكبر! لو رأيتنا، يا رسول الله! وكنّا، معشر قريش، قوما نغلب النّساء. فلمّا قدمنا المدينة وجدنا قوما تغلبهم نساؤهم.
فطفق نساؤنا يتعلّمن من نسائهم. فتغضّبت على امرأتي يوما. فإذا هي تراجعني. فأنكرت أن تراجعني.
فقالت: ما تنكر أن أراجعك؟ فو الله! إنّ أزواج النّبيّ
(1) جارتك: ضرتك.
(2)
أوسم: أحسن وأجمل.
(3)
تنعل الخيل: أي يجعلون لخيولهم نعالا لغزونا، يعني يتهيأون لغزونا.
(4)
المشربة: الغرفة.
(5)
رمل حصير: يقال: رملت الحصير وأرملته إذا نسجته.
صلّى الله عليه وسلّم ليراجعنه، وتهجره إحداهنّ اليوم إلى اللّيل، فقلت: قد خاب من فعل ذلك منهنّ وخسر، أفتأمن إحداهنّ أن يغضب الله عليها لغضب رسوله صلى الله عليه وسلم.
فإذا هي قد هلكت؟ فتبسّم رسول الله صلى الله عليه وسلم. قلت:
يا رسول الله! قد دخلت على حفصة فقلت: لا يغرّنّك أن كانت جارتك هي أوسم منك وأحبّ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منك فتبسّم أخرى فقلت: أستأنس «1» يا رسول الله! قال: «نعم» فجلست. فرفعت رأسي في البيت.
فو الله! ما رأيت فيه شيئا يردّ البصر، إلّا أهبا «2» ثلاثة.
فقلت: ادع الله يا رسول الله! أن يوسّع على أمّتك. فقد وسّع على فارس والرّوم. وهم لا يعبدون الله. فاستوى جالسا ثمّ قال: «أفي شكّ أنت يابن الخطّاب؟! أولئك قوم عجّلت لهم طيّباتهم في الحياة الدّنيا» ، فقلت: استغفر لي، يا رسول الله! وكان أقسم أن لا يدخل عليهنّ شهرا من شدّة موجدته «3» عليهنّ.
حتّى عاتبه الله عز وجل * «4» .
6-
* (عن أبي أسماء الرّحبيّ أنّ ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم حدّثه قال: جاءت بنت هبيرة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي يدها فتخ (أي خواتيم ضخام) فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يضرب يدها فدخلت على فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم تشكو إليها الّذي صنع بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فانتزعت فاطمة سلسلة في عنقها من ذهب، وقالت: هذه أهداها إليّ أبو حسن «5» فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم والسّلسلة في يدها، فقال: «يا فاطمة أيغرّك أن يقول النّاس: ابنة رسول الله، وفي يدها سلسلة من نار، ثمّ خرج ولم يقعد فأرسلت فاطمة بالسّلسلة إلى السّوق فباعتها واشترت بثمنها غلاما وقال مرّة: عبدا وذكر كلمة معناها فأعتقته فحدّث بذلك فقال:
«الحمد لله الّذي أنجى فاطمة من النّار» ) * «6» .
7-
* (عن شيخ من بني مالك بن كنانة قال:
رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بسوق ذي المجاز يتخلّلها.
يقول «يا أيّها النّاس قولوا لا إله إلّا الله تفلحوا» قال:
وأبو جهل يحثي عليه التّراب، ويقول: أيّها النّاس لا يغرّنّكم هذا عن دينكم، فإنّما يريد لتتركوا آلهتكم، ولتتركوا اللّات والعزّى، قال: وما يلتفت إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
الحديث» ) * «7» .
(1) أستأنس: الظاهر من إجابته صلى الله عليه وسلم أن الاستنئاس هنا هو الاستئذان في الأنس والمحادثة، ويدل عليه قوله: فجلست.
(2)
أهبا ثلاثة: جمع إهاب وهو الجلد غير المدبوغ.
(3)
من شدة موجدته: أي غضبه.
(4)
مسلم 2 (1479) .
(5)
أبو حسن هو عليّ- رضي الله عنه وهو زوج السيدة فاطمة- رضي الله عنها.
(6)
سنن النسائي 8/ 116 رقم (5140) ، وأحمد في المسند (5/ 278)، وقال محقق جامع الأصول (4/ 728) : وإسناده صحيح.
(7)
المسند (5/ 376) برقم (23254) ، وذكره الهيثمي في المجمع 6/ 22، وقال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح.