الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأحاديث الواردة في ذمّ (الغدر) معنى
15-
* (عن صفوان بن سليم عن عدّة من أبناء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن آبائهم دنية «1» عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ألا من ظلم معاهدا أو انتقصه، أو كلّفه فوق طاقته، أو أخذ منه شيئا بغير طيب نفس فأنا حجيجه يوم القيامة» ) * «2» .
16-
* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «ألا من قتل نفسا معاهدا له ذمّة الله وذمّة رسوله فقد أخفر بذمّة الله فلا يرح رائحة الجنّة، وإنّ ريحها ليوجد من مسيرة سبعين خريفا» ) * «3» .
17-
* (عن أنس بن مالك- رضي الله عنه أنّ رهطا من عكل ثمانية قدموا على النّبيّ صلى الله عليه وسلم فاجتووا المدينة «4» فقالوا يا رسول الله: أبغنا رسلا. قال: «ما أجد لكم إلّا أن تلحقوا بالذّود «5» . فانطلقوا فشربوا من أبوالها وألبانها حتّى صحّوا وسمنوا، وقتلوا الرّاعي، واستاقوا الذّود، وكفروا بعد إسلامهم. فأتى الصّريخ النّبيّ صلى الله عليه وسلم فبعث الطّلب فما ترجّل النّهار حتّى أتي بهم فقطّع أيديهم وأرجلهم، ثمّ أمر بمسامير فأحميت فكحلهم بها وطرحهم بالحرّة «6» يستسقون فما يسقون حتّى ماتوا» . قال أبو قلابة: قتلوا وسرقوا وحاربوا الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وعاثوا في الأرض فسادا) * «7» .
18-
* (عن عبد الرّحمن بن كعب بن مالك عن رجل من أصحاب النّبيّ صلى الله عليه وسلم أنّ كفّار قريش كتبوا إلى ابن أبيّ ومن كان يعبد معه الأوثان من الأوس، والخزرج- ورسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ بالمدينة- قبل وقعة بدر-: إنّكم آويتم صاحبنا، وإنّا نقسم بالله لتقاتلنّه أو لتخرجنه أو لنسيرنّ إليكم بأجمعنا حتّى نقتل مقاتلتكم، ونستبيح نساءكم فلمّا بلغ ذلك عبد الله بن أبيّ ومن كان معه من عبدة الأوثان، اجتمعوا لقتال النّبيّ صلى الله عليه وسلم. فلمّا بلغ ذلك النّبيّ صلى الله عليه وسلم لقيهم فقال:«لقد بلغ وعيد قريش منكم المبالغ. ما كانت تكيدكم بأكثر ممّا تريدون أن تكيدوا به أنفسكم. تريدون أن تقاتلوا أبناءكم وإخوانكم؟» .
فلمّا سمعوا ذلك من النّبيّ صلى الله عليه وسلم تفرّقوا. فبلغ ذلك كفّار قريش، فكتبت كفّار قريش بعد وقعة بدر إلى اليهود: إنّكم أهل الحلقة «8» والحصون، وإنّكم لتقاتلنّ صاحبنا، أو لنفعلنّ كذا وكذا، ولا يحول بيننا وبين خدم نسائكم شيء- وهي الخلاخيل- فلمّا بلغ كتابهم النّبيّ صلى الله عليه وسلم أجمعت بنو النّضير بالغدر، فأرسلوا
(1) دنية: أي عن أقرب والد لهم وهو الأب.
(2)
أبو داود (3052) واللفظ له. وقال الألباني (2626) : صحيح، وانظر سلسلة الأحاديث الصحيحة (1/ 5/ 185)
(3)
الترمذي (1403) وقال: حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح، وقد روي من غير وجه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعند أبي داود والنسائي من حديث أبي بكرة نحوه، وعند البخاري في الجهاد من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما. وهذا لفظ الترمذي.
(4)
اجتووا المدينة: استوخموها، أي لم توافقهم وكرهوها لسقم أصابهم.
(5)
الذود: من ثلاثة إلى عشرة من الإبل.
(6)
الحرة: هي أرض ذات حجارة سود معروفة بالمدينة.
