الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسألة السابعة
قال الرازي: اختلفوا فيما إذا كان مذهب الراوي بخلاف روايته:
فالأول: هو قول بعض الحنفية: الراوي للحديث العام، إذا خصه رجع إليه؛ لأنه لما شاهد الرسول صلى الله عليه وسلم، كان أعرف بمقاصده، ولذلك حملوا رواية أبي هريرة في ولوغ الكلب:"أنه يغسل سبعًا" على الندب؛ لأن أبا هريرة كان يقتصر على الثلاث.
الثاني: وهو قول الكرخي: أن ظاهر الخبر أولى.
والثالث: أنه إن كان تأويل الراوي بخلاف ظاهر الحديث، رجع إلى الحديث، وإن كان هو أحد محتملات الظاهر، رجع إلى تأويله.
وهو ظاهر مذهب الشافعي- رضي الله عنه.
والرابع: وهو قول القاضي عبد الجبار: إن لم يكن لمذهبه وتأويله وجه، إلا أنه علم بالضرورة قصد النبي صلى الله عليه وسلم إليه- وجب المصير إليه، وإن لم يعلم ذلك؛ بل جوزنا أن يكون قد صار إليه؛ لنص، أو قياس- وجب النظر في ذلك: فإن اقتضى ما ذهب إليه، صير إليه، وإلا فلا، وكذا إن كان الحديث مجملًا، وبينه الراوي، كان بيانه أولى.
حجة الشافعي- رضي الله عنه: أن المقتضي- وهو ظاهر اللفظ- قائم، والمعارض الموجود- وهو مخالفة الراوي- لا يصلح أن يكون معارضًا؛ لاحتمال أن يكون قد تمسك في تلك المخالفة بما ظنه دليلًا؛ مع أنه لا يكون كذلك.
فإن قلت: (الظاهر من دينه: أنه لا يخالف إلا لدليل):
قلت: دينه يمنعه عن الخطأ عمدًا، لا سهوًا، وغلطًا، وليس هاهنا ظاهر يدل على أنه كان من العلم؛ بحيث لا يعرض له ذلك الخطأ.
المسألة السابعة
(إذا خالف مذهب الراوي روايته)
قال القرافي: قلت: المراد بالراوي المباشر لرسول الله صلى الله عليه وسلم خاصة.
أما مالك وغيره من التابعين، فلا مدخل له في هذه المسألة.
قوله: (إذا خصه رجع إليه عند بعض الحنفية، كما روى عن أبي هريرة أن الإناء يغسل من ولوغ الكلب سبعًا، ومذهبه أنه يغسل سبعًا على الندب، ويقتصر على ثلاث):
قلنا: لفظ السبع من صيغ الأعداد لا من صيغ العموم، وعندكم صيغ الأعداد نصوص لا يدخلها المجاز، فلا يدخلها التخصيص؛ لأنه مجاز، فليس هذا المثال من مادة المسألة.
وأما حمله السبع على الندب، فليس من التخصيص في شيء، بل هذا تصرف في صيغة الأمر، وصرفها عن الوجوب للندب لا تصرف في عموم.
قوله: قال الشافعي: إن خالف ظاهر الحديث قدم الحديث، أو حمله على أحد محتملاته قبل المذهب):
تقريره: أنه إذا خالف الظاهر فمذاهب العلماء ليست حجة، وإنما الحجة في كلام صاحب الشرع، فيقدم الظاهر على مذهب الراوي، وإن كان مذهبه في تعيين التأويل، كما إذا ورد لفظ (القرء) المشترك بين الحيض والطهر، فحمله على الطهر سمع منه؛ لأنه لم يخالف ظاهر الحديث؛ لأنه
لا ظاهر له، فلم يبق إلا مجرد اجتهاد، وهو أعلم بمقاصد الرسول من غيره.
قوله: (دينه يمنعه عن الخطأ عمدًا لا سهوًا):
قلنا: ومع ذلك فالمقصود حاصل؛ لأن ظاهر حاله من دينه، واجتهاده، ومكانته من العلم أنه لا يفوته الصواب في نفس الأمر.
* * *