الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وعن الثاني والثالث: ما تقدم من قبل.
المسألة السادسة
الراويان، إذا اتفقا على رواية خبر، وانفرد أحدهما بزيادة، وهما ممن يقبل حديثهما:
فإما أن يكون المجلس واحدًا، أو متغايرًا: فإن كان متغايرًا، قبلت الزيادة؛ لأنه لا يمتنع أن يكون الرسول- عليه الصلاة والسلام ذكر الكلام في أحد المجلسين مع زيادة، وفي المجلس الثاني بدون تلك الزيادة، وإذا كان كذلك فنقول: عدالة الراوي تقتضي قبول قوله، ولم يوجد ما يقدح فيه فوجب قبوله، وإن كان المجلس واحدًا، فالذين لم يرووا الزيادة: إما أن يكونوا عددًا لا يجوز أن يذهلوا عما يضبطه الواحد، أو ليسوا كذلك: فإن كان الأول: لم تقبل الزيادة، وحمل أمر راويها على أنه يجوز مع عدالته: أن يكون قد سمعها من غير النبي صلى الله عليه وسلم، وظن أنه قد سمعها منه.
وإن كان للثاني: فتلك الزيادة: إما ألا تكون مغيرة لإعراب الباقي، أو تكون: فإن لم تغير إعراب الباقي، قبلت الزيادة عندنا إلا أن يكون الممسك عنها أضبط من الراوي لها؛ خلافًا لبعض المحدثين.
لنا: أن عدالة راوي الزيادة تقتضي قبول خبره، وإمساك الراوي الثاني عن روايتها لا يقدح فيه؛ لاحتمال أن يقال: إنه كان حال ذكر الرسول- عليه الصلاة والسلام تلك الزيادة عرض له سهو أو شغل قلب، أو عطاس، أو دخول إنسان أو فكر أهذله عن سماع تلك الزيادة، وإذا وجد المقتضي لقبول الخبر خاليًا عن المعارض، وجب قبوله.
فإن قلت: (كما جاز السهو على الممسك، جاز أيضًا على الراوي):
قلت: لا نزاع في الجواز- على الجملة لكن الأغلب على الظن: أن راوي الزيادة أبعد عن السهو؛ لأن ذهول الإنسان عما سمعه أكثر من توهمه فيما لم يسمع أنه سمعه؛ بلى، لو صرح الممسك بنفي الزيادة، وقال: إنه- عليه الصلاة والسلام وقف على قوله: (فيما سقت السماء العشر) فلم يأت بعده بكلام آخر، مع انتظاري له- فها هنا يتعارض القولان؛ ويصار إلى الترجيح.
أما إذا كانت الزيادة مغيرة لإعراب الباقي؛ كما إذا روى أحدهما: (أدوا عن كل حر، أو عبد صاعًا من بر) ويروي الآخر: (نصف صاعٍ من بر) فالحق: أنها لا تقبل؛ خلافًا لأبي عبد الله البصري.
لنا: أنه حصل التعارض؛ لأن أحدهما، إذا رواه (صاعًا) فقد رواه بالنصب، والآخر، إذا روى (نصف صاع) فقد روى الصاع بالجر، والنصب ضد الجر، فقد حصل التعارض، وإذا كان كذلك، وجب المصير إلى الترجيح.
فرع:
الراوي الواحد، إذا روى الزيادة مرة، ولم يروها غير تلك المرة: فإن أسندهما إلى مجلسين، قبلت الزيادة، سواء غيرت إعراب الباقي، أو لم تغير، وإن أسندهما إلى مجلس واحد، فالزيادة: إن كانت مغيرة للإعراب، تعارضت روايتاه؛ كما تعارضتا من راويين.
وإن لم تغير الإعراب: فإما أن تكون روايته للزيادة مرات أقل من مرات الإمساك، أو بالعكس، أو يتساويان: فإن كانت مرات الزيادة أقل من مرات الإمساك، لم تقبل الزيادة؛ لأن حمل الأقل على السهو أولى من حمل الأكثر عليه، اللهم إلا أن يقول الراوي: إني سهوت في تلك المرات، وتذكرت في هذه المرة، فها هنا: يرجح المرجوح على الراجح؛ لأجل هذا التصريح.
وإن كانت مرات الزيادة أكثر، قبلت لا محالة؛ لوجهين:
أحدهما: ما ذكرنا: أن حمل الأقل على السهو أولى.
والثاني: ما ذكرنا: أن حمل السهو على نسيان ما سمعه أولى من حمله على توهم أنه سمع ما لم يسمعه.
وأما إن تساويا: قبلت الزيادة؛ لما بينا: أن هذا السهو أولى من ذلك، والله أعلم.
المسألة الثانية
(في كيفية رواية غير الصحابي)
قال القرافي: قوله: (السكون يفيد العلم):
تقريره: أنه يريد بالعلم الظن، كما في قوله تعالى:{فإن علمتموهن مؤمنات} [الممتحنة: 10] أي: ظننتموهن.
فإن الإيمان أمر باطن يظن بظاهر الحال، ولا يعلم.
قوله: (صار هذا الاصطلاح كالاسم المنقول، أو كالمجار الراجح):
قلنا: كل مجاز راجح منقول، كما تقدم في كتاب اللغات، فلا معنى للترديد بينهما، إلا أن يريدوا بالمنقول النقل لأمر لا علاقة فيه، فيكون منقولًا غير مجاز راجح؛ لانتفاء أصل العلاقة، التي هي شرط في المجاز، كما في لفظ الجوهر والذات، وقد تقدم بسطه عند الكلام على المجاز الراجح والمنقول.
قال إمام الحرمين في (البرهان): إن كان الشيخ يحيط بما يقوله الراوي، ولو عرض تصحيف، أو غيره لرده، فسكوته كنطقه بالحديث.
ويكفي أن يكون عنده نسخة متقنة، ولا يشترط حفظ الأحاديث، وإن كان