(7)
البخاري- الفتح 6 (3018) واللفظ له، مسلم (1671) .
(8)
الحلقة: الدروع، وقد يراد بها السلاح مطلقا.
إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: اخرج إلينا في ثلاثين رجلا من أصحابك، وليخرج منّا ثلاثون حبرا حتّى نلتقي- بمكان المنصف فيسمعوا منك، فإن صدّقوك وآمنوا بك آمنّا بك،
فقصّ خبرهم. فلمّا كان الغد غدا عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالكتائب فحصرهم فقال لهم:
«إنّكم والله لا تأمنون عندي إلّا بعهد تعاهدوني عليه» فأبوا أن يعطوه عهدا، فقاتلهم يومهم ذلك، ثمّ غدا على بني قريظة بالكتائب، وترك بني النّضير، ودعاهم إلى أن يعاهدوه، فعاهدوه فانصرف عنهم، وغدا على بني النّضير بالكتائب فقاتلهم حتّى نزلوا على الجلاء.
فجلت بنو النّضير، واحتملوا ما أقلّت الإبل من أمتعتهم، وأبواب بيوتهم وخشبها، فكان نخل بني النّضير لرسول الله صلى الله عليه وسلم خاصّة. أعطاه الله إيّاها، وخصّه بها، فقال: وَما أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكابٍ يقول: بغير قتال.
فأعطى النّبيّ صلى الله عليه وسلم. أكثرها للمهاجرين، وقسّمها بينهم، وقسم منها لرجلين من الأنصار، وكانا ذوي حاجة. لم يقسم لأحد من الأنصار غيرهما، وبقي منها صدقة رسول الله صلى الله عليه وسلم الّتي في أيدي بني فاطمة رضي الله عنها» ) * «1» .
19-
* (عن ابن عمر- رضي الله عنهما أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قاتل أهل خيبر فغلب على النّخل والأرض، وألجأهم إلى قصرهم، فصالحوه على أنّ لرسول الله صلى الله عليه وسلم الصّفراء، والبيضاء، والحلقة، ولهم ما حملت ركابهم، على أن لا يكتموا ولا يغيّبوا شيئا. فإن فعلوا فلا ذمّة لهم، ولا عهد، فغيّبوا مسكا «2» لحييّ بن أخطب- وقد كان قتل قبل خيبر- كان احتمله معه يوم بني النّضير، حين أجليت النّضير. فيه حليّهم. قال: فقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم لسعية: «أين مسك حييّ بن أخطب» ؟ قال:
أذهبته الحروب والنّفقات. فوجدوا المسك. فقتل ابن أبي الحقيق وسبى نساءهم وذراريهم. وأراد أن يجليهم فقالوا: يا محمّد. دعنا نعمل في هذه الأرض. ولنا الشّطر ما بدا لك، ولكم الشّطر، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعطي كلّ امرأة من نسائه ثمانين وسقا من تمر، وعشرين وسقا من شعير» ) * «3» .
20-
* (عن عمران بن حصين- رضي الله عنهما قال: قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم: «خيركم قرني، ثمّ الّذين يلونهم، ثمّ الّذين يلونهم» - قال عمران: لا أدري أذكر النّبيّ صلى الله عليه وسلم بعد قرنين أو ثلاثة- قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم:
«إنّ بعدكم قوما يخونون ولا يؤتمنون، ويشهدون ولا يستشهدون، وينذرون ولا يفون، ويظهر فيهم السّمن «4» » ) * «5» .
(1) أبو داود (3004) واللفظ له. وقال: الألباني 2/ 582 برقم (2595) : صحيح الإسناد.
(2)
معنى: المسك: جلد لحيي بن أخطب كان فيه ذخيرة من صامت وحلي قومت بعشرة آلاف دينار كانت أولا في مسك حمل ثم في مسك ثور ثم في مسك جمل.
(3)
أبو داود (3006) واللفظ له. وقال الألباني 2/ 584 برقم (2597) : حسن الإسناد.
(4)
يظهر فيهم السّمن: أي يحبون التوسع في المآكل والمشارب، وهي أسباب السمن. وقيل: المراد يظهر فيهم كثرة المال.
