المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الباب الثانيقال الرازي: فيما عدا التواتر؛ من الطرق الدالة على كون الخبر صدقا: - نفائس الأصول في شرح المحصول - جـ ٧

[القرافي]

فهرس الكتاب

- ‌الباب الثانيقال الرازي: فيما عدا التواتر؛ من الطرق الدالة على كون الخبر صدقًا:

- ‌(فائدة)الجم: معناه الكثير، ومنه قول العرب: جاءوا الجم الغفير

- ‌(تنبيه)قال التبريزى على قول المصنف في الدور بين الاستدلال بدلالة المعجزة على صدق الرسول:

- ‌تنبيه)قال سراج الدين على قول المصنف: إذا كانت قدرته- تعالى- على تصديق الرسل

- ‌القول في الطرق الفاسدة وهي خمسة

- ‌الباب الثالثقال الرازي: في الخبر الذي يقطع بكونه كذبًا، وهو أربعة:

- ‌مسألةفي أن الأخبار المروية عن الرسول صلى الله عليه وسلم بالآحاد قد وقع فيها ما يكون كذبًا

- ‌(تنبيه)قال سراج الدين على قول أن القائل: أنا كاذب ولم يكن كذب قط:

- ‌(مسألة)في تعديل الصحابةقال سيف الدين: اختلفوا في الصحابي من هو

- ‌القسم الثانيقال الرازي: في الخبر الذي لا يقطع بكونهصدقًا أو كذبًا، وفيه أبواب:

- ‌الباب الأولفي إقامة الدليل على أنه حجة في الشرع

- ‌القسم الثانيفيما لا يقطع بكونه صدقًا ولا كذبًا

- ‌(تنبيه)ينبغي أن نعلم أن أصل القسمة ثلاثة:

- ‌المسلك الثالثقال الرازي: السنة المتواترة

- ‌المسلك الرابعقال الرازي: الإجماع: العمل بخبر الواحد الذي لا يقطع بصحته مجمع عليه بين الصحابة؛ فيكون العمل به حقًا

- ‌المسلك الخامس(القياس)

- ‌المسلك السادس(دليل العقل)

- ‌(أسئلة)قال النقشواني في قوله تعالى: {يحذرون…} (سلمنا حمله على الأمر، لكن لا نسلم أنه الطلب الجازم

- ‌(تنبيه)قال التبريزي: سؤال أبي الحسين في أنهم كانوا محتاجين؛ ليس كذلك

- ‌الباب الثاني(في شرائط العمل بهذه الأخبار)

- ‌المسألة الثانيةقوله: (تقبل شهادته إذا تحملها في صغره، فكذلك روايته):

- ‌الشرط الرابعقال الرازي: العدالة وهي: هيئة راسخة في النفس تحمل على ملازمة التقوى والمروءة جميعًا حتى تحصل ثقة النفس بصدقه

- ‌(قاعدة)قال جماعة من العلماء: فالفرق بين الصغيرة والكبيرة يرجع إلى عظم المفسدة وصغرها

- ‌(سؤال)الإصرار على الصغيرة والكبيرة، فما ضابط الإصرار الذي يوصل للكبيرة

- ‌(جوابه)إن داوم على الصغيرة مداومة تخل بالثقة به كما تخل به بالكبيرة كان كبيرة، وإلا فلا

- ‌(تنبيه)وسمعته يقول: أجمعوا على أن غصب الحبة كبيرة، وسرقة الحبة كبيرة، وشهادة الزور كبيرة، وإن كان الضيع بها حقيرًا

- ‌(فائدة)قال المازري في (شرح البرهان): المعتزلة نفاة العلم، والخوارج وغيرهم إذا لم نقل بتكفيرهم فسقناهم

- ‌(قاعدة)عدم المانع ليس بشرط، وعدم الشرط ليس بمانع، خلافًا لما يتخيله كثير من الفقهاء

- ‌(المسألة الثانية)رواية المجهول غير مقبولة عند الشافعي، خلافًا للحنفية

- ‌النوع الثانيقال الرازي: في طريق معرفة العدالة والجرح وهو أمران:

- ‌(فائدة)رأيت لبعض المشايخ الذين اجتمعت بهم أن العبد لو روى حديثًا يتضمن عتقه قبلت روايته، ولا يكون ذلك تهمة توجب رده

- ‌الشرط الخامسقال الرازي: أن يكون الراوي بحيث لا يقع له الكذب والخطأ

- ‌الفصل الثالثقال الرازي: (فيما جعل شرطًا في الراوي، مع أنه غير معتبر):

- ‌(سؤال)على قول الجبائي في اشتراط العدد: فلا يقبل الحديث إلا من اثنين

- ‌(سؤال)على قوله: لا يشترط أن يكون الراوي فقيهًا

- ‌(المسألة السادسة)تقبل رواية من لم يرو إلا خبرًا واحدًا

- ‌القسم الثاني(في البحث عن الأمور العائدة إلى المخبر عنه)

- ‌(القول فيما ظن أنه شرط في هذا الباب وليس بشرط)

- ‌المسألة الأولى: خبر الواحد، إذا عارضه: القياس فإما أن يكون خبر الواحد يقتضي تخصيص القياس، أو القياس يقتضي تخصيص خبر الواحد

- ‌(فائدة)المهراس: إناء تهرس فيه الحبوب حتى يزول قشرها ونحو ذلك

- ‌المسألة الثانيةقال الرازي: إذا روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه عمل بخلاف موجب الخبر

- ‌المسألة الثالثةعمل أكثر الأمة بخلاف الخبر لا يوجب رده

- ‌المسألة الرابعةالحفاظ، إذا خالفوا الراوي في بعض ذلك الخبر، فقد اتفقوا على أن ذلك لا يقتضي المنع من قبول ما لم يخالفوه فيه

- ‌المسألة الخامسةخبر الواحد، إذا تكاملت شروط صحته، هل يجب عرضه على الكتاب

- ‌المسألة السادسةلا شبهة في أن الناسخ يجب أن يكون غير مقارن للكتاب

- ‌المسألة السابعةقال الرازي: اختلفوا فيما إذا كان مذهب الراوي بخلاف روايته:

- ‌المسألة الثامنةقال الرازي: خبر الواحد: إما أن يقتضي علمًا، أو عمل

- ‌(فرع)قال أبو الحسين في (المعتمد): يقبل خبر الواحد في العمليات، وإن كان عبادة مبتدأة، أو ركنًا، أو حدًا، أو ابتداء نصاب أو تقدير

- ‌القسم الثالث(في الأخبار) وفيه مسائل)

