الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تحصل من القرائن أو العدد ما يفيد العلم؟ وهذا بخلاف ما ذكره المصنف من التمثيل بالموت، والرواة بالنسبة إلى الكتابة؛ فإن الموت أمر يقطع معه بعدم أهلية الكتابة، لاسيما والمصنف يعتقد أن العلل الشرعية معرفات تخلف بعضها بعضًا، وتجمع على المعلول الواحد.
وقال على المسلك الثالث: الذي كان يبعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم للقبائل كانت القرائن محتفة به عند القبائل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يبعث إلا من لا يخترع الشرع، فإنه في عامة الصدق والجلالة والتحري والتوقي والديانة، وأمور كثيرة كانت من أحوال الصحابة لا يمكن أن تحيط بها العبارة، فمجموع هذه القرائن تفيدهم العلم.
وقال على المسلك الرابع: لا نسلم إجماع الصحابة يوم السقيفة، لأنه غاب منهم العباس وعلي-رضي الله عنهما وهما من أجل الصحابة سوى من كان بـ (المدينة)، ومن كان بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى القبائل قبل موته للفتاوى والتعليم فلا إجماع، أو نقول: حصل لهم العلم بقرائن أحوال احتفت بذلك الخبر من جهة أنهم فهموا أن الحاضرين من المهاجرين أيضًا كانوا سمعوا ذلك الخبر، غير أنهم اشتغلوا بوفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم أو بقرائن أحوال أبي بكر، ووفور صدقه، وديانته، وفرط نصحه لمحمد صلى الله عليه وسلم وأمته، وما تقدم عندهم من أحواله، وظاهر بذلك على رءوس الأشهاد، فيحصل العلم فيما حكموا إلا بخبر مقطوع به.
(تنبيه)
قال التبريزي: سؤال أبي الحسين في أنهم كانوا محتاجين؛ ليس كذلك
؛ لأن الذين كان يبعثهم رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكونوا يبلغوا رتبة الاجتهاد، وربما كانوا حديثي عهد بالإسلام، ووفدوا عليه-صلى الله عليه وسلم فحملهم-عليه السلام صحف الوصايا، وكتب المناهي، وكتاب
الصدقات، وكتاب الأشربة، وكتاب الديات، وما لا مجال للاجتهاد فيه، ولذلك حرضهم على مراعاة اللفظ، فقال عليه السلام:(رحم الله امرءًا سمع مقالتي فوعاها، فأداها كما سمعها، فرب مبلغ أوعى من سامع، ورب حامل فقه ليس بفقيه).
ولأنه لا بد من تبليغ المجتهد أعيان النصوص وإن كانوا هم.
ونعلم أنه-عليه السلام ما كان يخص بإرسال عدد التواتر إلى رسله بالفقهاء.
قال: وحديث السقيفة لا حجة فيه؛ لاحتمال كونهم نسوه، فذكرهم أبو بكر كما ذكرهم:{وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم} [ل عمران: 144].
وحديث (قباء) احتفت قرائن كون المخبر بحضره-النبي صلى الله عليه وسلم فيعظم افتراؤه عليه.
وأجاب عن أسئلتهم في المسلك السابع بالجواب عنه إجمالًا وتفصيلًا.
أما إجمالًا، فلأن قبول خبر الواحد مرة يدل على جواز العمل بجنس الآحاد، وعدم قبولها مائة مرة لا يدل على امتناع العمل بجنسه، كرد شهادة مائة شخص لا يدل على عدم جواز العمل بقول الشاهد، ومن يوجب العمل بخبر الواحد لا يوجبه بكل خبر.
وأما التفصيل فمن وجهين:
أحدهما: أن ما نقلوه ليس برد، بل عمل بعد التثبت والاستظهار، فيدل على منع المبادرة لا على منع العمل؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم عمل بخبر ذي اليدين بعد موافقة غيره.
وكذلك تلك الأخبار، فعمل بخبر المغيرة لموافقة محمد بن مسلمة، وخبر أبي موسى لموافقة أبي سعيد.
وثانيهما: أن لموجب التوقف أسبابًا ظاهرة، فخبر ذي اليدين فلأن غيره كان شاركه لحضوره، فسكوته يوجب التوقف.
وخبر عثمان بن عفان-رضي الله عنه كان في معرض الاحتجاج لنفسه بعد المعاتبة، والاتهام لشغفه بأقاربه، وكان بينه وبين الحكم قرابة، وأراد أبو بكر وعمر الاستبراء، ونفى التهمة.
وخبر أبي موسى ذكره في معرض الاحتجاج بعد التعرض لسخط عمر.
وخبر فاطمة بنت قيس صرح عمر بموجب رده من عدم الثقة؛ ومخالفته لكتاب الله-تعالى- وهو يدل على القبول لينتظم التعليل.
وخبر أبي سنان مردود بتهمة الكذب، وكونه خبر أعرابي جلف بوال على عقبيه كما قال علي رضي الله عنه.
وردت عائشة خبر ابن عمر؛ لأنها عرفت توهمه فيه، ومنع عمر أبا هريرة عن الرواية، فلا يجوز أن يحمل على عدم جواز العمل؛ فإنه قد صح منه العمل بخر الواحد، ولو لم يجز لوجبت الرواية لتكميل عدد التواتر، وللمنع أسباب، ولو لم تظهر لوجت تقديرها جمعًا بين النقلين.
قال: وقولهم: النوع الذي عملوا به غير معلوم.
قال: قلنا: خبر العدل هو الضابط، وهو المخبر، فيجب اطراده.
قال: وشبهة القائل بالتعبد به من جهة العقل اثنتان:
إحداهما: أن تبليغ الشرع واجب، وإرسال عدد التواتر لكل مستمع متعذر، فيجب التعبد بأخبار الآحاد.
وثانيتهما: إذا تحققنا ظن الصدق في خبر العدل، فيجب العمل به؛ دفعًا للضرر المظنون.
قال: والجواب عن الأولى لا نسلم أن تعميم الشرع واجب، بل حيث يمكن، سلمناه لكن ما لم يقم عليه دليل قاطع، فهو شرع.
وعن الثانية: لا نسلم دفع الضرر؛ لأنه ليس مناط وجوب العمل به كونه صادقًا في نفسه؛ بدليل شهادة الفاسق والمرأة الواحدة، بل المناط ثبوت الصدق بدليل قاطع.
فإذا لم يثبت كان العمل التزام ضرر مقطوع به لا دفع ضرر مظنون.
ولو سلمنا فما الدليل على وجوبه؟.