(5)
البخاري- الفتح 5 (2651) واللفظ له. ومسلم (2535) .
21-
* (عن عبد الرّحمن بن عوف- رضي الله عنه عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: شهدت حلف المطيّبين مع عمومتي وأنا غلام فما أحبّ أنّ لي حمر النّعم وأنّي أنكثه» قال الزّهريّ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لم يصب الإسلام حلفا إلّا زاده شدّة، ولا حلف في الإسلام» وقد ألّف رسول الله صلى الله عليه وسلم بين قريش والأنصار) * «1» .
22-
* (عن سلمة بن الأكوع- رضي الله عنه قال: قدمنا الحديبية مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن أربع عشرة مائة، وعليها خمسون شاة لا ترويها. قال: فقعد رسول الله صلى الله عليه وسلم على جبا الرّكيّة «2» ، فإمّا دعا وإمّا بسق «3» فيها. قال: فجاشت «4» . فسقينا واستقينا. قال: ثمّ إنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم دعانا للبيعة في أصل الشّجرة. قال:
فبايعته أوّل النّاس، ثمّ بايع وبايع. حتّى إذا كان في وسط من النّاس قال:«بايع يا سلمة!» قال قلت: قد بايعتك يا رسول الله صلى الله عليه وسلم عزلا «5» (يعني ليس معه سلاح) . قال فأعطاني رسول الله صلى الله عليه وسلم حجفة أو درقة «6» . ثمّ بايع حتّى إذا كان في آخر النّاس قال: «ألا تبايعني يا سلمة؟» قال: قلت: قد بايعتك يا رسول الله في أوّل النّاس، وفي أوسط النّاس. قال:«وأيضا» قال: فبايعته الثّالثة. ثمّ قال لي: «يا سلمة! أين حجفتك أو درقتك الّتي أعطيتك؟» قال قلت: يا رسول الله! لقيني عمّي عامر عزلا فأعطيته إيّاها. قال: فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: «إنّك كالّذي قال الأوّل «7» : اللهمّ! أبغني «8» حبيبا هو أحبّ إليّ من نفسي» . ثمّ إنّ المشركين راسلونا «9» الصّلح. حتّى مشى بعضنا في بعض «10» .
واصطلحنا. قال: وكنت تبيعا لطلحة «11» بن عبيد الله.
أسقي فرسه، وأحسّه «12» وأخدمه. وآكل من طعامه.
وتركت أهلي ومالي مهاجرا إلى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم. قال:
فلمّا اصطلحنا- نحن وأهل مكّة- واختلط بعضنا ببعض أتيت شجرة فكسحت شوكها «13»
(1) أحمد (1/ 190) واللفظ له. وقال الشيخ أحمد شاكر (3/ 121) : إسناده صحيح.
(2)
جبا الركية: الجبا ما حول البئر. والركي البئر. والمشهور في اللغة ركي، بغير هاء. ووقع هنا الركية بالهاء. وهي لغة حكاها الأصمعي وغيره.
(3)
وإما بسق: هكذا هو في النسخ: بسق. وهي صحيحة. يقال: بزق وبصق وبسق. ثلاث لغات بمعني. والسين قليلة الاستعمال.
(4)
فجاشت: أي ارتفعت وفاضت. يقال: جاش الشيء يجيش جيشانا، إذا ارتفع.
(5)
عزلا: ضبطوه بوجهين: أحدهما فتح العين مع كسر الزاي. والثاني ضمهما. وقد فسره في الكتاب بالذي لا سلاح معه. ويقال أيضا: أعزل، وهو الأشهر استعمالا.
(6)
حجفة أو درقة: هما شبيهتان بالترس.
(7)
إنك كالذي قال الأول: الذي صفة لمحذوف. أي أنك كالقول الذي قاله الأول. فالأول: بالرفع فاعل. والمراد به، هنا، المتقدم بالزمان. يعني أن شأنك هذا مع عمك يشبه فحوى القول الذي قاله الرجل المتقدم زمانه.
(8)
أبغني: أي أعطني.