- ‌المسألة الأولى: في كيفية ألفاظ الصحابة في نقل الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌(فائدة)قال القاضي عبد الوهاب في (الملخص): قال جماعة من العلماء: قول الصحابي: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بكذا، أو نهى عن كذا، أو فرض كذا لا يقبل

- ‌المسألة الثانية(في كيفية رواية غير الصحابي)

- ‌المسألة الثالثةذهب الشافعي رضي الله عنه إلى أن المرسل غير مقبول

- ‌المسألة الرابعة(في التدليس)

- ‌المسألة الخامسة(يجوز نقل الخبر بالمعنى)

- ‌المسألة السادسةالراويان، إذا اتفقا على رواية خبر، وانفرد أحدهما بزيادة، وهما ممن يقبل حديثهما:

- ‌(مسألة)قال الغزالي في (المستصفى): إذا كان في مسموعاته عن الزهري حديث شك في سماعه عنه

- ‌(مسألة)قال الغزالي في (المستصفى): إذا غلب على ظنه أن الحديث من مسموعاته من الزهري لم يجز له الرواية بالظن

- ‌(مسألة)قوله: (عدالة الأصل غير معلومة):

- ‌(فائدة)قال إمام الحرمين في (البرهان): (العمدة في قبول المرسل التفصيل)، فحيث حصلت غلبة الظن قبل

- ‌(سؤال)المرسل في الاصطلاح هو أن يسقط من السند صحابي، والإرسال خاص بالتابعين

- ‌(مسألة)يجوز نقل الخبر بالمعنى

- ‌(فائدة)قال النقشواني: هذه المسألة مختلفة الوضع

- ‌(فائدة)قال المازري في (شرح البرهان): إذا اعتقد مراد المتكلم ما اعتقده، لكن من جهة الاستنباط امتنع النقل بالمعنى

- ‌(فرع)قال المازري: قال أحمد: لا ينقل حديث النبي صلى الله عليه وسلم بالمعنى، بخلاف حديث الناس

- ‌(مسألة ((إذا انفرد الراوي بزيادة)

- ‌(فائدة)قال القاضي عبد الوهاب في (الملخص): قال جماعة: قول الصحابي: أمر النبي عليه السلام بكذا، أو نهى عن كذا، أو فرض كذا، ونحوه لا يقبل

- ‌(فوائد)تتعلق بكتاب الأخبار ينبغي أن تكون على خاطر الأصولي، يستعين بها على معرفة المرسل، والتدليس، وغيرها

- ‌(مسألة)قال سيف الدين: إذا سمع الراوي خبرًا، فأراد نقل بعضه، وحذف بعضه، فلا يخلو إما أن يكون الخبر متضمنًا لأحكام لا يتعلق بعضها ببعض أو ل

- ‌(مسألة)قال سيف الدين: اتفقت الشافعية، والحنابلة، وأبو يوسف، وأبو بكر الرازي، وأكثر الناس على قبول خبر الواحد فيما يوجب الحد

- ‌(مسألة)قال إمام الحرمين في (البرهان): قال الأستاذ أبو إسحاق: المستفيض واسطة بين التوتر والآحاد

- ‌(مسألة)قال إمام الحرمين في (البرهان): إذا وجد الناظر حديثًا مسندًا في كتاب مصحح، ولم يسترب في ثبوته، وتبين عدم اللبس فيه، وانتفى الريب، ولم يسمع الكتاب من شيخ، فلا يروه

- ‌(مسألة)قال الإمام في (البرهان): ظاهر مذهب الشافعي أن القراءة الشاذة المنقولة بأخبار الآحاد لا تنزل منزلة خبر الواحد، واحتج به أبو حنيفة

- ‌(مسألة)خبر الواحد إذا خالف الأصول، قال القاضي عبد الوهاب في (الملخص: قبله الحنفية، والشافعية، ومتقدمو المالكية

- ‌(مسألة)قال ابن العربي في (المحصول (: إذا ورد خبر بثبوت مستحيل مضاف إلى الله -تعالى- إن قبل التأويل أول

- ‌(مسألة)قال ابن برهان في كتاب (الأوسط): الرواية في النفي عند الشافعي مقبولة، خلافًا للحنفية

- ‌(فائدة)قال الشيخ أبو إسحاق الشيرازي في (اللمع): أبو بكرة ومن جلد معه في القذف تقبل رواياتهم؛ لأنهم إنما أخرجوا ألفاظهم مخرج الشهادة، وجلده عمر رضي الله عنه باجتهاده، فلا ترد روايتهم

- ‌(فائدة)إذا اشترك رجلان في الاسم والنسب، وأحدهما عدل، والآخر فاسق، فإذا روي عن هذا الاسم لم يقبل حتى يعلم أنه عن العدل

- ‌الكلام في القياس

- ‌ المقدمة: ففيها مسائل:

- ‌المسألة الأولى: في حد القياس:

- ‌المسألة الثانيةفي الأصل والفرع

- ‌(سؤال)قياس لا فارق يرد على حد القياس؛ فإنه ليس فيه جامع

- ‌(التعريف الثاني)قوله: (إثبات مثل حكم معلوم لمعلوم آخر):

- ‌(فائدة)قال أبو الحسن البصري في كتابه الذي صنفه في القياس خاصة، وسماه كتاب (القياس):

- ‌(فائدة)قوله: (ينتقض بالمقدمتين والنتيجة):

- ‌(قاعدة)النذر لا يؤثر إلا في نقل المندوبات إلى الواجبات كما تقرر في الفقه

- ‌(سؤال)قال سيف الدين: يرد على الحد إشكال لا محيص عنه، وهو أن الحكم في الفرع نفيًا أو إثباتًا متفرع على القياس إجماعًا

- ‌(المسألة الثانية)(في الأصل والفرع)

- ‌(تنبيه)قال التبريزي: قوله: (الحكم أصل في محل الوفاق فرع في محل الخلاف)

- ‌(فائدة)قال سيف الدين: يطلق الأصل على أمرين:

- ‌المسألة الثالثة

- ‌(فائدة)قال إمام الحرمين في (البرهان): اختلف في الإلحاق بنفي الفارق هل هو قياس أم لا؟ كإلحاق الأمة بالعبد في تقويم العتق

- ‌(فائدة)قال المصنف: (إلغاء الفارق تنقيح المناط عند الغزالي)، والذي قاله الغزالي في (المستصفى) أن تنقيح المناط تعيين العلة من أوصاف مذكورة

- ‌(فائدة)قال سيف الدين: للقياس عشرة شروط:

- ‌فرعقال سيف الدين: اختلف الشافعية والحنفية هل حكم الأصل ثابت بالعلة

- ‌القسم الأولفي إثبات كون القياس حجة

- ‌(سؤال)قال النقشواني: الاعتبار: المجاوزة

- ‌(تنبيه)

- ‌(تنبيه)زاد التبريزي فقال: ومن سياقات سماعه أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم لما أراد أن يبعث معاذًا إلى (اليمن)، قال له: (كيف تقضي إذا عرض لك قضاءٌ)

- ‌(سؤال)قال النقشواني: رسول الله - صلى الله عليه وسلم استعمل القياس، ولم يقل: (إن القياس حجة، وبينهما فرق عظيم؛ لأنه عليه السلام إذا استعمل القياس كانت مقدماته سالمة عن المطاعن قطعًا

- ‌(تنبيه)

- ‌المسلك السابعقال الرازي: وهو المعقول: أن القياس يفيد ظن دفع الضرر؛ فوجب جواز العمل به

- ‌(تنبيه)قال التبريزي: معنى قوله: (هبته وكان مهيبًا)، هي هيبة تعظيم وتوقير، لا هيبة خوف وسراية ضرر

- ‌(فائدة)قال سيف الدين: القائلون بأن السماع دل على القياس، قالوا كلهم: إن ذلك الدليل قطعي، إلا أبا الحسن البصري، فإنه قال: ظني. قال: وهو المختار

- ‌(فائدة)قال ابن حزم في كتاب (النكت) له في إبطال الأمور الخمسة:

- ‌المسألة الثانيةقال الرازي: قال النظام: (النص على علة الحكم يفيد الأمر بالقياس)

- ‌(سؤال)قال النقشواني: إذا قطعنا بنفي الفوارق وجب الإلحاق للضرورة

- ‌(جوابه)لا نسلم أنه أمر بالقياس، بل نقطع بنفي الفوارق

- ‌(سؤال)قال النقشواني: الفرق بين الفعل والترك قوى؛ لأن القائل: (أعط هذا الفقير لفقره)، لا يلزم منه إعطاء كل فقير

- ‌(جوابه)أن ذلك معلم بالعرف مع العلة

- ‌المسألة الثالثةقال الرازي: إلحاق المسكوت عنه بالمنصوص عليه قد يكون ظاهرًا جليًا، وقد لا يكون كذلك:

- ‌(فائدة)قال إمام الحرمين في (الرهان): قال معظم الأصوليين: ليس هذا الفحوى معدودا من الأقيسة، بل متلقى من اللفظ

- ‌المسألة الرابعةقال الرازى: ثبوت الحكم في الأصل: إما أن يكون يقينيا، أو لا يكون:

- ‌(تنبيه)قال التبريزي: الحكم للأقوى: كقياس الأعمى على الأعرج في الأضحية في عدم الإجزاء

- ‌القسم الثانيقال الرازي: في الطرق الدالة على كون الوصف المعين علة للحكم في الأصل

- ‌(فائدة)قال القاضي عبد الوهّاب في (الملخص)، والشيخ أبو إسحاق في (اللمع): العلة لها معنيان: لغوى واصطلاحي

- ‌الباب الأولقال الرازي: في الطرق الدالة على علية الوصف في الأصل، وهي عشرة:

- ‌الفصل الأول(في النص)

- ‌(فائدة)قال النحاة: اللام هذه لها سبعة معانٍ:

- ‌(فائدة)قال ابن جني في (المسائل الدمشقيات): (إن) لها سبعة معانٍ:

- ‌(فائدة)الباء: قال النحاه: لها خمسة معانٍ:

- ‌(تنبيه)غير التبريزي العبارة فقال: النص ينقسم إلى صريح، وإيماء

- ‌(فائدة)قال سيف الدين: ومن الصريح (من) كقوله تعالى: {من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل}

- ‌(فائدة)قال إمام الحرمين في (البرهان (: نص الشارع على تعليل الحكم على وجه لا يتطرق التفصيل والتأويل إليه

- ‌الفصل الثاني(في الإيماء)قال الرازي: وهو على خمسة أنواع:

- ‌(تنبيه)زاد التبريزي فغيّر، وقال: (قد قال قوم بمجرد الترتيب على الوصف كافٍ دون المناسبة، وهو باطل

- ‌(سؤال)قال النقشواني: اختار المصنف فيما تقدم أن العلّة الشرعية معرفة، وغير التعريف لا يتأتى فيها

- ‌(سؤال)قال: قوله: (تقدم العلة على الحكم أقوى إشعارًا بالعلية) الأمر بالعكس

- ‌(فائدة)قال الغزالي في (شفاء الغليل (: قد يجرى الاسم على اللّسان ولا يكون مقصودًا

- ‌(تنبيه)قال التبريزي: لا يدلّ على أن كل المدلول علّة، بل على أن فيه علّة

- ‌(النوع الثالث)قوله: (لو لم يكن كونها من الطوّافين والطّوّافات مؤثرًا في طهارتها لم يكن في ذكره فائدة):

- ‌(تنبيه)قال التريزي: الصحيح- هاهنا- أن التعليل مفهومٌ من المناسبة

- ‌(سؤال)لا يجمع بـ (الواو والنون) أو (الياء والنون) إلا صيغة من يعقل

- ‌(تنبيه)زاد التبريزي إيضاحًا فقال: قال- عليه السلام لابن مسعود: (ثمرة طيبة وماءٌ طهور)

- ‌(تنبيه)قال التبريزي في هذا القسم الذي لم يكن الحكم مذكورًا فيه: في هذا المثال (القاتل لا يرث): يتجه أن يقال: إن فهم العموم من اللفظ الفارق

- ‌الفصل الثالثفي المناسبة

- ‌المسألة الثانيةقال الرازي: في تقسيم المناسب، وذلك من أوجه:

- ‌(فائدة)قال سيف الدين: قال أبو زيد: المناسبة ما لو عرض على العقلاء تلقته بالقبول

- ‌(فائدة)قال سيف الدين: لم تخل ملة من الملل، ولا شريعة من الشرائع عن رعاية الكليات الخمس

- ‌(فائدة)قال إمام الحرمين في (البرهان): قد يكون ما هو معلل من وجه دون وجه كنصب الزكوات والسرقات

- ‌(قاعدة)الكليات خمسة: النوع، والجنس، والفصل، والخاصة، والعرض العام

- ‌(تنبيه)قال التبريزي: المناسب إما أن يعلم اعتبار عينة في عين الحكم أو جنسه

- ‌(فائدة)قال سيف الدين: إن كان اعتبار الوصف بنص أو إجماع فهو المؤثر

- ‌(فائدة)قال الغزالي في (شفاء الغليل): المناسب: الذي لا يلائم نقل وجوده

- ‌(فائدة)قال الغزالي في (شفاء الغليل): المناسب ينقسم إلى حقيقي، وإقناعي، وخيالي

- ‌التقسيم الثالثالوصف باعتبار الملاءمة

- ‌(تنبيه)قال سراج الدين: المناسب إما ملائم، وهو ما وقع حكمه على وفق حكم آخر، وإما غير ملائم

