الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أو يقول أحد من أهل عصر: قال فلان وما لقيته.
أو يقول الراوي: أخبرني رجل، أو فلان، ولم يسمه، أو أخبرني موثوق به، ولم يسمه.
ومن الصور: الكتب التي كتب بها رسول الله صلى الله عليه وسلم للجهل بناقلها.
(مسألة)
يجوز نقل الخبر بالمعنى
.
قال سيف الدين: يحرم نقله بالمعنى الشافعي، ومالك، وأبو حنيفة، وابن حنبل، والحسن البصري، وأكثر الأئمة [قالوا] إن كان الناقل غير عارف بدلالات الألفاظ، ومواقع دلالتها [فلا].
فإن كان عارفًا بذلك فالأولى له النقل لنفس اللفظ.
وقال ابن سيرين وجماعة من السلف: يجب نقل اللفظ مطلقًا.
وقيل: يجوز إبدال اللفظ بمرادفه، ولا يجوز فيما عدا ذلك.
قوله: (يجوز بثلاث شرائط: ألا تكون عبارة الراوي قاصرة، ألا يزيد ولا ينقص، وأن يساوي في الجلاء والخفاء).
تقريره: أن هذا الشرط الأخير ينبغي أن يكون أولًا، ويكون التقرير هكذا: أن العبارة النبوية إن كانت مجملة، وجب أن تكون هذه مجملة خفية، أو دالة جلية، وجب أن تكون الأخرى كذلك؛ لئلا يفوت مقصود صاحب الشرع من امتحان المكلفين بالخطاب بالمجمل للتثبيت، وبالواضع للمبادرة لتحصيل مصلحة الفعل، وإذا كانت العبارة الأصلية دالة، فلا تكون الثانية أقل دلالة منها، بل مثلها أو أزيد؛ فإن إحدى العبارتين قد تكون أكثر استعمالًا، فيقوى جلاؤها، وقد تكون أقل استعمالًا، فيقل جلاؤها.
وإذا استويا في الجلاء أو زادت الترجمة، فلا يجوز أن تكون الترجمة أزيد في المعنى، ولا أنقص، فقد تستوي العبارتان في الجلاء، وتكون إحداهما أزيد، أو أنقص كما تقول: إن لفظ العشرة مساو للعشرين في الجلاء؛ لأن ألفاظ الأعداد كلها نصوص جلية، و (العشرون (أزيد معنى، و (العشرة) أنقص، وكما نقول:(المشركون) عام، و (اليهود) عام، وهما لفظان مستويان في الظهور؛ لكون كل واحد منها من صيغ العموم، ومع ذلك لفظ المشركين أزيد، ولفظ الرهبان أنقص، فينبغي أن يكون الثالث أولًا، والأول ثانيًا، والثاني ثالثًا في مقتضى الترتيب الطبيعي في صحة الوضع.
قوله: (يجوز تفسير الشرع للعجمي بالعجمية، فترجمة العربي بالعربية أولى؛ لأن المخالفة أقل).
قلنا: ليس أولى؛ لأن العجم لا يفهمون لسان العرب، كما ينبغي، أو لا يفهمونه البتة، فدعت الضرورة لذلك، ولا ضرورة في تغيير لفظ رسول الله - صلى الله عليه وسلم للعرب، فيكون الفرع قاصرًا عن الأصل؛ لأنه أولى بالثبوت.
قوله: (الصحابة -رضوان الله عليهم- رووا هذه الأخبار بعد السنين والأعصار، فلا يكون اللفظ عندهم، بل المعنى).
قلنا: قد تقدم أن الله -تعالى- جعل من جملة خصائص هذه الأمة المحمدية أن سلفها كانوا يحفظون الكلام الطويل من السماع الواحد، ولا ينسونه مع تطاول الأعصار، حتى كان أبو هريرة رضي الله عنه يسد أذنه إذا مشى في السوق؛ لأنه كان متى سمع شيئًا حفظه، وما يريد أن يعلق بنفسه ما لا يشتهيه، وكان جل الصحابة على ذلك، وبذلك صاروا بحار علوم، وسادات المجتهدين من غير درس، ولا تكرار، ولا مطالعة كتاب حتى قال الحسن البصري، وهو من سادات التابعين علمًا وعملًا: أدركت أقوامًا كانت نسبة أحدنا إليهم كنسبة البقلة إلى النخلة، وكان التابعون على نحو من ذلك، فقد أملى ربيعة على مالك أربعين حديثًا بأسانيدها مرة واحدة، فأعادها عليه مالك، وغلط في (واو (، فقال لربيعة أو قال على وجه الشك، فقال له ربيعة: (دعنا، ساء حفظ الناس اليوم (وأحاديثهم أعظم من ذلك لا يسمح هذا الموضع ذكرها، فلا عجب أن يرووا بعد السنين أن التشبيه بين اللفظ واللفظ أقوى من التشبيه بين اللفظ والمعنى، ويرد عليه أن (المقالة (أصلها أن تكون موضع القول مثل: مسبعة ومذابة مكان السباع والذئاب، يقال ذلك للمكان الذي يكثر فيه ذلك.
وأصلها مقولة، ومكان القول إنما هو المعنى، وإلا لكان اللفظ مكانًا لنفسه، وهو محال.
فيكون التشبيه على هذا أن السامع عند التحمل انطبع في ذهنه من الكلام صورة، فأمر أن يحصل في ذهن السامع منه صورة ذهنية مساوية للصورة التي حصلت له في ذهنه عند التحمل، فيكون المراد بالحديث التشبيه في المعنى