الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
واتفق الناس على أنها إذا قيس بها كلها أقيسة، وليس تعيين بعضها للصحة أولى من الآخر، فيتعين أن نقول:(في ظن المجتهد)؛ لندرج فيه هذه الأقيسة.
(سؤال)
قياس لا فارق يرد على حد القياس؛ فإنه ليس فيه جامع
.
(سؤال)
قال النقشواني: سؤال المصنف الأول غير وارد؛ لأن الحمل كالجنس، فقد يكون في الحكم الثابت الآخر، وقد يكون في غيره، بل الحمل هو التسوية، وقد يكون في حكم شرعي، أو عقلي، أو صفة حسية، أو غير حسية، أو عدم هذه الأشياء، والمطلوب هاهنا إنما هو الحكم الشرعي، فلذلك حسن أن يقال بعد ذكر الحمل:(في إثبات حكم الفرع) حتى يندفع عنه إيهام إثبات الحكم في الأصل بالقياس.
وأجاب عنه: بأن المقصود التسوية التي هي معنى القياس، والتسوية إنما تكون بين شيئين؛ فلذلك ذكرهما.
(تنبيه)
قال التبريزي: المراد بـ (الحمل) اعتقاد استواء أحد المعلومين
بالآخر في معنى، وهذا إطلاق يحتاج إلى تفصيل، وتفصيله:(في إثبات حكم لهما)، ثم لا يتضمن ذلك ثبوت حكم الأصل بالقياس، بل الحمل في الإثبات غير الإثبات، ويجوز أن يخلو عن الإثبات في نفس الأمر؛ فإن المفهوم منه هو التسوية في استحقاق الثبوت لا غير، ثم إذا دل دليل الإجماع على تحقق الثبوت فيما هو الأصل لزم منه الثبوت فيما هو الفرع؛ وفاءً بمقتضى التسوية، ولفظ الحكم يتناول كل حكم، وإن كان صفةً حقيقية، فكونه صفةً لا يخرجه عن كونه حكمًا عند الإطلاق، فإذا استعمل في المقابلة اختص بأحد القبيلين، كلفظ الفعل، والنص، والمفهوم في تناول القول، والظاهر، والمنطوق، ثم إذا لم يكن تكرارًا فلا شك أنه زيادة على الماهية، لكن قصد به الإيضاح؛ لأنه قد يفهم من الجامع كونه صفة ثبوتية كالعلل العقلية، وبه يندفع الإشكال الخامس.
وأما القياس الفاسد فمندرج لأن الجامع أعم من كونه علة، أو دليلاً، أو شرطًا، أو حقيقة، ومهما خرج الجامع عنها فالقياس فاسد، ولا يجوز أن يقال فيه:(في ظن المجتهد)؛ لوجهين:
أحدهما: أن كونه جامعًا في نفسه، أو في ظن المجتهد.
الثاني: أنه يلزم من هذا التقييد أن يخرج المحقق وجوده، والمحقق انتفاؤه، كما لو قال في الأكل: عبادة مفتقرة إلى النية ككنايات الطلاق، ولفظ القياس يشمله؛ إذ الاعتبار بالصورة والتركيب لا بصحة المواد، وإلا لاختص اسم القياس باسم الصحيح منه.
قلت: قوله: (كلفظ الفعل، والنص، والمفهوم).
معناه: أن لفظ الفعل يتناول القول؛ لأنه جعل باللسان، فيتناول الظاهر والمنطوق، وكذلك النص مأخوذ من الظهور، فيتناول الظاهر والمنطوق لما
فيها من الظهور، والمفهوم هو الذي أدركه الفهم، وهو يتناول: القول، والظاهر، والمنطوق؛ لأنها أمور معقولة مفهومة.
قوله: (الجامع أعم من كونه علة، أو دليلاً، أو شرطًا، أو حقيقة).
معناه: أن هذه هي الجوامع الشرعية والعقلية في أصول الدين.
فالجمع بالعلة، كقولنا: علة العالمية في الشاهد العلم، والله - سبحانه - عالم، فيكون له علم؛ عملاً بتحقق المعلوم المستلزم لحصول العلم.
وبالدليل، كقولنا: الاتفاق في الشاهد دليل العلم، والله - تعالى - أفعاله متقنة، فيكون عالمًا؛ عملاً بالدليل العقلي.
وبالشرط، كقولنا: العلم في الشاهد مشروط بالحياة، والله - تعالى - عالم فيكون حيًا.
وبالحقيقة، كقولنا: حقيقة المريد من قامت به الإرادة، والله - تعالى - مريد، فيكون له إرادة.
وقوله: (المحقق ثبوته، والمحقق انتفاؤه).
يريد: المحقق في نفس الأمر الذي غفل عنه المجتهد، فالمحقق ثبوته، كقولنا في الطلاق: إنه لا يخل بالعصمة، فلا يفتقر إلى النية كالأكل؛ فإن الواقع في نفس الأمر ثبوت كونه مخلاً بالعصمة.
وقوله في الأكل الذي مثل به: (الواقع أنه ليس بعبادة، فهو مثل المنفى)، ولم يمثل الثابت.
ولقائل أن يمنعه [أن الجامع إذا عرى عن نفس المجتهد أن يكون فيما لا يجوز أن يقال: (في ظن المجتهد)؛ لأن كونه جامعًا أعم من كونه في نفسه أو في ظن المجتهد، ولقائل وأن يمنعه] ذلك؛ لأن القياس إذا عرى عن نفس المجتهد لا يسمى قياسًا في العرف، ونحن إنما حددنا القياس في عرف الأصوليين الذي هو التسوية الخاصة، أما ما لم يتعرض إليه بالتسوية، ولا بالتقدير، فلا نسلم أنه قياس.