- ‌(تنبيه)وقع بيني وبين أهل العصر بحث في معنى شهادة الأصل المعين هل يكفي فيه صورة النزاع وإن ورد نص فيها

- ‌المسألة الثالثةقال الرازي: في أن المناسبة لا تبطل بالمعارضة

- ‌(تنبيه)زاد التبريزي فقال: العقلاء مجمعون على حسن ركون البحر عند غلبة السلامة

- ‌(فائدة)قال سيف الدين: في انخرام المصلحة بالمفسدة كانت مساوية أو راجحة قولان

- ‌القسم الثانيفي الدلالة على المناسبة

- ‌(سؤال)قال النقشواني: لم لا يجوز أن يقال: إن أفعال الله- تعالى- وأحكامه كلها خيرات

- ‌(تنبيه)قال سراج الدين على قوله: (لو كان الحكم عين هذا الوصف- وهو في الأزل كان الحكم أزليًا):لقائل أن يقول: هو معارض بمثله

- ‌الفصل الرابع(في المؤثر)

- ‌الفصل الخامس(في الشبه)والنظر في ماهيته ثم في إثباته

- ‌(تنبيه)قال التبريزي بعد ذكره الحدين الذين في (المحصور): وقيل: هو الأخذ بأقوى المشبهين، فجعل قول الشافعي تفسيرًا تاليًا، وهو الظاهر من قول الشافعي

- ‌(فائدة)قال سيف الدين: اسم الشبه يتناول كل قياس لأجل مشابهة الفرع لأصله في جامعه

- ‌(فرع)قال بعض أصحابنا: الشبه إذا اعتبر جنسه في جنس الحكم دون اعتبار عينه في عين الحكم لا يكون حجة، بخلاف المناسب

- ‌(فائدة)قال الغزالي في (المستصفى): الشبه من شرطه احتياجه إلى ضرورة في استنباط مناط الحكم

- ‌(فائدة)قال إمام الحرمين في (البرهان): قال أحمد بالشبه في الصورة، وأبو حنيفة قال به- أيضًا

- ‌(فرع)قال إمام الحرمين في (البرهان): قال جماعة من المتأخرين: القياس ثلاثة:

الفصل: ‌الباب الثانيقال الرازي: فيما عدا التواتر؛ من الطرق الدالة على كون الخبر صدقا:

‌الباب الثاني

قال الرازي: فيما عدا التواتر؛ من الطرق الدالة على كون الخبر صدقًا:

القول في الطرق الصحيحة، وهى ثمانية:

الأول: الخبر الذي عرف وجود مخبره بالضرورة.

الثاني: الخبر الذي عرف وجود مخبره بالاستدلال.

الثالث: خبر الله- تعالي- صدق، باتفاق أرباب الملل والأديان، ولكنهم اختلفوا في الدلالة عليه؛ بحسب اختلافهم في مسألتي الحسن والقبح والمخلوق، أما أصحابنا، فقد قال الغزالي- رحمه الله: يدل عليه دليلان: أقواهما: إخبار الرسول صلى الله عليه وسلم عن امتناع الكذب على الله- تعالى- والثاني: أن كلامه- تعالى- قائم بذاته، ويستحيل الكذب في كلام النفس على من يستحيل عليه الجهل؛ إذا الخبر يقوم بالنفس على وفق العلم، والجهل على الله تعالى محال.

ولقائل أن يتعرض على الأول: بأن العلم بصدق الرسول موقوف على دلالة المعجزة على صدقه صلى الله عليه وسلم، وذلك إنما كان؛ لأن المعجز قائم مقام التصديق بالقول.

وإذا كان صدق الرسول صلى الله عليه وسلم مستفادًا من تصديق الله تعالى إياه، وذلك إنما يدل أن لو ثبت أن الله صادق؛ إذا لو جاز الكذب عليه، لم يلزم من تصديقه للنبي صلى الله عليه وسلم كونه صادقًا.

فإذن: العلم بصدق الرسول صلى الله عليه وسلم موقوف على العلم بصدق الله تعالى، فلو استفدنا العلم بصدق الله تعالى من صدق الرسول صلى الله عليه وسلم، للزم الدور.

ص: 2857

فإن قلت: لا نسلم أن دلالة تصديق الله تعالى للرسول على كونه صادقًا يتوقف على العلم بكون الله تعالى صادقًا؛ لأن قوله للشخص المعين: (أنت رسولي) جار مجرى قول الرجل لغيره: (أنت وكيلي) فإن هذه الصيغة، وإن كانت إخبارًا في الأصل؛ لكنها إنشاء في المعنى، والإنشاء لا يتطرق إليه التصديق والتكذيب.

وإذا كان كذلك، فقول الله تعالى للرجل المعين:(أنت رسولي) يدل على رسالته، سواء قدر أن الله تعالى صادق، أو لم يقدر ذلك. وعلى هذا ينقطع الدور.

قلت: هب أن قوله في حق الرسول المعين: (إنه رسولي) إنشاء ليس يحتمل الصدق والكذب؛ لكن الإنشاء تأثيره في الأحكام الوضعية، لا في الأمور الحقيقة، وإذا كان كذلك، لم يلزم من قول الله تعالى له:(أنت رسولي) أن يكون الرسول صادقًا في كل ما يقول؛ لأن كون ذلك الرجل صادقًا أمر حقيقي، والأمور الحقيقة لا تختلف باختلاف الجعل الشرعي.

فإذن: لا طريق إلى معرفة كون الرسول صادقًا فيما يخبر عنه، إلا من قبل كون الله تعالى صادقًا؛ وحينئذ يلزم الدور.

وعلى الثاني: أن البحث في أصول الفقه غير متعلق بالكلام القائم بذات الله تعالى، الذي ليس بحرف، ولا صوت، بل عن الكلام المسموع الذي هو الأصوات المقطعة؛ وإذا كان كذلك، لم يلزم من كون الكلام القائم بذاته تعالى صدقًا- كون هذا المسموع صدقًا؛ فعلمنا أن هذه الحجة مغالطة.

