الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ (فاطر/ 43) ، وبقوله صلى الله عليه وسلم «المكر والخديعة فى النّار» «1» .
أمّا ابن حجر فقد عدّه من كبائر الباطن، الّتى يذمّ العبد عليها أعظم ممّا يذمّ على السّرقة والزّنا ونحوهما من كبائر الظّاهر، وذلك لعظم مفسدتها وسوء أثرها ودوامه؛ لأنّ آثار هذه الكبائر الباطنة تدوم، بحيث تصير حالا وهيئة راسخة في القلب» .
الكيد لغة:
الكيد مصدر قولهم: كاده يكيده وهو مأخوذ من مادّة (ك ي د) الّتي تدلّ على معالجة شيء بشدّة، ثمّ إنّهم يتوسّعون في ذلك فيسمّون المكر كيدا «3» ، وقال الجوهريّ: المكر الكيد، وكلّ شيء تعالجه فأنت تكيده «4» ، وقال الرّاغب: الكيد ضرب من الاحتيال يكون مذموما وممدوحا، واستعماله في المذموم أكثر وكذلك الاستدراج والمكر، ومن أمثلة المحمود قوله تعالى: كَذلِكَ كِدْنا لِيُوسُفَ (يوسف/ 76)، وفي قول الله تعالى: وَأَنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي كَيْدَ الْخائِنِينَ (يوسف/ 52) إشارة إلى أنّه قد يهدي كيد من لم يقصد بكيد الخيانة ككيد يوسف لإخوته «5» ، وقال ابن منظور: الكيد: الخبث والمكر، والكيد الاحتيال والاجتهاد وبه سمّيت الحرب كيدا، والكيد التّدبير بباطل أو حقّ، وقول الله تعالى: إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً* وَأَكِيدُ كَيْداً (الطارق/ 15- 16) قال فيه الزّجّاج:
يعني به كيد الكفّار وهو أنّهم يخاتلون النّبيّ صلى الله عليه وسلم، ويظهرون ما هم على خلافه، أمّا كيد الله تعالى لهم فهو استدراجهم من حيث لا يعلمون، يقال: فلان يكيد أمرا ما أدري ما هو إذا كان يريغه ويحتال له ويسعى له ويختله «6» (أي يدبّره في خفاء) .
الكيد اصطلاحا:
قال الجرجانيّ: هو إرادة مضرّة الغير خفية، وهو من الخلق: الحيلة السّيّئة، ومن الله تعالى: التّدبير بالحقّ لمجازاة أعمال الخلق «7» .
وقال المناويّ: الكيد إرادة مضرّة الغير حقيقة «8» وهو ضرب من الاحتيال
العلاقة بين المكر والكيد:
كلّ من المكر والكيد فيه احتيال وإرادة الأذى بالغير خفية إلّا أنّ الكيد- كما يقول الكفويّ- أقوى من المكر «9» ، كما أنّ الكيد يجمع إلى المكر صفة الخبث «10» وهو على ذلك مكر وزيادة، كما أنّ فى الكيد مراعاة الاجتهاد كما قال عنه ابن الأثير «11» .
[للاستزادة: انظر صفات: الأذى- الأمن من المكر- الخبث- الخداع- اللؤم- النفاق- نقض العهد- الغش- الغدر- الخيانة.
وفي ضد ذلك: انظر صفات: الإحسان- الإخلاص- مجاهدة النفس- المراقبة- الأمانة- الاستقامة- الوفاء] .
(1) الكبائر للذهبي (235) .
(2)
الزواجر (99) .
(3)
مقاييس اللغة 5/ 149.
(4)
الصحاح 2/ 533.
(5)
المفردات ص 443.
(6)
لسان العرب 3/ 385 (ط. بيروت) .
(7)
التعريفات ص 189.
(8)
وقد تصحف على المناوي كلام الجرجاني فقال: وهو من الأخلاق الجبلية السيئة والصواب وهو من الخلق الجبلة السيئة، انظر التوقيف ص 286.
(9)
انظر الكليات 4/ 125.
(10)
انظر ما نقلناه عن اللسان في الكيد لغة.
(11)
قال ابن الأثير في النهاية (4/ 217) : الكيد: الاختيال والاجتهاد فيه.