الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسألة الثالثة
قال الرازي: إلحاق المسكوت عنه بالمنصوص عليه قد يكون ظاهرًا جليًا، وقد لا يكون كذلك:
فالأول: كقياس تحريم الضرب على تحريم التأفيف، ومن الناس: من قال: المنع من التأفيف منقول بالعرف عن موضوعه اللغوي إلى المنع من أنواع الأذى.
لنا وجهان:
الأول: أن المنع من التأفيف، لو دل عليه، لد لعليه: إما بحسب الموضوع اللغوي، أو بحسب الموضوع العرفي:
والأول: باطل بالضرورة، لأن التأفيف غير الضرب؛ فالمنع من التأفيف لا يكون منعًا من الضرب.
والثاني أيضًا: باطل؛ لأن النقل العرفي خلاف الأصل.
وأيضًا: فلو ثبت هذا النقل في العرف، لما حسن من الملك، إذا استولى على عدوه: أن ينهى الجلاد عن صفعه، والاستخفاف به، وإن كان يأمره بقتله، وإذا بطلت دلالة اللفظ عليه، علمنا أن تحريم الضرب مستفاد من القياس.
واحتج المخالف بأمور:
أحدها: لو كان ذلك مستفادًا من القياس، لوجب فيمن لا يقول بصحة القياس ألا يعلم ذلك.
وثانيها: أنه يلزم ألا يعلم العاقل حرمة ضربهما، لو متعه الله عن القياس الشرعي.
وثالثها: أجمعنا على ان قوله: (فلان لا يملك حبة) يفيد في العرف أنه لا شيء له البتة، وكذا قولهم:(لا يملك نقيرًا، ولا قطميرًا) يفيد أنه ليس له شيء البتة، وإن كان النقير في أصل اللغة عبارة عن النقرة التي على ظهر النواة، والقطمير عبارة عما في شق النواة.
وكذلك قولهم: (فلان مؤتمن على قنطار) فإنه يفيد في العرف كونه أمينًا على الإطلاق، وإنما حكمنا في هذه الألفاظ بالنقل العرفي؛ لتسارع الفهم إلى هذه المعاني العرفية؛ فوجب أن تكون حرمة التأفيف موضوعة في العرف؛ للمنع من الإيذاء؛ لتسارع الفهم إليه.
والجواب عن الأول: أن القياس قد يكون يقينًا، وقد يكون ظنيًا.
أما الأول: تكمن علم علة الحكم في الأصل، ثم علم حصول مثل تلك العلة في الفرع، فإنه لابد وأن يعلم ثبوت الحكم في الفرع.
أما الثاني: فكما إذا كانت إحدى المقدمتين، أو كلاهما- مظنونة، والقياس في هذه المسألة من النوع الأول؛ فلا جرم لا يمكن أن يكون القادح في صحة القياس الظني قادحًا في صحة هذا القياس.
وهذا هو الجواب بعينه عن الثاني.
أما الثالث: فقوله: (ليس لفلان حبة) يفيد نفي الأكثر من الحبة، لأن الأكثر من الحبة يوجد فيه الحبة، أما ما نقص من الحبة فلا يتعرض له كلامه.
وأما النقير والقطمير، فقد حكمنا فيه بالنقل العرفي للضرورة، ولا ضرورة في مسألتنا.
وأما قوله: (فلان مؤتمن على قنطار) فإنما يفيد كونه مؤتمنًا على ما دون القنطار؛ لأن ما دون القنطار داخل في القنطار، فأما ما فوقه، فلا يدخل فيه.
المسالة الثالثة
قال النقشواني: إلحاق المسكوت عنه، بالمنصوص عليه قد يكون ظاهرًا [جليًا، وقد لا يكون كذلك.
فالأول: كقياس تحريم الضرب على تحريم التأفيف.
ومن الناس من قال: المنع من التأفيف منقول بالعرف عن موضوعه اللغوي إلى المنع من أنواع الأذى.
لنا وجهان:
الأول]: فائدة فيما ذكره المصنف:
النقير: ما في ظهر النواة.
والقطمير: ما في شقها.
وبقي الفتيل: وهو القشرة الرقيقة المحتفة بها.
قوله: (أما النقير، والقطمير، فقد حكمنا فيه بالنقل العرفي)، ولو يقل ذلك في الحبة، بل قال:(الحبة في الأكثر)، فلذلك يلزم من نفيها نفي الأكثر. والفرق عنده: أن (النقير) ونحوه موضوع ليس فيها نقير، بخلاف الحبة.
ويرد عليه: أن الحبة- أيضًا- اسم لأحد الحبوب من النبات، فلا يلزم من نفيها نفي الذهب الكثير.