الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قوله: (صحة الاستفهام دليل العموم):
قلنا: لا نسلم، بل يكفي في حسن الاستفهام دفع الاحتمال الخفي.
قوله: (تلقته الأمة بالقبول):
قلنا: بل بعض الأمة، وهم الأقلون، فلا يفيد ذلك صحته.
قوله: (هو للعموم؛ بدليل صحة الاستثناء):
قلنا: قد تقدم أن الاستثناء أربعة أقسام: ما لولاه لجاز دخوله من غير علم ولا ظن، ولعل هذا من هذا القسم.
(تنبيه)
زاد التبريزي فقال: ومن سياقات سماعه أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم لما أراد أن يبعث معاذًا إلى (اليمن)، قال له:(كيف تقضي إذا عرض لك قضاءٌ)
؟ قال: أقضي بكتاب الله، قال:(فإن لم تجد في كتاب الله)؟، قال: فبسنة رسول الله، قال:(فإن لم تجد)؟ قال: أجتهد برأيى، فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم على صدره، وقال:(الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله لما يرضي رسول الله).
وقال في قولهم: (نحمله على النص الخفي): إنَّ ما لا يقتضيه النص بصريحه لا بدَّ فيه من مقدمات أخرى، والذي يقتضيه المركب لا يكون مقتضيًا للمفرد، فلا يكون مدلولاً للنص.
ثم قال: قولهم: (إنه فيما تعم به البلوى):
قلنا: لا جرم استفاض واشتهر، ولم يبق في رتبة الآحاد - وهو العلة في إرساله - اكتفاء بشهرته، والعلم بصحته، كما جرت، عادة الحسن البصري.
ثم قال: قولهم: (نحمله على بذل الجهد في التفطن لمقتضيات الخطاب، والمفهومات، وغيرها):
قلنا: ذلك كله من دليل الخطاب، وتمسك بالنص، وقولهم:(نحمله على الاجتهاد في زمانه عليه السلام لأن الدين لم يكمل):
قلنا: إذا ثبت أية دليل في وقت ثبت مطلقًا حتى يثبت النسخ، وعدم النص ليس شرطًا في القياس.
وقوله تعالى: {اليوم أكملت لكم دينكم} [المائدة: 3] أي بتقرير قاعدة القياس.
* * *
المسلك الثالث
قال الرازي: روى أن عمر رضي الله عنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن قبلة الصائم؟ فقال: (أرأيت لو تمضمضت بماءٍ، ثم مججته، أكنت شاربه؟!).
وجه الاستدلال به: أنه عليه الصلاة والسلام استعمل القياس، وذلك يوجب كون القياس حجة.
إنما قلنا: (إنه استعمل القياس) لأنه عليه الصلاة والسلام حكم بأن القبلة من دون الإنزال لا تفسد الصوم؛ كما أن المضمضة من دون الازدراد لا تفسد الصوم، وإيراد هذا الكلام يدل على أن الجامع بينهما ما يفهمه كل عاقل عند سماع هذا الكلام؛ من أنه لم يحصل عند المقدمتين ما هو الثمرة المطلوبة؛ فوجب ألا يكون حكم المقدمة؛ كحكم الثمرة المطلوبة، وإنما قلنا:(إنه عليه الصلاة والسلام لما استعمل القياس، وجب أن يكون حجة) لوجهين:
الأول: أن التأسي به واجب.
الثاني: أن قوله صلى الله عليه وسلم: (أرأيت) خرج مخرج التقرير، فلولا أنه عليه الصلاة والسلام قد مهد عند - عمر رضي الله عنه التعبد بالقياس، لما قرر ذلك عليه!! ألا ترى أن الإنسان لو حكم بحكم من الكتاب، جاز أن يقول لمن سأله عنه:(أليس قد قال الله تعالى كذا وكذا؟) إذا كان الكتاب عنده، وعند من يخاطبه حجة، ولا يجوز أن يقول ذلك، إذا كان هو ومن يخاطبه لا يعتقدان كونه حجة.
ولا يقول الإنسان في حكم حكم به؛ لأجل القياس: أليس أنَّ القياس يقتضيه؟ مع أنه ومن خاطبه لا يعتقدان كون القياس حجة!!
فإن قيل: هذا خبر واحدٍ، فلا يجوز بناء المسألة العلمية عليه.
سلمنا ذلك؛ لكن لم قلت: إنه عليه الصلاة والسلام نبه هاهنا على العلة؟ ومثل هذا القياس عندنا حجة.
سلمنا دلالة الحديث على أنَّ القبلة تجري مجرى المضمضة؛ لكن ليس فيه أن النص أوجب ذلك أو القياس، وإذا احتملا، لم يجز القطع على أحدهما بغير دليل.
والجواب: قوله: (هذا خبر واحد):
قلنا: سبق الجواب عنه.
قوله: (نبه على العلة).
قلنا: إنه عليه الصلاة والسلام ما نص على العلة، ولكنه لم يفعل إلا أنه ذكر أصل القياس؛ بلى، العلة متبادرة إلا الأفهام، والتنصيص على أصل القياس لا يكون تنصيصًا على العلة.
قوله: (إنه ليس في الحديث: أنه عليه الصلاة والسلام أجرى القبلة مجرى المضمضة؛ لأجل نص أو لأجل قياس!!):
قلنا: بيَّنَّا أنَّ المفهوم من قوله عليه الصلاة والسلام: (أرأيت لو تمضمضت) هو أن كل واحد منهما لم يحصل الثمرة المطلوبة بذلك الفعل، ولو أن بعض العامة؛ فضلاً عن أهل العلم استفتى فقيهًا في صائم قبل ولم ينزل، فقال له الفقيه:(أرأيت لو تمضمضت بماءٍ، ثم مججته) لاكتفى المستفتي بذلك في أن القبلة لا تفسد صومه، ولعلم أنه أجرى أحدهما مجرى الآخر؛ من الوجه
الذي ذكرناه؛ فبطل أن يقال: إن هذا الكلام لا يدل على الوجه الجامع بينهما، وأنه لا يمتنع أن يكون بعض الظواهر اقتضى الجمع.
المسلك الرابع: التمسك بقوله عليه الصلاة والسلام للخثعمية: (أرأيت لو كان على أبيك دينٌ قضيته، أكان يجزي؟) فقالت: نعم، قال:(فدين الله أحق بالقضاء). ووجه الاستدلال به كما في قبلة الصائم من غير تفاوت.
المسلك الثالث
قال القرافى: قوله: (خبر واحدٍ، فلا يعتمد عليه في هذه المسألة):