الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال: فالدين كقتل الكافر المضل، وعقوبة الداعي إلى البدع.
(فائدة)
قال إمام الحرمين في (البرهان): قد يكون ما هو معلل من وجه دون وجه كنصب الزكوات والسرقات
، فكونه مالاً يحصل الإرفاق يناسب، ومن حيث خصوص المصدر لا يعلل.
والفرق بين الخسيس والنفيس مناسب، غير أن التمييز بينهما عسير؛ لاختلاف النفوس في علو المهمة وخستها، فقد يكون [النفيس خسيسًا] والخسيس نفيسًا عند آخر.
ثم المناسب خمسة أقسام: في محل الضرورة، كالقصاص، وكذلك البيع؛ فإن انتقال الأملاك ضروري للناس، وإذا تقرر في الشريعة أصل ضروري أو غيره، فلا يطلب تحقيقه في آحاد النوع.
القسم الثاني: في محل الحاجة العامة كالأجازة؛ لحاجة الناس إلى المساكن، لضنة ملاكها بعاريتها، وقصور كثير من الناس عن تملكها، فهي حاجة بالغة قاصرة عن الضرورة، وحاجة الجنس قد تبلغ الضرورة في شخص معين.
القسم الثالث: غير ضروري ولا حاجي، بل مكرمة، كطهارة الأحداث والأخباث.
القسم الرابع: دون الثالث، تتمة مندوبة، كالكتابة.
القسم الخامس: ما لا يلوح فيه تكرمة، فهو دون الرابع، كالعبادات البدنية المحضة.
ويمكن أن يقال: تواصل الوظائف يوجب انقياد العباد، وتجديد العهد بالله- تعالى- والنهي عن الفحشاء والمنكر، وهو يقع على الجملة.
ويجوز القياس الضروري على الضروري، والحد الواجب بالقصاص، وعقد تمس الحاجة إليه بالبيع.
والقسم الثاني وهو الحاجة كالإجارة، فيقاس بعضه على بعض، وقياس غير ذلك الأصل من هذا القسم بأصل آخر بجامع الحاجة منعه الجمهور؛ لأن الإجارة على خلاف الأصول؛ لأنه بيع معدوم يمتنع تسليمه، فمقابلته بالموجود خلاف الأصل، وقياس النكاح [وغيره عليه] قد يمنع.
والقسم الثالث: الذي ينسب إلى مكارم الأخلاق، فلا يقاس غيره عليه؛ لأنه وضع للاستصلاح، وتعميمه على الخلق في جميع الأوقات يعسر الوفاء به. والذي يحصل به الاستصلاح لا ينضبط في النظر، ولذلك أثبت الشارع فيه وظائف تحصل المقصود كما علمه الله تعالى، وهذا كالوضوء، فيه نظافة، ومكرمة، فأوجبه الشرع في أوقات، وعلم أن أرباب العقول لا ينقلون إلى أعضائهم الأوساخ في خلال تلك الأوقات، فكانت تلك الأوقات كافية في المكرمة مع نفي التضييق، والنجاسة أولى في المكارم من الطهارة؛ لما فيها من الاستقذار ومنافاة المروءة.
ولذلك قال طوائف من الفقهاء: يحرم ملابسة النجاسة من غير حاجة ماسة.
وتردد الشافعي في لبس جلود الميتة، والكلاب والخنازير، ولما كان هذا الباب مكرمة معقول المعنى من وجه، وموكولًا في أوقات شرعية إلى علم الله من وجه اشترطت النية في الطهارة لما فيها من التعبد، وانفراد الشارع بالغيب فيه، فهو منضبط في علم الله- تعالى- دون علمنا، بل ظننا،
فيتعذر علينا القياس عليه، بخلاف القسمين الأولين، أمرهما بين منضبط، فيتيسر القياس، مع أن الضرورة والحاجة قد لا يكتفي الشارع بحصولها في الجنس؛ لفحش ذلك الفعل، بل لابد من وقوعه للشخص كأكل الميتة، وقد يشتد القبح فلا يباح مع الضرورة في [مورد الشرع]، بل يوجب الانقياد للهلكة؛ لفرط القبح، كالمكره على الزنا والقتل، لا يباحان له.
فتحصل أن الضرورة ثلاثة أقسام: منها ما يكتفي فيه بالجنس كالبيع، أو الشخص كالميتة، أو لا يباح مطلقًا كالإكراه على القتل.
ويتخلص- أيضًا- أن القياس في الأحداث متعذر؛ لما تقدم أن فيها شائبة التعبد بالغيب، واختصاصها ببعض الأوقات، وبقية الأقسام قد يتأتى القياس عليها، إن تحقق الجامع سالمًا عن المعارض، وقد يمتنع إذا تعذر ذلك.
التقسيم الثاني: الوصف إما أن يعتبره الشارع أو يلغيه.
قوله: (إما أن يعتبر نوعه في نوع الحكم):
تقريره: أن النوع ما كانت أفراده لا تختلف إلا بالشخص والمحال، كالإنسان بالنسبة إلى أفراده، والجنس ما اختلف في محاله بأمور زائدة على الشخص، كاختلاف الحيوان في الإنسان والفرس بالناطق والجاهل، وكذلك- هاهنا- جعل التحريم في الخمر والنبيذ نوعًا، والتقديم في الإرث والنكاح جنسًا؛ لتباين البابين.
وضابط (النوع) في المنطق هو: (المقول على كثيرين مختلفين في العدد فقط، في جواب ما هو قولًا غير ذاتي).