(9)
راسلونا: هكذا هو في أكثر النسخ: راسلونا، من المراسلة. أي أرسلنا اليهم وأرسلوا إلينا في أمر الصلح.
(10)
مشى بعضنا في بعض: في هنا بمعني إلى. أي مشى بعضنا إلى بعض. وربما كانت بمعنى مع. فيكون المعنى مشى بعضنا مع بعض.
(11)
كنت تبيعا لطلحة: أي خادما أتبعه.
(12)
وأحسه: أي أحك ظهره بالمحسة لأزيل عنه الغبار ونحوه.
(13)
فكسحت شوكها: أي كنست ما تحتها من الشوك.
فاضطّجعت في أصلها. قال: فأتاني أربعة من المشركين من أهل مكّة فجعلوا يقعون في رسول الله صلى الله عليه وسلم فأبغضتهم، فتحوّلت إلى شجرة أخرى، وعلّقوا سلاحهم، واضطجعوا. فبينما هم كذلك إذ نادى مناد من أسفل الوادي: ياللمهاجرين! قتل ابن زنيم. قال:
فاخترطت سيفي «1» ثمّ شددت «2» على أولئك الأربعة وهم رقود. فأخذت سلاحهم. فجعلته ضغثا «3» في يدي. قال: ثمّ قلت: والّذي كرّم وجه محمّد لا يرفع أحد منكم رأسه إلّا ضربت الّذي فيه عيناه «4» . قال: ثمّ جئت بهم أسوقهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: وجاء عمّي عامر برجل من العبلات «5» يقال له مكرز. يقوده إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على فرس مجفّف «6» في سبعين من المشركين فنظر إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «دعوهم يكن لهم بدء الفجور وثناه «7» » . فعفا عنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأنزل الله: وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ (الفتح/ 24) الآية كلّها) * «8» .
23-
* (عن سليم بن عامر رجل من حمير قال: كان بين معاوية، وبين الرّوم عهد، وكان يسير نحو بلادهم، حتّى إذا انقضى العهد غزاهم، فجاء رجل على فرس أو برذون وهو يقول: الله أكبر، الله أكبر، وفاء لا غدر، فنظروا فإذا عمرو بن عبسة، فأرسل إليه معاوية فسأله، فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من كان بينه وبين قوم عهد فلا يشدّ عقدة، ولا يحلّها حتّى ينقضي أمدها أو ينبذ إليهم على سواء» فرجع معاوية) * «9» .
24-
* (عن نافع أبي غالب قال: كنت في سكّة المربد فمرّت جنازة معها ناس كثير قالوا: جنازة عبد الله ابن عمير، فتبعتها، فإذا أنا برجل عليه كساء رقيق على بريذينته «10» على رأسه خرقة تقيه من الشّمس، فقلت: من هذا الدّهقان؟ قالوا: هذا أنس بن مالك، فلمّا وضعت الجنازة، قام أنس فصلّى عليها، وأنا خلفه لا يحول بيني وبينه شيء، فقام عند رأسه، فكبّر أربع تكبيرات، لم يطل ولم يسرع، ثمّ ذهب يقعد.
فقالوا: يا أبا حمزة. المرأة الأنصارية. فقرّبوها وعليها نعش أخضر، فقام عند عجيزتها، فصلّى عليها نحو صلاته على الرّجل. ثمّ جلس، فقال العلاء بن زياد: يا أبا حمزة، هكذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلّي على الجنازة
(1) فاخترطت سيفي: أي سللته.
(2)
شددت: حملت وكررت.
(3)
ضغثا: الضغث الحزمة. يريد أنه أخذ سلاحهم وجمع بعضه الى بعض حتى جعله في يده حزمة. قال في المصباح: الأصل في الضغث أن يكون له قضبان يجمعها أصل واحد، ثم كثر حتى استعمل فيما يجمع.
(4)
الذي فيه عيناه: يريد رأسه.
(5)
العبلات: قال الجوهري في الصحاح: العبلات من قريش، وهم أمية الصغرى. والنسبة إليهم عبلي. ترده إلى الواحد.
(6)
مجفف: أي عليه تجفاف. وهو ثوب كالجل يلبسه الفرس ليقيه السلاح. وجمعه تجافيف.