ص: 2858

وأيضًا: يقال: لم قلت: إن الكلام القائم بذاته تعالى صدق؟

قوله: (لأنه تعالى ليس بجاهل، ومن لا يكون جاهلًا، استحال أن يخبر بالكلام النفساني خبرًا كاذبًا):

قلنا: هذه القضية غير بديهية؛ فما البرهان؟

وأما المعتزلة، فهم ظنوا: أن هذا البحث ظاهر على قواعدهم؛ فقالوا: (الكذب قبيح، والله تعالى لا يفعل القبيح):

والاعتراض أن نقول: إن البحث عن أن الله تعالى لا يصح علية الكذب يجب أن يكون مسبوقًا بالبحث عن ماهية الكذب؛ لأن التصديق مسبوق بالتصور؛ فنقول: إما أن يكون المراد من الكذب الكلام الذي لا يكون مطابقًا للمخبر عنه في الظاهر، سواء كان بحيث لو أضمر فيه زيادة، أو نقصان، أو تغيير، صح.

وإما أن يكون المراد منه الكلام الذي لا يكون مطابقًا للمخبر عنه في الظاهر، ولا يمكن أن يضمر فيه ما عنده يصير مطابقًا.

فإن أردتم بالكذب: المعنى الأول، لم يمكنكم أن تحكموا بقبحه، وبأنه لا يجوز ذلك على الله تعالى؛ لأن أكثر العمومات في كتاب الله مخصوص، وإذا كان كذلك، لم يكن ظاهر العموم مطابقًا للمخبر عنه.

وكذا الحذف والإضمار واقعان باتفاق أهل الإسلام في كتاب الله تعالى حتى إنه حاصل في أوله؛ فإن الناس اختلفوا في معنى: {بسم الله الرحمن الرحيم} فمنهم من قدم المضمر، وهو الأمر، أو الخبر، ومنهم من أخره، وكذا {الحمد لله رب العالمين} قالوا: معناه: قولوا: (الحمد لله)، فالإضمار متفق عليه.

ص: 2859

ولأن المعتزلة اتفقوا على حسن المعاريض؛ على أنه لا معنى لها إلا الخبر الذي يكون ظاهره كذبًا، ولكنه عند إضمار شرط خاص، وقيد خاص يكون صدقًا، وإذا كان كذلك، ثبت أنه لا يمكن تفسير الكذب الممتنع على الله تعالى بالوجه الأول.

وأما التفسير الثاني: فنقول: نسلم أنه قبيح بتقدير الوقوع، ولكنه غير ممكن الوجود؛ لأنه لا خبر يفرض كونه كذبًا إلا، وهو بحال متى أضمرنا فيه زيادة، أو نقصانًا، صار صدقًا، وعلى هذا التقدير، يرفع الأمان عن جميع ظواهر الكتاب والسنة.

فإن قلت: (لو كان مراد الله غير ظواهرها، لوجب أن يبينها، وإلا كان ذلك تلبيسًا؛ وهو غير جائز.

ولأنا لو جوزنا ذلك، لم يكن في كلام الله تعالى فائدة، فيكون عبثًا؛ وهو غير جائز):

قلت: الجواب عن الأول: ما الذي تريد بكونه تلبيسًا؟

إن عنيت به: أنه تعالى فعل فعلًا لا يحتمل إلا التجهيل والتلبيس، فهذا غير لازم؛ لأنه تعالى، لما قرر في عقول المكلفين: أن اللفظ المطلق جائز أن يذكر، ويراد به المقيد بقيد غير مذكور معه، ثم أكد ذلك بأن بين للمكلف وقوع ذلك في أكثر الآيات والأخبار؛ فلو قطع المكلف بمقتضى الظاهر، كان وقوع المكلف في ذلك الجهل من قبل نفسه، لا من قبل الله تعالى؛ حيث قطع، لا في موضع القطع، وهذا كما يقال في إنزال المتشابهات؛ فإنها، وإن كانت موهمة للجهل،

ص: 2860

إلا أنها لما لم تكن متعينًة لظواهرها، بل كان فيها احتمال لغير تلك الظواهر الباطلة، لا جرم كان القطع بذلك تقصيرًا من المكلف، لا تلبيسًا من الله تعالى.

وعن الثاني: أنا لو ساعدنا على أنه لابد لله تعالى في كل فعل من غرض معين؛ لكن لم قلت: إنه لا غرض من تلك الظواهر، إلا فهم معانيها الظاهرة؟ أليس أنه ليس الغرض من إنزال المتشابهات فهم ظواهرها؛ بل الغرض من إنزالها أمور أخرى؛ فلم لا يجوز أن يكون الأمر هاهنا كذلك؟

فإن قلت: (جواز إنزال المتشابهات مشروط بأن يكون الدليل قائمًا على امتناع ما أشعر به ظاهر اللفظ، فما لم يتحقق هذا الشرط، لم يكن إنزال المتشابهات جائزًا):

قلت: لا شك أن إنزال المتشابه غير مشروط بأن يكون الدليل المبطل للظاهر معلومًا للسامع، بل هو مشروط بأن يكون ذلك الدليل موجودًا في نفسه، سواء علمه السامع لذلك المتشابه، أو لم يعلمه.

وإذا كان كذلك، فما لم يعلم السامع أنه ليس في نفس الأمر دليل مبطل لذلك الظاهر، لا يمكنه إجراؤه على ظاهره.

ثم لا يكفي في العلم بعدم الدليل العقلي المبطل للظاهر- عدم العلم بهذا الدليل المبطل؛ لأنا بينا في الكتب الكلامية: أنه لا يلزم من عدم العلم بالشيء العلم بعدم الشيء.

إذا كان كذلك، فلا ظاهر نسمعه إلا ويجوز أن يكون هناك دليل عقلي، أو نقلى يمنع من حمله على ظاهره، وإذا كان هذا التجويز قائمًا، لم يقع الوثوق بشيء من الظواهر؛ على مذهب المعتزلة ألبتة.

ص: 2861

ولما بينا ضعف هذه الطرق، فالذي نعول علية في المسألة: أن الصادق أكمل من الكاذب، والعلم به ضروري، فلو كان الله- تعالى جده، وتقدست أسماؤه- كاذبًا، لكان الواحد منا حال كونه صادقًا أكمل وأفضل من الله تعالى، وذلك معلوم البطلان بالضرورة؛ فوجب القطع بكون الله تعالى صادقًا، وهو المطلوب.

الرابع: خبر الرسول صلى الله عليه وسلم، قال الغزالي، رحمه الله: دليل صدقه دلالة المعجزة على صدقه، مع استحالة ظهور على يد الكذابين؛ لأن ذلك لو كان ممكنًا، لعجز الله تعالى عن تصديق رسله.

