الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ككفر أبي طالب حيث يقول:
ولقد علمت بأنّ دين محمّد
…
من خير أديان البريّة دينا
لولا الملامة أو حذار مسبّة
…
لوجدتني سمحا بذاك مبينا
وأمّا كفر النّفاق فأن يكفر بقلبه ويقرّ بلسانه «1» .
وقال ابن القيّم- رحمه الله: الكفر نوعان:
كفر أكبر، وكفر أصغر.
فالكفر الأكبر: هو الموجب للخلود في النّار.
والأصغر: موجب لاستحقاق الوعيد دون الخلود، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم:«اثنتان في أمّتي، هما بهم كفر: الطّعن في النّسب، والنّياحة على الميّت» رواه مسلم «2» .
وقوله صلى الله عليه وسلم: «لا ترجعوا بعدي كفّارا يضرب بعضكم رقاب بعض» رواه البخاريّ ومسلم.
الكفر الأكبر: وأمّا الكفر الأكبر فخمسة أنواع: كفر تكذيب، وكفر استكبار وإباء مع التّصديق، وكفر إعراض، وكفر شكّ، وكفر نفاق.
فأمّا كفر التّكذيب: فهو اعتقاد كذب الرّسل.
وهذا القسم قليل في الكفّار. فإنّ الله تعالى أيّد رسله، وأعطاهم من البراهين والآيات على صدقهم ما أقام به الحجّة. وأزال به المعذرة. قال الله تعالى عن فرعون وقومه: وَجَحَدُوا بِها وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوًّا (النّمل/ 14)، وقال لرسوله صلى الله عليه وسلم: فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَلكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآياتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ (الأنعام/ 33) . وإن سمّي هذا كفر تكذيب أيضا فصحيح. إذ هو تكذيب باللّسان.
وأمّا كفر الإباء والاستكبار: فنحو كفر إبليس.
فإنّه لم يجحد أمر الله ولا قابله بالإنكار. وإنّما تلقّاه بالإباء والاستكبار. ومن هذا كفر من عرف صدق الرّسول وأنّه جاء بالحقّ من عند الله. ولم ينقد له إباء واستكبارا، وهو الغالب على كفر أعداء الرّسل. كما حكى الله تعالى عن فرعون وقومه: أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنا وَقَوْمُهُما لَنا عابِدُونَ؟ (المؤمنون/ 47) .
وأمّا كفر الإعراض: فأن يعرض بسمعه وقلبه عن الرّسول لا يصدّقه ولا يكذّبه، ولا يواليه ولا يعاديه، ولا يصغي إلى ما جاء به ألبتّة.
وأمّا كفر الشّكّ: فإنّه لا يجزم بصدقه ولا يكذّبه. بل يشكّ في أمره. وهذا لا يستمرّ شكّه إلّا إذا ألزم نفسه الإعراض عن النّظر في آيات صدق الرّسول صلى الله عليه وسلم جملة فلا يسمعها ولا يلتفت إليها. وأمّا مع التفاته إليها، ونظره فيها: فإنّه لا يبقى معه شكّ.
وأمّا كفر النّفاق: فهو أن يظهر بلسانه الإيمان.
وينطوي بقلبه على التّكذيب. فهذا هو النّفاق الأكبر.
كفر الجحود:
وأمّا كفر الجحود فهو نوعان: كفر مطلق عامّ، وكفر مقيّد خاصّ: فالمطلق: أن يجحد جملة ما أنزله الله، وإرساله الرّسول. والخاصّ المقيّد: أن يجحد فرضا من فروض الإسلام، أو تحريم محرّم من محرّماته، أو صفة وصف الله بها نفسه، أو خبرا أخبر الله به، عمدا أو تقديما لقول من خالفه عليه لغرض من
(1) تهذيب اللغة للأزهري (10/ 193، 194) .
(2)
مسلم (67) .