الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القسم الثاني
(في البحث عن الأمور العائدة إلى المخبر عنه)
قال الرازي: اعلم أن الشرط العائد إلى المخبر عنه في العمل بالخبر: هو عدم دليل قاطع يعارضه، والمعارض على وجهين:
أحدهما: أن ينفي أحدهما ما أثبته الآخر؛ على الحد الذي أثبته الآخر؛ كما إذا قال في أحدهما: (ليصل فلان في الوقت الفلاني على الوجه الفلاني) وينهي في الثاني عن ذلك الحد، في ذلك الوقت.
وثانيهما: أن يثبت أحدهما ضد ما أثبته الآخر؛ على الحد الذي أثبته الآخر؛ مثل ان يوجب عليه صلاة أخرى، في عين ذلك الوقت، في غير ذلك المكان.
والدليل القاطع ضربان: عقلي، وسمعي: فإن كان المعارض عقليًا: نظرنا: فإن كان خبر الواحد قابلاً للتأويل، كيف كان، أولناه، فلم نحكم برده، وإن لم يقبل التأويل، قطعنا بفساده، لأن الدلالة العقلية غير محتملة للنقيض.
فإذا كان خبر الواحد غير محتمل للنقيض في دلالته، وهو محتمل للنقيض في متنه- قطعنا بوقوع ذلك المحتمل، وإلا فقد وقع الكذب من الشرع؛ وإنه غير جائز.
وأما أدلة السمع: فثلاثة: الكتاب، والسنة المتواترة، والإجماع.
واعلم أنه لا يستحيل عقلًا: أن يقول الله تعالى: (أمرتكم بأن تعملوا
بالكتاب) والسنة المتواترة، والإجماع؛ بشرط أن لا يرد خبر واحد على مناقضته، فإذا ورد ذلك، فيكفيكم أن تعملوا بخبر الواحد، لا بهذه الأدلة).
لكن الإجماع عرفنا أن هذا المحتمل لم يقع؛ لأن الإجماع منعقد على أن الدليلين، إذا استويا، ثم اختص أحدهما بنوع قوة غير حاصل في الثاني- فإنه يجب تقديم الراجح.
فهاهنا: هذه الأدلة الثلاثة لما كانت مساوية لخبر الواحد في الدلالة، واختصت هذه الأدلة الثلاثة بمزيد قوة، وهي بكونها قاطعة في متنها- لا جرم: وجب تقديمها على خبر الواحد، وأما أن خبر الواحد، هل يقتضي تخصيص عموم الكتاب، والسنة المتواترة، فقد تقدم القول فيه.
* * *