ولقائل أن يقول: إذا كان يلزم من اقتدار الله تعالى على إظهار المعجز على يد الكاذب- عجزه تعالى عن تصديق الرسول- فكذا يلزم من الحكم بعدم اقتداره عليه- عجزه؛ فلم كان نفى أحد العجزين عنه أولى من الآخر؟.

وأيضًا: إذا فرضنا أن الله تعالى قادر على إقامة المعجزة على يد الكاذب، فمع هذا الفرض: إما أن يكون تصديق الرسول ممكنًا، أو لا يكون: فإن أمكن، بطل قوله: إنه يلزم من قدرة الله تعالى على إظهار المعجز على يد الكاذب- عجزه عن تصديق الرسول.

وإن لم يكن ذلك ممكنًا، لم يلزم العجز؛ لأن العجز إنما يتحقق عما يصح أن يكون مقدورًا في نفسه؛ ألا ترى أن الله لا يوصف بالعجز عن خلق نفسه.

وأيضًا: فإذا استحال يقدر الله تعالى على تصديق رسله، إلا إذا استحال منه إظهار المعجزة على يد الكاذب، وجب أن ينظر أولًا: أن ذلك، هل هو محال، أم لا؟ وألا يستدل باقتداره على تصديق الرسل على عدم قدرته على إظهاره على يد الكاذب؛ لأن ذلك تصحيح الأصل بالفرع؛ وهو دور.

ص: 2862

وأيضًا: إذا تأملنا، علمنا أن ذلك غير ممتنع؛ لأن قلب العصا حية، لما كان مقدورًا لله تعالى وممكنًا في نفسه، لم يقبح من الله تعالى فعله في شيء من الأوقات، وبشيء من الجهات؛ فبأن قال زيد كاذبًا:(أنا رسول الله) يستحيل أن ينقلب الممكن ممتنعًا، والمقدور معجوزًا.

سلمنا ذلك؛ لكن المعجز يدل على كونه صادقًا في ادعاء الرسالة فقط، أو على صدقه في كل ما أخبر عنه؟!.

الأول مسلم، والثاني ممنوع:

بيانه: أن الرجل إذا أدعى الرسالة، وأقام المعجز، كان المعجز دالا على صدقه فيما ادعاه، وهو كونه رسولًا، لا على صدقه في غير ما ادعاه، فإن الرسول ما ادعى كونه صادقًا في جميع الأمور، أو لا يعلم أنه أدعى الصدق في كل الأمور.

فإذن هذا المطلوب لا يتم إلا بإقامة الدلالة على أنه ادعى كونه صادقًا في جميع ما يخبر عنه، ثم أقام المعجزة عليه، وذلك لا يكفي فيه قيام المعجز على ادعاء الرسالة، وكيف، والعلماء اختلفوا في جواز الصغائر على الأنبياء، بل جوز بعضهم الكبائر عليهم، واتفقوا على جواز السهو والنسيان؟!.

بل الصواب أن يقال: إن ظهر المعجز عقيب ادعاء الصدق في كل ما يخبر عنه، وجب الجزم بتصديقه في الكل؛ وإلا ففي القدر المدعى فقط.

الخامس: خبر كل الأمة عن الشيء يجب أن يكون صدقًا؛ لقيام الدلالة على أن الإجماع حجة.

ص: 2863

السادس: خبر الجمع العظيم عن الصفات القائمة بقلوبهم من الشهوة والنفرة لا يجوز أن يكون كذبًا.

وأيضًا: الجمع العظيم البالغ إلى حد التواتر، إذا أخبر واحد منهم عن شيء غير ما أخبر عنه صاحبه، فلا بد، وأن يقع فيها ما يكون صدقًا، ولذلك نقطع بأن الأخبار المروية عنه صلى الله عليه وسلم على سبيل الآحاد- ما هو قوله، وإن كنا لا نعرف ذلك بعينه.

السابع: اختلفوا في أن القرائن، هل تدل على صدق الخبر أم لا؟ فذهب النظام وإمام الحرمين والغزالي إليه، والباقون أنكروه.

احتج المنكرون بأمور:

أولها: أن الخبر مع القرائن التي يذكرها النظام، لو أفاد العلم، لما جاز انكشافه عن الباطل، لكن قد ينكشف عنه؛ لأنا قد علمنا أن الخبر عن موت إنسان مع القرائن التي يذكرها النظام من البكاء عليه، والصراخ، وإحضار الجنازة والأكفان، قد ينكشف عن الباطل؛ فيقال:(إنه أغمى عليه، أو لحقته سكتة، أو أظهر ذلك؛ ليعتقد السلطان موته، فلا يقتله).

فثبت أن هذه القرائن لا تفيد العلم.

الثاني: لو كانت القرائن هي المفيدة للعلم، لجاز ألا يقع العلم عند خبر التواتر؛ لعدم تلك القرائن؛ ولما لم يجز ذلك، بطل قوله.

الثالث: لو وجب العلم عند خبر واحد، لوجب ذلك عند خبر كل واحدٍ، كما أن الخبر المتواتر، لما اقتضاه في موضعٍ، اقتضاه في كل موضعٍ.

ص: 2864

والجواب عن الأول: أن الذي ذكرتموه لا يدل إلا على أن ذلك القدر من القرائن لا يفيد العلم، ولا يلزم منه ألا يحصل العلم بشيء من القرائن؛ لأن القدح في صورة خاصة لا يقتضي القدح في كل الصور.

وعن الثاني: أن النظام يلتزم، ويقول: خبر التواتر ما لم تحصل فيه القرائن؛ لم يفد العلم، ومن تلك القرائن أن يعلم أنه ما جمعهم جامع؛ من رغبةٍ، أو رهبةٍ، أو التباسٍ.

سلمنا ذلك؛ لكن لا يلزم من قولنا: (القرائن تفيد العلم) قولنا: (إنها هي المفيدة) وبتقدير أن تكون هي المفيدة؛ فلم قلت: يجوز انفكاك خبر التواتر عنها؟!.

وعن الثالث: أن خبر الواحد إنما يفيد العلم، لا لذاته فقط؛ بل بمجموع القرائن؛ فمتى حصل ذلك المجموع، مع أي خبرٍ كان، أفاد العلم.

وأيضًا: فالعلم الحاصل عقيب خبر التواتر عندكم حاصل بالعادة؛ فيجوز أيضًا أن يكون حصوله عقيب القرائن بالعادة، وإذا كان كذلك، جاز أن تكون هذه العادة مختلفة، وإن كانت مطردة في التواتر.