(7)
يكن لهم بدء الفجور وثناه: البدء هو الابتداء. وأما ثناه فمعناه عودة ثانية. قال في النهاية: أي أوله وآخره والثنى الأمر يعاد مرتين.
(8)
مسلم (1807) .
(9)
أبو داود (2759) واللفظ له. وقال الألباني (2/ 528) : صحيح.
(10)
البريذينة: تصغير البرذون، وهو من الخيل ما ليس بعربي ويسمى (الاكديش) .
كصلاتك: يكبّر عليها أربعا، ويقوم عند رأس الرّجل، وعجيزة المرأة؟ قال: نعم. قال: يا أبا حمزة.
غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم غزوت معه حنينا فخرج المشركون فحملوا علينا حتّى رأينا خيلنا وراء ظهورنا، وفي القوم رجل يحمل علينا فيدقّنا ويحطمنا، فهزمهم الله، وجعل يجاء بهم فيبايعونه على الإسلام، فقال رجل من أصحاب النّبيّ صلى الله عليه وسلم: إنّ عليّ نذرا إن جاء الله بالرّجل الّذي كان منذ اليوم يحطمنا لأضربنّ عنقه، فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجىء بالرّجل، فلمّا رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يا رسول الله، تبت إلى الله، فأمسك رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا يبايعه ليفي الآخر بنذره. قال: فجعل الرّجل يتصدّى لرسول الله صلى الله عليه وسلم ليأمره بقتله، وجعل يهاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقتله، فلمّا رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنّه لا يصنع شيئا بايعه.
فقال الرّجل: يا رسول الله نذري، فقال:«إنّي لم أمسك عنه منذ اليوم إلّا لتوفي بنذرك» فقال: يا رسول الله ألا أومضت إليّ؟ فقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم: «إنّه ليس لنبيّ أن يومض «1» » ) * «2» .
25-
* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه قال:
لمّا فتحت خيبر أهديت للنّبيّ صلى الله عليه وسلم شاة فيها سمّ، فقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم:«اجمعوا لي من كان هاهنا من يهود» فجمعوا له فقال: «إنّي سائلكم عن شيء فهل أنتم صادقيّ عنه؟» فقالوا: نعم. قال لهم النّبيّ صلى الله عليه وسلم: «من أبوكم؟» قالوا: فلان. فقال: «كذبتم، بل أبوكم فلان» . قالوا:
«صدقت» . قال: فهل أنتم صادقيّ عن شيء إن سألت عنه؟» فقالوا: نعم يا أبا القاسم، وإن كذبنا عرفت كذبنا، كما عرفته في أبينا. فقال لهم:«من أهل النّار؟» قالوا: نكون فيها يسيرا، ثمّ تخلفونا فيها. فقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم:«اخسأوا فيها. والله لا نخلفكم فيها أبدا» . ثمّ قال: «هل أنتم صادقيّ عن شيء إن سألتكم عنه؟
قالوا: نعم يا أبا القاسم. قال: «هل جعلتم في هذه الشّاة سمّا؟» قالوا: نعم. قال: «ما حملكم على ذلك؟» قالوا:
إن كنت كاذبا نستريح، وإن كنت نبيّا لم يضرّك) * «3» .
26-
* (عن عليّ- رضي الله عنه قال: «ما عندنا شيء إلّا كتاب الله وهذه الصّحيفة عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم: المدينة حرم ما بين عائر إلى كذا. من أحدث فيها حدثا أو آوى محدثا فعليه لعنة الله والملائكة والنّاس أجمعين لا يقبل منه صرف ولا عدل. وقال: ذمّة المسلمين واحدة، فمن أخفر «4» مسلما فعليه لعنة الله والملائكة والنّاس أجمعين لا يقبل منه صرف ولا عدل.
ومن تولّى قوما بغير إذن مواليه فعليه لعنة الله والنّاس أجمعين لا يقبل منه صرف ولا عدل» . قال أبو عبد الله:
عدل: فداء) * «5» .
27-
* (عن عبد الله بن عمرو- رضي الله
(1) يومض: يشير بعينه خفية.
