الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وكذلك يلاحظ ما جعله رسول الله-عليه السلام صغيرة، وقبل الشهادة معه، فما كان في معناه لحق به، وإلا فلا.
فقد روى عنه-عليه السلام أنه قبل الشهادة ممن علم منه تقبيل امرأة أجنبية، فتكون مقدمات النكاح صغائر.
(سؤال)
الإصرار على الصغيرة والكبيرة، فما ضابط الإصرار الذي يوصل للكبيرة
؟
(جوابه)
إن داوم على الصغيرة مداومة تخل بالثقة به كما تخل به بالكبيرة كان كبيرة، وإلا فلا
.
وكذلك يقال: لا صغيرة مع إصرار، ولا كبيرة مع استغفار، هذا كله سمعته من الشيخ عز الدين بن عبد السلام.
(تنبيه)
وسمعته يقول: أجمعوا على أن غصب الحبة كبيرة، وسرقة الحبة كبيرة، وشهادة الزور كبيرة، وإن كان الضيع بها حقيرًا
، فلوحظ في هذه الأبواب مفاسد الهيئات من غصب، وسرقة، وغيرها دون مفاسد الأفعال من تضييع المال العظيم وغيره، فلو كذب كذبة يضيع بها ما يضيعه شاهد الزور مع حقارته لم تسقط عدالته؛ لعظم مفسدة الباب لا لمفسدة المال.
قوله: (الفاسق إذا أقدم على الفسق، فإن علم به فسق لا تقبل روايته): تقريره: أنه إذا كان يعلم أنه على معصية، فقد أقدم وهو بجرأة عظيمة تخل بالثقة به، بخلاف الذي لا يعتقد أنه على معصية لا جرأة عنده تخل به.
قوله: (قال الشافعي: أقبل شهادة الحنفي، واحده على شرب النبيذ): تقريره: أن الشافعي يقول: التأديبات تعتمد المفاسد لا المعصية؛ بدليل تأديب الصبيان، والمجانين، والبهائم استصلاحًا لهم لا لعصيانهم.
فكذلك الحنفي هو غير عاص؛ لصحة تقليده، وهو موقع لمفسدة التوسل إلى إتلاف عقله؛ فإن القليل قد يؤدي إلى الكثير، فيسكر، فأحده لذلك، غير أنه وإن كان هذا مدركًا حسنًا سمعت الشيخ عز الدين يذكره، غير أنه يرد عليه أن التأديب المعهود في الشرح للاستصلاح مع عدم الذنب غير محدود بعدد، وما عهدنا في الشرع حدًا على مباح، وهذا حد عنده، فيتعين إما ألا يحده، أو يعصيه، ويحده كما قال مالك: أحده، وأرد شهادته، ومنشؤ الخلاف بين الإمامين أن الفتاوى قسمان: منها ما يجوز التقليد فيه، ومنها ما لا يجوز، وهو ما كان على خلاف أحد أربعة: الإجماع، أو القواعد، أو النص، أو القياس الجلي إذا سلمنا هذه الثلاثة عن المعارض؛ لأن الحاكم لو حكم بما هو على خلاف هذه الثلاثة نقض حكمه، فما لا نقره شرعًا إذا تقرر بحكم الحاكم أولى ألا نقره إذا لم يتصل بما يؤكده.
ثم يختلف بعد ذلك في بعض المسائل، هل هي من القسم الأول أو من الثاني؟.
فالشافعي يرى مسألة النبيذ من الأول.
ومالك يراها من الثاني؛ لتضافر النصوص في الباب من السنة بتحريم قليل ما أسكر كثيره، ولا معارض لها، والقياس على الخمر جلي؛ ولأن القواعد تقتضى سد الذرائع في مثل هذا.
فهذه الصورة على خلاف الثلاثة، وواحد منها كاف في إبطال التقليد منها، فكيف بها كلها؟.