والمختار: أن القرينة قد تفيد العلم، إلا القرائن؛ لا تفي العبارات بوصفها؛ فقد تحصل أمور يعلم بالضرورة عند العلم بها كون الشخص خجلًا، أو وجلًا، مع أنا لو حاولنا التعبير عن جميع تلك الأمور، لعجزنا عنه، والإنسان إذا أخبر عن كونه عطشان، فقد يظهر على وجهه ولسانه من أمارات العطش ما يفيد بكونه صادقًا، والمريض إذا أخبر عن ألمٍ في بعض أعضائه، مع أنه يصيح،

ص: 2865

وترى عليه علامات ذلك الألم، ثم إن الطبيب يعالجه بعلاج، لو لم يكن المريض صادقًا في قوله، لكان ذلك العلاج قاتلًا له، فهاهنا يحصل العلم بصدقه.

وبالجملة: فكل من استقرأ العُرف، عرف أن مستند اليقين في الأخبار، ليس إلا القرائن؛ فثبت أن الذي قاله النظام حق.

(الباب الثاني)

في غير التواتر الدال على الصدق مثال، الضروري الإخبار

مثال الاستدلال الإخبار عن كون العالم حادثًا

قال القرافي: قوله: اختلف أرباب الملل في الاستدلال على حسب اختلافهم في مسألتي الحسن والقبح والمخلوق):

تقريره: (أن الكلام هاهنا إنما هو في الكلام اللساني لا في النفساني، واختلف الناس في لفظ القرآن هل هو مخلوق أم لا؟ وفي الحسن والقبح العقليين، فمن قال بهما قال: الكذب قبيح، لما فيه من الإبهام والتضليل عن المصالح.

ومن قال: إن الله- تعالى- له هداية الخلق أجمعين، وإضلالهم أجمعين لا يسأل عما يفعل- وهو مذهبنا- جوز أن يخلق أصواتًا في بعض مخلوقاته غير مطابقة، فيخلق في بعض الأحساب النطق بقول تلك الحيثية: الواحد نصف العشرة، ولفظ القرآن كله مخلوق في جبريل- عليه السلام عندنا، ولا امتناع في خلق الكذب؛ فإن كل كذب في العالم عندنا مخلوق الله- تعالى- لأنه الخالق لكل شيء. هذا وجه التفريع على القبح العقلي، وأما المخلوق، فالمراد أن لفظ القرآن مخلوق أم لا؟ فمن قال إن: لفظ القرآن صفة ذاته، كما مذهب الحشوية وجماعة منهم، استحال فيه الكذب.

ص: 2866

ومن قال: إنه ليس صفة ذاته؛ بل مخلوق في عباده جوز بالتفسير المتقدم، وكل من جوز ذلك لعدم قوله بالقبح، أو لاعتقاده أن لفظ القرآن مخلوق في الخلق، قال بالاستحالة لوجه آخر، وهو قرائن السياق، وتكرر الآيات وأمور حالية ومقالية أفادت القطع بأن المراد بالخبر ما يطابقه، ولهذا قال: كلام الله- تعالى- صدق باتفاق أهل الملل، مع أن الخلاف بينهم في القبح والمخلوق، فقد اتفقوا على المقصد، واختلفوا في المدرك الدال على ذلك.

قوله: (يستحيل الكذب في كلام النفس على من يستحيل الجهل عليه).

تقريره: أن الله- تعالى- بكل شيء عليم، وتقرر في أصول الدين أن كل عالم يخبر عن معلومه، وذلك في غاية الظهور في العلوم التصديقية؛ لأنا إذا حكمنا أن العالم حادث، فلا بد أن يقوم بنفوسنا إسناد الحدوث إلى العالم، والإسناد خبر، فنحن مخبرون؛ لأنا عالمون.

وأما في العلوم التصويرية فإنا إذا تصورنا حقيقية العالم، فلا بد أن نعلم أنا متصورون للعالم، أو يجوز علينا أن نعلم ذلك، والجائز في حق الله- تعالى- ذاته واجب الوقوع له، فيجب أن يعلم أن الله- تعالى- عالم بحقيقة العالم، وهذا تصديق، فقد تقدم تقرير لزوم الخبر له، فعلمنا أن الخبر لازم لمطلق العلم في حق الله- تعالى- كان العلم علمًا بالمفردات، أو بالتصديقات، فظهر وجوب قيام الصدق بذات الله- تعالى- على وفق العلم، فلو فرضنا ضده به إما أن يكون العلم بخلافه، فيلزم اجتماع الضدين وهو محال، أو لا مع العلم، فيلزم الجهل، وهو محال.

قوله: (المعجز في حق الرسول- عليه السلام قائم مقام التصديق).

تقريره: أن العلماء اختلفوا في المعجزة هل هي قائمة مقام التصديق، أو تدل على الصدق فقط لا على تصديق غيره؟ وتقريره بالمثال الذي ذكروه أن الملك العظيم الجلالة والأبهة والعظمة إذا قام أحد في مجلسه بمحضر رعيته،

ص: 2867

وقال: أيها الملك إني قلت لهذه الرعية: إني رسولك إليهم، فطلبوا مني دليلًا على صدقي في ذلك، وأنا أسألك أن تخالف عادتك، وتضع تاجك عن رأسك، أو تتحرك بحركة لم يجر عادتك بها، ففعل الملك ذلك عند سماع قوله، والرعية تعلم أنه سمعه في دعواه الرسالة عليه، وسؤاله ذلك منه، فإن الرعية عقيب ذلك الفعل يحصل لها العلم الضروري، بل الملك إنما فعل ذلك لإجابة دعوته، وأنه صدقه في دعواه عليه، فقد قام فعله مقام قوله:(صدق هذا في دعواه)، فهذا وجه قيام المعجزة مقام التصديق، أن الخارق قرينة تفيد في مجرى العادة القطع بصدق الرسول، وأنه لو لم يكن صادقًا لما خرق العوائد مضافًا إلى قرائن الأحوال من سجاياه الكريمة، وفرط ميله إلى الصدق بطبعه، وفرط نفوره من الكذب، وزهده في الدنيا، وبعده عن طلب الرئاسة إلى غير ذلك من القرائن الحالية التي هي وحدها تفيد العلم بصدقه، ولذلك لم يحتج الصديق- رضي الله عنه في إيمانه غيرها، فقال له: أبعثت؟ فقال: نعم. قال: صدقت؛ لعلمه بأنه بالضرورة لا يقول إلا حقًا، وبهذه القرائن يحصل الفرق بين النبي والساحر وغيره، والقرينة قد تدل على صدق القائل، وإن لم تدل على تصديق غيره له، فإن من ادعى أنه تقدم له مرض، ورأيناه اشتد هزاله واصفراره، وضعف قواه إلى غير ذلك من هذه القرائن المفيدة للعلم قطعنا بصدقه، وإن لم يصدقه غيره، فعلمنا أن القرينة قد تفيد الصدق دون التصديق، ولما كان التصديق هو الإخبار عن الصدق توقف على كون المصدق لغيره متكلمًا، فلا يلزم الدور الذي قال: إنه يلزم من الاستدلال بالنبوة على صدق الرسل الدور، وأما الصدق فلا يلزم منه الدور؛ لأنه يثبت، سواء فرض المدعى عليه الرسالة متكلمًا صادقًا أم لا.