(2)
أبو داود (3194) واللفظ له. وقال الألباني (2/ 615) : صحيح.
(3)
البخاري- الفتح 6 (3169) .
(4)
فمن أخفر مسلما: أي نقض العهد.
(5)
البخاري- الفتح 4 (1870) وهذا لفظه. ومسلم (1370) .
عنهما- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «المسلمون تتكافأ دماؤهم: يسعى بذمّتهم أدناهم، ويجير عليهم أقصاهم، وهم يد على من سواهم، يردّ مشدّهم على مضعفهم، ومتسرّعهم على قاعدهم، لا يقتل مؤمن بكافر، ولا ذو عهد في عهده» ) * «1» .
28-
* (عن ابن عمر- رضي الله عنهما يرفعه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أعطى بيعة ثمّ نكثها «2» لقي الله وليست معه يمينه» ) * «3» .
29-
* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم أنّه قال: «من خرج من الطّاعة، وفارق الجماعة فمات مات ميتة جاهليّة «4» ، ومن قاتل تحت راية عمّيّة «5» يغضب لعصبة «6» ، أو يدعو إلى عصبة. أو ينصر عصبة فقتل فقتلة «7» جاهليّة، ومن خرج على أمّتي يضرب برّها وفاجرها ولا يتحاش «8» من مؤمنها، ولا يفي لذي عهد عهده، فليس منّي ولست منه) * «9» .
30-
* (عن عبد الله بن عمر- رضي الله عنهما قال: أقبل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «يا معشر المهاجرين، خمس إذا ابتليتم بهنّ- وأعوذ بالله أن تدركوهنّ: لم تظهر الفاحشة في قوم قطّ حتّى يعلنوا بها إلّا فشا فيهم الطّاعون، والأوجاع الّتي لم تكن مضت في أسلافهم الّذين مضوا، ولم ينقصوا المكيال والميزان إلّا أخذوا بالسّنين وشدّة المئونة وجور السّلطان عليهم، ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلّا منعوا القطر من السّماء، ولولا البهائم لم يمطروا. ولم ينقضوا عهد الله وعهد رسوله إلّا سلّط الله عليهم عدوّا من غيرهم فأخذوا بعض ما في أيديهم، وما لم تحكم أئمّتهم بكتاب الله، ويتخيّروا ممّا أنزل الله إلّا جعل الله بأسهم بينهم» ) * «10» .
(1) أبو داود (2751) واللفظ له. وقال الألباني (2/ 526) : حسن صحيح. وقال محقق جامع الأصول (10/ 255) : إسناده حسن.
(2)
ونكث الصفقة (أن تعطي رجلا بيعتك ثم تقاتله) وهذا التفسير عند أحمد من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(3)
قال ابن حجر (فتح الباري 13/ 218) : أخرجه الطبراني بسند جيد.
(4)
ميتة جاهلية: أي على صفة موتهم من حيث هم فوضى لا إمام لهم.
(5)
عمية: هي بضم العين وكسرها. لغتان مشهورتان. والميم مكسورة مشددة والياء مشددة أيضا. قالوا: هي الأمر الأعمى لا يستبين وجهه. كذا قاله أحمد بن حنبل والجمهور. قال إسحاق بن راهويه: هذا كتقاتل القوم للعصبية.
(6)
العصبة: عصبة الرجل أقاربه من جهة الأب. سموا بذلك لأنهم يعصبونه ويعتصب بهم. أي يحيطون به ويشتد بهم. والمعنى يغضب ويقاتل ويدعو غيره كذلك. لا لنصرة الدين والحق بل لمحض التعصب لقومه ولهواه. كما يقاتل أهل الجاهلية، فإنهم إنما كانوا يقاتلون لمحض العصبية.
(7)
فقتلة: خبر لمبتدا محذوف. أي فقتلته كقتلة أهل الجاهلية.
(8)
ولا يتحاش: وفي بعض النسخ: يتحاشى، بالياء. ومعناه لا يكترث بما يفعله فيها، ولا يخاف وباله وعقوبته.
(9)
مسلم (1848) .
(10)
ابن ماجة (4019) . وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير (2/ 1331) برقم (7978) .