الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإن أردتم الظن، فلا نسلم أنه غير حاصل، بل ظاهر حال الراوي أنه لما روى عنه، وسكت عنه كان ذلك دليل عدالته، وإلا لكان ذلك قدحًا في الدين، ومنافيًا للعدالة.
وإذا كان يعتقد عدالة الأصل الذي روى عنه، فالظاهر أنه عدل في نفس الأمر؛ لأن هذا هو غاية اعتقادنا نحن العدالة؛ لأنه فحص كما نفحص نحن عنه.
قوله: (المعدل قد يروي عمن لو سئل عنه لتوقف فيه أو جرحه):
قلنا: ذلك إذا صرح باسمه، أما إذا سكت عنه فقد التزم عدالته، ولم يفوضها إلينا لننظر فيها، والظاهر أنه إنما يذممه، وقد رضيه.
(فائدة)
قال إمام الحرمين في (البرهان): (العمدة في قبول المرسل التفصيل)، فحيث حصلت غلبة الظن قبل
.
فإن قال الراوي: سمعت رجلًا لم نقبل، أو سمعت عدلًا موثوقًا به
رضا، والراوي ممن يقبل تعديله- قبل هذا المرسل؛ لأنا لا نشترط في الراوي أن يعرفه كل أحد.
وكذلك إذا قال الإمام الراوي: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو بالغ في ثقة من روى عنه (وعلى هذا النحو قال: ورأيت في كلام الشافعي ما يوافق هذا.
قال: وقد سمى الأستاذ أبو بكر قول التابعي: قال رسول الله عليه السلام (مسندًا (، وقول تابعي التابعي: قال الصحابي (منقطعًا (، وذكر الواسطة إجمالًا (مرسلًا) نحو: سمعت رجلًا يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي كلام الشافعي إشارة إلى هذا، وهو اصطلاح.
قوله: (حجة الخصم قوله تعالى: {ولينذروا قومهم} [التوبة: 122]):
تقريره: أن الله -تعالى- اعتبر في الآية مطلق الإنذار، فيكون هو سبب التكليف حيث وجد، وقد وجد في المرسل، فثبت التكليف.
ويرد عليه أن الصيغة مطلقة لا عموم فيها، والمطلق لا عموم فيه، فلا يتناول جميع الصور، فلا يتناول صورة النزاع.
قوله: (لا منافاة بين كون الفرع عدلًا، وبين روايته عمن ليس بعدل):
قلنا: إن أردتم عدم المنافاة قطعًا فمسلم، لكن تكفي المنافاة ظاهرًا، وأنها حاصلة، فإن ظاهر حاله يقتضي أنه لا يتذمم إلا من هو عدل، فيكون كونه غير عدل منافيًا لظاهر حاله.
قوله: (إذا قال الراوي: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فذلك يقتضي الجزم على أن معناه: (أني أظن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (بأولى من حمله على أن معناه: (أني سمعت ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم).
قلنا: لا نسلم أنه ليس أحدهما أولى؛ لأن قوله: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقتضي إسناد القول لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
أما (سمعت) فليس فيه تنقية لاعتقاده ذلك الإسناد؛ فإنه مع هذه العبارة قد يقطع بكذب القائل للمسلمين: سمعت الكافر يقول: إن الله قال كذا؛ لما نقطع بكذبه، وليس في هذه العبارة إلا إسناد سمعه لذلك القائل، فهي أبعد عن المجاز عن الجزم بالإسناد، فكانت أولى.
قوله: (رواية الراوي إنما توجب على الغير شيئًا أن لو ثبت كون الراوي الأصل عدلًا، فإذا أثبتم أنه عدل بأن هذه الرواية توجب على الغير شيئًا لزم الدور (.
قلنا: لا يلزم الدور؛ لأن الإيجاب على الغير استفدناه من عبارته؛ لأنه أسند الإيجاب علينا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فإسناده هو الموجب لا عدالة الأصل.
وهاهنا ثلاثة أمور:
أولها: إسناده الإيجاب علينا، المرتب على إسناده.
وثانيها: ظاهر الحال الناقل إلينا، وهو المفيد لعدالة الراوي بسبب تذممه له وعدالة الراوي متوقفة عليه.
وثالثها: عدالة الراوي، فلا دور.
قوله: (شاهد الفرع لا بد أن يذكر شاهد الأصل).
قلنا: للفرق بينه وبين الرواية أن شاهد الفرع كالنائب والوكيل في تبليغ تلك الشهادة، ولذلك إذا فسق الأصل بطلت شهادة الفرع، ولا يشهد الفرع حتى يقول له الأصل: اشهد علي؛ فإني أشهد على فلان بكذا، وأذنت لك في النقل، وأما الفرع في الرواية، فليس نائبًا عن أصله؛ لأنه لا يشترط إذنه