فإن قلت: الرسالة لا تكون إلا كلامًا، فغير المتكلم لا تتأتى منه الرسالة، فالصدق حينئذ يتوقف على الكلام على التقديرين، فيلزم الدور على التقديرين.

ص: 2868

قلت: الرسالة تتوقف على الكلام، والدور إنما لزم من توقف الرسالة على صدق المرسل لا على كونه متكلمًا، والرسالة قد تكون أوامر ونواهي، فلا يدخلها الصدق والكذب؛ لأنهما من خصائص الأخبار، ولو فرض المرسل لشخص ما أرسله بأخبارات كاذبة صحت الرسالة، وصدق الرسول، وإن كان مرسله غير صادق، فعلمنا أن الدور إنما يكون من توقف صدق المرسل على صدق الرسول وبالعكس، أما من توقف الرسالة والصدق فيها على الكلام فلا.

قوله: (الرسالة تقوم مقام قول القائل: أنت وكيلي، وهذا إنشاء لا يدخله التصديق والتكذيب).

تقريره: أن قوله: (أنت وكيلي) كقوله: بعت واشتريت، فكما أن بعت واشتريت لا يقبل التصديق، فكذلك أنت وكيلي، وقد تقدم الفرق بين الإخبار والإنشاء من ثلاثة أوجه:

أحدهما: أن الخبر يقبل التصديق والتكذيب، بخلاف الإنشاء.

ثانيها: أن الخبر تابع لمدلوله، والإنشاء يتبعه مدلوله.

ثالثها: أن الإنشاء سبب لمدلوله، والخبر لا يكون سببًا للمخبر عنه، فإن (بعت واشتريت) سبب لذلك وبيعه الملك.

وقولنا: (قام زيد) ليس سببًا لقيامه، وهو يتبع قيامه.

قوله: (كون الرسول- عليه السلام صادقًا من الأوصاف الحقيقية، فلا يختلف بالجعل الشرعي، فلا طريق إلى صدق الرسول إلا بصدق المرسل، فيلزم الدور).

قلنا: مسلم أن الصفة الحقيقية لا تقبل التغير من حيث الأحكام الشرعية، وإن قبلته من جهة تأثير القدرة في خلو ضدها، لكن لا يلزم حينئذٍ انحصار طرق الصدق في تصديق المرسل، بل بالقرائن الحالية كما تقدم بيانه.

ص: 2869

قوله: (قولكم: الحكم إنما يكون ممن يتصور منه الجهل ليست قضية بديهية فما البرهان؟):

قلنا: قد تقدم أنه لو لم يكن منشأ عن الجهل كان مع العلم، والعلم يلزمه الإخبار للصدق، فيجتمع الضدان، فهذا برهان على ذلك.

قوله: (اختلفوا في الضمير في (بسم الله الرحمن الرحيم):

تقريره: أن الجار والمجرور لا بد له من عامل، واختلف في ذلك العامل فقال البصريون: يضمر مبتدأ تقديره ابتداء في بسم الله الرحمن الرحيم.

وقال الكوفيون: يضمر فعل تقديره: ابتدائي بسم الله الرحمن الرحيم.

وقيل: يضمر أمر تقديره: ابتدئوا بسم الله الرحمن الرحمين.

وقيل: لا بضمر إلا متأخرًا من جنس الفعل الذي يبسمل لأجله، فإن كان يأكل قال: بسم الله آكل، أو ينام قال: بسم الله أنام. وكان الشيخ عز الدين بن عبد السلام يرجح هذا من وجهين:

الأول: أنه الوارد في السنة في قوله عليه السلام: (اللهم باسمك أحيا وباسمك أموت، اللهم باسمك ربى وضعت جنبي، وباسمك أرفعه) كان يقول ذلك عند النوم.

والثاني: أن إضمارهم للابتداء، و (أبتدئ) إنما يتناول الفعل؛ لأنه

ص: 2870

مبتدؤه، ويبقى بقية الفعل عريًا عن البركة، وعلى ما ذكرناه تكون البركة كاملة لجميعه، فهذه ثلاثة تقديرات خبر، وتقدير أمر.

قوله: (الصادق أكمل من غير الصادق):

قلنا: البحث إنما هو هاهنا عن الكلام اللساني، وقد تقدم أن خلقه غير مطابق من الجائزات على الله تعالى، وما ذكرتموه ينفي جوازه، فيكون باطلًا، ثم ما ذكرتموه ينتقض بأن الذي يغفر أفضل من الذي لا يغفر، والذي يعطى أفضل من الذي لا يعطى، والله- تعالى- قد لا يعطى، وقد لا يغفر، فيلزم أن يكون أحدهما أكمل، وذلك محال، فيلزم أن يكون عدم المغفرة، وعدم العطاء من الله- تعالى- محالًا، ولم يقل أحد به، فيتعين إنما كان من قبيل الجائزات على الله- تعالى- لا يصح ذلك فيه أصلًا، فلا يصح في صورة النزاع لما تقدم أنه من الجائزات.

قوله: (خبر الجم الغفير عن الصفات القائمة بقلوبهم من الشهوة والنفرة لا يجوز أن يكون كذبًا):

تقريره: أنهم إذا أخبروا عن كونهم ينفرون من هذا الشيء المعين، أفاد ذلك القطع بأن هذا الشيء اشتمل على ما يوجب النفرة عنه، وكذلك يجب اشتماله على ما هو يوجب أن يشتهي إن أخبروا عن أنهم يشتهونه، ولولا هذا الحرف فسد هذا الوضع؛ لأن كل واحد منهم إذا أخبر عن شهوة نفسه، أو نفرتها، فمخبر كل واحد منهم غير مخبر الآخر، فلا يحصل القطع بشيء من تلك الشهوات، ولا تلك النفرات؛ لأنه لم يجتمع في واحد منها اثنان، أو يحمل على أن فيهم من صدق فيما أخبر به من الشهوة قطعًا؛ لاستحالة اجتماعهم على الكذب بأجمعهم، وهو الذي تطابق تمثيله بالرواية عن النبي عليه السلام.

ص: 2871